مفارقة 24 وزيرا و25 عسكريا لإدارة انتخابات برلمانية

9 فبراير / شباط 2016 - آخر تحديث 9 فبراير 2016 / 23:27

   التعليقات 0

ــ بقلم: ابن البوليساريو (كاتب صحراوي يفضل عدم ذكر اسمه)

ــ مقدمة:

أخيرا شكلت اللجنة التي ستشرف على الانتخابات البرلمانية وقرأت تشكلتها مرارا وتكرارا، بداية تظن أن ترتيب أعضائها يراعي مبادئ معينة، ولكنك سرعان ما تنتبه إلى أن الوضع ليس كذلك تماما، عدا في بعض الحالات المحددة كإيراد اللائحة أولا لأعضاء مكتب اللجنة ممثلة في رئيسها ونائبه ومستشارها القانوني ومقررها ثم لأعضاء مكتب الأمانة الوطنية يليهم أعضاء الأمانة أعضاء أمانة التنظيم السياسي ثم أعضاء الأمانة الولاة بعد ذلك.

ــ اختلال الترتيب:

أما فيما عدا ذلك فالترتيب جاء مختلا قليلا من الناحية السياسية والوظيفية، إذ تلى ذلك أمناء المنظمات الجماهيرية وكان يفترض أن يأتوا ترتيبا بعد كل أعضاء الأمانة الوطنية المنتخبون من قبل المؤتمر، ثم جاء بعدهم وزراء مدنيون أعضاء في الأمانة الوطنية ثم أعضاء الأمانة الوطنية من الجيش تلاهم وزراء مدنيين أيضا أعضاء أمانة وطنية ثم يأتي الوزراء الآخرين الذين لا يتمتعون بعضوية الأمانة الوطنية فالمدراء الوطنيين فالأمناء العامين للحكومة أولا والرئاسة، ثانيا يليهم قادة النواحي الآخرين الذين ليسوا أعضاء أمانة، ثم يأتي بقية الضباط السامين في الجيش، فالمستشارين بالرئاسة، فأعضاء البرلمان الأفريقي، فمدير مدرسة، ثم مدير مركزي وموظفون مركزيون وآخرون جهويون بأمانة التنظيم السياسي، يليهم الأمناء العامين للوزارات، ثم أطر أخرى… وهكذا دواليك؛ ويذيل الترتيب بالقضاة بالرغم من أنهم موظفون سامون في الدولة طبقا لنص الدستور.

ــ لجنة الرقم 131:

أول ما لفت انتباهي العدد الكبير الذي ضمته اللجنة، وهو 131 شخصا من مختلف الاطارات السامية  المدنية والعسكرية في الحركة والدولة، فتجد مثلا أن وزيرا ما وأمينه العام وربما الشخص الثالث في الوزارة أعضاء في اللجنة، ونفس الأمر للولاة ومساعديهم الجهويين، وتتساءل عن السبب وراء ذلك؟ ألم يكن ممكنا أن تتكون اللجنة من 50 أو 70 أو 80 شخصا؟ ولماذا بالضبط الرقم 131؟

ــ الفصل والدمج بين السياسي ـ الرقابي والتنفيذي:

كما استوقفني أيضا أن اللجنة ضمت كل أعضاء مكتب الأمانة عدا الوزير الأول والمكلف بالمينورسو ووزير الخارجية، كما ضمت جميع أعضاء لجنة الرقابة الـ5 في الأمانة الوطنية، وهو ما أراه تضاربا فجا وخلطا لا مبرر له بين العمل السياسي ـ الرقابي والعمل التنفيذي؛ وفي إشارة إلى تواصل مسلسل الفصل والدمج غير المقونن عندنا اسندت رئاسة اللجنة ونيابتها إلى عضوين من أمانة التنظيم السياسي بالرغم من أنها هي جهة الرقابة، وعلى رأي المثل القائل {لعياط إيلا جا من رأس الكدية لهروب أمنين؟}.

