سلا (المغرب): بعث المعتقلون السياسيون الصحراويون بسجون الاحتلال المغربية، اليوم السبت، رسالة إلى القيادة الوطنية الصحراوية والمؤتمرين وإلى ضيوف المؤتمر الشعبي العام الرابع عشر لجبهة البوليساريو، يدعون من خلالها إلى تعظيم فعل الانتفاضة والمقاومة بالمناطق المحتلة من الصحراء الغربية.

وفيما يلي نص الرسالة كما توصل بها موقع “الصحراوي”:

باسم الله الرحمان الرحمن الرحيم

السيد الأمين العام للجبهة الشعبية 

السيدات والسادة أعضاء القيادة الوطنية 

مقاتلي جيش التحرير الشعبي الصحراوي 

الأخوات والإخوة المؤتمرين 

السيدات و السادة ضيوف شعبنا المناضل

تحية الصمود والإخلاص؛ نتشرف نحن المعتقلين السياسيين الصحراويين بالسجون المغربية أن نكون معكم في هذه اللحظة التاريخية الاستثنائية، لحظة من لحظات بناء الصرح الوطني في معركة التحرير والكرامة.

نجد أنفسنا جميعا أمام محطة لتجديد العهد، وأمام ضرورة تاريخية لحماية المكتسبات وعدم السقوط في منطق الاستحالة عبر التساؤل الغير المؤسس لما تتطلبه المرحلة.

اللحظة فرصة للتفكير الملتزم، التفكير بأساس الكيان الثقافية والاجتماعية والأخلاقية والسياسية وبأهداف أربعة عقود من الفكر الوطني والنضال الديمقراطي والمتسامح.

أيا كانت الدلالات لفكرة المرحلة، فقداستندت إلى الوحدة كما سبق في زمن ماضى عندما كان المصير مهددا، فانحاز الجميع لتكريس وحدة الشعب ووحدة التنظيم، وهو مايعني أن هناك قاعدة اجتماعية وثقافية وسياسية، وماشئنا من ذلك، تنبني عليها المواقف والمخططات الاستراتيجية.

هذه محطة لتيين الانتصارات والمكاسب لنا جميعا ولكل الصحراويين أينما كانوا.

وتبيين من خلالها أن ما تمنحه تجربتنا الذاتية من ديمقراطية ومشاركة للجميع على قدر المساواة يمكن أن تنزعه القضية عما ينزلق بها بعيدا عن ثوابتها في المعركة المصيرية، معركة التحرر والإخاء والمساواة، هناك إذن ثوابت وقيم وأخلاق وجود سياسي توجه الجميع وهذا مهم للغاية.

مشاركتنا نحن المعتقلين في معركة الانتفاضة والمقاومة نؤدي ثمنها في السجون الظالمة للاحتلال، إنها ضريبة الحرية ونؤديها بكل فخر واعتزاز.

الانتفاضة بالمناطق المحتلة جبهة مفتوحة مع العدو شارك ويشارك فيها الجميع، هذه فرصة لنا نحن معتقلي الشعب الصحراوي ننادي الجميع لاحتضانها والدفاع عنها.

أولا هناك إذا مرتكز لابد من ضبطه وفق منهجية واضحة لمعرفة وتملك التجربة قد نختلف حول تنظيمها والتخطيط لها أو حول برنامجها وهل لها قيادة أم لا، لكن لا نختلف عما هو استراتيجي وأنه على الأقل لها هدف نضالي يجمع عليه كل المنتفضون وهو على أنها جزء من برنامج وطني كامل.

لم تكن الانتفاضة ومنذ عقد من الزمن مجبرة على تحديد هدف نضالي بعينه، فهي ليست بديلا عن النضال الوطني في كل الجبهات الأخرى، بل هي حلقة من حلقات هذا النضال، وكان الهدف الرئيسي هو التأكيد على وجود الشعب وحيويته وتجدده واستمرار تمسكه بوطنه وحقوقه وممثله الشرعي والوحيد.

