ماءالعينين لكحل: القمة الأفريقية اليابانية وبوريطة يقع في “وريطة” فاضحة

25 أغسطس / آب 2017 - آخر تحديث 26 أغسطس 2017 / 18:28

   التعليقات 0

مرغ أنف الدبلوماسية المغربية، مرة أخرى، في تراب مابوتو، العاصمة الموزمبيقية، أثناء انعقاد اجتماع الشراكة الافريقية اليابانية المقرر من يوم 23 الى 25 أغسطس الجاري. والقصة التي سنفصلها، ثم نحللها أدناه، تؤكد مجددا على صلابة الموقف الأفريقي أمام كل محاولات الدبلوماسية المغربية القفز على حق الجمهورية الصحراوية كدولة عضو في الاتحاد. كما أن الحادثة أثبتت للجميع، ما كان الصحراويون يؤكدونه خلال محاولتهم تجنيب القارة خطأ القبول بعضوية المغرب في الاتحاد الأفريقي، والتي مفادها أن الرباط غير مهتمة بمصير ولا آمال الأفارقة بقدر ما تريد تدمير منظمتهم القارية من الداخل. وقد أعذر من أنذر.”

القصة:

كما كان مقررا، حضرت وفود الدول الأفريقية للمشاركة في اجتماع القمة الأفريقية اليابانية، في مابوتو بالموزمبيق، وحضرت أيضا وفود اليابان طبعا، إضافة إلى سفراء الدول الأوروبية، والمنظمات والهيئات الأممية والدولية المهتمة بشؤون الشراكة والاقتصاد بين القارة الأفريقية واليابان. وكان من المقرر أن يتم عقد الاجتماع على مستووين، الأول يوم 23 على مستوى كبار السمؤولين (أو السفراء)، والثاني يومي 24 و 25 على مستوى وزراء الخارجية.

لكن الوفد الياباني والمغربي حاولا منع وفد الجمهورية الصحراوية، المكون من وزير الخارجية، محمد ولد السالك، والسفير الصحراوي في الموزمبيق، ودادي ولد الشيخ الهيبة، والسفير الصحراوي بالاتحاد الأفريقي، لمن أبا علي، من الدخول لقاعة الاجتماع، معترضين الطريق أمام بعض الوفود الأفريقية الأخرى.

وحاولت اليابان التأثير على الوفود الأفريقية والاتحاد الافريقي بأن تحضر الاجتماع دون حضور وفد الجمهورية الصحراوية، لكن قيادة الاتحاد الأفريقي، إضافة إلى رئاسة المؤتمر نفسها المكونة من الموزمبيق، وأوغندا، والجزائر وغينيا، ونائب رئيس المفوضية الأفريقية، رفضوا رفضا قاطعا أية شروط من الطرف الياباني، مؤكدين أن من حق جميع البلدان الأعضاء دون استثناء حضور أي اجتماع أفريقي بغض النظر عن موضوعه، وبغض النظر عن طبيعته مادام يخص الاتحاد الأفريقي.

الوفد المغربي، بما في ذلك وزير الخارجية المغربي بوريطة، وبعض أعضاء الوفد الياباني تجرؤوا على الوقوف حراسا على بوابة القاعة لمنع الوفد الصحراوي، وبعض المشاركين الآخرين من دخول قاعة الاجتماع، ما استدعى حضور وزير الخارجية الموزمبيقي بنفسه لمحاولة إقناعهم بالعدول عن هذا التصرف الصبياني. لكن، ما أثار استغرابه هو تعنت ورعونة هذه المجموعة، ما جعله يطلب من الوفد الصحراوي مرافقته شخصيا للدخول من باب ثان إلى القاعة بكل احترام، في حين قامت السلطات الموزمبيقية مباشرة بعد ذلك بارسال عناصر رجال الأمن لإزاحة جميع الأشخاص الذين يعرقلون الباب في منظر مخز، حيث تم جر اليابانيين الذين كانوا يعرقلون الباب بالقوة والإهانة أمام الجميع بعيدا عن القاعة، في حين تم دفع وطرد عناصر الوفد المغربي الذي كان أيضا يساهم في عرقلة الباب بشكل صبياني.

ولم يتم عقد أي اجتماع خلال اليوم الأول من المؤتمر، كما انقضى اليوم الثاني في المفاوضات إلى غاية الجلسة المسائية، حين تم إرغام المغرب واليابان معا على القبول صاغرين بحضور الوفد الصحراوي. بل أن الوزير الموزمبيقي وإمعانا في التأكيد على الموقف الأفريقي الموحد قام بنفسه بأخذ يافطة الجمهورية الصحراوية، ونقلها إلى كرسي في الصف الأول مقابل رئاسة المؤتمر، حتى يتسنى للرئاسة بمن فيها ممثل اليابان مقابلة الوفد الصحراوي وجها لوجه.

