الكركرات.. ما ذا تخفي؟

6 سبتمبر / أيلول 2016 - آخر تحديث 6 سبتمبر 2016 / 18:37

   التعليقات 0

ــ بقلم: حمدي الحافظ

كثر الحديث هذه الأيام عما يعرف بـقضية “الكركرات”، البقعة الأرضية الصحراوية الصغيرة الواقعة في المنطقة التي حددتها الأمم المتحدة، بناء على توقيع لاتفاق وقف إطلاق النار بين طرفي النزاع الجبهة الشعبية لتحرير الساقية الحمراء ووادي الذهب والمملكة المغربية، في الـ 06 سبتمبر 1991، كـ “منطقة عازلة”\فاصلة بين قوات جيش التحرير الشعبي الصحراوي والقوات الملكية المغربية المتمركزة خلف جدار الذل والعار.

وتُعْرف منطقة الكركرات التي بالكاد لا يتعدى طولها 3.7 كيلومترا بمنطقة عبور حرة تتمتع بالحيازة المادية والفعلية الصحراوية المطلقة. (انظر صورة خارطة غوغل التوضيحية المرفقة التي قمت بتأشير البيانات التوضيحية عليها).

في هذا المقال المطول، وليسمح لي قراء صفحتي على ذلك، أحاول قدْر الإمكان، من وجهة نظري الشخصية، أن أحيط ببعض جانب هذا الموضوع الغامض حتى تتسنى لنا جميعا مقاربة لفهم ملامحه، والمساهمة في فك الغازه وشرح ابعاده خدمة لقضية شعبنا العادلة.

تفاعلات الكركرات:
في 11 غشت الماضي، قامت قوات ملكية مغربية بتجاوز جدار العار جنوبا في خرق سافر لوقف إطلاق النار، وأوضحت الجبهة أنه منذ ذلك؛ قامت قوات الاحتلال المغربية بشكل متكرر بعبور الجدار الحربي المغربي في الصحراء الغربية في منطقة الكركرات في تحد للاتفاقية العسكرية رقم 01، فيما قالت حكومة الاحتلال المغربي أن ما قامت به يدخل في اطار مواجهة “ما تشهده المنطقة من أخطار على الأمن، وانتشار عمليات التهريب، والاتجار في المخدرات، والعراقيل التي تمس انسياب الحركة لموريتانيا”، وتعتزم في المقابل شق طريق معبد يربط بين نقطتي “الحراسة المغربية” المتمركزة في المناطق المحتلة من الصحراء الغربية و”الحراسة الموريتانية” المتمركزة في الأراضي المحررة من الصحراء الغربية أيضا!!

رد الجبهة على الخروقات والاستفزازات المغربية جاء فوريا، ففي 15 غشت 2016، وجَّه الأمين العام للجبهة ورئيس الجمهورية الأخ إبراهيم غالي رسالة إلى الأمين العام الأممي بان كي مون، أكد فيها “أن القوات المغربية قامت باختراق الجدار من منطقة الكركرات، مدعومة بمعدات للنقل والهندسة العسكرية ومرفوقة باستطلاع جوي”؛ وهو ما يشكل ـ يضيف الأخ الرئيس ـ “خرقاً جديداً وخطيراً للاتفاقية العسكرية رقم 1 من اتفاق وقف إطلاق النار بين الطرفين جبهة البوليساريو والمملكة المغربية”. إن مثل هذه التصرفات المغربية ـ يضيف رئيس الجمهورية ـ هي “جزء من مخطط للتصعيد الممنهج، والذي كان آخر مظاهره طرد الموظفين المدنيين والإداريين للبعثة من طرف دولة الاحتلال المغربية”.
وأضاف الرئيس في رسالته “هذا العمل يمثل سابقة خطيرة تستهدف النيل من ولاية البعثة وإهانة صارخة وخطيرة لقرارات اختصاصات مجلس الأمن الدولي”.
من جهته، اعتبر المنسق الصحراوي مع المينورصو الأخ أمحمد خداد أن الاحتلال المغربي في ظل غياب ضغط حقيقي من قبل المجتمع الدولي؛ قد أُعطِيَّ “الضوء الأخضر للشروع في استفزاز عدواني ضد الشعب الصحراوي”.