ــ لجنة من الدولة وإلى الدولة: 24 وزيرا و25 جنرالا؟

كما ضمت اللجنة كل أعضاء الأركان العامة للجيش بدءً بوزيريْ الدفاع الحالي والسابق وقادة النواحي بمعدل 25 ضابطا ساميا، في إشارة لعسكرة اللجنة، وكل أعضاء الحكومة بمعدل 24 وزيرا، و17 أمينا عاما لمختلف الوزارات، وأمناء المنظمات الجماهيرية الـ5، وجميع الولاة الـ6، وكل الأمناء الجهويين المساعدين الـ6، وكل أعضاء البرلمان الأفريقي الـ5، و4 مدراء وطنيين، كما ضمت اللجنة أيضا 7 ممثلات عن اتحاد النساء، و5 ممثلين عن العمال، وممثلين 2 للشباب؟ هذا ومثلت الرئاسة بـ3، والخارجية بـ4، والداخلية بـ3، والتعليم بـ3، والاعلام بـ3، والنقل بـ3، ثم تأتي بقية المؤسسات تباعا بين ممثل أو اثنين.

وهنا أتساءل بكل صدق وإخلاص: هل هناك فعلا ضرورة لكل هذا الجيش من الاطارات المدنية والعسكرية؟ ألا يوجد حقا بين أطرنا المتوسطة وكفاءاتنا المختلفة وخاصة الشابة منها من هو أهل لإدارة هذه المهمة بامتياز واقتدار؟ لماذا تسند دائما مثل هذه اللجان إلى إطارات الصف الأول في الحركة والدولة؟ هل أصاب العقم البوليساريو والدولة الصحراوية حتى لم تعد تبرح نفس المنتج الذي تقدمه لنا كمستهلكين دون حتى أن تقوم بوضع رتوشات مبدعة تقنعنا بتسويق هذا المنتج؟

نفهم جيدا أن انتخابات البرلمان استحقاق سياسي وانتخابي بامتياز لأحد أهم مؤسسات الدولة والحركة، وإنه لابد من إنجاح الحدث على جميع المستويات، ولكن هل لابد من تجنيد أعضاء الأمانة الوطنية كلهم وكل الحكومة وهيئة الأركان العامة للجيش والمؤسسات الأمنية؟ ألا يكفي نصفهم أو ثلثهم مثلا؟ ألا ثقة للنظام إلا في كوكبة الأطر هذه لإنجاح أي استحقاق مهما كان نوعه؟

ــ لا، للشعب…:

وهل يعني هذا أن آخر ما يفكر فيه هو مصالح المواطنين الذين عليهم انتظار الوزير أو الوالي أو الأمين العام، أو وكيل الجمهورية أو المدير لقضاء مصالحهم؟ ولماذا تم الزج تقريبا بكل الضباط السامين في الجيش وكان لاهم لهم إلا الحضور المتواصل لجلسات هذه اللجنة التي ستأخذ من وقتهم الكثير{شهرين على الأقل} على حساب أولويات الناحية والمقاتل؟

ــ سلسلة مبعثرة.. مدير أسمى من قائد ناحية، ومدير مدرسة أسمى من وكيل الجمهورية؟

أمر آخر ملفت للنظر في هذه اللائحة هو عدم التزامها بأي ترتيب متسق يستند إلى منطق معين، فتجد أحيانا أعضاء أمانة مبعثرين في مستويات مختلفة من اللائحة، كما أن بعض المناصب أسفل أخرى وهي أسمى منها من الناحية القانونية، ويتغير ترتيب الوزارات من الوزير إلى الأمين العام تبعا للشخص المعني.

كما أنه يمكن مثلا وبسهولة ملاحظة أن ترتيب الأمين العام للرئاسة جاء أسفل المدير الوطني للتشريفات والأمين العام للحكومة، وهو ما لا يستند إلى أي منطق قانوني؛ كما جاء بعض المدراء الوطنيين في الترتيب فوق الضباط السامون وقادة النواحي، وهو ما لا يمكنك أن تفهم معه أي منطق كان وراء مثل هذا الترتيب.

