ــ بقلم: لعروصي عبد الله السالك

لعل استهداف جبهتنا الداخلية من طرف العدو الذي يشتغل ليل نهار على تفتيتها ورهانه على العامل الزمني وتوريطنا بالمخدرات وربطنا بظاهرة الارهاب والضغط في اتجاه موارد الدعم بمزاعم أنها تُنهب وتُباع، أمور يعرفها القيمون على تسيير شؤون الدولة الصحراوية، بل يدرون أكثر من هذا وفي حينه.

لكن، يبقَ ضعف النظر أو الإرادة في التصدي للظواهر الهدامة والتي من شأنها تحوير مسار وتركيز تفكيرنا عن حقنا في الاستقلال إلى انشغالنا بما هو داخلي، وإشعال فتيل حرب تختلف وطأتهما من مكان إلى مكان؛ ففي وسائل التواصل الاجتماعي يعتقد المتابعون أن أهل الصحراء لم يبق منهم “نفاخ نار”، في حين أن وسائل الإعلام الرسمية لا تنفك تبشرنا بالنجاحات، خاصة عند محاورة إطارات سامية في الدولة لا تمل من ذكر الانتصارات و”أتغرش عن العام زين والدنية بيدرانة”.

وكمواطن بسيط، فأنا مقتنع أن ما نعيشه اليوم من تخوف على المصير أساسه مادي صرف؛ فقد يقول البعض أن المادة ليست مشكل، وأننا أتينا من أجل التحرير وليس المادة، وأننا انطلقنا بدون أي شيء يذكر، من نقطة الصفر، وأننا قادرون على خلق المستحيل من جديد، خاصة أن أعوان الرجعية وأبرز أصدقاء العدو المغربي مثل العراق وجنوب أفريقيا زمن الأبارتايد قد سقطوا؛ لكن في المقابل ما كنا عليه أمس يختلف تماما عن اليوم في تقييمنا لسبل مقومات الصمود؛ على العكس تماما لأن:

1. العدد البشري ولله الحمد قد تضاعف مرات أكثر مما كانت عليه الأيام الأولى للنزوح وانطلاق الكفاح المسلح.
2. المتطلبات اليومية للاجئين الصحراويين قد زادت.
3. النقص الحاد في المواد “الأساسية” بالنسبة لمنظمة شؤون اللاجئين، مقابل انعدام توزيع المواد التي نعتبرها نحن أساسية لنا مثل الشاي واللحم ولوازم نظافة الأطفال واللائحة تطول.
4. النقص المتزايد في المساعدات نتيجة للأزمة المالية في أوروبا.
5. ربما تجفيف بعض مصادر التمويل التي كانت تقدم إلينا من طرف بعض الأصدقاء نتيجة لعوامل منها ما هو خاص بهم ومنها ما هو خاص بنا للأسف.
6. نبقَ مستهلكين بالدرجة الأولى مع ما يشكله ذلك من سلبيات وخطورة.
7. لم نفلح في استثمارات كحركة وباسم الحركة بدلا من وضع أملاكها بأسماء أشخاص ممكن أن يموتوا في أي لحظة.
8. الصعود الجهنمي للأسعار في السوق الجزائرية التي تعد الممول الأول للسوق داخل المخيمات.
9. انعدام المرتبات بالنسبة للاجئين الصحراويين.
10. عدم التوفق في تسيير الشأن المالي، غير الكافي أصلا.
11. المبالغة في المصاريف في غير محلها، رغم دعاوى التقشف.
12. غياب وازع الالتزام والانضباط لدى العديد من المناضلين الذين يفعلون عكس ما يدعون دون حسيب أو رقيب.
13. هجرة الأطر والخريجين الذين لم نفلح في استثمارهم.
14. تفشي ظاهرة بيع الأدوية في الصيدليات الخاصة.

واللائحة تطول في ميادين أخرى لم يتسن لي ذكرها أو ليس لي عليها اطلاع كامل.

وللخروج من عنق الزجاجة بأقل الخسائر الممكنة فالحل بالنسبة لي بسيط، ويكمن في جزأين أساسيين، هما:

ــ الأول والمهم، تغيير سلوك رهط من القيمين على الشأن العام بدءً من التواجد بين اللاجئين والإحساس بما يحسون في جميع جوانب الحياة، بدءً من تعليم أطفالهم مرورا بتطبيب العائلة بالمستشفيات الوطنية، انتهاءً بالحصول على نفس “الغرفة” (الحصة) التي يحصل عليها المواطن العادي وإلا “اللي ماهو معاك ما إشد لك” ولنا الحق في قول هذا بحكم أنهم شخصيات عامة.

ــ الثاني والأهم، هو أن نطلب قرضاً من الحلفاء إلى حين الاستقلال بدلا من انتظار بضع دولارات منهم لا تغطي حتى تكاليف المعركة الدبلوماسية؛ فبإمكان الحلفاء تفهم الوضعية التي نعيشها وخاصة في بعض المجالات التي تعتبر ركائز الدول مثل الأمن، العدل، التعليم، الصحة، الجيش، وكل القطاعات الانتاجية الممكنة… إلخ.

وما يهمني كمواطن بسيط هو أن تبتكر القيادة الصحراوية حلولا تتماشى مع الواقع المادي المزري الذي نعيشه اليوم بعيدا عن اللغة الخشبية التي لاتسمن ولا تغني من جوع؛ فإن لم أضمن، كمواطن، تمدرسا جيدا لأطفالي، أو أدوية وعلاج مجاني، أو الأمن لعائلتي في غيابي، وإن لم أضمن الحصول لعائلتي على مياه شرب صالحة، فسأضطر بطبيعتي البشرية للتفكير في الهجرة أوالتفكير في مصير عائلتي بشكل فردي ويصبح تقرير المصير بشكل جماعي مسألة ثانوية شئنا ذلك أم أبينا، وحينها سيطول عمر الاحتلال رغم قناعتنا الراسخة وثقتنا العمياء في الجبهة الشعبية لتحرير الساقية الحمراء ووادي الذهب ممثلنا الوحيد والطلائعي لقيادة الشعب الصحراوي النبيل.

مواضيع من نفس الفئة

تأسيس فيدرالية إعلامية دولية للتضامن مع القضية الصحراوية

4 ماي / أيار 2024

الرئيس إبراهيم غالي: الشعب الصحراوي سيواصل الكفاح حتى نيل الاستقلال واستكمال السيادة

4 ماي / أيار 2024

الجيش الموريتاني يجري مناورات على الحدود مع مالي

4 ماي / أيار 2024

آلاف الإسرائيليين يتظاهرون للمطالبة بصفقة تبادل فورية وإسقاط حكومة نتنياهو

4 ماي / أيار 2024