بقلم: ماءالعينين لكحل

أكدت وزيرة الخارجية الكينية، أمينة محمد، في مداخلة القتها خلال القمة العربية الأفريقية التي أجريت ما بين 18 و 23 نوفمبر وأعيد نشرها في الموقع الرسمي للخارجية الكينية، أن الجمهورية الصحراوية لها مقعد مستحق في أي اجتماع أفريقي كونها عضو مؤسس للاتحاد الأفريقي.

وانتقدت الوزيرة الكينية، التي تعتبر حاليا أحد أوفر المرشحين حظوظا لخلافة رئيسة مفوضية الاتحاد الأفريقي الحالية، التصرفات المغربية والعربية الاخيرة، حيث رأت أن على الأفارقة والعرب التفكير بجدية في شراكتهم، التي يجب أن تؤسس على الاحترام المتبادل، معتبرة أن هذه الشراكة تقف الآن على مفترق طرق.

وقالت المسؤولة الكينية “إن للجمهورية الصحراوية، بصفتها عضو مؤسس للاتحاد الأفريقي، مقعد مستحق في كل اجتماعات الشراكات مثلها مثل أي عضو آخر من أعضاء الاتحاد، وذلك وفقا لمقررات قمة الاتحاد الأفريقي. إن هذا الموقف المبدئي غير قابل للتفاوض ويجب أن يحترم من قبل جميع الشركاء”.

وأضافت في نفس السياق قائلة: “إن منظمتنا العتيدة، الاتحاد الأفريقي، تتعامل على أساس قواعد، ولوائح وإجراءات ثابتة تحدد بوضوح من نحن، وماذا نفعل، وكيف ننجز ما نقوم به. لهذا فإن التفاعل فيما بيننا ومع الآخرين مبني على هذا التفاهم”، في إشارة واضحة لضرورة احترام القانون التأسيسي للاتحاد الأفريقي وغيره من الآليات القانونية للاتحاد.

وأكدت رئيسة الدبلوماسية الكينية أن الدول الحاضرة، “وبوصولها لاختتام هذه القمة الرابعة، لا بد لها جميعا أن تفكر بشأن الوضع الحقيقي لهذه الشراكة. فنحن نقف الآن في مفترق طرق. نحن نؤمن بشدة أن هناك فرصة تاريخية لخلق قاعدة مبنية، بصدق وثبات، على النزاهة والاحترام المتبادل، حتى تقف شراكتنا في وجه الزمن وتتطور مثلما ينبغي لها أن تفعل”.

من جهة أخرى اعتبرت أمينة محمد أن “الأحداث الأخيرة أظهرت لنا مع الأسف أن غياب الوضوح وغياب الاحترام المتبادل قد يهددان أو حتى يقلصان بشدة من حيوية واكتمال الفرص الممكنة التي تمثلها هذه الشراكة لنا جميعا. إن مساندتنا وفهمنا للقضايا المشتركة ينبغي أن يكون متبادلا وينبغي أن يتم تناوله بنفس القدر من الحماسة والشغف. ومن الآن فصاعدا لا يوجد أي شيء  مفترض أو مسلم به”، في إشارة إلى محاولة المغرب وبعض الدول العربية الاحتجاج على أي مشاركة للجمهورية الصحراوية في الاجتماع.

فضيحة انسحاب المغرب وأخواته الستة من القمة العربية الأفريقية

للتذكير، كان الوفد المغربي قد انسحب رفقة ستة دول عربية أخرى (السعودية، قطر، الامارات، الأردن، البحرين واليمن)  من القمة العربية الأفريقية احتجاجا على وجود علم وإسم الجمهورية الصحراوية في قاعة الاجتماعات. في حين رفضت الدول الأفريقية بالإجماع الانصياع للصبيانية الدبلوماسية للمغرب، ورفضت مجرد مناقشة حق الصحراويين في المشاركة إن أرادوا، كما أن بقية الدول العربية لم تثر الموضوع ولم تعره اهتماما لأنه في الحقيقة خارج السياق أصلا.

ومعلوم أن الجمهورية الصحراوية قد دأبت بمحض إرادتها ومنذ عقود على تفادي المشاركة في أي اجتماع من اجتماعات الشراكة الأفريقية مع أطراف أخرى، حرصا منها على إنجاح جميع مساعي الاتحاد الأفريقي وتفويت الفرصة على المغرب وفرنسا وغيرها من الدول الغربية الراغبة في إفشال وعرقلة كل الجهود الأفريقية الرامية للنهوض بالقارة في مختلف المجالات.