وعندما تحاول أن تحدد المراكز القانونية لبعض الوظائف فإن الأمر يحتاج إلى قارئة فنجان فعلا، ولك أن تتساءل مثلا أيهما أعلى من الناحية القانونية والوظيفية: عضو أمانة وطنية أمين منظمة جماهيرية أم عضو أمانة وطنية قائد ناحية؟ والي وحدة الشهيد الحافظ أم عضو أمانة وطنية مدني أو عسكري؟ الوزير المستشار بالرئاسة أم الوزير المنتدب لدى وزير الخارجية؟ المدير الوطني لأي مؤسسة مهما كانت أم الأمين العام للحكومة؟ الأمين العام للحكومة أم الأمين العام للرئاسة؟ مدير وطني أم قائد ناحية؟ مستشار بالرئاسة أم مدير وطني؟ مدير مدرسة 12 أكتوبر أم وكيل الجمهورية العام؟ رئيس دائرة سابق أم رئيس محكمة الجزاء؟ مدير بوزارة أم سفير؟ سفير أم الأمين العام للخارجية؟ منتمي لمنظمة جماهيرية أم قاض؟ مديرة جهوية للتعليم أم مستشار قانوني لوزارة؟

واللائحة طويلة من هذه الأمثلة التي أوردتها على سبيل المثال لا الحصر، والمتفحص لترتيب اللائحة إذ يتبادر إليه أولا أن هناك إجراءات وأصول تحكم تسلسلها وترتيبها، غير أنه سرعان ما يتوه في مطبات ومتاهات لا حصر لها، ونأمل مستقبلا أن تدرس هذه الأمور بعناية وأن نبتعد عن شخصنة الوظيفة وأن يصار إلى تحديد مركزها من خلال آليات قانونية واضحة  بكل تجرد بغض النظر عن شاغلها الحالي أو المستقبلي.

ــ الشباب: بين الهامش والأعماق:

وجاء تمثيل الشباب ضعيفا، إذ من المؤسف أنه لم يمثل الشباب والطلبة  في اللجنة إلا بأمنائهم العامين فقط، وهو ما يناقض بالدليل الواضح خطاب الدولة وجديتها في تحين الفرص للدفع قدما بتواصل الأجيال وتسليم المشعل للشباب، ويتنافى تماما مع أحد خطابات رئيس الجمهورية التي أكد فيها: أن “الدولة لم تضع الشباب على الهامش، بل وضعته ليعيش الأشياء من أعماقها”، طبعا هذه الأعماق تتضح الآن أكثر من أي وقت مضى وبالملموس؟

لماذا تتوجس السلطة دائما خوفا من الشباب وريبة في كل ما يطرحون من آراء وتصورات؟، ألم يحن الوقت لنزع هذا الشك الذي ليس في محله بعد أن بلغ الجيل الذي ولد في 27 فبراير 1976، أربعين سنة من العمر في 2016، ألا تكفي 40 سنة من الاقصاء والتهميش والتبخيس بجيل 20 ماي وورثة الشهداء من أبناء 9 يونيو و12 أكتوبر؟

إن تحجيم التمثيل الشباني يتناقض تماما مع الخطاب الذي قدمته الأمانة للمؤتمر الـ14 للبوليساريو، فهل هذه هي الصيغ والاجراءات التي تحدث عنها التقرير الأدبي لتبوء الشباب لمكانته الطبيعية  باعتباره خزان الحركة بأن يمثل بشابين فقط؟ ينتابني شعور بالأسف على تضييع الدولة لفرص كهذه لا تكلفها شيء من أجل ربط القول والوعد بالفعل حين تتاح فرصة كهذه.

وحتى لو قمنا بتحليل النطاق العمري للفئة الشابة في عموم اللجنة بشقيها المدني والعسكري، نساء ورجالا فإننا لن نجد إلا حوالي 6 إلى 8 أشخاص في اللجنة في أو تحت سن الأربعين بما فيهم وزير الشباب والرياضة؟

وقد كان البعض يطمع في أن يرى وجها شابا في رئاسة المؤتمر الأخير والتي تتكون من 7 أشخاص وهو مالم يحدث آنذاك، وها هو الأمر يتكرر ثانية بعد شهر فقط من ذلك الحدث في لجنة يبلغ تعدادها 131 فردا؟؟؟ وعندما جاءت التعيينات الحكومية الأخيرة تمت ترقية 3 شبان، واحد منهم فقط تحت سن الأربعين.

