بطاقة تقنية عن الجمهورية العربية الصحراوية الديمقراطية

26 فبراير / شباط 2016 - آخر تحديث 26 فبراير 2016 / 14:34

   التعليقات 0

بقلم: الدكتور غالي الزبير

الجمهورية العربية الصحراوية الديمقراطية هو الإسم الرسمي للدولة الصحراوية المعروفة باسم “الصحراء الغربية” والتي تتكون تاريخياً من إقليمين كبيرين، هما الساقية الحمراء ووادي الذهب.

اقليم الساقية الحمراء يقع في شمال البلد وعاصمته مدنية العيون التي تعتبر العاصمة الرسمية للجمهورية العربية الصحراوية الديمقراطية، وقد سمي نسبة إلى نهر موسمي هو وادي “الساقية الحمراء” لحمرة مياه المحملة بالطين الغريني.

واقليم وادي الذهب الواقع إلى الجنوب من سابقه، والذي يشكل حوالي الثلثين من مساحة البلد وحاضرته هي مدينة الداخلة الساحلية.

تقع الجمهورية العربية الصحراوية الديمقراطية في شمال غرب افريقيا قي المنطقة الواقعة بين خطي الطول ′50°20 و′’40°27 شمالاً ودائرتي العرض 8°40′ و′5°17غرباً.

للجمهورية العربية الصحراوية الديمقراطية حدود برية مشتركة مع ثلاثة بلدان مغاربية هي: المغرب من الشمال بطول 430 كيلومتراً وموريتانيا من الجنوب والشرق بطول 1570 كيلو متراً والجزائر من الشمال الشرقي بحدود تبلغ 45 كيلومتراً وتنفتح من الغرب على المحيط الاطلسي.

المساحة:

تقدر مساحة الجمهورية العربية الصحراوية الديمقراطية بحوالي 284 ألف كيلومتر مربع، أي أنها تماثل مساحة فرنسا، وهي بذلك تحتل الترتيب الثالث عشر بين الدول العربية من حيث المساحة، كما تتمتع بساحل طويل لإطلالتها على المحيط الأطلسي على امتداد يقارب 1200 كيلومتر.

الأقاليم الجغرافية :

تقسم الصحراء الغربية حسب طبيعتها الجغرافية إلى خمسة أقاليم طبييعة متباينة من حيث تركيبتها الجيولوجية وعوالمها النباتية والحيوانية وخصائصها المناخية والتضاريسية وهي:

  1. الساقية الحمراء:

وهو الأقليم الشمالي المحيط بوادي الساقية الحمراء الذي يمتد على طول أمتداد يقارب  500 كيلومتر من الشرق إلى الغرب، وتشكل روافد هذا الوادي التي تفوق الـ 300 والهضاب التي تنشأ منها المعالم الجغرافية التي تحدد طبيعة الإقليم الذي يتصف بوفرة غطائه النباتي وتعدد مظاهر الحياة الطبيعية المرتبطة به، كما يتوفر على منسوب مائي معتبر خاصة في المواسم المطيرة.

يبدأ الأقليم بمنطقة جبلية تمثل الإمتدادات الجنوبية للأطلس الصحراوي ومرتفعات لحمادة وزمور شرقاً، التي تتصف بأوديتها العميقة وخضرتها النسبية ثم يزداد انخفاضاً  كلما اتجهنا نحو الغرب مشكلاً منخفضاً واسعاً يتميز بكثبانه الرملية ومنخفضاته الطينية التي تعرف محلياً باسم “لقراير” والتي تشكل مواقعاً صالحة للزراعة،  لينتهي بدلتا “فم الواد” قبل أن يصب وادي الساقية الحمراء في المحيط الأطلسي.

تمثل مدينتا العيون والسمارة أهم مدن هذا الإقليم المتميز بكثافته السكانية مقارنة بباقي أقاليم البلد الأخرى.

  1. زمور:

زمور إقليم جبلي مرتفع يقع في الجزء الشرقي الأوسط  من الصحراء الغربية ويقسم حسب ما هو شائع محلياً إلى: زمور الحابس وهو الجزء الذي تنتهي أوديته التي تتجه جنوباً في منخفضات مغلقة أو سباخ صحراوية، وزمور الطالس وهو الذي تتجه أوديته شمالاً لتنتهي في المحيط الأطلسي بعد أن تشكل الروافد الجنوبية الشرقية لوادي الساقية الحمراء.

يتميز زمور بمراعيه الخصيبة وأوديته الرطبة ومناخه المعتدل نسبياً رغم بعده عن البحر في ظاهرة بيئية فريدة، وهو ما يفسر الاستيطان البشري الضارب في اعماق الزمن لهذا الإقليم الصحراوي الرائع.

حاضرة الإقليم هي بلدة “قلتة زمور” التي كانت آهلة بالسكان قبل أن تدمرها القوات المغربية سنة 1976 وترغم سكانها على النزوح، قصد تحويلها إلى منطقة عسكرية مغلقة.

  1. تيرس:

تمثل تيرس  الجزء الجنوبي الشرقي من الصحراء الغربية وهي إقليم رعوي واسع، يعتبر أفضل مراعي الجمال في المنطقة، وتتصف تيرس ببنيتها الجيولوجية المميزة، حيث تتناثر على امتدادها المرتفعات البركانية والتلال الجبلية الجرداء التي تحفها الأودية الجافة والمراعي السهبية الواسعة، وفي أقصى الجنوب الشرقي من الإقليم تمتد الكثبان الرملية العملاقة لعرق “أزفال” في الإتجاه جنوب غرب – شمال شرق.

تتميز تيرس بمناخها الصحراوي الجاف القاسي خاصة خلال فصل الصيف، فضلاً عن ندرة مصادر المياه وتباعد الآبار التي تمثل مصدر الحياة في هذا الإقليم الصحراوي الواسع.

تعتبر بلدة “آوسرد” عاصمة إقليم تيرس الذي يضم مراكز سكانية أخرى هامة مثل ميجك وآغوينيت وزوك وتشلة وغيرها.

  1. أدرار سطف:

أدرار سطف اقليم جبلي يقع في الجزء الجنوبي الغربي من الصحراء الغربية، ويتصف بسلسلة مرتفعاته الممتدة من الشمال إلى الجنوب والتي تتخللها شبكة واسعة من الأودية التي تمثل مراعي خصيبة تتركز حولها حياة السكان.

يتميز أدرار سطف بمناخه القاري شبه الصحراوي وبتنوعه البيولوجي الفريد حيث يضم أنواعاً نباتية وحيوانية لا توجد في غيره من الأقاليم الجغرافية الصحراوية.