غير أن القيادة الصحراوية قد تكون رأت مؤخرا أن طلب المغرب العودة للاتحاد يعني أن الرباط مستعدة لدخول معترك مواجهة سياسية ودبلوماسية مشروعة، ولكن وفق قواعد وشروط واضحة تفرضها قوانين، وآليات تعامل الدول الأفريقية الأعضاء في المنظمة، والتي ترفض استعمال العنف لحل النزاعات، وتفرض على الدول احترام حدودها الموروثة عن الاستعمار، وتفرض عليهم احترام الوحدة الترابية لبعضها البعض، وهي كلها شروط غير متوفرة في المغرب الذي يشكل نشازا في العالم الأفريقي، كونه الدولة الأفريقية الاستعمارية الوحيدة.

فالمغرب من جهة يحتل أجزاءا كبيرة من بلد عضو في الاتحاد الأفريقي، كما أنه يرفض حتى الساعة التصريح بحدوده الجغرافية مع أنها قائمة ومعترف بها دوليا (حدود المغرب سنة 1956)، وهو ما يراه البعض تهديدا مبطنا ليس فقط للصحراء الغربية، بل لكل جيران المملكة. فلا ينبغي أن ننسى أن الملك الراحل الحسن الثاني قد رفض الاعتراف باستقلال موريتانيا عقدا من الزمن خلال الستينات، وعرقل مساعيها للانضمام للجامعة العربية لولى الدعم الذي لقيته من بعض هذه الدول خصوصا الجزائر وتونس. كما لا يجب أن ننسى أن المغرب ما يزال بين الفينة والأخرى يشير إلى أن الجزء الغربي الجنوبي من الجزائر ملك له، بل ويحرض بعض الأصوات المغربية على العزف على هذا الوتر كلما توترت علاقاته مع الجار الشرقي.

حجة مردود عليها وتحاول ضرب حق الصحراويين والفلسطينيين في الوجود

من جهة أخرى، يمكن القول أن الحجة التي طرحها المغرب في سياق مطالبته بسحب اسم وعلم الجمهورية من قاعة الاجتماعات حجة واهية ومردود عليها. فالرباط تقول أن الجمهورية الصحراوية لا ينبغي أن تشارك في اجتماعات الشراكة لأنها ليست عضوا في الأمم المتحدة، علما أن الاجتماع لا علاقة له بالأمم المتحدة لا من قريب ولا من بعيد.

كما أن القمة العربية الأفريقية، كما يشير إلى ذلك اسمها، منظمة بالتشارك بين الجامعة العربية والاتحاد الأفريقي، وقد شارك فيه المغرب علما أنه يتمتع بالعضوية في الجامعة فقط في حين تتمتع الجمهورية بالعضوية في الاتحاد، وبالتالي كما شارك المغرب مع منظمته من حق الجمهورية الصحراوية أن تشارك مع منظمتها.

أسوأ من ذلك، ربما لا يشعر المغرب، وبعض الدول التي ساندته دون تفكير ربما، أن هذه الحجة نفسها تضرب في العمق مشاركة الوفد الفلسطيني كذلك، لأن فلسطين ليست عضوا في الأمم المتحدة، لكن الأفارقة لم يعترضوا يوما على مشاركتها في اجتماعاتهم، بل ويتم استدعاءها كضيف شرف، رغم أن عددا كبيرا من الدول الأفريقية تقيم علاقات جيدة ومتقدمة مع إسرائيل. إلا أنها بالرغم من ذلك، تحترم مبادئ الشرعية الدولية، وتعترف لفلسطين بالحق في التحرر.

مواضيع من نفس الفئة

الكيان الصهيوني يستنفر سفاراتا تحسبا لمذكرات اعتقال بحق مسؤوليه

29 أبريل / نيسان 2024

عمليات جديدة لكتائب القسام وسرايا القدس والكيان الصهيوني يقرّ بمقتل ضباط

29 أبريل / نيسان 2024

إصابة وزير في حكومة حرب الكيان الصهيوني بكسر في قدمه قرب غزة

29 أبريل / نيسان 2024

جوزيب بوريل: دول أوروبية ستعترف بالدولة الفلسطينية نهاية مايو

29 أبريل / نيسان 2024