وهنا أدعو مستقبلا إلى إقحام الشباب بشكل أكبر في هاته اللجان، ومختلف محطات الفعل الوطني بما في ذلك اللجنة المشرفة على تخليد الذكرى الأربعين لإعلان الجمهورية، أم أننا سنبقى نضيع الفرصة تلو الأخرى لنضع الشباب في لب المعركة ليعيش الأشياء من أعماقها قولا وفعلا.

لقد آن الأوان أن تقوم الدولة والحركة بخطوات استراتيجية مدروسة في هذا الاتجاه، وفي مختلف الميادين، وأن تقوم برسم سياسة واضحة تجاه البحث والتأهيل والاستفادة من خبرات الشباب وكفاءته وقدرته {ثينك تانك}، سياسة يكون من خلالها اتحاد الشبيبة واتحاد الطلبة هما الخزان الرئيسي لتزويد مفاصل مختلف مؤسسات الدولة بدماء جديدة تقدس العمل قادرة على الابداع لا يحد طموحها شيء.

ــ 20 امرأة نقطة إيجابية:

نقطة قوة هذه اللائحة وأسجلها هنا بكل امتنان وأريحية هو التمثيل المعتبر للنساء بشكل عام في اللجنة بـ 20 امرأة، وهو رقم يعد الثاني من حيث الحجم في اللجنة بعد الجيش بـ25 ضابطا، والدفع قدما بالمرأة في الحياة السياسية أمر التزمت به البوليساريو، وقد قطعت فيه أشواطا معتبرة ومشجعة وأصبحت الدولة الصحراوية بفضل سياساتها من خلال كوطة المؤتمر أو البرلمان أو التعيينات في الخارجية أو البرلمان الأفريقي من أفضل الدول التي تفي بالتزاماتها في هذا المجال، ولو أن الأمر غير كاف ويتطلب مزيدا من فتح الفرص في مجالات أخرى لازالت حكرا على الرجال، كمناصب الأمناء العامين للوزارات والمدراء الوطنيين والمركزيين، هذا إضافة إلى المجال الدبلوماسي.

ــ ثقة الدولة بين القاضي والمحامي، ميزان عدل مختل:

وفي نفس اللجنة جاء تمثيل القضاة بـ5 والمحامين بـ2، وهو تمثيل محترم للنخبة القانونية عموما بـ7 قانونيين، إلا أنه ليس كافيا ولا مقنعا، وهو يوضح بشكل لافت اختلال ميزان كفة العدالة لدينا إذ تم إبعاد نقيب المحامين من اللجنة بالرغم من كونه المستشار القانوني للحكومة، بينما اسندت مهمة المستشار القانوني للجنة لرئيس المحكمة العليا وهو قاض وهو الذي ترأس اللجنة القانونية في اللجنة التحضيرية وأثناء المؤتمر والتي كان مقررها آنذاك نقيب المحامين؟ وهذا يعني أن ثقة الدولة في رجال القضاء لا تشوبها شائبة بينما لاتزال محل شك في المحامين؟ هل يعني  هذا أنه لازال أمام المحامين طريق شاق لإثبات جدارتهم واستحقاقهم حتى لا أقول ولاءهم لإثبات أهليتهم السياسية وولاؤهم التنظيمي للانضمام مستقبلا لهكذا لجان؟

ــ أين المجتمع المدني؟

وغيبت عن اللجنة الاتحادات المهنية والفكرية والشبابية ومختلف وسائط المجتمع المدني كجمعية أولياء المعتقلين واتحاد الحقوقيين واتحاد الصحفيين واتحاد المهندسين واتحاد الحرفيين وغيرهم من المجموعات التطوعية الشبابية التي برهنت عن دور بارز في مجتمعنا؛ وقد غيب رؤساء الدوائر الحاليين الذين مثلهم رئيس دائرة سابق؟ وكلمة “رئيس دائرة” ليست وظيفة بكل تأكيد حتى وإن كان وضعها مجاملة لفئة رؤساء الدوائر، وهي تعني أن المعني لازال في خانة الانتظار لا أكثر ولا أقل.

