تحقيق “الصحراوي”: أزمة المحروقات.. ما الحقيقة؟ ومن المسؤول؟ وما الحل؟

30 يناير / كانون الثاني 2019 - آخر تحديث 30 يناير 2019 / 15:51

   التعليقات 0

تحقيق “الصحراوي”: أزمة المحروقات.. ما الحقيقة؟ ومن المسؤول؟ وما الحل؟
@ صورة من الأرشيف

(الصور مأخوذة من الانترنت)

ملاحظة:

إتصل موقع الصحراوي يوم الاثنين (28 يناير 2019) بوزارة التجارة، حتى يمنحها حق الإدلاء بوجهة نظرها ويفيد القراء أكثر، حيث تحدثنا مع الأمين العام للوزارة مشكورا، وأبلغناه بأننا نعمل على إعداد تقرير عن القضية، وطلبنا منه إبلاغ وزير التجارة شخصيا وإعلامه بنيتنا، وهو ما تم فعلا، حيث اتصل بنا الوزير يوم الثلاثاء (اليوم الموالي)، وطلب منا توجيه أسئلة محددة له عن طريق الأمين العام. وقد ما قمنا بذلك في نفس اليوم، ولا زلنا ننتظر الأجوبة؛ ولذلك، قد نخصص حيزا مستقلا في قابل الأيام لتقديم وجهة نظر السلطة المعنية بالسوق وتنظيم التجارة في حالة توصلنا بالرد.

من جهة أخرى، قمنا خلال التحقيق بالإتصال بعدد من المواطنين، وسائقي سيارات الأجرة، وتجار التقسيط، وهو ما لخصناه في هذا التحقيق.

—————————

مقدمة:

تعرف مخيمات اللاجئين الصحراويين ارتفاعا غير مسبوق في ثمن المحروقات، خاصة “المازوت” (غازوال) الذي يستعمله الصحراويون بشكل كبير، علما أن ثمنه كان مرتفعا أصلا في كل المخيمات مقارنة بثمنه الأصلي في محطات البنزين بولاية تيندوف الجزائرية حيث يتم التزود به.

ونظرا لعدة أسباب يجد غالبية المواطنين الصحراويين أنفسهم مجبرين على شراء ما يحتاجونه من هذه المحروقات من تجار التقسيط الصحراويين بالمخيمات، الذين يشترون بدورهم المحروقات من عدد من الناقلين الذين يشتغلون بطريقة “شبه شرعية” في نقل هذه المحروقات من تيندوف، ويبيعونها في المخيمات بأثمان تفوق بكثير ثمنها الأصلي في محطات البنزين الجزائرية، بل ويفضلون نقلها خارج التراب الجزائري للمناطق المحررة أو موريتانيا، حيث يرتفع ثمنها أضعاف ثمنها في المخيمات. وهو ما يعتقد البعض أنه السبب الرئيسي للمشكل.

البديل عن تكبد هذه الخسارة الكبيرة في شراء المحروقات بالمخيم بالنسبة للمواطن هو أن يقف في طوابير لا تنتهي أمام محطتين اثنتين فقط يسمح للصحراويين فيها شراء المحروقات بتيندوف. وقد تصل فترات هذا الانتظار والطوابير إلى 24 ساعة أحيانا نظرا للطلب الكبير على المحروقات، ولمحدودية الكميات المتوفرة يوميا.

لكن، للأسف الشديد هذه المحطات لا تحترم بدورها الأسبقية في الطوابير، ربما بسبب جشع بعض العاملين بها، حيث أن لها عملاء خاصين لديهم دائما الأولوية ولا يحتاجون أساسا للوقوف في الطابور لأنهم ينقلون المحروقات لبيعها في المخيم باتفاق على الأغلب مع القيمين على المحطات، حيث يستطيعون أحيانا التزود لنقل هذه المحروقات أكثر من مرة واحدة في اليوم.

وللأسف الشديد أيضا، يسيطر هؤلاء الناقلين للمحروقات على تحديد ثمن المازوت، ويبيعونه لمجموعة أخرى من التجار الصحراويين بالمخيمات الذين يُسَعِّرُون المحروقات تبعا لثمن شرائها من الناقلين، علما أن هامش الربح في النهاية يتجاوز أحيانا أربعة أو خمسة أضعاف الثمن الأصلي للمحروقات المسعر في محطات البنزين بتيندوف، وهو ما يطرح أيضا ليس فقط شرعية هذه التجارة أخلاقيا وقانونيا، بل حتى من الناحية الدينية.