  1. الساحل:

الإقليم الساحلي من الصحراء الغربية يمثل شريطاً طويلاً يشكل الجزء الغربي من البلد ممتداً من الشمال إلى الجنوب في شكل أحواض رسوبية واسعة نسبياً، تتميز بصخورها الكلسية وكثبانها الرملية التي تمتد على صورة أشرطة طويلة موازية للساحل البحري.

اقليم الساحل يتميز بأنه الأقليم الأقل انخفاضاً وينتهي في البحر على صورة منحدرات وحواف صخرية وعرة، تتخللها خلجان ورؤوس بحرية عديدة، تشكل مرافئ طبيعية،  كما تنتشر في هذا الأقليم السباخ الملحية والمصائد البحرية الغنية.

يعتبر الاقليم الساحلي أغنى مناطق الصحراء الغربية بمخزونه المائي الوافر خاصة على مستوى منطقة الداخلة، كما يتميز بمناخه المعتدل طوال العام نتيجة لقربه من الساحل وتعرضه لتأثيرات المحيط الأطلسي وبمرور تيار كناريا البارد مما يؤدي إلى انخفاض درجات الحرارة، كما يتميز هذا الإقليم بارتفاع الرطوبة النسبية فيه، وهو ما يحدد الخصائص البيولوجية للعالم النباتي والحيواني لهذا الأقليم الواسع.

أهم المراكز السكانية:

تضم  الصحراء الغربية حوالي ثلاثين بلدة ومدينة تتباين في تعداد سكانها وفي أهميتها الاقتصادية، والمراكز السكانية الأهم هي:

العيون والداخلة والسمارة وآوسرد وبوجدور وقلتة زمور ولكويرة والعرقوب وبئر قندوز و بئر أنزران والجريفية والحكونية والدشيرة والمرسى ولمسيد وبوكراع والدورة وحوزة وأجديرية والمحبس وتفاريتي وبئر لحلو ومهيريز وميجك وقليبات الفولة وتشلة وأغوينيت وزوك والشيخ سيد أحمد لعروسي وغيرها.

الثروات المنجمية :

أثبتت الدراسات الاستكشافية أحتواء أراضي الصحراء الغربية على ثروات معدنية عديدة من أهمها:

الفوسفات: تحتل الصحراء الغربية الترتيب الثالث في العالم من حيث احتياطي الفوسفات بعد المغرب والولايات المتحدة الأمريكية، ويتوزع الفوسفات على ستة حقول متجاورة أهمها حقل بوكراع الذي يختزن ربع الاحتياط العالمي، إذ يقدر احتياطي هذا المنجم لوحده بما يقارب 10 مليار طن من أجود أنواع الفوسفات الذي يستغل بطريقة الاستخراج السطحي لوجوده قريبا من سطح الأرض.

وقد حصل المغرب من تصدير الفوسفات من منجم بوكراع على ايرادات قدرت سنة 2007 لوحدها بحوالي  1,200 مليار دولارحسب بيانات منظمة التجارة العالمية، كما تقدر عائدات الفوسفات المتوقعة لسنة 2012 بحوالي 8ر2 مليون طن، و هو ما يمثل عائدات مالية تقدر بـ400 مليون دولار خلال السنة، حسب المرصد الدولي لمراقبة الثروات الطبيعية للصحراء الغربية.

الحديد:  وقد اكتشف في مناطق عديدة من البلد أهمها منطقة ميجك وخاصة قليبات البركة وتويزرفاتن باحتياطي يتراوح مابين 4 و6 مليار طن ومنطقة بودائرة باحتياطي يقارب 400 مليون طن وزميلة أغراشا والتي تقدر احتياطياتها بحوالي 72 مليون طن، كما يوجد في مناطق أونين والطويحنات وآوحيفريت وقليبات لفهودة وغيرها.

الذهب : أظهرت الدراسات التي أجريت في السنوات الأخيرة وجود  مكامن الذهب بنسب متفاوتة في كل من قرارة لفويلة وحفرة العكاية ولمطارق وأكرزرز الأبيض بنسب تصل إلى 48 غرام للطن في بعض المواقع.

اليورانيوم: من المعروف احتواء مناجم بوكراع على نسب معتبرة من اليورانيوم تصل إلى حوالي  200 غرام من اليورانيوم في الطن الواحد، غير أن الدراسات التي أجريت في السنوات الأخيرة أظهرت وجود احتياطيات معتبرة من خام اليورانيوم في كل من لعشاريات وواد لحوار والطيحة، كما توجد مؤشرات واعدة حول هذا الخام في منطقتي تشلة وآوسرد.

وقد قدرت الوكالة الدولية للطاقة الذرية في تقريرها الصادر في أكتوبر 2009 حجم الاحتياطي من اليورانيوم في المنطقة الواقعة شرق الداخلة وحدها بما يتراوح بين 25.000 و50.00 طن.

كما توجد تقديرات استكشافية عن وجود الماس والنوبيوم والتنتال والعناصر الأرضية النادرة والفولفرام والتنغستين والمنغنيز والمعادن الأساسية كالنيكل والرصاص والنحاس والكروم والكوبالت فضلاً عن الفناديوم والتيتانيوم المصاحبين للحديد وغيرها.

البترول والغاز: على الرغم من أن البترول والغاز لم يتم العثور عليهما حتى الآن بكميات تجارية في الصحراء الغربية إلا أن كل المؤشرات العلمية تؤكد توفر أراضي الصحراء الغربية على ثلاثة أحواض رسوبية تمتلك كل المؤهلات الجيولوجية والتركيبية التي تضعها في مصاف الأحواض البترولية، وقد اكد الدراست التي أجريت رغم محدوديتها وجود دلائل مباشرة على وجود هذه المصادر الطاقوية الهامة في عدة مناطق من البلد.

الثروة السمكية:

تحتل الصحراء الغربية متبة متقدمة عربياً وافريقيا من حيث قدراتها الصيدية لوقوع مياهها الأقليمية في منطقة من أغنى مناطق العالم بالثروة السمكية.

وخلال الحقبة الاستعمارية  فتحت اسبانيا السواحل الصحراوية أمام الأساطيل الأجنبية متعددة الجنسيات، وقد تمكنت خلال سنة  1969 لوحدها من اصطياد ما يقارب 1,3 مليون طن من السمك.

وتتوزع الثروة السمكية في مجموعتين:

  1. الأ سماك السطحية: وتتوزع بدورها إلى اسماك سطحية ساحلية مثل السردين والسردينلا و الماكريل والبوري والأنشوفة (الأنشوا) وأنواع التونة الصغيرة.

وهذا النوع من الاسماك يمثل أزيد من 80 % من الكميات المصطادة في المياه الإقليمية الصحراوية.

والصنف الثاني هو الاسماك السطحية في أعالي البحار من قبيل أنواع التونيات الكبيرة.

  1. أسماك القاع:  مثل سمك النازلي وسمك موسى والشفنين والحوت بالإضافة إلى رأسيات الأرجل كالأخطبوط والحبار وكذلك القشريات والرخويات والأصداف البحرية.

