الدواعي والاحتمالات السياسية للتصعيد المغربي

11 أبريل / نيسان 2016 - آخر تحديث 11 أبريل 2016 / 15:19

   التعليقات 0

الجزء الثاني: من مقال: القرار المغربي بطرد العنصر المدني في بعثة المينورسو

بعد أن تمت في الجزء الأول الموسوم بــ: المغرب ومركز الصحراء الغربية: إدارة أم إحتلال، مناقشة السند القانوني الذي ابتنى الأمين العام للأمم المتحدة عليه موقفه من المغرب كونه قوة احتلال لإقليم الصحراء الغربية، وفي محاولة من المغرب للركوب على تصريح له من الحجة والدليل والسند ما لا يمكن لأي متتبع للملف خلف أروقة الأمم المتحدة، أن يتجاهله أو يتجاوزه، احدث لغطا متعدد الأبعاد تجاوز الخلاف الشخصي مع الأمين العام المذكور، كما ادعت ذلك بعض الأوساط الرسمية المغربية، ليلمس جهاز من أجهزة مجلس الأمن الدولي ممثلا في بعثة الأمم المتحدة للاستفتاء في الصحراء الغربية (المينورسو)، ليخلّف كل ذلك ردود فعل تصل حد التباين عند الفاعلين في الملف خاصة لدى مجموعة ما يسمى بأصدقاء الصحراء الغربية وعند مسؤولي جبهة البوليساريو والجزائر.

ويتكشّف من العجيج الذي أثاره المغرب في الآونة الأخير، مقْتعِدا تصريح “بان كي مون”، أن للحكومة المغربية ما تخفيه عن الرأي العام المغربي، وأن ما يدفعها إلى استنفار جيشها وتجييش السلطة للمواطنين والرعية والإعلام والأحزاب والمنظمات غير الحكومية والنقابية والمؤسسات المنتخبة.. يتجاوز مجرد تصريح عابر لم يأت بجديد، وحمولته اللغوية والسياسية حُمِلت سابقا على صفحات توصيات هياكل، أعلى درجة، هي التي تعيّن الأمين العام نفسه وتقترحه لتولي منصبه (تعين الجمعية العامة الأمين العام بناء على توصية مجلس الأمن).

قراءة التموّر المغربي هذا تكشف عن واحد، أو أكثر، من الاحتمالات التالية:

أولا:  محاولة تضليل الرأي العام المغربي وشغله بموضوع خارجي عن التفاعل مع مواضيع المغرب الداخلية الأكثر حساسية، والتي عنوانها الأبرز الأزمة السياسية والاقتصادية التي يتخبط فيها المغرب، بدأ من المسطرة التي مر منها مشروع القانون التنظيمي المتعلق بمجلس الوصاية (العرش)، مرورا بعجز الميزانية الذي وإن انخفض بسبب تراجع أسعار النفط، فإن المغرب، وهو يخلق أزمة من لاشيء مع الأمم المتحدة، يريد إقناع شركاءه الخليجيين بالتعجيل بدفع المساعدات المالية التي سبق التعهد بها بموجب الاتفاق الذي وقعه المغرب مع دول مجلس التعاون الخليجي، والقاضي بمنح الرباط مساعدات بقيمة 50 مليار درهم موزعة على الفترة الممتدة بين سنتي 2012 و2017، الأمر الذي يبرر التهافت المغربي خلف السعودية على أكثر من اتجاه، وانخراطه في التحالف العسكري السعودي-العربي على اليمن، ومن ثم تشكيل التحالف السعودي-الإسلامي، ولن يكون ذلك بدون مقابل، ونحن نستحضر هنا تصريحات وزير الخارجية السعودي بخصوص الصحراء أثناء زيارته للرباط فبراير الماضي، فهذه الأخيرة، لا تريد أن يتكرر سيناريو سنة 2015، إذ في الوقت الذي كانت تتوقع أن تصلها منحة مالية بقيمة 13 مليار درهم لم تحصل سوى على ملياري درهم فقط، وهاته المنح هي العامل الثاني الذي تعول عليه الحكومة المغربية لتقليص عجز الميزانية، ويجنبها اللجوء إلى الاقتراض الخارجي، تحت ضغط الموسم الفلاحي العجيف.

هذا إلى جانب أن الدولة العميقة في المغرب تريد توريط الحكومة الحالية التي يقودها حزب العدالة والتنمية، قبل الانتخابات البرلمانية المقبلة، وإخراجها للرأي العام المغربي، وإن كان الأمر ليس بيدها، بصورة الفاشل في تدبير ملف قضية الصحراء الغربية، المصاب من أصله بالخرع، بما يسمح لحزب الأصالة والمعاصرة المعارض، المحسوب على أطراف الدولة العميقة، باقتناص الفرصة السياسية تحضيرا للاستحقاق المقبل.

ولنا في 40 سنة الأخيرة شواهد عدة تؤرخ لبصم القضية الصحراوية مراحل تاريخية من تطور النظام السياسي المغربي وبناءه المؤسساتي.