في البلدان الديمقراطية، المجتمع المدني تقريبا هو من يحرك الدولة ورأيه مسموع ومحترم في إطار علاقات مجتمعية واضحة تقدر دوره في بناء الدول، أما عندنا فإن أول من يتم إقصاؤه إضافة إلى الشباب هو المجتمع المدني، وحسب منظري السلطة فإنه هو “خوخة” التي يجب الحذر منها دائما؟؟؟ هذه هي ديمقراطيتنا.

ــ إبعاد الشرطة:

كما يلاحظ تواجد مدراء جميع المؤسسات الأمنية من درك وأمن والأمر الذي استوقفني هو غياب المدير الجديد للشرطة، الأخ محمود عبدي، عن اللجنة أسوة بالمدراء الأمنيين الآخرين “الأمن والدرك” وهو من أدرى الكوادر بالبرلمان وميكانيزمات عمله، وهو نائب الرئيس السابق للبرلمان، فهل غيابه يأتي تلبية لحاجة في نفس يعقوب في إبعاد الصوت الآخر؟ وقد عوض بالمدير السابق للشرطة المدير بوزارة الداخلية، وهو شخص منضبط ومن قدماء المؤسسة الأمنية وأكثرها كفاءة.

وبالرغم من توفر الشرطة على أمين عام إلا أنه غيب أيضا، وهو من رعيل الشباب المتوسط ومن أقدرهم وأكثرهم باعا في السياسة، وهو الذي كاد أن يفوز بعضوية الأمانة في المؤتمر الأخير، حيث جاء تاليا للأخ بيدلة، قائد الناحية الأولى الذي توقفت عنده اللائحة بسبب الكوطة النسائية.

وتغييب مدير الشرطة وأمينها العام عن لجنة بهذه الأهمية بالرغم من تواجد جميع الوزراء والأمناء العامون لمختلف الوزارات ومدراء القطاعات الأخرى أمر يحتاج إلى نظر.

فالكل أصبح له نصيب من السياسة، ولابد للشرطة إذن من نصيبها هي الأخرى، فكيف نفهم إقحام وزارة التعليم أو الرعاية، مثلا {وموضوع تخصصاتها واضح كبقية الوزارات الأخرى} ونبعد أي تمثيل للشرطة، وهي مديرية وطنية ومؤسسة أمنية يجب أن يسري عليها ما يسري على مثيلاتها في الجسم عموما.

ــ لا مكان لجالية أوروبا في البرلمان:

وما أثار استغرابي أكثر هو تغييب أي ممثلين للجالية بشتى أنواعها وخاصة لجالية أوروبا، وأعتقد أن الدعوة التي أطلقت مؤخرا والقاضية بضرورة تمثيل الجالية في البرلمان القادم أمر يجب أن ينظر إليه بكل استحسان، وكانت هاته مناسبة لطمأنة جالية أوروبا برسائل واضحة، ومازال يحذوني الأمل أن يتدارك هذا السهو غير المقصود ربما بتخصيص مقاعد لهم في البرلمان عن طريق تعديل قانون الانتخابات ثم في اللائحة القانونية، وكان تمثيل جالية أوروبا في اللجنة سيشكل إضافة محمودة بكل تأكيد، خاصة وأن الخارجية مثلت بـ4 سفراء.

وأريد أن أفهم افتراضا أو مجازا أن تعيين الأخ محمد الولي أعكيك عضو الأمانة الوطنية وعضو أمانة التنظيم السياسي المكلف بأمانة المناطق المحتلة وحقوق الإنسان ووزير شؤون الأرض المحتلة والجاليات، نائبا لرئيس اللجنة ما هو إلا رسالة إيجابية في اتجاه أخذ مشاغل الجالية بعين الاعتبار من خلال دعم سياسي قوي لتمثيلهم في البرلمان القادم، وآمل ألا أكون مخطئا حتى لا تضيع فرصة أخرى على الدولة لترجمة أقوالها ووعودها المتكررة بشكل ملموس.