وتتعرض هذه الثروة البحرية الهامة لعمليات استغلال جائر في ظل الاحتلال المغربي حيث تجاوز أضعاف ما كانت تقوم به إسبانيا، فعلى سبيل المثال في ميدان الصيد التقليدي أصطاد المغرب في سنة 2002 في منطقة وادي الذهب وحدها ثلاثة عشر ضعف ما اصطادته إسبانيا في سنة 1975 في المياه الإقليمية الصحراوية كلها.

السكان:

مثلت الصحراء الغربية عبر التاريخ ملتقى لمجموعات بشرية متعددة تمكنت من الإنصهار والإمتزاج فيما بينها مشكلة المجتمع الصحراوي الحالي الذي ينتمي إلى ثلاثة مجموعات بشرية بارزة تعود أوصولها إلى العنصر الإفريقي والعنصر الأمازيغي والعنصر العربي.

وقد اندمجت هذه المجموعات البشرية وانصهرت في بوتقة الثقافة العربية – الاسلامية لكون السكان مسلمون مائة بالمائة على المذهب المالكي.

2.التراث الطبيعي للجمهورية العربية الصحراوية الديمقراطية:

المكونات الجيولوجية:

تقع الصحراء الغربية جيولوجيا في نطاق الدرع الإفريقي ويمكن تقسيم ترابها الوطني جيولوجيا إلى أربعة  وحدات جيولوجية رئيسية هي:

  1. شمال الدرع الإفريقي:  وتتألف من صخور الزمن الآركي والبراتيروزوي الأدنى، وتضم تراكيب من الصخور النارية والمتحولة وتعد هي المنطقة الأقدم زمنياً حيث نشأت قبل 1.2 مليار سنة وتنتشر في تيرس والجزء الجنوبي الشرقي من زمور وهي بذلك تغطي منطقة واسعة تقارب ثلث مساحة البلد، ترتبط به مناجم الحديد والنحاس والذهب واليورانيوم وغيرها.
  2. الموريتانيد الشمالي: ويتمثل في سلسلة مرتفعات أدررا سطف والجزء الغربي من تيرس ويعود زمنياً إلى العصر البروتيروزوي الأعلى والباليوزوي ويتألف من الصخور البركانية والرسوبية وترتبط به مكامن العناصر الأرضية النادرة والماس والمعادن النفيسة والملونة.
  3. الأحواض الرسوبية الساحلية: وهما حوضا العيون – الطرفاية  وهو حوض ساحلي واسع يشكل الجزء الشمالي الغربي من الصحراء الغربية والحوض الموريتاني – السينغالي الذي  يشغل الجزء الجنوبي الغربي من البلد.

وهذا الحوضان الرسوبيان يتألفان من صخور من العصر الثالث والرابع، تنتشر فيهما المياه الجوفية والفوسفات والبترول والغاز والملح الصخري  والبوتاسيوم.

  1. حوض تيندوف: وينتمي إلى الأحواض الرسوبية القارية ويتألف من صخور من العصر البروتيروزوي الأعلى والباليوزوي ويغطي الجزء الشمالي الشرقي من البلد، ويحتوي على احتياطات معتبرة من الحديد والمياه الجوفية ومؤشرات هامة على وجود البترول والغاز الطبيعي.

الوسط الطبيعي:

تنقسم اراضي الصحراء الغربية إلى قسمين طبيعين متمايزين: الأول السهل الساحلي، والثاني الهضاب والمرتفعات الداخلية.

أما الهضاب والمرتفعات الداخلية فتشكل الإمتداد الغربي للصحراء الكبرى، وتتميز بتدرج ارتفاعها في الاتجاه الشرقي والشمالي الشرقي حيث تمثل النهايات الجنوبية لسلسلة الأطلس الصحراوي.تشكل السهول الساحلية مساحة واسعة من البلد تحاذي المحيط الأطلسي، على صورة منخفضات تتسع وتضيق حسب قرب الهضاب الداخلية وبعدها من الشاطئ، وهذه السهول منخفضة مغطاة بالرمال أو السهوب الحصوية التي تتخللها منخفضات وأودية وسباخ ساحلية  وفي بعض المناطق تغطيها الصخور الكلسية الفقيرة.

وتنتشر في هذا الجزء من الصحراء التلال البركانية والمرتفعات الواقعة في نطاق الدرع الأفريقي، المؤلفة في غالبها من الصخور النارية والمتحولة التي تعود إلى ما قبل الكمبري والزمن الجيولوجي الأول، والتي تعرضت لعمليات تعرية عميقة،  فضلاً عن العروق والكثبان الرملية والأودية التي  ينتهي بعضها في مياه الأطلسي، بينما ينتهي بعضها الآخر في منخفضات ومحابس مغلقة وسباخ داخلية.

المناخ والهيدرولوجيا :

يمكن تقسيم مناخ الصحراء الغربية إلى نوعين من المناخ:

الأول مداري صحراوي، حار صيفاً وبارد جاف شتاء يسود في المناطق الداخلية، حيث تبلغ درجة الحرارة في المتوسط 32- 36 درجة وقد ترتفع إلى حوالي 54 درجة.

والثاني ساحلي معتدل، إذ يكون المناخ أكثر اعتدالاً في المناطق الساحلية بفعل التأثيرات البحرية بسبب مرور تيار كناريا البارد على طول هذا الساحل، والذي يمر من الشمال إلى الجنوب مسبباً انخفاض درجات الحرارة، ويبلغ المتوسط  السنوي لدرجة الحرارة في المناطق الساحلية  حوالي 17-20  درجة.

وعموماً فإن مناخ الصحراء الغربية ألطف من مناخ  المناطق الداخلية من الصحراء الكبرى بفعل القرب من البحر.

الأمطار في عموم الصحراء الغربية موسمية، غير منتظمة، تهطل في الربيع والخريف والتساقطات محدودة تتراوح بين 50 و100 مم في السنة، وتشكل العواصف الرملية والزوابع الترابية التي تهب من أعماق الصحراء مظهراً مألوفاً للصحراء الغربية.

المجاري المائية هي الأدوية التي يمثل بعضاً منها أنهارأ موسمية تجري خلال الفصول المطيرة وتجف في معظم أوقات السنة، وتنتشر الأودية في المناطق المرتفعة مشكلة شبكة هيدرولوجية واسعة كما هو الحال في زمور وأدرار سطف.

ومن اهم الأودية الكبيرة وادي “الساقية الحمراء” الذي يمتد على مسافة تقارب 500 كيلومتر من لحمادة شرقاً حتى مصبه في المحيط الأطلسي بروافد عديدة يشكل بعضاً منها أودية واسعة مثل واد أكسات وتازوة وغدار طلحو وإيرني وبن زكا وغيرها.