وفي 17 غشت 2016، وخلال تواجده بالأراضي الصحراوية المحررة؛ حمَّل الأمين العام للجبهة ورئيس الجمهورية مرة أخرى مجلس الأمن الدولي والدولة المغربية “عواقب الاستفزازات والتحركات المغربية من خلال حشد القوات المغربية في منطقة الكركرات”.

وفي 18 غشت 2016، صرح نائب المتحدث باسم الأمم المتحدة فرحان حق أن “المينورسو لم تلاحظ أي تغيير في الوضع القائم”، مما شجع الاحتلال المغربي على التمادي في تنفيذ مخططه. وقال إن البعثة الأممية “نشرت في 16 و17 غشت وسائل برية وجوية للتحقيق في الاتهامات حول انتهاكات في الجزء الجنوبي الغربي من الصحراء الغربية قرب موريتانيا”، غير أن البعثة “لم تلحظ تواجدا عسكريا أو معدات عسكرية” بل فقط “آليات مدنية تعبر الجدار” الدفاعي المغربي، يضيف فرحان.

وفي يوم 23 غشت 2016، جددت الجبهة دعوتها للأمم المتحدة من أجل اتخاذ إجراءات فورية للحفاظ على اتفاقية وقف إطلاق النار بين الطرفين، والوقف الفوري للأعمال التي يقوم بها الاحتلال المغربي في منطقة الكركرات، كما طالبت “المينورسو” بـ “إقامة نقطة مراقبة في المنطقة لتهدئة الوضع، وتقديم تقرير إلى مجلس الأمن الدولي وفقا لولايتها لمراقبة وقف إطلاق النار”.

وخلال اختتامه لأشغال الجامعة الصيفية بالجزائر في 22 غشت 2016، استنكر الوزير الأول الصحراوي الأخ عبد القادر الطالب عمار خرق قوات الاحتلال المغربية السافر للمنطقة العازلة، واعتبر أن نظام الاحتلال المغربي وبعد فشل سياساته التوسعية ورفضها من قبل المجتمع الدولي “يحاول الخروج من هذا المآزق بنهج ما يسميه سياسة الحزم التي ما هي إلا سلوكاَ متهوراً قائماً على التصعيد والاستفزاز”.

وفي يوم 25 غشت 2016، احتجت الجبهة من جديد على موقف الأمم المتحدة من الوضع في الكركرات، حيث استدعى وزير الدفاع الصحراوي الأخ عبد الله لحبيب قيادة المينورسو بمكونيها المدني والعسكري لإبلاغهم احتجاج جبهة البوليساريو “الشديد” على تمادي الحكومة المغربية في خرقها السافر لاتفاق وقف إطلاق النار، وهو الاستدعاء الثاني لتلك القيادة الأممية إذ سبق وأن تم استدعاؤها أيضا، في بداية الأزمة، من قبل كاتب الدولة للتوثيق الأمن الأخ إبراهيم احمد محمود.

هذا الاحتجاج أكده كذلك المكتب الدائم للأمانة الوطنية في اجتماعه ليوم 26 غشت 2016، حيث اعتبر أن التصعيد العدواني المغربي الأخير في منطقة الكركرات، يمثل تحدياً صريحاً للشرعية الدولية، وخلص المكتب إلى أن دولة الاحتلال المغربي تواصل تماديها في خرق الاتفاقية رقم 1 من اتفاق وقف إطلاق النار.

في نفس هذا اليوم كذلك؛ اعترفت الأمم المتحدة أخيرا، وتحت الحاح الجبهة المتكرر، بخرق الاحتلال المغربي لوقف إطلاق النار في منطقة الكركرات، حيث قدَّم مسؤول إدارة حفظ السلام لمجلس الأمن إحاطة يَعترف من خلالها بأن ما قام به المغرب في منطقة الكركرات هو انتهاك وخرق للاتفاق العسكري رقم1.