ثانيا: ارتكاز المغرب في تعاطيه هذا على بعثة المينورسو بالذات دون غيرها، يستشف منه البعض محاولة للهروب إلى الإمام، بدفع المنتظم الدولي للدخول في مفاوضات طويلة الأمد مع المغرب بغية إرجاع المكون المدني للبعثة، ويكتسب بذلك بعض النقاط من مركزه التفاوضي تمكنه من فرض شروطه بعدم إجراء أية تعديلات على ولايتها، لتشمل مراقبة حقوق الإنسان والتقرير عنها، والكل يعلم أن المكون المدني في البعثة هو العنصر المؤهل للقيام بهاته المهمة الجديدة في حالة إقرارها.

هاته الجرأة الزائدة التي وصلت إليها الحكومة المغربية في التطاول على مؤسسة من مؤسسات الأمم المتحدة، تقيم على أرض لا يمتلك المغرب أية سيادة عليها، لم تكن وليدة اللحظة، فقد سبقها العديد من الأعمال الاستفزازية للمنظمة الأممية، أهمها:

  1. إعلان المغرب في ماي 2012 لما اسماه “سحب الثقة” من السيد كريستوفر روس المبعوث الشخصي للامين العام للأمم المتحدة إلى الصحراء الغربية، مع أنه ليس المعني بوضعها أصلا حتى يقوم بسحبها، وهو القرار الذي احتشدت للدفاع عنه كل مؤسسات الدولة المغربية، قبل أن يذهب تجنيدها أدراج رياح المكالمة الهاتفية.
  2. الاعتراض المغربي على إيفاد الممثلة الخاصة للصحراء الغربية والرئيسة الجديـدة للبعثـة، إذ لم تحل السيدة كيم بولـدوك، بمقـر البعثـة إلا بتاريخ 6 فبراير 2015، عقب، أيضا، إجراء الملك محمد السادس لمكالمة هاتفية مع الأمين العام للأمم المتحدة، وقد كان انتهاء مهمـة سـلفها بتاريخ 31 يوليوز 2014 واعتبـارا مـن 15 نوفمبر 2014 تولـت السـيدة بولـدوك مهمـة قيـادة البعثـة مـن المقـر في نيويـورك؛
  3. عدم السماح للأمين العام للأمم المتحدة بزيارة العيون/الصحراء الغربية بدون الموافقة القبلية للمغرب على ذلك، وهي الزيارة التي كان المغرب يهدف من وراءها جني مكاسب سياسية/سيادية، إذا ما تمت بالتزامن مع زيارة الملك محمد السادس إلى الإقليم، واجتماع الشخصيتين هناك.

ثالثا: الاحتمال الثالث المفسر للضجة المغربية الأخيرة، ينبع مما تناقلته بعض الأوساط الإعلامية، من نية الأمين العام للأمم المتحدة، ومبعوثه الشخصي، التقدم بمقترح لحل النزاع في الصحراء الغربية، أو الانتقال إلى مستوى آخر من المعالجة قد يحضر فيها الفصل السابع من ميثاق المنظمة، وهو ما قد يبشر ببداية فرض حل.

هذا الأمر الأخير، وإن نفاه السيد امحمد خداد المنسق الصحراوي مع بعثة المينورسو، يجد تزكيته في خطاب الملك محمد السادس بمناسبة الذكرى الأخيرة للمسيرة الخضراء بالقول “رفض المغرب تصورات بعيدة عن الواقع، تم طبخها داخل مكاتب مكيفة، كاقتراحات لحل الخلاف الإقليمي..”، وهذا يوحي بتوصل المغرب بمقترحات في هذا الشأن.

وهي الجملة التي تؤكد لنا في اتجاه مماثل بأن المقترح المغربي للحكم الذاتي، الذي أعد بدوره داخل مكاتب عالية التكييف بالرباط وباريس، يعد هو الآخر مقترحا مرفوضا، لأن الانخفاض الشديد في درجة الحرارة التي شكلت طقس إعداده أخرجه بصورة “الحل البارد” الذي لا ولن يتناسب مع جو الصحراء الرمضاء، وهي الجملة التي توحي من جهة ثالثة أن مقترح البوليساريو لحل النزاع قد يكون مقبولا لدى المغرب، على الأقل لأنه لم يعدّ في مكاتب مكيفة، بل أخرج من فرن شديد الحرارة بصحاري تيندوف، ولولا التعجيل بالإخراج لتفحم لبّ هذا المقترح مثلما خرجت أطرافه محترقة.