وقد شيد على وادي الساقية الحمراء سداً  تصل سعته إلى 110.000.000 م3 وعلوه إلى 15م.

ومن الادوية الكبيرة  كذلك واد “آتوي” الذي يعتبر من أطول أودية المنطقة  حيث يبدأ من ضواحي أم الدكن بوسط الصحراء الغربية ويتجه جنوباً ليعبر كل الجنوب الصحراوي وجزء معتبر من أراضي موريتانيا الشقيقة ثم يتجه غرباً لينتهي عند “تفيدة ” حيث  مصبه  في المحيط الأطلسي، في حين يتجه طرفه االثاني  الذي يبدأ من نفس المنطقة شمالاً مشكلاً واد “آتقي” الذي يصب في واد الساقية الحمراء قبل وصوله إلى مدينة العيون.

ومن الأودية الهامة أيضاً واد الخط وواد لكراع وواد آساق وواد الغارق وواد آرشان وغيرها.

أما المياه الجوفية فتتوزع على صورة خزانات عميقة تسمى “الفرش المائية” وتقدر بتسع خزانات جوفية تختلف من حيث السعة والحجم ودرجة الملوحة، واهمها الخزان الجوفي لمنطقة الداخلة ويسمى الخزان الجوفي الساحلي  العميق والذي يمتد من منطقة بوجدور إلى منطقة إمليلي جنوب الداخلة على أمتداد يزيد عن 500 كيلومتر، ويغطي مساحة  90.000 كيلومتر مربع وتتوزع المياه فيه على اعماق تتراوح بين 500 و750 متر وتصل ملوحتها  إلى 2.6 غرام في الليتر.

والخزان الجوفي لفم الواد والذي تبلغ مساحته 90 كيلومتر مربع ويتصف بعذوبة مياه وبتجدده المتكرر عبر تدفق واد الساقية الحمراء خلال المواسم المطيرة.

وهناك الخزان الجوفي لمنطقة السمارة وهو محدود نسبياً يتمركز في منطقة سيدي خطاري، أين أقيمت محطة لمعالجة المياه الجوفية قبل تزويد مدينة السمارة وضواحيها بها.
التنوع البيولوجي:

التنوع الحيواني:

على الرغم من الصورة النمطية عن الصحراء كمكان خال من الحياة، فإن أنواعا عديدة من المخلوقات الحية قد اتخذتها موطناً لها لتناسب خصائصها البيولوجية وقدراتها على التكيف مع طبيعة الصحراء القاسية ، مما خلق عالماً حيوانياً مميزاً للصحراء.

تمثل الصحراء الغربية الموطن المثالي للزواحف الصحراوية حيث يعدد الخبراء أكثر من 200 نوع من الزواحف كالضب والورل والعظايات والسحالي المختلفة، فضلاً عن الأفاعي والثعابين السامة كالأفعي المقرنة وغيرها.

تشكل الصحراء الغربية فضاء رحباً لأنواع عديدة من الطيور، سواء منها الطيور المقيمة أوالطيور المهاجرة التي تتخذها محطة دائمة في مسار رحلاتها جنوباً إلى المناطق الدافئة في غرب ووسط افريقيا.

و  يقدر عدد انواع الطيور المنتشرة في الصحراء الغربية بحوالي  207 أنواع، منها العقاب الصحراوي والباز والنسر والحدأة والحبارى والحجل والبلشون الأبيض والنحام الوردي والسنونو والقنبرة والقطا وغيرها.

كما تعتبر الصحراء الغربية موطنا لعدة أنواع من الثديات، خاصة القوارض والثديات الكبيرة من ذوات الحوافر التي تناقصت أعدادها بصورة كبيرة نتيجة لتعاقب مواسم الجفاف وتزايد الصيد الجائر المعتمد على السيارات الحديثة والبنادق الآلية،  فقد انقرض البقر الوحشي والمها الوضيحي والماعز الجبلي وغيرها من الثديات الكبيرة التي كانت واسعة الانتشار في الصحراء الغربية حتى النصف الثاني من القرن العشرين، ويقدر الخبراء الأنواع الثدية الحالية في الصحراء الغربية بـحوالي 40  نوعاً.

ويقع عدد من هذه الأنواع تحت خطر الأنقراض، كما هو الحال مع حيوان الفقمة الراهب المعروف باسم  Mediterranean monk seal (Monachus monachus  الذي لم يبق منه سوى مستعمرة صغيرة بضواحي لكويرة في أقصى الجنوب الغربي للصحراء الغربية بعد أن كان كان واسع الانتشار في سواحل اقليم وادي الذهب.

التنوع النباتي:

الغطاء النباتي في الصحراء الغربية محدود نسبياً، وعلى الرغم من ذلك  تمكنت أنواع عديدة من النباتات من التكيف مع الظروف الصحراوية القاسية لتوفرها على نظام جذري متطور مزدوج قادر على الوصول إلى المياه الجوفية العميقة بالإضافة إلى عدد من الجذور السطحية التي تمتص التساقطات والرطوبة السطحية مهما كانت قليلة فضلاً عن خاصية تحور الأوراق وصغر مساحتها للتقليل من سطح التماس مع الهواء الجوي الساخن والتعرض لأشعة الشمس الحارقة لخفض التبخر إلى الحد الأدنى.

وتنقسم النباتات في الصحراء الغربية إلى نباتات عشبية موسمية عديدة تنمو عقب مواسم المطر الذي يحول الصحراء إلى ما يشبه السفانا، ولو لوقت قصير عادة ما يكون في فصل الخريف، ومنها الأقحوان والينمة والعراروالحسك  والسعدان وغيرها كثير.

ونباتات دائمة تنقسم بدورها إلى شجيرات مثل الأذخر والثمام و الرمث وآسكاف والضمران والغردق والحلفاء وغيرها،  وأشجار مثل الطلح والسلم والسرح واليتوع والعشر والسدر والطرفاء … الخ.

وأغلب النباتات الصحراوية تتصف بأنها نباتات الأراضي الملحية الجافة، حيث تمثل هذه الأنواع مصدر كلأ للمواشي خاصة الجمال والأغنام التي تجد في الصحراء الغربية مراعي طبيعية طوال العام.

كما تحتوي الأراضي الصحراوية على أعداد كبيرة من النباتات العطرية والطبية التي تلقى استعمالاً واسعا في الطب الشعبي وقد حازت على أهتمام الطب والصيدلة لما لها من خصائص دوائية وتركيبية مميزة.

