ــ بقلم: أحمد المهدي

تمخض الجبل فولد فأرا، هذا هو لسان حال المغرب بالنسبة لجيشه وسياساته في قضية الكركرات، حيث عقد العزم وأعد العد وتقدم بقوة مدعوما من فرنسا، ضاربا عرض الحائط اتفاق وقف إطلاق النار وقرارات الأمم المتحدة ومجلس الأمن، مُستصغرا الهيئات الدولية الغير قادرة على تحريك ساكن في وجه تعنته، بل إن الأمم المتحدة دفنت رأسها في الوحل، وردت على الشكوى التي قدمتها البوليساريو على “أنه ليس في المنطقة ما يعتبر خرقا لوقف إطلاق النار”.

واصل المغرب بجيشه ودركه وشركة تعبيد الطريق لأزيد من 16 يوما على التوالي، في تحد صارخ للمنتظم الدولي حتى توغل في عمق المناطق المحررة التي تسيطر عليها الدولة الصحراوية.

وفي يوم 27 من أغسطس، تبخرت أحلام المغرب ومعها سياساته التوسعية في منطقة الكركرات على يد جيش التحرير الشعبي الصحراوي الذي أوقف كل ذلك، فاستيقظ القصر على شاحنات نقله التجارية التي تحمل العلم المغربي وخارطته تضم الصحراء الغربية تعود أدراجها.

لم يكن المغرب وحلفاؤه يتوقعون الرد الصارم والقوي من القيادة الصحراوية عقب خروجه يوم 11 أغسطس بعد محاولته احتلال مناطق محررة، فسارعت فرنسا “العشيق الأول” للمملكة المغربية إلى محاولة سياسية خبيثة، حيث طلبت من الأمم المتحدة استكمال تعبيد الطريق إلى موريتانيا، إلا أن رد السلطات الصحراوية على المقترح كان فيه من الدروس للأمم المتحدة الكثير – لعل أقلها – تذكيرها بدورها الحقيقي وسبب تواجدها في الصحراء الغربية المتمثل في تنظيم استفتاء لتقرير المصير وليس تعبيد طريق غير شرعي ولا قانوني.

لم تكتفِ فرنسا بهذا، بل إنها دعت إلى عقد جلسة طارئة حول الأزمة التي كان لها دور كبير فيها، بعدما أمرت المغرب بضرورة الانسحاب من الكركرات عندما يطلب الأمين العام للأمم المتحدة ذلك ليعود الوضع كما كان عليه، وأقنعت الأمين العام للأمم المتحدة بأن يطلب من الأطراف الانسحاب من المنطقة “المتوترة” وإعادة الوضع كما كان عليه، هذا ما رفضته السلطات الصحراوية التي أكدت أنها باقية في المنطقة.

رسمت فرنسا المخطط الخبيث إلا أن واقع الحال ضرب مخططاتها وأحلام المغرب مع التراب، وبالرغم من ترحيبها (أي فرنسا) وإسبانيا بالانسحاب المغربي، إلا أنهما الاثنتين معاً لم تستنكرا انتهاكه للقانون الدولي وخرقه اتفاق وقف إطلاق النار.

كما قدمت الدولة الصحراوية شكوى لدى الاتحاد الأفريقي بالموضوع، وأصبح ملزما على الاتحاد الأفريقي النظر في القضية واتخاذ قرارات بها خاصة بعد قبول طلب المغرب الانضمام إليه.

يبقَ السؤال المطروح، ما الهدف من تعبيد طريق الكركرات؟ وما هي النوايا الحقيقية للمغرب وحلفاؤه في المنطقة؟ وما هو السيناريو الذي كتبته فرنسا وفشل المغرب في تجسيده على أرض الواقع؟

السيناريو الذي كان مخططا له من قبل المغرب وحلفاؤه في منطقة الكركرات هو أن يقوم المغرب بتعبيد الطريق الرابطة بين المناطق المحتلة من الصحراء الغربية وموريتانيا مرورا بالمناطق المحررة التي تبسط عليها الدولة الصحراوية كامل سيادتها، وعند الانتهاء من تعبيد الطريق يصبح لزاما على المغرب حماية هذه الطريق، من خلال تقديم أعذار وأكاذيب ومغالطات للأمم المتحدة ومجلس الأمن بضرورة حمايتها من تجار المخدرات والجماعات الإرهابية، متناسيا على أن التقارير الأممية الودولية تضعه على رأس الدول المنتجة والمصدرة للمخدرات، وأنه على رأس قائمة الدول التي ينتمي مواطنوها للجماعات الإرهابية.

ويتم ضرب حصار عسكري على المنطقة من خلال امتداد للجدار المغربي الفاصل بين المناطق المحتلة والمناطق المحررة ليربط جدار الذل والعار المغربي من جنوب المغرب مرورا بالمناطق المحتلة وصولا إلى موريتانيا، ليحقق المغرب حلمه الذي بددته الكركرات “من طنجة إلى لكويرة”، وهذا ليس بالغريب، حيث كان قبل ذلك ولا يزال يرفع شعار “من طنجة إلى نهر السنغال”.

ختاما، لا يسعنا إلا أن نقدم من خلال هذا المنبر المتميز التحية والشكر والإجلال والتقدير والاحترام والعرفان لمقاتلي جيش التحرير الشعبي الصحراوي الذي كان بقدر التحديات والمؤامرات المغربية ضد سيادة المناطق المحررة، فقد نسي أو تناسى الغزاة أن المعادلة الأولى والأخيرة والخيار الوحيد والأوحد للشعب الصحراوي هو ما يقرره الجيش الشعبي الصحراوي فهو حامِ حمى الوطن.

مواضيع من نفس الفئة

تأسيس فيدرالية إعلامية دولية للتضامن مع القضية الصحراوية

4 ماي / أيار 2024

الرئيس إبراهيم غالي: الشعب الصحراوي سيواصل الكفاح حتى نيل الاستقلال واستكمال السيادة

4 ماي / أيار 2024

الجيش الموريتاني يجري مناورات على الحدود مع مالي

4 ماي / أيار 2024

آلاف الإسرائيليين يتظاهرون للمطالبة بصفقة تبادل فورية وإسقاط حكومة نتنياهو

4 ماي / أيار 2024