ــ غياب وزير أمريكا اللاتينية وحضور وزير أوروبا، أي منطق؟

الملفت أيضا هو غياب بعض صقور الطاقم الحكومي كالوزير المنتدب لدى وزير الخارجية المكلف بأمريكا اللاتينية، ومن الصعب أن تفهم إقحام وزيرين منتدبين وترك ثالثهما خارج السياق؟ وربما هي المرة الأولى أيضا التي أرى فيها اسم الوزير المنتدب لدى وزير الخارجية المكلف بأوروبا في لجنة لانتخابات البرلمان، وكنت أظن وما زلت مؤمنا أن للرجل من المهام والمشاغل والمسؤوليات أكثر فائدة للصحراويين وقضيتهم ما يجب أن يركز عليه وينغمس فيه مع الاتحاد الأوروبي وهيئاته، وبالتأكيد أكثر أهمية من وجوده ضمن لجنة كهذه لا ناقة له فيها ولا جمل.

ــ المفاجأة الكبرى، عيار من النوع…:

أما المفاجأة الكبرى فكانت غياب أحد رجالات النظام الأوفياء والذي تتذكره جميع اللجان صغيرها وكبيرها لعضويته فيها وهو وزير التجهيز؟ هل الرجل مريض لا قدر الله؟ هل سيتفرغ الرجل لإدارة المعركة البرلمانية في الخفاء بعد تماثله للشفاء لضمان موالين للحكومة وتجنب أي وجوه قد تقف في وجهها مستقبلا لخلق متاعب لها أو سحب الثقة منها مثلا؟ خاصة مع ظهور بوادر إيجابية لتوجه الشباب للترشح لهذه العهدة البرلمانية بعد أن ضمن المؤتمر استمرار الجهاز التشريعي إلى غاية  المؤتمر الخامس عشر للبوليساريو 2019.

ما السر في غياب وزير التجهيز عن هذه اللجنة بالذات؟، لاشك أن كل العارفين بتضاريس السياسة عندنا يطرحون نفس التساؤل؟ إن غيابه عن اللجنة يطرح أكثر من علامة استفهام؟؟؟، وربما تتعلق بتعديل جزئي بتغيير الدوائر الانتخابية حتى يسهل على النظام إدارة حملته، خاصة وأن وزير التجهيز ومرشحيه فشلوا مرتين سابقتين في الدخول إلى برلمان 9 يونيو، وقد اشتكوا حينها من اعتبار الولاية دائرة انتخابية؟ وأن ذلك التوجه كان خطا فادحا… ليس لدي جواب محدد وكلما أعرفه أن بوادر أمر يدبر في الخفاء ستتضح للعيان مستقبلا بكل تأكيد وتخدم فريق الغائب الحاضر.

ــ نجوم صاعدة:

واللافت أيضا صعود نجم رئيس الهلال الأحمر الصحراوي وتعيينه مقررا مرة أخرى للجنة انتخابية، وهو الذي تم تعيينه أيضا مقررا للجنة انتخابات المؤتمر الـ14 و13، وهو من الكفاءات التي لم تعطَ حقها فيما سبق، ويتم الدفع بها الآن إلى الواجهة لتدارك تلك الأخطاء، وإن كان تجديد الثقة فيه رئيسا للهلال أمر كاف من هذه الزاوية.