وبالفعل اضطر الوفد المغربي للدخول للقاعة، ثم خرج ربما بحثا عن التشاور مع الرباط قبل أن يعود مرة أخرى صاغرا وينكمش في مقعده في القاعة. وتقول بعض المصادر من عين المكان أن السلطات الموزمبيقية ربما قد تكون حذرت المغرب من محاولة لعب دور الشرطي أو فرض أمر واقع مهما يكن في البلد الأفريقي ذي السيادة.

وقد شكر محمد سالم ولد السالك، في مداخلته الاتحاد ومفوضيته ورئيسة لجنة الممثلين الدائمين (غينيا)، ووزير خارجية اوغندا، واعضاء مكتب مؤتمر الاتحاد (الموزمبيق، وأوغندا، والجزائر وغينيا، ومفوضية الاتحاد الأفريقي) على حمايتهم لمبادئ الاتحاد والتزامهم بتطبيق قراراته، معتبرا أن هذا الحادث، والتصدي له كان أمرا لامناص منه ليفهم جميع الشركاء الآخرين رسالة الاتحاد الأفريقي الجادة في عدم التهاون مستقبلا في تطبيق وتنفيذ قراراته ومبادئه مع اي شريك .

أما اليوم فقد سارت أشغال الاجتماع بشكل عادي، وبحضور وزيري الخارجية الصحراوي والمغربي، ثم تم اختتامه أيضا دون المزيد من المشاكل.

تفاصيل حول الموقف الياباني والأفريقي

حاول اليابانيون بكل قوتهم إقناع الدولة المضيفة والاتحاد بإيجاد صيغ توافقية أخرى تغنيهم عن حضور الوفد الصحراوي، فاقترحوا مثلا أن يشارك أعضاء الوفد الصحراوي ببطاقات موزمبيقية، أو أن يشاركوا كعضو ملاحظ، أو حتى أن يشاركوا ببطاقات أعضاء وفد مفوضية الاتحاد الأفريقي. بل واقترحوا أن يمتنع الوفد الصحراوي عن المشاركة مقابل وضع لافتة الجمهورية الصحراوية في القاعة.

إلا أن الطرف الأفريقي رفض جميع هذه المقترحات، واعتبرها تدخلا في الشأن الافريقي، وانتقاصا من المنظمة القارية، كما رفض ما أسماه أي محاولة يابانية للمساومة على المواقف الأفريقية المشتركة أو الضغط، لأن الجمهورية الصحراوية دولة عضو مثلها مثل أي دولة أخرى، كما أن هناك قراران اثنان لقمم أفريقية سابقة سنتي 2015 و 2016 يؤكدان على ضرورة مشاركة جميع الدول الأفريقية دون استثناء في كل الاجتماعات التي ينظمها الاتحاد الأفريقي، ما عدا تلك الاجتماعات التي يتم الاتفاق فيها على مشاركة بعض الدول فقط دون غيرها كممثلة للقارة، أو ما يعرف بصيغة بانجول (صيغة تقترح أن يتم تمثيل القارة في بعض اللقاءات الدولية من قبل رئيس المفوضية، ورئيس الاتحاد، ورؤساء المجموعات الاقتصادية الأقليمية المعتمدة من قبل الاتحاد، وهي ثمانية والدولة المضيفة طبعا).

تحليل الواقعة وبعض ابعادها

لقد دللت هذه الحادثة المخزية من جديد على إصرار الدولة المغربية على السياسة المتعجرفة والتخريبية التي ينتهجها نظام الرباط ضد الاتحاد الأفريقي منذ انضمامه للاتحاد بداية السنة. وأثبتت عرقلة وفود نظام الاحتلال المغربي لعدد كبير من الاجتماعات الأفريقية منذ انضمامه للاتحاد، بل وقبلها، أن المغرب لم يكن قط، ولن يكون عضوا جادا، ولا شريكا موثوقا به في البحث عن حل للنزاع في الصحراء الغربية.

وبالطبع، أثبتت الحوادث المتتابعة التي كانت الوفود المغربية فيها مشكلة حقيقية والتي وقعت في غينيا الاستوائية سنة 2016 خلال الاجتماع الأفريقي العربي، ثم اجتماع الاتحاد مع اللجنة الأممية الاقتصادية لأفريقيا، فترة قصيرة بعد ذلك، إضافة إلى إصرار الطرف المغربي على الغياب عن أي اجتماع يستدعيه له مجلس السلم والأمن الأفريقي لدراسة قضية الصحراء الغربية، أثبتت هذه الحوادث جميعها أن نظام الاحتلال يستهزئ بالمنظمة، وبمصالحها، ولا تعنيه في شيء. كل ما يريده هو فرض موقفه الاستعماري على الجميع.