التنوع البيولوجي للوسط البحري:

تبلغ مساحة الحوض البحري للصحراء الغربية  150 ألف كيلومتر مربع ويمتلك من المؤهلات البيئية والمناخية والحيوية ما جعله من أغنى مناطق العالم بثروته السمكية وبتنوعه البيولوجي الواسع، فهو يضم  أكـثر من 200 نوع من الأسـماك المـختلفة من قبيل السلمون، والبرعان والشفس، والمارو، والابرميس والراقو، وبعض الأسماك الطيارة  والتون الأبيض وابو حريقة والقرش والحيتان وغيرها.

كما تضم المياه الصحراوية حوالي 71 صنفاً  من الرخويات و عشرات الأنواع من  رأسيات الأرجل والقشريات و الأصداف البحرية وغيرها.

ويرجع التنوع البيولوجي البحري الواسع فضلاً عن الموقع الجغرافي، إلى مرور تيار كناريا البارد بالشواطئ الصحراوية مما يؤدي إلى أندفاع المياه العميقة الغنية بالعوالق البحرية نحو السطح فتكون غذاء غنياً للمخلوقات البحرية التي تجد في المياه الإقليمية الصحراوية وسطاً مناسباً للنمو والتكاثر ومقصداً رئيسياً للأسماك المهاجرة.

  1. أهم المدن التاريخية والتراث المعماري:

نتيجة لطبيعة المجتمع الصحراوي كمجتمع رعوي فإن المدن ظاهرة حديثة نسبياً في تاريخه ويمكن أن نوجز أهم المدن فيما يلي:

العيون

تقع العيون على بعد 13 كيلومتر من المحيط الأطلسي على الضفة اليمنى لوادي الساقية الحمراء قبل أن يصل إلى المحيط الأطلسي وقد كانت  منطقة العيون موقعا معروفا بوفرة مياهه،  غير أن مدينة العيون الحالية هي مدينة حديثة نسبياً ظهرت للوجود سنة1928 كموقع عسكري اسباني وفي سنة 1938 تحولت إلى عاصمة للصحراء الغربية لوقوعها بين الطرفاية والداخلة الموقعين الساحليين الرئيسين في المستعمرة الإسبانية حينئذ.

تمثل العيون العاصمة السياسية والإدارية والاقتصادية للصحراء الغربية وتعتبر المركز السكاني الأهم في البلد.

المعمار المميز لمدينة العيون كما هو حال معظم مدن الصحراء الغربية يعكس تاريخ البلد إذ يجمع بين المعمار الأسباني كما يظهر في كاتيدرائية المدينة التي تأسست سنة 1954 والمعمار العربي الاسلامي المميز لمدن شمال افريقيا.

الداخلة:

تقع مدينة الداخلة في شبه جزيرة تحمل نفس الاسم لدخولها في البحر، وهو ما أعطاها مناخ بحري لطيف طوال العام حيث يبلغ المتوسط السنوي للحرارة 17 درجة فقط.

عرفت الداخلة كنقطة تبادل تجاري بين السكان المحليين والتجار الأوروبيين منذ النصف الثاني من القرن الخامس عشر، وفي 1881 شرع الأسبان في بناء مركز تجاري سيشكل لاحقاً البداية الفعلية لهذه المدينة الساحلية.

خلال الثلث الأول من القرن العشرين مثلت الداخلة عاصمة الصحراء الغربية قبل ان تظهر مدينة العيون في سنة 1938 كعاصمة للإقليم.

الحقبة الاستعمارية الاسبانية تنعكس من خلال الهندسة المعمارية الإيبيرية التي تظهر أساساً في الكاتيدرائية الصغيرة البيضاء التي تعتبر من أجمل مباني المدينة وكذلك القلعة التاريخية الإسبانية التي بنيت منذ عقود على طراز الحصون والدفاعات الأوروبية القديمة، وقام الإحتلال المغربي بهدمها وإزالتها في سنة 2004.

أما أغلب مساكن البلدة ذات الطابق الواحد فقد أخذت الطابع العربي للبناء المنفرد بما يستجيب للخصوصيات العربية والاسلامية المعروفة.

تعتبر الداخلة المدينة الأهم أقتصادياً في الصحراء الغربية لوقوعها في أهم منطقة لصيد السمك مما جعل ميناءها البحري يعد واحداً من أهم مؤاني المنطقة، كما تعتبر منطقة زراعية هامة لما لها من مناخ فريد ومياه جوفية وفيرة، فضلا عن أمكانياتها السياحية المعتبرة.

السمارة:

تعتبر السمارة العاصمة الثقافية والروحية للصحراء الغربية وقد نشأت المدينة في منطقة غنية بمواردها الرعوية الهامة على ضفة وادي الساقية الحمراء، بعد أن أختارها الشيخ ماء العينين موقعاً لتكون مركزا لزاويته الدينية الشهيرة حيث بنيت خلال الفترة ما بين  1898 و 1902 القصبة والمسجد الجامع اللذان يعكسان قيم المعمار المغاربي والأندلسي.

وخلال السنوات اللاحقة أصبحت السمارة مركز اهاما من مراكز مقاومة التوسع الاستعماري في المنطقة وهو ما جعلها هدفا لحملة فرنسية كبيرة قادها العقيد “موري” في شهر مارس  1913 حيث أحرق المدينة ودمرها بصورة كاملة.

خلال فترة الاستعمارية الاسبانية شكلت السمارة عاصمة للاقليم الشمالي الشرقي من الصحراء الغربية وهو إقليم هام بإمكانياتته البشرية والرعوية الكبيرة.

حوزة

تقع بلدة حوزة الصغيرة على ضفاف وادي اكسات أحد الفروع الرئيسية لوادي الساقية الحمراء في قسمه الشمالي الشرقي في منطقة غنية بمياهها ومراعيها المعروفة ويظهر انتشار الادوات والآثار الحجرية الاستيطان المتكرر لهذه المنطقة.

ترجع الروايات المحلية  تاريخ تأسيس بلدة حوزة إلى نهايات القرن السابع عشر وبدايات القرن الثامن عشر حيث أقام التجار الانجليز موقعاً متقدماً للتبادل التجاري مع السكان المحليين في موقع بلدة حوزة الحالية.

بقايا المباني والآثار الحالية تظهر تأسيس مراكز دفاعية وحصون تتوزع على المرتفعات المحيطة بالبلدة، بنيت من الحجارة القوية والمواد المتوفرة محلياً.

  1. التراث الأثري لفترات ما قبل التاريخ:

العصر الحجري القديم (Palaeolithic):
و هو أطول أقدم العصور الحجرية وأطولها وقد بدأ منذ حوالي 2,300,000 سنة مضت، وانتهى في حدود 12,000 قبل الميلاد.

وهو العصر الذي استعمل فيه الإنسان النار وقد عرف بعصر الحجارة غير المصقولة حيث اعتمد الإنسان الذي مارس الصيد وجمع الثمار على صنع بعض الأدوات من الحجر الصيوان أو الكوارتزيت أو من العظام وكانت تقنية صنع الادوات الحجرية تقوم على اسلوب القدح أو الطرق للحصول على أدوات حجرية ذات حد قاطع في المرحلة المبكر من هذا العصر.

