الأمر ذاته يتم في السياسة وبخاصة في الحملات الانتخابية حيث يختار الحزب أوالمرشح شعارًا يهدف إلى ربطه في أذهان الناخبين، حتى و لو لم يكن برنامجه الانتخابي يحتوي على تفاصيل تحقيق هذا الشعار، وحتى وإن كان هناك مرشحون آخرون أقرب منه لتحقيق شعاره، فإن النجاح غالبا مايكون حليف ذلك المرشح الذي ينجح في ربط نفسه بشعار محبب وقريب إلى أذهان الناس.
كما يميل السياسيون لاستخدام الشعارات في حديثهم للجماهير كوعود التنمية والمستقبل الأفضل وأحلام الأجيال القادمة.
5- خلق المشكلة “الحاجة” وتقديم الحل
ينقسم الإعلان في هذه الحالة إلى قسمين، القسم الأول يطرح مشكلة تواجه شريحة معينة من المستهلكين كمثل مشكلة الأمهات مع أطفالهم حديثي الولادة سواء في الطعام “ألبان الأطفال – أطعمة الأطفال” أو في العناية الصحية والنظافة “شامبو – صابون مطهر” أومشكلة البلل “حفاضة” وفي الجزء الثاني يتم تقديم المنتج المستهدف وربطه في الذهن بوصفه حلًا للمشكلة.
الأمر ذاته يستخدم في السياسة ولكن بشكل آخر، فحين ترغب السلطة في تمرير قرار ما تقوم بإشعار مواطنيها بمشكلة ما “سواء بتكبير مشكلة موجودة سلفًا والتركيز عليها أو حتى بخلق مشكلة ليست موجودة من الأساس” ثم تقديم القرار المنتظر كحل سحرى محدد سلفًا لهذه المشكلة، والمثال الأشهر هو قيام بعض الحكومات بإشعار مواطنيها أنهم واقعون تحت خطر تهديد أمني حقيقى لتبرير استخدام إجراءات قمعية.
6- إثارة الغرائز
يكاد يكون هذا النمط الإعلاني أحد أكثر الأنماط رواجًا، إذ يستغل المعلن مساحة الحرية التي يتيحها النظام الليبرالي المهيمن عالميًا في العبث بغرائز المتلقي لتلقينه ما يريد.
تحتل السلعة مكانًا هامشياً في هذا النمط، بينما تفرد مساحات كبيرة للصور والمشاهد المثيرة، أو يمتد الأمر لربط الشيء المعلن عنه بغريزة ما كأن يصبح إشباعها متعلقًا بهذا الشيء، ومن ذلك ربط تدخين السجائر بالرجولة، واستخدام بعض العطور بالجاذبية الجنسية وهكذا.
ويعتبر هذا النمط من أشد أنواع الإعلان خطورة حيث يتم استحلال استثارة غرائز الإنسان لأجل ترويج سلعة تجارية، بل والأنكى أن يتم تنميط الإنسان نفسه “خاصة المرأة” لتصبح سلعة يُتاجر بها، جدير بالذكر أن هناك العديد من المنظمات النسائية في أوروبا وأمريكا والتى تعمل على مناهضة استخدام المرأة كوسيلة للترويج التجاري.
المضامين ذاتها يتم توظيفها سياسيًا، هذه المرة بهدف شغل الجماهير وإلهائها حتى لا تتفرغ لمتابعة الشأن العام، ويتفرع عن هذا النمط استغلال حاجة الناس إلى الترفيه وإغراق وسائل الإعلام بالأفلام والمسلسلات والبرامج الترفيهية.
7- أسلوب القطيع
يعتمد على الغريزة البشرية في الانضمام إلى الجانب المنتصر من خلال التأكيد أن الجانب المختار لا يمكن مقاومته ومن الأفضل الانضمام إليه، حيث يستغل المعلنون ميل الجماهير للتماهي مع الثقافة السائدة في كل شيء حتى في المنتجات التي يستهلكونها، لذا يميل المعلنون لترويج منتجاتهم أنها الأكثر استخدامًا والأكثر شعبية والأكثر تفضيلًا من جهة الناس، وقد يستدلون على ذلك ببيانات وإحصاءات حقيقية أو مخادعة، الأمر يتطور إلى قيام المعلنين بإظهار آراء بعض المستهلكين في منتجاتهم.