كما أثبتت الحادثة كذلك الموقف المخزي لليابان، وتورطه في دعم الأطروحة الاستعمارية للمغرب في الصحراء الغربية. وبطبيعة الحال جاء هذا الموقف الياباني نتيجة للتاريخ الاستعماري المعروف لنظام اليابان المتخلف أيديولوجيا رغم كل التقدم البارز في البلد اقتصاديا وعلميا. لكن الموقف الياباني أيضا ناتج عن تورط هذه الدولة وشركاتها في نهب ثروات الصحراء الغربية، خاصة ما يتصل بالثروة البحرية.

خلاصة

لا شك أن ما وقع خلال هذا الاجتماع كان انتصارا جديدا للقضية الصحراوية، رغم أن الاجتماع لم يكن في الأصل مخصصا لمناقشة القضية أصلا، بل كان المفترض أن يناقش أجندة الشراكة الاقتصادية الأفريقية اليابانية ومجالات تطويرها بالخصوص.

ولا شك أن ارتكاب نظام الاحتلال المغربي لمثل هذه الأفعال يدل على مراهقة دبلوماسية وسياسية، وجهل بطبيعة الموقف الأفريقي، وأيضا استخفاف واحتقار ربما للأفارقة واعتبارهم، كما قال الحسن الثاني في أحد خطبه أواسط الثمانينات، مجرد مجموعة من القبائل التي تجتمع فقط للرقص والدق على الطبول، أو كما قال.

كما أنه مما لا شك فيه أن ثبات الطرف الصحراوي على موقفه وتمسكه بحقه في المشاركة في كل اجتماعات الاتحاد الأفريقي، هو دليل أيضا على القرار الصحراوي بمواجهة نظام الاحتلال في كل المواقع، ومهما كلف الأمر. وللتذكير فقط، ينبغي أن يفهم القارئ أن القيادة الصحراوية، قبل انضمام المغرب للاتحاد، كانت أحيانا تتخذ قرارها السيادي في الامتناع عن حضور بعض الاجتماعات المشتركة بين الاتحاد الافريقي وأطراف خارجية، فقط لحرص الجمهورية الصحراوية على إنجاح مساعي القارة، وشراكاتها. لكن الموقف تغير الآن، ولم يعد من المقبول بتاتا القبول بالرعونة المغربية خاصة بعد انضمام الأخير للمنظمة القارية. وأصبحت كل مشاركة صحراوية في أي اجتماع مهما كان موضوعه فرصة لإثبات حقيقة أن الدولة المغربي دولة غازية، استعمارية، مستهترة بالقارة الأفريقية وبالأفارقة، وغير مهتمة بالثمن الباهض الذي تدفعه القارة كلما خسرت فرصة لعقد اجتماع من اجتماعات الاتحاد بنجاح.

إذا، نعتقد أن المغرب برعونته هذه، وبتصرفه الخالي من أي لياقة دبلوماسية، أو منطق سياسي، أو لباقة في مناقشة القضايا بأسلوب حضاري، قد دق مسمارا جديدا في نعشه الذي نتوقع أن لا يتأخر في دفن كل طموحاته في أفريقيا قريبا، على اعتبار أن الاتحاد الأفريقي، والعديد من الدول الأفريقية، ستجد نفسها إن عاجل أم آجلا في مواجهة حقيقية بين موقفها من المغرب وموقفها من مبادئ الاتحاد، ومواقفه وخططه. وستضطر في النهاية في اعتقادي المتواضع أيضا إلى اتخاذ مواقف جادة من المغرب في المستقبل القريب إن شاء الله إذا ما واصل رعونته، وستجد الرباط نفسها في الأخير معزولة، منبوذة ومحاصرة داخل المنظمة الأفريقية.