11 ابريل 2016

العيون/الصحراء الغربية

للإطلاع على الجزء الأول المغرب ومركز الصحراء الغربية: إدارة أم إحتلال؟

أحدث الإضافات

أخبار الصحراء الغربية

19 أبريل / نيسان 2024

ولاية بوجدور (الجمهورية الصحراوية)– خلد أمس  الخميس إتحاد عمال التربية والتعليم التكوين الصحراويين ذكرى عقد من التأسيس، تحت شعار: “نضال متواصل وعمل دؤوب”، بحضور كل من وزير التربية والتعليم والتكوين المهني خطري آدوه، وزير النقل والطاقة السالك محمد أمبارك، المدير الوطني للتجهيز محمد سالم الراضي. كما حضر الحدث بالإضافة إلى منتسبي الإتحاد الأمين العام لوزارة الإعلام، رئيس اللجنة […]

أبرز الأخبار

19 أبريل / نيسان 2024

نيويورك (الأمم المتحدة)– في تصريح صدر اليوم دحض عضو الأمانة الوطنية وممثل الجبهة بالأمم المتحدة والمنسق مع المينورسو، الدكتور سيدي محمد عمار، الادعاءات التي قدمها ممثل دولة الاحتلال المغربية لدى الأمم المتحدة خلال مناقشة مجلس الأمن حول “دور الشباب في مواجهة التحديات الأمنية في منطقة البحر الأبيض المتوسط” التي عُقِدت نهار أمس. وفيما يلي النص […]

أبرز الأخبار

19 أبريل / نيسان 2024

ولاية الشهيد الحافظ (الجمهورية الصحراوية)– اختتمت أمس الخميس اشغال الطبعة الثالثة للندوة الدولية العربية للتضامن مع الشعب الصحراوي المنعقدة ما بين يومي السابع عشر والثامن عشر تحت شعار” تحديات وآفاق”، وذلك بحضور رئيس الجمهورية، الامين العام لجبهة البوليساريو السيد ابراهيم غالي وأعضاء من الامانة الوطنية واطارات الدولة الصحراوية، ووفود من عدة دول عربية ومن امريكا اللاتينية. […]

أبرز الأخبار

19 أبريل / نيسان 2024

ولاية الشهيد الحافظ (الجمهورية الصحراوية)–   ألقى الرئيس الصحراوي-الأمين العام لجبهة البوليساريو، إبراهيم غالي كلمة، خلال إشرافه أمس الخميس، على إختتام أشغال الندوة العربية الدولية للتضامن مع الشعب الصحراوي، تطرق فيها إلى آخر تطورات القضية الوطنية داخليا وخارجيا وأوجه الكفاح الوطني.  وفيما يلي النص الكامل للكلمة كما نقلته وكالة الأنباء الصحراوية (وأص):  كلمة الأخ إبراهيم غالي، […]

أبرز الأخبار

19 أبريل / نيسان 2024

طهران (إيران)– في الساعات الأولى من صباح اليوم الجمعة، أعلن التلفزيون الإيراني أن منظومات الدفاع الجوي تصدت لمُسيّرات انتحارية في أجواء محافظة أصفهان الواقعة في قلب إيران ومدينة تبريز شمال غربي البلاد. وبعد ساعات من هذه العملية، تغيب الرواية الرسمية الإسرائيلية وحتى الأميركية، بينما أكدت طهران، منذ الساعات الأولى، أن العملية عبارة عن مُسيّرات انتحارية صغيرة وأنها تصدت لها […]

أبرز الأخبار

17 أبريل / نيسان 2024

نيويورك (الأمم المتحدة)– تحت رئاسة مالطا، عقد مجلس الأمن أمس الثلاثاء مشاورات مغلقة حول بعثة الأمم المتحدة للاستفتاء في الصحراء الغربية (المينورسو) تماشياً مع القرار 2703 (2023) الذي تبناه مجلس الأمن في 30 أكتوبر 2023. وكان مجلس الأمن قد طلب في قراره من الأمين العام أن يقدم إحاطات إلى المجلس على فترات منتظمة، وكذلك في […]

أخبار الصحراء الغربية

17 أبريل / نيسان 2024

ولاية الشهيد الحافظ (الجمهورية الصحراوية)– نظمت وزارة الصحة الصحراوية، عبر قسم الإعلام والتحسيس، يوما تكوينيا، لفائدة المشاركين في مبادرة “الإتصال من أجل تغيير السلوك”. وخصص اليوم التكويني لكيفية إعداد الحملات التحسيسية وأساليب الاتصال المتاحة في سبيل إيصال الرسالة الصحية، وكذا تزويد المشاركين في الحملات التحسيسية المزمع القيام بها  بالتقنيات الأساسية في مجال الاتصال والتواصل والتفاعل […]

أبرز الأخبار

17 أبريل / نيسان 2024

عيتا الشعب (جنوب لبنان)– صعّد جيش الإحتلال الصهيوني، اليوم الأربعاء، من عملياته العسكرية على بلدات جنوب لبنان عقب استهداف حزب الله بالصواريخ والمسيّرات مركزا قياديا إسرائيليا في بلدة العرامشة بالجليل الأعلى، أسفر عن إصابة 14 جنديا. وقال جيش الإحتلال الصهيوني إنه قصف أهدافا عدة تابعة لحزب الله جنوبي لبنان، مضيفا أنه استهدف مصدر إطلاق الصواريخ التي قصفت شمال إسرائيل. […]