وتفيد الدراسات التي أجريت في المناطق الحدودية بين الصحراء الغربية وموريتانيا خاصة في ضواحي الزويرات وشمال وادان أن عمر الحضارة الانسانية الأولى في هذه المنطقة تعود الى العصر الحجري القديم الأدنى (عصر الحجر المقصب) ذي الحد الواحد القاطع أي منذ 600 الف سنة.
المرحلة اللاحقة عرفت بالحضارة الأشيلية تمتد الفترة التي غطتها هذه الحضارة من مليون سنة إلى حوالي مائة ألف سنة قبل الميلاد أي مع نهاية العصر الحجري القديم الأدنى وهي الفترة التي عاش فيها إنسان الهوموإريكتوس.
وتعرف هذه الحضارة بحضارة الأدوات ذات الحدين حيث تطورت تقنيات صقل الحجارة من خلال تشذيب حواف الحجر للحصول جانبين حادين وليشكل الطرف الآخر من الحجر موضع المقبض له للحصول على شفرات وادوات تشبه الفؤوس والتي وإن كانت مصنوعة بفظاظة فإنها كانت أكثر تطوراً وأوسع انتشاراً من سابقاتها.

وقد عرفت الثقافة الأشيلية انتشاراً واسعاً في مختلف مناطق الصحراء الكبرى وقد درست في منطقة وادي الذهب من قبل الإسباني باش المارغو- كما انتشرت في منطقة زمور وقد دلت أثار هذه الحضارة على أمتدادها لفترة طويلة من الزمن تميزت بالمناخ الرطب نسبياً.
الأدوات الحجرية التي تنتمي إلى الحضارة الأشولية كالمكاشط والفؤوس اليدوية عثرت عليها البعثات الأثرية التي نفذت دراساتها بضواحي تفاريتي سنة 2002 و2005م مما يدل على الأستيطان المبكر لهذه المنطقة.
وفي منطقة الركيز مثلاً تنتشر ادوات حجرية حتى وان كانت ذات كثافة محدودة جداً تتكون أساساً من فؤوس يدوية تنتمي للحقبة الأخيرة من الفترة الأشيلية و بعض الأدوات التي تحمل الخصائص الموستيرية في تشذيب الأدوات الحجرية مثل الشطفات المستخرجة من النويات القرصية الشكل والمكاشط و الرؤس الحجرية الحادة والتي تحمل بصمات التقاليد اللفلوازية مما يدل على استيطان مجموعات بشرية لهذه المنطقة خلال عصر البليستوسين، غير أن الكثافة المحدودة لآثار هذه الفترة الزمنية تدل على أن هذا الأستيطان يعود لمجموعات بشرية قليلة العدد وربما كانت عابرة، علماً بأن البليستوسين قد تميز بالبرودة الشديدة والتقلبات المناخية الحادة حيث شهد أربعة عصور جليدية ولاريب ان هذه التقلبات المناخية الصعبة قد أثرت بصورة بالغة على الأنتشار البشري خلال هذه الفترة الزمنية.

أما الحضارة العاترية التي ظهرت منذ حوالي 50 الف سنة الى 20 الف سنة قبل الميلاد وهي حضارة مميزة لمنطقة شمال أفريقيا وقد درست في منطقة شبه جزيرة الرأس الأبيض (جنوب الصحراء الغربية)، كما اثبتت الدراسات المعاصرة انتشار أدوات هذه الحضارة في شمال منطقة زمور الصحراوية ولو بصفة محدودة، كما عثر على ادوات الحضارة العاترية بوادي العصلي بوكرش جنوب مدينة السمارة، وأظهرت الآثار التي درست أن السكان واصلوا صنع الأدوات الحجرية كالمخارز والمكاشط والمجارف وعلامتها المميزة لها هي ان لها شبه ذنب يسمح بوضع مقبض لها.
وقبيل بداية العصر الحجري الحديث ظهرت حضارة محلية يسميها علماء الأثار حضارة عصر “زمورالايبيباليوتي”، تنفرد بتقنيات مميزة في صنع شفرات و صفائح ومثاقب من يشب.
ولقد مثلت الصحراء الغربية أخر وأقصى نقطة جنوبية وصل اليها الانسان الكرومانيوني الذي هاجر جنوباً هرباً من الزحف الجليدي الذي عرفته اوروبا الغربية في العصر المادليني، فقد عثر في الصحراء الغربية على العديد من الأثار التي تنتمي الى الحضارة المادلينية بما في ذلك الأسلحة المصنوعة من الحجر ورؤوس السهام والحراب الصوانية.
كما درست أُثار تجمعات الصيادين الذين مارسوا الصيد البحري أيضاً من خلال تلال الأصداف والقواقع وعظام الاسماك في منطقة الرأس الأبيض وهي آثار تعود إلى الطور الأعلى من الحضارة القفصية.

العصر الحجر الحديث (Neolithic):
وقد تميزت حضارة هذا العصر بظهور الزراعة واستقرار الإنسان وتدجين الحيوانات وصناعة الأدوات والأواني الخزفية كما عرف الغزل والنسيج خلال الفترة ذاتها مما شكل عملية تحول من الاقتصاد البدائي المتمثل في جمع الثمار و البذور والصيد الى الانتاج الزراعي والرعي والإنتاج وما صاحبه من أستقرار التجمعات البشرية، كما واصل انسان هذه الفترة تصنيع و استعمال الأدوات الحجرية المصقولة وإن كانت قد أصبحت أكثر اتقاناً وجمالية مقارنة بأدوات العصور السابقة لها.
وقد ظهر هذا العصر في الصحراء الغربية كما في شمال افريقيا منذ ستة ألاف سنة قبل الميلاد، وإلى هذه الفترة تعود أغلب أثار الصحراء الغربية مما يدل على الانتشار البشري الكثيف والمتنوع للتجمعات البشرية بالمنطقة وما يعني ذلك من ظروف مناخية ملائمة للنشاط والتجمع الانساني حينئذ.

وقد دلت الدراسات التي أجريت على كهف صغير بمنطقة أخشاش شمال تفاريتي على وجود بقايا مادية تدل على الأستيطان المتكرر للمنطقة خلال أزمنة ماقبل التاريخ حيث عثر على بقايا الخزف غير المزخرف وشفرات صوانية وأدوات صخرية من نوع النواة وبقايا بيض النعام وأدوات حجرية لطحن الحبوب وعظام الماشية وهذا مايدل على الأستيطان البشري للمنطقة خلال عصر العصر الحجري الحديث المبكر والاوسط حين كان يستعمل الكهوف والمغارات الصخرية المنتشرة في منطقة زمور كمساكن.