أحدث الإضافات

أخبار الصحراء الغربية

19 أبريل / نيسان 2024

ولاية بوجدور (الجمهورية الصحراوية)– خلد أمس  الخميس إتحاد عمال التربية والتعليم التكوين الصحراويين ذكرى عقد من التأسيس، تحت شعار: “نضال متواصل وعمل دؤوب”، بحضور كل من وزير التربية والتعليم والتكوين المهني خطري آدوه، وزير النقل والطاقة السالك محمد أمبارك، المدير الوطني للتجهيز محمد سالم الراضي. كما حضر الحدث بالإضافة إلى منتسبي الإتحاد الأمين العام لوزارة الإعلام، رئيس اللجنة […]

أبرز الأخبار

19 أبريل / نيسان 2024

نيويورك (الأمم المتحدة)– في تصريح صدر اليوم دحض عضو الأمانة الوطنية وممثل الجبهة بالأمم المتحدة والمنسق مع المينورسو، الدكتور سيدي محمد عمار، الادعاءات التي قدمها ممثل دولة الاحتلال المغربية لدى الأمم المتحدة خلال مناقشة مجلس الأمن حول “دور الشباب في مواجهة التحديات الأمنية في منطقة البحر الأبيض المتوسط” التي عُقِدت نهار أمس. وفيما يلي النص […]

أبرز الأخبار

19 أبريل / نيسان 2024

ولاية الشهيد الحافظ (الجمهورية الصحراوية)– اختتمت أمس الخميس اشغال الطبعة الثالثة للندوة الدولية العربية للتضامن مع الشعب الصحراوي المنعقدة ما بين يومي السابع عشر والثامن عشر تحت شعار” تحديات وآفاق”، وذلك بحضور رئيس الجمهورية، الامين العام لجبهة البوليساريو السيد ابراهيم غالي وأعضاء من الامانة الوطنية واطارات الدولة الصحراوية، ووفود من عدة دول عربية ومن امريكا اللاتينية. […]

أبرز الأخبار

19 أبريل / نيسان 2024

ولاية الشهيد الحافظ (الجمهورية الصحراوية)–   ألقى الرئيس الصحراوي-الأمين العام لجبهة البوليساريو، إبراهيم غالي كلمة، خلال إشرافه أمس الخميس، على إختتام أشغال الندوة العربية الدولية للتضامن مع الشعب الصحراوي، تطرق فيها إلى آخر تطورات القضية الوطنية داخليا وخارجيا وأوجه الكفاح الوطني.  وفيما يلي النص الكامل للكلمة كما نقلته وكالة الأنباء الصحراوية (وأص):  كلمة الأخ إبراهيم غالي، […]

أبرز الأخبار

19 أبريل / نيسان 2024

طهران (إيران)– في الساعات الأولى من صباح اليوم الجمعة، أعلن التلفزيون الإيراني أن منظومات الدفاع الجوي تصدت لمُسيّرات انتحارية في أجواء محافظة أصفهان الواقعة في قلب إيران ومدينة تبريز شمال غربي البلاد. وبعد ساعات من هذه العملية، تغيب الرواية الرسمية الإسرائيلية وحتى الأميركية، بينما أكدت طهران، منذ الساعات الأولى، أن العملية عبارة عن مُسيّرات انتحارية صغيرة وأنها تصدت لها […]

أبرز الأخبار

17 أبريل / نيسان 2024

نيويورك (الأمم المتحدة)– تحت رئاسة مالطا، عقد مجلس الأمن أمس الثلاثاء مشاورات مغلقة حول بعثة الأمم المتحدة للاستفتاء في الصحراء الغربية (المينورسو) تماشياً مع القرار 2703 (2023) الذي تبناه مجلس الأمن في 30 أكتوبر 2023. وكان مجلس الأمن قد طلب في قراره من الأمين العام أن يقدم إحاطات إلى المجلس على فترات منتظمة، وكذلك في […]

أخبار الصحراء الغربية

17 أبريل / نيسان 2024

ولاية الشهيد الحافظ (الجمهورية الصحراوية)– نظمت وزارة الصحة الصحراوية، عبر قسم الإعلام والتحسيس، يوما تكوينيا، لفائدة المشاركين في مبادرة “الإتصال من أجل تغيير السلوك”. وخصص اليوم التكويني لكيفية إعداد الحملات التحسيسية وأساليب الاتصال المتاحة في سبيل إيصال الرسالة الصحية، وكذا تزويد المشاركين في الحملات التحسيسية المزمع القيام بها  بالتقنيات الأساسية في مجال الاتصال والتواصل والتفاعل […]

أبرز الأخبار

17 أبريل / نيسان 2024

عيتا الشعب (جنوب لبنان)– صعّد جيش الإحتلال الصهيوني، اليوم الأربعاء، من عملياته العسكرية على بلدات جنوب لبنان عقب استهداف حزب الله بالصواريخ والمسيّرات مركزا قياديا إسرائيليا في بلدة العرامشة بالجليل الأعلى، أسفر عن إصابة 14 جنديا. وقال جيش الإحتلال الصهيوني إنه قصف أهدافا عدة تابعة لحزب الله جنوبي لبنان، مضيفا أنه استهدف مصدر إطلاق الصواريخ التي قصفت شمال إسرائيل. […]