وأخرى…

كما يمكن ملاحظة تقهقر مرتبة نجم سياسي بارع دون حسد وبكل المقاييس، هو الأخ وزير الاعلام الحالي ووزير العدل سابقا والمهندس القانوني لمعظم قوانين البوليساريو ودساتيرها ومراسيمها الرئاسية ومؤتمراتها ولجانها التحضيرية، وهي المرة الأولى منذ المؤتمر الـ11 أي منذ 12 سنة التي ينزل فيها ترتيب وزير الاعلام الحالي  في تشكلة هذه اللجان إلى الرقم 29 في الترتيب؛ مع ملاحظة أنه من الناحية السياسية فترتيبه لازال الأول بالنسبة لقائمة الوزراء الذين ليسوا أعضاء أمانة في اللائحة، فمن يعرف دواليب السياسة عندنا يعرف أنه لا استغناء عن هذا النجم السياسي البارع لإدارة معارك قادمة، وقد يسند إليه اقتراح التعديلات الضرورية في قانون الانتخابات كتغيير الدائرة الانتخابية من ولاية إلى دائرة والتي قد تمهد الطريق إلى ضمان “برلمان الحفافات” على رأي الكاتب الجزائري سعد بوعقبة.

ــ صفعة قوية للمجلس الاستشاري:

اللائحة أيضا حجمت تمثيل المجلس الاستشاري بممثل واحد ولا أعرف ما القصد من ذلك بالضبط؟، بالرغم من أن هذه الهيئة هي هيئة دستورية وبها عديد الأطر التي بمقدورها المساهمة في هكذا لجان، هل يكون ذلك بداية لتقليص حجمه كدائرة انتخابية وجعله كبقية الدوائر الأخرى؟، أم أن الأمر جاء فقط صدفة وليس تخطيطا استراتيجيا؟.

ــ بين الدولة والحركة، صراع الضرات:

التشكلة أيضا خلت تماما من الوجوه الشابة الجديدة، وهي تتكون من 99% من نفس الأسماء المتداولة على الساحة، لقد حاولت أن أفهم سر كبر هذه اللجنة التي ستشرف على الانتخابات البرلمانية والتي تتكون من 131 عضوا مقارنة مع اللجنة التحضيرية التي شكلت للمؤتمر الـ14 للجبهة، وهو أعلى هيئة للحركة والدولة والتي تكونت من 84 عضوا فقط ولم أستطع أن أفهم شيئا؟

ومع هذا فلا مناص من انتظار ما ستتمخض عنه أشغال هاته اللجنة في قادم الأيام، وحينها سيكون لكل حادث حديث وتأمل جديد.

وأخيرا لابد من ملاحظة أنه بعد أربعين عاما من المزاوجة بين الحركة والدولة يبدو أننا لا زلنا نعاني التخبط في السير باتزان يحافظ على سيرهما معا جنبا إلى جنب بنظام وانتظام بتوافق وانسجام دون أن يتغول أحدهما على الآخر، وبخاصة دون أن تبتلع الدولة الحركة.

 

أحدث الإضافات

أبرز الأخبار

17 أبريل / نيسان 2024

نيويورك (الأمم المتحدة)– تحت رئاسة مالطا، عقد مجلس الأمن أمس الثلاثاء مشاورات مغلقة حول بعثة الأمم المتحدة للاستفتاء في الصحراء الغربية (المينورسو) تماشياً مع القرار 2703 (2023) الذي تبناه مجلس الأمن في 30 أكتوبر 2023. وكان مجلس الأمن قد طلب في قراره من الأمين العام أن يقدم إحاطات إلى المجلس على فترات منتظمة، وكذلك في […]

أخبار الصحراء الغربية

17 أبريل / نيسان 2024

ولاية الشهيد الحافظ (الجمهورية الصحراوية)– نظمت وزارة الصحة الصحراوية، عبر قسم الإعلام والتحسيس، يوما تكوينيا، لفائدة المشاركين في مبادرة “الإتصال من أجل تغيير السلوك”. وخصص اليوم التكويني لكيفية إعداد الحملات التحسيسية وأساليب الاتصال المتاحة في سبيل إيصال الرسالة الصحية، وكذا تزويد المشاركين في الحملات التحسيسية المزمع القيام بها  بالتقنيات الأساسية في مجال الاتصال والتواصل والتفاعل […]