وفي يوم 28 غشت 2016، وبعد أن حذرت من أن أي تقاعس أو تردد من طرف الأمم المتحدة بعدم إزالة كل المعدات والعناصر المغربية، العسكرية والمدنية، من الشريط العازل في منطقة الكركارات في الجزء الجنوبي من الجمهورية الصحراوية سيُمَثل إشارة خاطئة جديدة لدولة الاحتلال المغربي للمضي في سياسات التعنت والاستهتار والعدوان التي تهدد بشكل جدي وخطير السلم والأمن والاستقرار في المنطقة، قامت الجبهة بنشر قواتها المسلحة بالمنطقة العازلة “لمنع أي نشاط مغربي خارج الجدار بما فيها منع مواصلة تعبيد الطريق التي شرع فيها بهدف تعديل الوضع القائم يوم دخول وقف إطلاق النار حيز التنفيذ”، ما فرض على الأمم المتحدة أن تتدخل بدورها لمراقبة الوضع بصورة مباشرة من خلال ارسال بعض أفراد المينورصو إلى عين المكان.

وفي يوم 29 غشت 2016 أكد وزير الدفاع الصحراوي الأخ عبد الله لحبيب في رسالة قوية وجهها إلى قائد أركان بعثة المينورسو والقائد العسكري بالنيابة بمدينة العيون المحتلة، أن قوات مسلحة صحراوية انتشرت بمنطقة الكركرات منذ صباح 28 غشت 2016.
تحرك الجبهة الصارم بنشر قواتها هي الأخرى في المنطقة العازلة فرض على هرم الأمم المتحدة التحرك لتدارك الوضع قبل ان ينهار، حيث عَبَّر الأمين العام للأمم المتحدة بان كي عن “قلقه البالغ” إزاء الوضع المتوتر في منطقة الكركرات، ودعا الطرفين إلى “وقف أي عمل من شأنه تغيير الوضع القائم وسحب جميع العناصر المسلحة من أجل منع مزيد من التصعيد والسماح لبعثة الأمم المتحدة للاستفتاء في الصحراء الغربية (مينورسو) بإجراء مناقشات مع الطرفين حول الوضع”.

وفي يوم 30 غشت 2016، دعت جبهة البوليساريو مرة أخرى مجلس الأمن من أجل الضغط على الاحتلال المغربي لسحب قواته من منطقة الكركرات وإنشاء مركز مراقبة دائمة لبعثة المينورسو في عين المكان.

في نفس اليوم كذلك؛ كشفت وثيقة سرية للأمم المتحدة “مسربة” أن الاحتلال المغربي انتهك فعلا اتفاق وقف إطلاق النار الموقع مع جبهة البوليساريو سنة 1991، عن طريق إرسال افراد عسكريين ومعدات الى المنطقة العازلة دون إشعار مسبق لقوات حفظ السلام الأممية.
وفي 31 غشت 2016، وبعد لقائه بقائد الناحية العسكرية الأولى الأخ بيد اللا محمد إبراهيم، دعا قائد القوات العسكرية لبعثة حفظ السلام الأممية الطرف الصحراوي إلى “ضبط النفس والصبر”، ملتزما بعمل البعثة على ضمان التزام الطرف المغربي بالحفاظ على الوضع القائم طبقا للاتفاق العسكري رقم 1 الموقع بين طرفي النزاع سنة 1991.

وفي يوم 03 سبتمبر 2016، حذرت الجبهة من جديد من خطورة الانتهاك المغربي الأخير لاتفاق وقف إطلاق النار وتهديده المباشر للسلم والاستقرار في دول الجوار والمنطقة عامة، كما أعربت عن رفضها القاطع للممارسات العدوانية الاستفزازية المغربية، مشدداً على ضرورة التقيد بمقتضيات الاتفاقية العسكرية رقم 1.

وفي 05 سبتمبر 2016، وفد عالي المستوى من قيادة المينورصو تترأسه الممثلة الخاصة للأمين العام للأمم المتحدة ورئيسة بعثة المينورسو السيدة “كيم بولدوك” مرفوقة بقائد القوات العسكرية للمينورسو الجنرال “محمد طيب عزام”، يعقد لقاء في مخيمات اللاجئين الصحراويين مع وفد عن الجبهة يرأسه وزير الدفاع الوطني عبد الله لحبيب مرفوقا بكاتب الدولة للتوثيق والأمن إبراهيم محمد محمود والمنسق الصحراوي مع بعثة المينورسو أمحمد خداد، ويهدف اللقاء، حسب متتبعين، إلى اقناع الطرفين الجبهة الشعبية ودولة الاحتلال المغربي إلى الرجوع إلى الوضع الذي كان قائما، أي توقيف كل اشكال الأشغال في المنطقة وانسحاب قوات الطرفين منها.
وعقب اللقاء أكد كاتب الدولة للتوثيق والأمن الأخ إبراهيم محمد محمود على “أن الطرف الصحراوي سيتحمل كامل المسؤولية مهما كان الثمن لردع التجاوزات المغربية للشرعية الدولية”.