وقد واصل السكان خلال هذه الفترة عملية الصيد وهو ما يدل عليه العديد من اثارهم المتمثلة في رؤوس السهام والحراب كما تظهره رسومهم الصخرية الواسعة الانتشار التي تظهر عدداً كبيرا من طرائدهم كالظباء والفيلة والنعام ووحيد القرن والزرافة ووحيد القرن والنعامة وغيرها من حيوانات المناطق المطيرة ممايدل على أن الصحراء الغربية كانت حينها منطقة سفانا غنية بالنباتات والمياه.
كما تنتمي إلى هذا العصر أثار تجمعات صيادي الأسماك – كبقايا هياكل عظام الأسماك وأصداف المحار والقواقع البحرية- الذين استوطنوا المناطق الساحلية والذين تظهر أثارهم على صورة تلال من القواقع والأصداف وعظام الاسماك تتكدس على الشاطئ الأطلسي أو حول البحيرات الداخلية التي جفت الأن وتحول معظمها إلى سباخ بعد أن تراجع مستوى سطح البحر وهذه التلال من القواقع وهياكل الاسماك يسميها علماء الأثار ” الكوكينميودينغ”.
خلال هذه الفترة انتشرت تربية وتدجين الحيوانات في نقلة حررت الإنسان من التبعية لظروف الصيد الذي مارسه لأزمنة طويلة وتظهر الرسوم الصخرية استئناس الإنسان الصحراوي للحيوانات الأليفة باعداد كبيرة.
ويعتقد الباحثون أن الانتشار الواسع لبقايا قطع الفخار في شمال منطقة زمور الصحراوية يبرهن على كثافة الاستيطان البشري خلال العصر الحجري الحديث المتأخر.
في العصر العصر الحجري الحديث انتشرت مجموعات زنجية في الصحراء الغربية هاجرت الى المنطقة من غرب افريقيا تباعاً وهو ما تدل عليه الفؤوس اليدوية والرحي البدائية المستعملة لطحن الحبوب ويعتقد أن هذه المجموعات مارست الرعي وتربية المواشي لألاف السنين.
وعموما، فإن العصر الحجري الحديث يحمل الخصائص السودانية، فرؤوس السهام تنتمي للحضارة الزنجية لأن البربر لم يعرفوا هذه السهام والاقواس.

وقد انتهت فترة العصر الحجر الحديث التي شهدت “الثورة النيوليتية” التي تمثلت في تنوع النشاط البشري وكثافته بالصحراء الغربية مع بداية مرحلة قاسية من التصحر المتواصل للمنطقة وماصاحبه من أختفاء الأنواع الحيوانية الناتج عن تدهور الغطاء النباتي والجفاف الطويل.

عصر المعادن:
في الصحراء الغربية عرف العصر النحاسي ويرى الباحث ريمون موني انه قد حل محل العصر الحجري الحديث واستمر من 1300 حتى 600 سنة قبل الميلاد عندما ظهر الحديد. اما في أثار افريقيا السوداء فالنحاس نادر الوجود وقد ظهر في فترات متأخرة.
وقد عرفت الصحراء الغربية المجتمع الرعوي المميز للعصر البرونزي للبحر المتوسط كما يستدل عليه من أثار منطقة ركيز لمقاسم.

كما أن أقدم الرسوم الصخرية المنتشرة في منطقة زمور شمال شرق الصحراء الغربية المعروفة والمصنفة ضمن “طراز الراقصين” تنتمي إلى العصر البرونزي الأول أو الأوسط أي الفترة مابين 3800 سنة إلى 3200 سنة قبل الميلاد.

المعالم الجنائزية

تعتبر النصب الجنائزية واحداً من المظاهر المميزة للصحراء الغربية إذ أنها أكثر البقايا الأثرية لحقب ما قبل التاريخ انتشاراً وتنوعاً من حيث الحجم والشكل والفن المعماري لتلك البنى والمعالم الجنائزية، إنها تقدم  لنا تصوراً ولو موجزاً عن معتقدات إنسان ما قبل التاريخ ورؤيته لقضايا غيبية وروحانية كعالم ما بعد الموت وخلود الأرواح والبعث وغيرها وما يرتبط بكل ذلك من طقوس الدفن واقامة النصب الجنائزية والمقابر المنفردة أو الجماعية وما تحتويه من متاع.

ويمكن أن ينضاف إلى ذلك المسلات والشواهد العالية المنتصبة على مسافات متباعدة خاصة في منطقة تيرس ويعتقد انها كانت تتستعمل لأغراض فلكية أو جنائزية.

التعابير الفنية  النقوش والرسومات الصخرية

يمكن أن تقسم التعابير الفنية الصحراوية في ثلاث مجموعات رئيسية:

  1. النقوش الصخرية: ويتم فيها اظهار الموضوع المراد تقديمه عبر النقش على الصخر من خلال الدق والنقر على الحجر بأدوات صلبة لخلق حفر أعمق أو عبر الحفر والصقل المتكرر لتعميق محور الرسم.

وتنتشر هذه التقنيات في النقوش الصخرية لمواقع الغشيوات والعصلي بوكرش وسلوقية لعوج وقليبات المصدار وغيرها.

وتتنوع مواضيع هذه النقوش بين حيوانات المناطق المطيرة إلى البقريات والخيل والعربات والبشروالخطوط والكتابات التي تنتمي للغات وأزمنة مختلفة.

ويمكن أن ينضاف إلى هذه المجموعة النقوش التجريدية التي تنتشر في منطقة زوك التي تتخذ أشكالاً حلزونية ودوائر وحلقات متعددة.

  1. الرسوم الجدارية وتنتشر في الكهوف والمغارات المنتشرة في زمور كما هو الحال في موقعى ركيز لمكاسم وبوظهير وأجحفون وفي موقع لجواد بتيرس.

وقد استعمل الرسام القديم بعض الأصباغ النباتية والدهون الحيوانية لتثبيت الرسم وتنويع المشاهد التي تتصف بكثير من الدقة والإيحاء والواقعية.

كما يتصف الفن الجداري للصحراء الغربية خاصة في منطقة زمور بالطول المفرط لبعض أعضاء الحيوان كالذيل والأطراف وغيرها.