موقع الصحراوي، وبعد تلقيه شكايات، ومعلومات من عدد كبير من المواطنين المتضررين، أجرى بحثا ميدانيا عن الموضوع، في محاولة لتقديم حقيقة ما يجري أولا، ولتحديد المسؤولين عن هذه المشكلة التي باتت تؤرق المواطن، خاصة من ملاك السيارات الخاصة، ولكن أيضا ملاك سيارات الأجرة، والمواطنين المستخدمين لسيارات الأجرة، ولبقية الخدمات التي تتأثر بشكل أو آخر بهذا الارتفاع.

هذا دون الحديث عن الأثمان الخيالية التي يصل إليها في المناطق المحررة، حيث يصل ثمنه أحيانا عشرة أضعاف ثمنه الأصلي حسب ما علمنا.

فوارق مذهلة في ثمن المحروقات.. من المسؤول عن تسعيرها؟ وهل تخضع لرقابة السلطات الصحراوية؟

f687616d-73d6-40d0-b0dd-7b573d323fe9

يبلغ ثمن اللتر الواحد من المازوت في جميع محطات الجزائر 23.06 أي 461 دينار ل 20 لتر، في حين يقوم تجار تقسيط المحروقات بمعظم ولايات مخيمات اللاجئين ببيع 20 لتر ما بين 1300 دينار و1900 دينار. أي بمبلغ كان بإمكان المواطن الحصول به على 56 لتر من المازوت على الأقل.

أما في المناطق المحررة من الصحراء الغربية فحدث ولا حرج، فقد يصل ثمن 20 لتر حسب ما توصلنا به من معلومات إلى حوالي 3000 دينار (أي ما يمكن به الحصول على 130 لتر من محطات البنزين).

الأنكى من ذلك، أن تجار التقسيط بالمخيم يرفضون أحيانا بيع المحروقات للمواطن العادي، لأنهم يفضلون تخزينه لزبائن معينين، ومن بينهم أحيانا المنظمات الدولية مثلا، أو تجار كبار ينقلون أطنانا من المحروقات للبيع في المناطق المحررة أو موريتانيا. ويرى أحد تجار التقسيط في الرابوني الذي تحدث إليه صحفي الصحراوي أن هؤلاء التجار الكبار هم من يسيطر فعلا على تسعير سوق المحروقات، حيث يشترون عشرات الأطنان من المحروقات بأثمان مرتفعة، مما يدفع صغار التجار وناقلي المحروقات لبيع مخزوناتهم من السلعة لهم بدل بيعها بأسعار أزهد للمواطنين.

وللأسف الشديد يقوم تجار المحروقات بالمخيمات بتجارتهم في غياب تام للرقابة من قبل وزارة التجارة ووزارة النقل، أو من قبل أي سلطة أخرى، وهو ما يطرح السؤال عمن يتحمل مسؤولية تحديد أسعار سلعة أساسية مثل المحروقات؟ هل يعقل ترك ذلك لمضاربات التجار؟ أم يتعين على السلطات الصحراوية أن تتدخل بشكل عملي وحاسم لتحديد الأسعار في هذا القطاع الذي يؤثر على الكثير من القطاعات الأخرى، خاصة قطاع النقل وسيارات الأجرة؟ وإلى متى تتجاهل السلطات المعنية ضرورة تقنين وضبط السوق الوطنية؟ وإلى متى سيتحمل المواطنون كل هذه الضغوط؟

قطاع سيارات الأجرة، وغياب التنظيم

taxi

يعتبر قطاع سيارات الأجرة من أكبر المتضررين المباشرين من تضارب ثمن المحروقات علما أن غالبية سيارات الأجرة تستعمل المازوت. وبطبيعة الحال من المتوقع جدا أن يؤثر ارتفاع أثمان المحروقات على تسعيرة النقل بين المخيمات التي تعتبر مرتفعة أصلا بالمقارنة مع الدخل المتواضع لمعظم اللاجئين العاملين في القطاع العام.

فالتسعيرة الحالية للنقل بين الولايات لا تقل عن 100 دينار بين الولاية والأخرى، وقد تصل إلى 200 في حالة الانتقال مثلا من السمارة إلى تيندوف أو من العيون إلى الرابوني. وفي حالة قياس المبلغ الذي يتعين على موظف يعمل مثلا بالرابوني في تنقله اليومي من العيون أو السمارة أو آوسرد، فلن تكفيه “استفادته” الشهرية إن وجدت للتكفل بذلك.