ما ذا نقرأ من تلك التفاعلات؟
عمليا؛ يمكن أن نورد القراءة التالية حين تَتبع تفاعلات قضية “الكركرات”.

1ــ إن تواجد جنود ومعدات وآليات مغربية في المنطقة العازلة “الكركرات” هو خرق سافر لوقف إطلاق النار الذي وقعه طرفا النزاع جبهة البوليساريو والمملكة المغربية، بشهادة الأمم المتحدة نفسها. والسؤال المطروح هنا هو لماذا الأمم المتحدة لم تتمكن من تأكيد “خرق وقف إطلاق النار” إلا بعد مرور أسبوعين على الحادثة (26 غشت)، على الرغم من وجود بعثة المينورصو الأممية في المنطقة، وعلى الرغم من التحريات التي أجرتها تلك البعثة يومي 16 و17 غشت المنصرم؟

2ــ تفاعلات قضية الكركرات؛ أظهرت الانزعاج الكبير لجبهة البوليساريو من خرق العدو المغربي لوقف إطلاق النار، وندرك ذلك من خلال مكاتبتها الأمم المتحدة، وتصريحات عديدة لمسؤولين كبار في الأمانة الوطنية، وبيانات عديدة من بعض الهيئات وكلها تحمل طابع الوعيد وتحميل العدو المغربي والأمم المتحدة المسؤولية فيما قد ينجر من انزلاقات، هذا فضلا عن التناول الإعلامي الوطني للحدث، والذي غلب عليه تهييج الرأي العام الوطني، ونشر بعض الصور والتفاصيل غير المفيدة. أما الطرف الآخر؛ العدو، فقد التزم “الصمت”، ولم يكن هناك غير تصريح واحد لوزير داخليته المدعو “محمد حصاد” يوم الخميس الماضي 01 سبتمبر 2016، والذي أكد فيه أن “العملية ستستمر بتنسيق مع الأمم المتحدة”.

3ــ لماذا الأمم المتحدة لم تحرك ساكنا حيال تغيير الوضع المادي القائم في منطقة الكركرات الذي قام به العدو المغربي في 11 غشت، وتحركت فقط في (16 و17 غشت) بعد أن تحركت الجبهة ديبلوماسيا (15 غشت) حيث أكدت لدى الأمم المتحدة أن العدو قد اخترق وقف إطلاق النار؟ ألا يفترض أولا أن تشير لذلك “الخرق” السافر الأمم المتحدة من خلال بعثتها “المينورصو” التي من بين ما يوكل لها قانونا هو الاشراف على ومراقبة وتطبيق وقف إطلاق النار؟

4ــ لماذا الأمم المتحدة لم تُكتشف خلال تحرياتها: بجنودها وآلياتها وطائراتها ومعداتها ولمدة يومين (16 و17 غشت) أن العدو “اخترق” فعلا وقف إطلاق النار؟ ولماذا تقر بذلك يوم 26 غشت بدلا من يوم 11 غشت أو 12 غشت على ابعد تقدير؟ أين هي مراقبتها للوضع؟ الا يعتبر إقرارها المتأخر جدا هو في العمق إقرارها عن عدم قيامها بمسؤولياتها الموكلة لها من قبل المجتمع الدولي؟ ألا يعني ذلك أن الجبهة يمكنها رفع قضية أمام محكمة العدل الدولية ضد “بعثة المينورصو”؟