  1. الموزاييك وهو فن نادر يتم فيه الرسم باستعمال الأحجار الصغيرة ذات الألوان المختلفة بحيث يكون المحور الرئيسي للرسم بنوع من الحجارة والتفاصيل بأحجار ذات ألوان مغايرة.
  2. وضعية الآثار في المناطق المحتلة:

لم تنجز لحد الساعة دراسات أثرية ذات قيمة في المناطق المحتلة من الصحراء الغربية وقصارى ما بذل من جهد يتمثل في نشاط جمعيات أهلية محدودة وبعض الدراسات الأكاديمية النادرة التي عنيت بدراسة منطقة السمارة وما جاورها، خاصة منطقة العصلي بوكرش التي اكتشفت في ديسمبر 1934  والتي تضم منطقة واسعة من النقوش الصخرية على ضفاف الوادي الذي يحمل نفس الاسم والواقعة جنوب مدينة السمارة وهذه النقوش الصخرية أنجزت بتقنيات الصقل والنقر وتضم نقوشاً للبقريات والظبا والزرافة ووحيد القرن والنعام والفيلة والتماسيح كما تحتوي على اشكال بشرية وبعض الكتابات فضلاً عن الأدوات الحجرية كالنصال والفؤوس والمكاشط الصوانية.

ويبلغ عدد المواقع التي تم تحديدها خلال الفترة الاستعمارية 16 موقعاً، أما المواقع التي تم تحديدها بفضل جهود الجمعيات الأهلية كجمعية “ميران” للتراث بالسمارة، فقد  بلغ عددها 188 موقعاً، وأهم هذه المواقع فضلاً عن العصلي بوكرش، واد ميران وواد تازوة ووين سلوان والغشيوات وعصلي الريش ولومة العصلي وأمكالة وكارة التمر وحوزة وواد بن دكا ولمكيتب ووديان الدراريع واجديرية والمغدر لبيظ وأربيب لمغادر وخنق السكوم والفرسية وعقلة أزوازيل وظميري أجديرية وغيرها.

كما تم العثورعلى مدينة بربرية في منطقة آوسرد تعود لحوالي 15 ألف سنة.

أحدث الإضافات

أخبار الصحراء الغربية

19 أبريل / نيسان 2024

ولاية بوجدور (الجمهورية الصحراوية)– خلد أمس  الخميس إتحاد عمال التربية والتعليم التكوين الصحراويين ذكرى عقد من التأسيس، تحت شعار: “نضال متواصل وعمل دؤوب”، بحضور كل من وزير التربية والتعليم والتكوين المهني خطري آدوه، وزير النقل والطاقة السالك محمد أمبارك، المدير الوطني للتجهيز محمد سالم الراضي. كما حضر الحدث بالإضافة إلى منتسبي الإتحاد الأمين العام لوزارة الإعلام، رئيس اللجنة […]

أبرز الأخبار

19 أبريل / نيسان 2024

نيويورك (الأمم المتحدة)– في تصريح صدر اليوم دحض عضو الأمانة الوطنية وممثل الجبهة بالأمم المتحدة والمنسق مع المينورسو، الدكتور سيدي محمد عمار، الادعاءات التي قدمها ممثل دولة الاحتلال المغربية لدى الأمم المتحدة خلال مناقشة مجلس الأمن حول “دور الشباب في مواجهة التحديات الأمنية في منطقة البحر الأبيض المتوسط” التي عُقِدت نهار أمس. وفيما يلي النص […]

أبرز الأخبار

19 أبريل / نيسان 2024

ولاية الشهيد الحافظ (الجمهورية الصحراوية)– اختتمت أمس الخميس اشغال الطبعة الثالثة للندوة الدولية العربية للتضامن مع الشعب الصحراوي المنعقدة ما بين يومي السابع عشر والثامن عشر تحت شعار” تحديات وآفاق”، وذلك بحضور رئيس الجمهورية، الامين العام لجبهة البوليساريو السيد ابراهيم غالي وأعضاء من الامانة الوطنية واطارات الدولة الصحراوية، ووفود من عدة دول عربية ومن امريكا اللاتينية. […]

أبرز الأخبار

19 أبريل / نيسان 2024

ولاية الشهيد الحافظ (الجمهورية الصحراوية)–   ألقى الرئيس الصحراوي-الأمين العام لجبهة البوليساريو، إبراهيم غالي كلمة، خلال إشرافه أمس الخميس، على إختتام أشغال الندوة العربية الدولية للتضامن مع الشعب الصحراوي، تطرق فيها إلى آخر تطورات القضية الوطنية داخليا وخارجيا وأوجه الكفاح الوطني.  وفيما يلي النص الكامل للكلمة كما نقلته وكالة الأنباء الصحراوية (وأص):  كلمة الأخ إبراهيم غالي، […]

أبرز الأخبار

19 أبريل / نيسان 2024

طهران (إيران)– في الساعات الأولى من صباح اليوم الجمعة، أعلن التلفزيون الإيراني أن منظومات الدفاع الجوي تصدت لمُسيّرات انتحارية في أجواء محافظة أصفهان الواقعة في قلب إيران ومدينة تبريز شمال غربي البلاد. وبعد ساعات من هذه العملية، تغيب الرواية الرسمية الإسرائيلية وحتى الأميركية، بينما أكدت طهران، منذ الساعات الأولى، أن العملية عبارة عن مُسيّرات انتحارية صغيرة وأنها تصدت لها […]

أبرز الأخبار

17 أبريل / نيسان 2024

نيويورك (الأمم المتحدة)– تحت رئاسة مالطا، عقد مجلس الأمن أمس الثلاثاء مشاورات مغلقة حول بعثة الأمم المتحدة للاستفتاء في الصحراء الغربية (المينورسو) تماشياً مع القرار 2703 (2023) الذي تبناه مجلس الأمن في 30 أكتوبر 2023. وكان مجلس الأمن قد طلب في قراره من الأمين العام أن يقدم إحاطات إلى المجلس على فترات منتظمة، وكذلك في […]

أخبار الصحراء الغربية

17 أبريل / نيسان 2024

ولاية الشهيد الحافظ (الجمهورية الصحراوية)– نظمت وزارة الصحة الصحراوية، عبر قسم الإعلام والتحسيس، يوما تكوينيا، لفائدة المشاركين في مبادرة “الإتصال من أجل تغيير السلوك”. وخصص اليوم التكويني لكيفية إعداد الحملات التحسيسية وأساليب الاتصال المتاحة في سبيل إيصال الرسالة الصحية، وكذا تزويد المشاركين في الحملات التحسيسية المزمع القيام بها  بالتقنيات الأساسية في مجال الاتصال والتواصل والتفاعل […]

أبرز الأخبار

17 أبريل / نيسان 2024

عيتا الشعب (جنوب لبنان)– صعّد جيش الإحتلال الصهيوني، اليوم الأربعاء، من عملياته العسكرية على بلدات جنوب لبنان عقب استهداف حزب الله بالصواريخ والمسيّرات مركزا قياديا إسرائيليا في بلدة العرامشة بالجليل الأعلى، أسفر عن إصابة 14 جنديا. وقال جيش الإحتلال الصهيوني إنه قصف أهدافا عدة تابعة لحزب الله جنوبي لبنان، مضيفا أنه استهدف مصدر إطلاق الصواريخ التي قصفت شمال إسرائيل. […]