إن استمرار الحراك والنضال في إطار الانتفاضة مفروض أكثر من أي وقت مضى، وذلك وفق الإمكانيات المتاحة وبما ينسجم والظروف القائمة والسعي إلى التطوير والتصعيد لكن حذار من القفز فوق الواقع، فهذا فعل نضالي طويل الأمد، ثماره من حيث التوقيت ليست كثمار الأشجار والمزروعات، الحذر الشديدين فكر وثقافة العجز والهزيمة المؤتمر فرصة لصياغة استراتيجية جديدة للدفع أكثر بهذه الجبهة المهمة، وذلك ضمن استراتيجية وطنية في حاجة ماسة لها اليوم قبل الغد، تؤسسون لها لتحقيق الحلم الصحراوي مهما طال الزمن فلا انتصار ولا تحرر بدون تحقق هذا الحلم الأجمل ومسيرة الألف ميل تبدأ بخطوة واحدة كما قال ماوتسي طونغ “الفجر الحديد آت آتٍ”.

كلما تقدمت المقاومة المدنية والحقوقية والشعبية، في المناطق المحتلة ومدن جنوب المغرب وفي الجامعات كلما نضج الفعل الوطني المقاوم والواعي، كلما تطورت أساليب العدو في قمع وإجهاض تثبيت العمل القادر على زعزعة سياساته في الضم والاستيلاء.

نحن نعيش مرحلة جد حاسمة من تاريخنا النضالي من أجل التحرر، و ضعا معقدا ومعركة شرسة مع الاحتلال في ظل تعنت بعض القوى الدولية المساندة له والتي عملت طيلة الخمس سنوات الأخيرة على حقنه “بإبر مورفين” أمام ضربات الدبلوماسية الصحراوية وهبات الجماهير في المناطق المحتلة.

نعيش اليوم كذلك وضعا إقليميا ودوليا وعربيا مضطربا ومنشغلا تزامنا مع سياسة دولية معقدة ومتصارعة تطغى عليها لغة المصالح والقوة دون أن تكترث لمعاناة الشعوب.

إن الوضع يفرض مسؤوليات كبيرة لتعظيم فعل المقاومة والانتفاضة ضد الاحتلال ودفعها عميقا إلى الأمام حتى يشتد عودها وتجبر العدو على التراجع وعلى المزيد من التنازلات وبالتالي الرحيل عن أرضنا المغتصبة.

معركة الانتفاضة تتطلب مشاركة ودعم الجميع وحشد الطاقات في ميدان المواجهة المفتوحة مع الاحتلال.

إن المؤتمر الرابع عشر لتنظيمنا العتيد، مؤتمر الشهيد “الخليل سيد أمحمد” هو وفاء وتجسيد لوحدة الشعب كما ربانا عليها الخليل، هذه الوحدة التي تمكن الجميع في المشاركة في القرارات التي سيخرج بها المؤتمر والتأكيد على خيار الانتفاضة كخيار هام تفرضه الظروف.

أظهرت التجربة طيلة عقد من الزمن الدور الرئيسي للشباب والشابات والفتيان والفتيات في الانتفاضة الشعبية، فلتتوسع وتتصاعد دائرة الانخراط فورا وبلا تردد لكل شرائح المجتمع وفئاته، من ثم الخطأ في التشكيك في إمكانية استمرارها أو التردد والارتباك في المشاركة وبكل قوة فيها، فالمناضل الطلائعي والنشطاء إن لم يعد العدة جيدا عليه ألا يتردد ويشكك ويؤجل، ولكن بعد اندلاعها وانفجارها ولو لم يكن وراء ذلك عليه أن يكون مع الشعب والشباب المنتفض فورا.

هنا يستبعد كل الشكوك وكل المخاوف وينخرط في المواجهة وبكل قوة وبلا تردد ثم أثناء ذلك يعمل على تلافي ما يعتبره عائقا أو خطرا يهدد الانتفاضة أو المعركة.

إن الانتفاضة وبغض النظر عن كيف اندلعت ومن كان المبادرون إليها فهي معبرة عن نبض الشعب وهي ضرورة لمواجهة وتحدي الاحتلال واغتصاب أرض وتحقيق تقرير المصير.