5ــ هذا الخرق المغربي لوقف إطلاق النار والذي بدأ منذ 11 غشت الماضي، قابلته الجبهة برد قوي ومستمر، منذ 15 غشت. السؤال المطروح حقيقة هو لماذا تأخرت الجبهة في مواجهة الوضع إلى غاية ذلك، أي إلى غاية مرور أربعة (04) أيام من خرق العدو لوقف إطلاق النار؟ لماذا لم تتأكد الجبهة بأن العدو يمارس “خرق” وقف إطلاق النار في اليوم الأول (11 غشت) على الرغم من صغر المسافة (3.7) كلم فقط؟ أين كانت الحراسات؟ وأدوات الكشف المبكر؟ ما ذا كان سيحدث لو أن العدو تدخل بقوات عسكرية مدججة وأحتل طول الطريق عبر الشريط العازل فورا في نفس اليوم؟ بل في الساعات الأولى من نفس اليوم؟ ولماذا لم تتدخل وحدات من جيش التحرير الشعبي الصحراوي إلا في يوم 28 غشت بدلا من يوم 11 غشت أو 12 غشت أو 15 غشت على ابعد تقدير، على الرغم من أن الجبهة تأكدت بما لا يدع مجالا للشك أن العدو المغربي يقوم فعلا “بخرق” سافر لوقف إطلاق النار، وعلى الرغم من مكاتبتها الأمم المتحدة التي ـ على ما يبدو ـ لم تعر تلك المكاتبة اهتماما، على الأقل في وقتها؟ ما ذا كانت الجبهة تنتظر من الأمم المتحدة التي نفت أي “خرق” لوقف إطلاق النار من طرف العدو؟

6ــ بذريعة محاربة المخدرات والتهريب، قام الاحتلال المغربي بخرق وقف اطلاق النار، وقام بدهس وسحب مئات الآليات التي كانت قابعة في تلك المنطقة. السؤال الآن هو: على عاتق مَن تستوجب مسؤولية حماية الشريط العازل؟ على أحد طرفي النزاع؟ أم على كلاهما؟ أم على الأمم المتحدة وحدها؟ أم على لا أحد. إذ كان على طرفي النزاع، فلماذا تأخرت الجبهة في مكافحة وجود مئات الآليات الأجنبية القابعة على أراض صحراوية؟ أما إذا كانت المسؤولية، وهذا هو الأقرب، مسنودة على عاتق الأمم المتحدة، فالأكيد أنها أخلت بمسؤولياتها لا من حيث عدم محاربتها لـ “التهريب” ولكن كذلك لأن طرفا، هو العدو المغربي في هذه الحالة، تدخل عنوة وبدون إذن في إطار عملها دون ان تحرك ساكنا، وعلى الجبهة في هذه الحالة أن تقدر الموقف بحزم. عليها أيضا أن تشهر من جديد ورقة استشهاد المواطن الصحراوي “اشماد أباد جولي” الذي اغتالته القوات المغربية في الشريط العازل نهاية شهر فبراير الماضي، وتحمل الأمم المتحدة المسؤولية الكاملة في ذلك.

7ــ إلى حد كتابة هذه السطور؛ لا تزال معدات تابعة للعدو “جاثمة” خارج جدار الذل والعار، لا أحد من الطرفين قام بسحبها، وحتى الأمم المتحدة لم تفعل، وهذا الوضع فرض تواجد يومي منذ 28 غشت لحراسة من جيش التحرير الشعبي الصحراوي في تلك المنطقة التي تفتقر لأدنى شروط الحياة، في مقابل ذلك، وعلى الضفتين هناك حراستان قائمتان دائمتان مجهزتان تقريبا بكل ما يضمن شروط الإقامة الدائمة والعمل المريح في طبيعة قاسية جدا: حراسة العدو المغربي على جدار الذل والعار شمالا، وحراسة موريتانيا على الضفة الجنوبية. الحراستان تشتركان أيضا في أمر آخر هو أن كلاهما تقيم على الأراضي الصحراوية. فهل ستستغل الجبهة الوضع لفرض إقامة حراسة دائمة لها في الوسط بشروطها المريحة (البناءات والتجهيزات)؟ وإذا لم يكن الأمر يفرض وجوب ذلك، ما ذا تفعل الحراسة الصحراوية هناك غير التأمين غير المدفوع الأجر على عبور أفراد وآليات بلدين (أحدهما عدو) عبر الأراضي الصحراوية المحررة إلا من شرط السيادة؟