تستخدم هذه الاستراتيجية في السياسة بشكل أكبر حيث يعشق السياسيون تقديم أنفسهم بصفتهم معشوقو الجماهير، كما يميلون لإضفاء صفة الإجماع الشعبي على تصرفاتهم وقراراتهم، وبينما يقوم الإعلام بترويج هذه الصورة التي تجتذب الجماهير المترددة، تخشى الأقلية المعارضة من مخالفة النمط أو النسق السائد في المجتمع فتضطر إلى السكوت، الأمر الذي يعرف بـ”نظرية الأقلية الصامتة”.
8- القولبة والتنميط
تستخدم هذه الخطة بشكل أوضح في الدعاية السياسية، فوسائل الإعلام لم تنجح في شيء كنجاحها في صناعة القوالب والصور النمطية، ولم تفشل في شيء كفشلها في عكس التنوعات والاختلافات؛ ذلك لكون المحتوى الإعلامي تعميمي بشكل كبير ويميل لصناعة الأنماط أو القوالب.
والنمط “Stereotype” هو مفهوم مستعار من عالم الطباعة ويعنى الصورة طبق الأصل، وفي صناعتها يوصف حالة الميل إلى اختزال المعلومات والمدركات في قوالب جامدة يتم تسكين الناس والأحداث خلالها والتعامل معهم وفقها، ويمثل القالب غالبًا رأيًا عاطفيًّا أوجانبًا أحاديًّا أو حكمًا متعجلًا أو صورة مشوهة تتم صناعتها بشكل مدروس غالبًا وعفوي أحيانًا.
إذن فالقولبة عملية مخطط لها غالبًا لأجل اختزال صورة شخص أو فئة أو جماعة أو حزب أو شعب، في مجموعة قليلة من السمات قد تكون مغلوطة ويتم استدعاء أحكام الجماهير وردود الأفعال وفقًا لهذا القالب وهذه العملية لانبالغ إذا قلنا أنها أحد أكبر عمليات الظلم المُمَنهج في التاريخ ويتم استخدامها لترويج أفكار فاشية وعنصرية ضد فئات اجتماعية بعينها.
لكن، كيف تتم صناعة النمط؟ ببساطة عبر صناعة ما يعرف بـ”الارتباط الشَّرطيّ” حيث يتم تكييف النمط أو الصورة أولًا، ثم يتم استدعاؤه إلى الذهن مع كل خبر أوحادثة لهذه الجماعة أو الفئة ومع مرور الوقت وترسخ العلاقة الشَّرطية تقوم الجماهير بصناعة هذا الربط أوتوماتيكيا دون الحاجة لوسائل الإعلام بناء على النمط السلبي الذي استنبطته. انظر مثلا إلى صورة الصعيدي المصري في دراما الثمانينات والتسعينات أو صورة الإسلامي في أفلام عادل إمام أو صورة المسلم في الإعلام الأمريكي بعد أحداث 11 سبتمبر”.
9- إطلاق تسميات مخادعة أو أقل حدة
تتحكم البروباجندا ووسائل الإعلام في المفاهيم والمصطلحات التي تتداولها وتسعى لتدويلها بين الناس، إذ تتجنب غالباً التعرض المباشر للقضايا التي ترغب في تحويرها أو تغييرها، وإنما تعمل على إعادة صياغتها بلغة جديدة تتناسب مع سياساتها وبثها بين الناس الذين يتقبلونها لا شعوريًا على المدى الطويل.
على مستوى الإعلانات الاستهلاكية تستخدم هذه التقنية في الترويج للمنتجات التي قد لاتكون مقبولة من النمط الاجتماعي السائد كترويج الخمور في مجتمع يرفضها حيث يتم تسميتها باسم مختلف تلافيًا لردود الأفعال المتوقعة للرأى العام.
سياسيا تستخدم هذه التقنية بشكل موسع حيث يتم تسمية الحرب بـ”نشر الديمقراطية” أو”الحرب على الإرهاب” كما تتم تسمية الهزيمة بـ”النكسة أو الإخفاق”، ويتم تسمية رفع الدعم مثلا بتحرير الاقتصاد.
10- الأمر المباشر
يعتمد هذا الأسلوب على تبسيط عملية اتخاذ القرار باستخدام صور أو عبارات توجه الجمهور للفعل المطلوب مباشرة وإلغاء أي خيارت أخرى متاحة ويتم مزج هذا الأسلوب مع طريقة استخدام الشخصيات اللامعة والرموز حتى تكون الأمور أكثر تقبلًا وتستخدم هذه الخطة في المنتجات الاستهلاكية وفي الدعاية الانتخابية حيث تستخدم الشخصيات العامة لأجل توجيه الأمر إلى الجماهير لانتخاب حزب أوشخصية بعينها أوحتى تأييد قرار معين.