كما أن سيارات النقل من المخيم إلى موريتانيا قد رَفعتْ تسعيرتها خلال الفترة الأخيرة بزيادة 2000 دينار، تحت مبرر غلاء المازوت، مما تسبب في امتناع المسافرين على الأقل لليومين الأخيرين من السفر.

وبالمقابل، يعرف قطاع النقل الخاص انعداما تاما للتنظيم، حيث يمكن لأي مالك لسيارة أن يستعملها للنقل الخاص، وهو ما يشكل في حد ذاته تضييقا على أصحاب سيارات الأجرة العاملين في هذه المهنة بشكل دائم، مما يطرح السؤال: لماذا لا يتم تنظيم هذه المهنة بحيث يتم منع محترفيها غير الشرعيين؟

خلاصات أولية:

إن الخلاصة الأساسية من هذه الظاهرة التجارية، مثل العديد من الظواهر الأخرى المتعلقة بغلاء أسعار بعض المواد الأساسية، واختلاف أثمانها من تاجر لآخر بات يقلق المواطنين، ويثير حفيظتهم.

ويستغرب الكثير من المواطنين الذين التقيناهم تقاعس السلطات الصحراوية عن مباشرة تنظيم السوق، ومختلف القطاعات التجارية، عبر الاستفادة من تجارب الدول المجاورة، ففي النهاية ليست السلطات الصحراوية مطالبة باختراع تنظيم وهيكلة جديدة للسوق، بل فقط تقنينه عبر الاستفادة من تجارب الدولتين الموريتانية والجزائرية، مع مراعاة ما يمكن مراعاته من خصوصيات متعلقة بواقعنا كلاجئين، ومع الحرص على تبني قوانين للسوق وتطبيقها بشكل عادل على الجميع.

ومن جهة أخرى، لا يمكن أيضا إلقاء اللوم كله على السلطات أو التجار، وينبغي أيضا لوم المواطنين الذين يشجعون في أحيان كثيرة هؤلاء التجار على هذا التعاطي اللا مسؤول، وذلك بسبب عدم مبالاة الكثير من المواطنين بالأسعار، ودفعهم أثمانا غير معقولة أحيانا مقابل بعض السلع دون اعتبار للمواطنين الآخرين غير القادرين على مجاراتهم في ذلك. ومن هنا، ينبغي التشديد على ضرورة امتناع اللاجئين عند الضرورة عن شراء بعض السلع في حالة إصرار التجار على رفع أثمانها، خاصة منها الكثير من السلع غير الضرورية والكمالية أو التي يمكن الاستغناء عنها لفترات طويلة، فكلما قل الطلب كلما انخفضت قيمة السلع وفقا للقاعدة التجارية المعروفة، والعكس صحيح.

وسيتابع موقع الصحراوي هذا التحقيق بمحاولة الاتصال بالمزيد من المواطنين، والتجار، والمسؤولين من أجل المزيد من التعمق في مناقشة هذه الظاهرة على أمل الدفع نحو البحث عن حلول لها بما يخدم المواطن، ولكن أيضا يخدم التجار والسلطات، لأن ذلك سيكون جزءً هاماً من بناء المؤسسات، وبناء التجربة الوطنية في تسيير وإدارة الشأن العام.

أحدث الإضافات

أبرز الأخبار

4 ماي / أيار 2024

ولاية بوجدور (الجمهورية الصحراوية)– تم أمس الجمعة الإعلان عن تأسيس فيدرالية الصحفيين والإعلامين المهتمين والمتضامنين مع القضية الصحراوية، وذلك خلال أشغال الندوة الإعلامية الدولية الأولى للتضامن مع الشعب الصحراوي، التي التأمت أشغالها أمس بولاية بوجدور.  وتهدف الفيدرالية، حسب بيان التأسيس، إلى توحيد الجهود الإعلامية لتنوير الرأي العام  الدولي حول حقائق وتطورات القضية الصحراوية، والمساهمة في […]