8ــ كلا البلدين؛ العدو وموريتانيا ومنذ وقف إطلاق النار في سبتمبر 1991، إضافة إلى ما يجنيانه من أرباح سياسية، يضران ملايين الدولارات سنويا من عائدات عبور الأفراد والآليات والسلع من على الأراضي الصحراوية. ما ذا كانت الجبهة ستجني من أرباح اقتصادية مقابل ذلك؟ هل حان الوقت لأن تفرض الجبهة هي الأخرى أرباحا سياسية واقتصادية على عبور الأفراد الآليات والسلع لأراضي الشعب الصحراوي؟ أليس ذلك من حقها الشرعي؟ وكيف سيكون ذلك؟ ألم ترافع الجبهة في المحاكم الدولية من أجل ثروات الصحراء الغربية؟ أو ليس ما يستثمر من موارد مالية عبر “طريق الكركرات” ثروة من ثروات الصحراء الغربية وثروات الشعب الصحراوي؟

9ــ في الواقع أن طريق “الكركرات” لم تكن مسموحة قبل تاريخ وقف إطلاق النار سنة 1991، والسؤال المحتدم حقيقة هو هل سماح الجبهة بعبور الأفراد والآليات والسلع كان ضمن الاتفاقية العسكرية رقم 1 من اتفاقيات وقف إطلاق النار؟، أكيد على ما يبدو، ولكن ألا يستوجب الوضع الحالي ان تفرض الجبهة مراجعة تلك الاتفاقية بما يُحَرّم\أو يسمح باستعمال تلك الطريق من طرف الأشخاص وبما يضمن مصالح سياسية واقتصادية للجبهة؟ ولماذا يتم السماح باستعمال الطريق جنوب غرب ولا يسمح باستعمال الطريق شمال شرق؟ أليس من حق الصحراويين أن يستفيدوا هم أيضا كمواطنين من طريق جديدة شمال شرق؟

10ــ بحسب ما توضحه خرائط “غوغل”، فالحراسة الموريتانية توجد على الأراضي الصحراوية، والدولة الموريتانية من خلال تلك الحراسة تمارس سيادتها على جزء من الأراضي الصحراوية، وعلى ما يبدو أيضا ـ وبدون جزم ـ أن هناك اتفاق بين البلدين الشقيقين الصحراوي والموريتاني، لكن الغريب جدا هو كيف أن تفرض تلك الحراسة الموريتانية ضرائب على المواطنين الصحراويين وآلياتهم من على الأراضي الصحراوية؟ الواقع يفرض عكس ذلك تماما، فعل الأقل كل صحراوي يستظهر وثائق ثبوت هويته الصحراوية يجب أن يُعفى من تلك الضرائب لأنه بكل بساطة فوق أرضه. هذا الأمر أيضا يفرض مراجعة جدية مع الشقية موريتانيا.

خـــاتمة:
أعتقد أنه بات من المفروض، ودون تأخير، أن تتخذ الجبهة مواقف حازمة جدا تجاه العدو المغربي والأمم المتحدة، وأن تستغل الموقف الحالي\الاختبار بكل حيثياته لصالحها، وفي اعتقادي أن ذلك سيمنحها مكاسب قد لا تقدر، وقد تكون تاريخية على الواجهة الخارجية، وقد تكون في نفس الوقت الفرصة الثمينة الملتقطة، التي طال البحث عنها، والتي من خلالها تستعيد الجبهة تعزيز تماسك وتقوية جبهتنا الداخلية وتلهم بها روح قوتها العسكرية.

أحدث الإضافات

أبرز الأخبار

22 أبريل / نيسان 2024

تل أبيب (إسرائيل)– قال قائد منطقة الجنوب في جهاز الأمن الداخلي الإسرائيلي (الشاباك) إن إسرائيل تخوض حربا طويلة ومعقدة في قطاع غزة، وهو ما لم تكن تتوقع غيره، بحسب قوله، في حين أعلن قائد ثانٍ بجيش الاحتلال عزمه الاستقالة. وأضاف، في تصريحات نقلتها عنه إذاعة الجيش الإسرائيلي، أنه لم يتبقَّ سوى عدد قليل من القوات […]

أبرز الأخبار

22 أبريل / نيسان 2024

وارسو (بولندا)– أكد الرئيس البولندي أندريه دودا استعداد بلاده لنشر أسلحة نووية على أراضيها إذا قرر حلف شمال الأطلسي (ناتو) تعزيز جبهته الشرقية، وهو ما رد عليه الكرملين بأن روسيا ستتخذ الإجراءات اللازمة إذا تم نشر تلك الأسلحة. وقال دودا، في مقابلة مع صحيفة “فاكت” نُشرت اليوم الاثنين، إنه “إذا قرر حلفاؤنا نشر أسلحة نووية في إطار […]