أبرز الأخبار

17 أبريل / نيسان 2024

عيتا الشعب (جنوب لبنان)– صعّد جيش الإحتلال الصهيوني، اليوم الأربعاء، من عملياته العسكرية على بلدات جنوب لبنان عقب استهداف حزب الله بالصواريخ والمسيّرات مركزا قياديا إسرائيليا في بلدة العرامشة بالجليل الأعلى، أسفر عن إصابة 14 جنديا. وقال جيش الإحتلال الصهيوني إنه قصف أهدافا عدة تابعة لحزب الله جنوبي لبنان، مضيفا أنه استهدف مصدر إطلاق الصواريخ التي قصفت شمال إسرائيل. […]

أبرز الأخبار

17 أبريل / نيسان 2024

تل أبيب (إسرائيل)– أثار إعلان أحد الناجين -ممن شاركوا في حفل نوفا الموسيقي في منطقة غلاف غزة تزامنا مع انطلاق معركة “طوفان الأقصى”- عن انتحار 50 ناجيا إسرائيليا تفاعلا على نطاق واسع بين الإسرائيليين. جاء ذلك خلال جلسة استماع عقدتها لجنة الرقابة في الكنيست الإسرائيلي -أمس الثلاثاء- وشارك فيها عدد من الناجين من الحفل الموسيقي، حيث تحدثوا […]

أبرز الأخبار

16 أبريل / نيسان 2024

الجزائر– استقبل الرئيس الجزائري، عبد المجيد تبون، اليوم الثلاثاء بالجزائر العاصمة، الرئيس الصحراوي-الأمين العام لجبهة البوليساريو، إبراهيم غالي. وحضر اللقاء، رئيس أركان الجيش الوطني الشعبي الجزائري، الفريق أول السعيد شنقريحة، ومدير ديوان رئاسة الجمهورية الجزائرية، بوعلام بوعلام.وعن الجانب الصحراوي، كل من الوزير المستشار للشؤون الدبلوماسية، محمد سالم ولد السالك، رئيس أركان جيش التحرير الشعبي الصحراوي، […]

أبرز الأخبار

16 أبريل / نيسان 2024

تنريفي (جزر الكناري)– إحتضنت جامعة “لالاغونا” بجزيرة تنريفي الكنارية عرض الفيلم الوثائقي “وني بيك” للمخرج الجزائري، رابح سليماني، الذي حاز على جائزة مهرجان السينما “فيـ-صحرا” في نسخته الماضية، والذي يتحدث عن كفاح الشعب الصحراوي وقضيته العادلة. الفيلم يأتي في إطار سلسلة الأنشطة التي تنظمها جمعية الوفاق للجالية الصحراوية بتنريفي شهر أبريل الجاري والتي تهدف إلى […]

أبرز الأخبار

16 أبريل / نيسان 2024

بمبلونة (إسبانيا)– وقع إتحاد عمال الساقية الحمراء ووادي الذهب إتفاقية تعاون وشراكة مع نقابة “LAB” الاسبانية، وذلك بمقر هذه الأخيرة بمقاطعة نابارا.  ووقع الإتفاقية عن الجانب الصحراوي، الأمين العام لاتحاد العمال سلامة البشير، وعن الجانب الإسباني الأمينة العامة السيدة كاربينيا. وتهدف الاتفاقية إلى تعميق مجالات التعاون مستقبلا بين المنظمتين.  وحضر التوقيع إلى جانب الأمين العام […]

أخبار الصحراء الغربية

16 أبريل / نيسان 2024

ولاية الشهيد الحافظ (الجمهورية الصحراوية)– قام اليوم الثلاثاء وفد تضامني ألماني بزيارة إلى مقر إتحاد الصحفيين والأدباء والكتاب الصحراويين، أين جمعته ورشة نقاش بمجموعة من الصحفيين والإعلاميين الصحراويين. وتمحور النقاش حول الطرق الكفيلة للمرافعة عن القضية الصحراوية بألمانيا في ظل التعتيم الإعلامي والابتزاز الذي يمارسه نظام الاحتلال المغربي على مجمل الدول الأوروبية. كما توسع النقاش […]