العيون المحتلة (الجمهورية الصحراوية)– يعاني الصحراويون في المناطق المحتلة من الصحراء الغربية من سياسة ممنهجة، عنوانها العريض التمييز العنصري والإقصاء، في جميع إدارات الإحتلال المغربي، حتى في تلك التي يرأسها صحراويون.

ففي ما يسمى “البلدية” (مؤسسة تعنى بشؤون المدينة)، بالعاصمة المحتلة العيون، يعاني المواطنون الصحراويون، سواء كانوا عاملين بها أو مرتفقين، من عنصرية وتمييز جل رؤساء المصالح من المستوطنين، إلى درجة أصبح البعض يسميهم ب”جزاري” البلدية (نسبة إلى جزار).

الحالة التي تحتل الصدارة في سلم “الجزارين”، نظرا للسلطوية والتكبر، التي تطبع صاحبها، إضافة إلى الفساد المالي و الإداري، تبقى هي تلك المرتبطة برئيس مصلحة هندسة المدينة، المدعو “محمد معفى”، والذي سنسلط الضوء على حالته في هذه الحلقة الأولى من سلسلة “جزاري البلدية”.

محمد معفى، مستوطن مغربي، حل بالعاصمة المحتلة، قادما من مدينة تارودانت المغربية، كموظف بما يسمى “وكالة الجنوب”، حيث قضى بها زهاء الخمس سنوات، لينتقل بعد ذلك إلى “البلدية” كموظف رسمي بدرجة مهندس مدني لشؤون المدينة.

سياسة الإنبطاح التام، الوشاية والتملق، دفعته إلى التربع، في ظرف وجيز، على عرش مصلحة الهندسة المدنية ويصبح بذلك المهندس البلدي بعد إزاحة كل المنافسين الشرفاء، خصوصا الصحراويين منهم، ما مكنه من التحكم في دواليب القرار و السيطرة بشكل حصري على كل شيء، حتى ملف الصفقات العمومية، ليصبح بعد ذلك من أثرياء المدينة، في ظرف أقل من أربع سنوات.

قربه من دائرة القرار، كما أسلفنا، دفعه إلى إستغلال المنصب لتفويت جميع المشاريع والصفقات العمومية لشركة “بوتازارت” الاي تعود ملكيتها لصهره (والد زوجته) المدعو “بوتازارت”، إلى درجة أصبحت كل مشاريع مدينة العيون، في قبضة رجل أعمال واحد، وهو المستوطن صهر المهندس البلدي محمد معفى.

تفويت المشاريع لشركة بوتازارت لا تخضع للمساطير القانونية التي تفرض الحد الأدنى من الشفافية والنزاهة أثناء التنافسية، مع العلم أن جميع المشاريع التي نفذتها شركة “بوتازارت” صهر الجزار معفى مغشوشة (كحالة ملاعب القرب بأم السعد ومشاريع أخرى بفم الواد والنافورات التي جرى إعادتها كليا وغيرها..)، والسبب يعود لانعدام الرقابة الصارمة لأن الرقابة بيد الصهر (زوج بنت رجل الأعمال) “المهندس البلدي” الذي يغض الطرف عن كل حالات الغش التي تطال أي مشروع جرى تفويته لشركة صهره.

وفي حالة حصول أي شركة أخرى يملكها مواطن صحراوي مثلا، على أي “فتات” من صفقات التدبير المفوض أو فازت بأي طلب عروض لأي مشروع كيفما كان، يقوم المدعو “محمد معفى” بتفعيل خاصية التمييز العرقي والعنصري، وتشديد الرقابة وتمثيل دور النزاهة والشفافية، عبر الإبتزاز المادي والمعنوي.

طريقة الإبتزاز التي ينهجها المهندس البلدي “محمد معفى” تتركز بالأساس على فرض التعامل مع شركات معينة، دون غيرها، متواجدة بالدار البيضاء المغربية، يديرها اشخاص من محيطه العائلي كتلك المختصة في الإسفلت الساخن “الزفت”، أو شركات نجارة الألومنيوم والخشب بالعاصمة العيون، كما يفرض عليهم التعامل مع متاجر البيع بالجملة محددة (droguerie)، يملكها مناصفة مع صهره بوتازارت… وفي حالة الرفض يقوم الجزار “معفى” بخلق عراقيل بيروقراطية بحجة ضرورة احترام دفتر التحملات وتطبيق القانون، بغية تعطيل عمل الشركة، ودفعها إلى الخسارة في المشروع بعد تجاوز المدة المحددة لإنجازه.

لم يكتف أمين بيت مال الصهر “بوتازارت”، المدعو محمد معفى، بالإستحواذ على ملف الصفقات العمومية فقط، وتفويتها لوالد زوجته، أو فرض التعامل مع شركات ومتاجر البيع بالجملة محددة، بل وصل الأمر إلى توظيف أخيه الاصغر المدعو “محسن معفى”، بمنصب تقني متخصص، بذات البلدية وبذات المصلحة التي يرأسها، مع العلم أن التقني محسن “الفتى المدلل”، غير مؤهل علميا ولا يملك أي خبرة مهنية في مجال عمله، في الوقت الذي يعيش فيه الصحراويون من حاملي الشهادات العليا والتقنية شبح العطالة عن العمل رغم أنهم مؤهلون علميا ومهنيا والأولى بوطنهم.

وللإشارة فقط، فقد بات المهندس “الجزار” يملك في العاصمة العيون المحتلة ثلاث ڤيلات في ظرف أقل من أربع سنوات فقط.. وما خفي أعظم.

وخلاصة القول؛ النظام المغربي إحتل الأرض عسكريا، والمستوطنون استولوا مدنيا على الإدارات والمؤسسات حتى تلك التي يرأسها صحراويون، والنتيجة: الإمعان في إذلال وتفقير الشعب الصحراوي.

يتبع…