أبرز الأخبار

21 أبريل / نيسان 2024

ولاية الشهيد الحافظ (الجمهورية الصحراوية)– أكد ممثل جبهة البوليساريو بالأمم المتحدة والمنسق مع المينورسو، الدكتور سيدي محمد عمار، أن أساس الحل هو ممارسة الشعب الصحراوي لحقه غير القابل للتصرف في تقرير المصير والاستقلال.  الدكتور سيدي محمد عمار وفي مقابلة له مع جريدة الشروق أولاين الجزائرية، أوضح أن أساس الحل هو ممارسة الشعب الصحراوي لحقه غير القابل للتصرف […]

أبرز الأخبار

21 أبريل / نيسان 2024

نيروبي (كينيا)– بدعوة من وزير الاتصال والاقتصاد الرقمي لجمهورية كينيا، يشارك وزير الشؤون الاقتصادية والمالية في حكومة الجمهورية الصحراوية، محمد مولود محمد فاظل، في أشغال الندوة الإفريقية حول الاقتصاد الرقمي التي تنطلق غدا الاثنين بالعاصمة الكينية نيروبي، تحت شعار “إطلاق العنان للتنمية بما يتجاوز حدود الربط الإلكتروني” إلى غاية يوم الخميس 25 أبريل الجاري؛ وهي أول […]

أبرز الأخبار

21 أبريل / نيسان 2024

بئر لحلو (الجمهورية الصحراوية)– بعث الرئيس الصحراوي-الأمين العام لجبهة البوليساريو، إبراهيم غالي، رسالة تعزية إلى نظيره الرئيس الكيني، ويليام روتو، إثر وفاة قائد الجيش الكيني الجنرال فرانسيس أموندي أوغولا وعدد من كبار الضباط في الجيش الكيني بعد تحطم طائرة مروحية عسكرية في منطقة كابين شمال غرب العاصمة نيروبي. وجاء في رسالة التعزية الرئاسية أن الجمهورية الصحراوية […]

أبرز الأخبار

21 أبريل / نيسان 2024

مدريد (إسبانيا)– عقد تنسيقية الجمعيات الإسبانية المتضامنة مع الشعب الصحراوي (CEAS) جمعها العام، يومي 19 و20 أبريل الجاري، وذلك بدعوة من اللجنة القيادية التي التأمت شهر فبراير الماضي.  وحضر الجمع العام الذي عقد ببلدية ريفاس بمدريد ممثلي عشرات جمعيات الصداقة والتضامن مع الشعب الصحراوي ومندوبي الفيدراليات المتضامنة، إلى جانب تمثيلية جبهة البوليساريو بإسبانيا برئاسة عبد […]

أبرز الأخبار

21 أبريل / نيسان 2024

الجزائر– استقبل السفير الصحراوي بالجزائر، عبد القادر  الطالب عمر، الوفد الألماني الذي كان في زيارة عمل وتضامن قادته إلى مؤسسات الجمهورية الصحراوية ومخيمات اللاجئين الصحراويين. وجرى اللقاء بمقر السفارة الصحراوية بالجزائر، حيث استعرض خلاله السفير أمام أعضاء الوفد الألماني آخر مستجدات القضية الوطنية على ضوء جلسة مشاورات مجلس الأمن الدولي الأخيرة حول مسألة الصحراء الغربية. من […]

أبرز الأخبار

21 أبريل / نيسان 2024

غزة (فلسطين)– قالت هيئة البث الإسرائيلية إن مجلس الحرب سينعقد اليوم الأحد في القدس لأول مرة منذ 12 يوما، لمناقشة ملف الأسرى المحتجزين في قطاع غزة. وقال صحيفة يديعوت أحرونوت إن الاجتماع يعقد بناء على طلب الوزيرين في مجلس الحرب بيني غانتس وغادي آيزنكوت لاستكشاف حلول إضافية لمأزق صفقة المحتجزين. يأتي ذلك غداة مظاهرات شهدتها مدن […]