أخبار الصحراء الغربية

4 ماي / أيار 2024

ولاية بوجدور (الجمهورية الصحراوية)– نظم اتحاد الصحفيين والكتاب والأدباء الصحراويين، أمس الجمعة، بمخيم اللاجئين الصحراويين بوجدور، وبمناسبة اليوم العالمي لحرية الصحافة المصادف لـ 3 مايو من كل عام، وقفة تضامنية مع الإعلاميين الصحراويين القابعين في سجون المحتل المغربي وكل الصحفيين عبر العالم الذين يساندون القضية الصحراوية العادلة. وشارك في هذه الوقفة التضامنية أمام مقر اتحاد […]

أبرز الأخبار

4 ماي / أيار 2024

ولاية الشهيد الحافظ (الجمهورية الصحراوية)– أكد الرئيس الصحراوي-الأمين العام لجبهة البوليساريو، إبراهيم غالي، على أن الشعب الصحراوي سيواصل الكفاح حتى نيل الاستقلال واستكمال السيادة، حسب ما أوردته وكالة الأنباء الصحراوية (وأص)، أمس الجمعة. جاء ذلك خلال استقباله وفدا إسبانيا من جزر البليار، يضم أعضاء المجموعة البرلمانية للتضامن مع الشعب الصحراوي، مديرة التعاون والهجرة بالحكومة الباليارية، […]

أبرز الأخبار

4 ماي / أيار 2024

نواكشوط (موريتانيا)– بدأ الجيش الموريتاني، اليوم السبت، مناورات تستمر يومين شاركت فيها مختلف تشكيلاته العسكرية على الحدود الشرقية مع مالي، وتأتي بعد التوتر الحاصل في مناطق الحدود المشتركة. وأفاد مصدر عسكري بأن المناورات الأولى من نوعها في هذه المناطق الحدودية يشارك فيها سلاح الجو والمدفعية وقاعدة الطيران المسيّر في مدينة النعمة حاضرة المحافظة الشرقية التي […]

أبرز الأخبار

4 ماي / أيار 2024

تل أبيب (إسرائيل)– تظاهر آلاف الإسرائيليين، اليوم السبت، في نحو 70 موقعا للمطالبة بالإفراج عن المحتجزين في قطاع غزة وإجراء انتخابات مبكرة، في حين اتهمت المعارضة الإسرائيلية رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو بمحاولة إفشال صفقة تبادل الأسرى مع حركة حماس. وقالت مراسلة الجزيرة إن آلاف الإسرائيليين يتظاهرون أمام وزارة الدفاع في تل أبيب للمطالبة بصفقة تبادل فورية والإطاحة بحكومة نتنياهو. وذكرت صحيفة “يديعوت […]

أبرز الأخبار

4 ماي / أيار 2024

القاهرة (مصر)– وصل وفد حركة المقاومة الإسلامية (حماس) ومسؤولون قطريون وأميركيون، اليوم السبت، إلى العاصمة المصرية القاهرة للمشاركة في مفاوضات وقف إطلاق النار وتبادل الأسرى، في حين رفضت إسرائيل إرسال وفدها وجددت رفضها إنهاء الحرب على قطاع غزة. ونقلت قناة “القاهرة الإخبارية” عن مصدر أمني مصري قوله إن هناك تقدمًا ملحوظا في المفاوضات، وإن الوفد الأمني المصري وصل […]

أبرز الأخبار

4 ماي / أيار 2024

غزة (فلسطين)– ركزت فصائل المقاومة الفلسطينية في قطاع غزة -اليوم السبت- عملياتها العسكرية ضد قوات جيش الاحتلال الإسرائيلي على محور نتساريم وسط قطاع غزة، في حين ذكرت وسائل إعلام إسرائيلية أن مروحيات شاركت في إجلاء جنود جرحوا في معارك القطاع. وقالت كتائب عز الدين القسام، الجناح العسكري لحركة المقاومة الإسلامية (حماس) إنها استهدفت ثكنة عسكرية للاحتلال في […]

أبرز الأخبار

4 ماي / أيار 2024

واشنطن (الولايات المتحدة الأمريكية)– تواصلت الاحتجاجات الرافضة للحرب الإسرائيلية على غزة، اليوم السبت، في العديد من الجامعات الأميركية، وبينما تمسكت إدارات الجامعات بضرورة فض الاعتصامات، اقترح رئيس مجلس النواب الأميركي مايك جونسون مصادرة تأشيرات الطلاب الأجانب المشاركين في المظاهرات. وفي الشمال الشرقي للولايات المتحدة، أفادت شبكة “إن بي سي” الأميركية بأن جامعة فيرمونت في مدينة برلينغتون ألغت خطابا […]