لا أحد اليوم يمتلك ترف التردد في الانخراط ودعم الانتفاضة بكل قوة وإيمان وثقة بامكانية الانتصار، هو الموقف الصحيح الذي لا يمكن أن يكون على خطأ تحت كل الظروف ومهما كانت النتائج.

الانتفاضة إذا استمرت قادرة على المساهمة في كشف ضعف وعزلة الاحتلال.

الاحتلال اليوم ضعيف أكثر من أي وقت مضى بالنسبة إلى مقياس مصلحته أظهر في السنوات الأخيرة ضيق أفق مما زاد من عزلته إقليميا ودوليا، لو لا حقن “المورفين” الفرنسية الصنع.

لقد ارتكب أخطاء في إدارة الصراع والتعامل حتى مع حلفائه (الولايات المتحدة) ومع حماته فرنسا (أزمة مدير المخابرات المتابع من طرف القضاء الفرنسي)  واليوم قرار المحكمة الأوروبية التاريخي الذي لا يقل أهمية عن قرار محكمة لاهاي 1975، ومع الرأي العام العالمي ولا سيما الأوروبي وتورط مغاربة في العمليات الإرهابية كما وقع في فرنسا 13 نونبر الماضي.

فالمزيد من الصمود وتصعيد الانتفاضة لتصبح شاملة ومصممة على عدم التراجع مهما طال أمد الصراع وتصاعد التضحيات.

إن السلبيات التي أصابت الاحتلال في علاقته بالدول الأوروربية بسبب قرار المحكمة الأوروبية يمكن أن يكون عاملا من العوامل  التي تساعد على دعم وتقوية الانتفاضة، ثم زِد عليه ما أصاب بعض تلك الدول التي كانت داعمة له، على غير ما كان عليه الحال في العقود الماضية.

أما الرأي العام العالمي سواء الأوروبي والأفريقي والعربي فقد مال ميلا ملحوظا في مصلحة التعاطف مع المقاومة والانزعاج من سياسات الاحتلال وارتباكاته المشتتة لحقوق المدنيين الصحراويين في المناطق المحتلة كما يتجلى ذلك في الهستيريا التي حلت به حين تقديم توصية تقضي بتوسيع صلاحيات بعثة المينورسو وكذا في الارتباك الحاصل في تدبير علاقاته مع الأمم المتحدة بدء بالمقررين الخاصين إلى المبعوث الشخصي للأمين العام السيد روس.

هذه العوامل ستجعل الاحتلال جد ضعيف في مواجهة صمود ودعم الانتفاضة إذا توفرت لها شروط القوة والاستمرارية.

إن عشرات التجارب العالمية تؤكد القاعدة التي ترى أن نقاط ضعف العدو، حتى ولو كان متفوقا قد يكون السبب الأول في هزيمته أمام خصم أقل عددا وعتادا، ولكنه يمتلك روح النهوض والاقتحام والإيمان بالنصر.

هنا يمكن تلخيص ما نراه مهما في نقطتين:

الأولى: التأكيد على نقاط ضعف العدو.

الثانية: الإيمان بإمكانية النصر ولو في درجات مقدرة من نقاط الضعف مما يسمح بالصمود وتحقيق النصر على العدو وذلك بالضغط على نقاط ضعفه أو حسن الاستفادة منها.

في الأخير نشد على أياديكم ونقول لكم أننا على درب الخليل سيد أمحمد وكل الشهداء سائرون إلى أن يتحقق الهدف.

الاستقلال الاستقلال سلما أو بالقتال

عن المعتقلين الأسرى بسجون الاحتلال المغربي

19 ديسمبر 2015 

مواضيع من نفس الفئة

سفير كوبا لدى الجمهورية الصحراوية يسلم أوراق اعتماده للرئيس إبراهيم غالي (+صور)

19 ماي / أيار 2024

وزير الخارجية الصحراوي يتسلم نسخا من أوراق اعتماد سفيري كوبا ونيكاراغوا

19 ماي / أيار 2024

وفد دبلوماسي يزور مخيمات اللاجئين الصحراويين

19 ماي / أيار 2024

الرئيس الصحراوي يستلم أوراق اعتماد السفير النيكاراغوي الجديد لدى الجمهورية الصحراوية (+صور)

19 ماي / أيار 2024