بقلم: ماءالعينين لكحل

البشارة: “منيت الرباط بأول هزائمها في قمة من قمم الاتحاد الأفريقي بعد انضمامها لهذا المنبر القاري، حيث اعتمد القادة الأفارقة خلال قمة الاتحاد الأخيرة المنعقدة من 26 يونيو حتى 4 ابريل، وفي حضور المغرب هذه المرة، قرار جديدا حول الصراع في الصحراء الغربية، اكدوا فيه من جديد موقف الاتحاد الثابت من حق الشعب الصحراوي في تقرير المصير. اكثر من ذلك، تبين للجميع أثناء النقاشات التي تخللت مختلف جلسات القمة، أن المغرب لا يزال يعتقد أن الاتحاد الأفريقي مجرد منظمة لقرع الطبول، كما وصفها الملك الحسن الثاني غاضبا عند انسحاب بلاده من عضوية منظمة الوحدة الأفريقية بداية ثمانينات القرن الماضي، غير أن الوفد المغربي لم يحسن العزف على “بنديره” على ما يبدو، لهذا ظل يقرع طبوله النشاز دون أن يجد من يسايره في العزف عليها.”

ملخص عن المقرر الجديد المعتمد من قبل رؤساء الدول والحكومات:

رحب هذا المقرر بانضمام المغرب للاتحاد، معتبرا ذلك فرصة لتكثيف الجهود الأفريقية من أجل حل النزاع بين البلدين العضويين في المنظمة، والدفع نحو حل أممي أفريقي للنزاع.

كما رحب المقرر بتعيين السيد هورست كولر، ممثلا خاصا للأمين العام الأممي، وحث رئيس مفوضية الاتحاد، ورئيس الاتحاد، بضمان دعم المبادرات القائمة أو المحتملة للأمين العام الأممي لحل النزاع.

من جهة أخرى، دعا القرار رئيس المفوضية، التشادي موسى فقيه، بتكثيف الجهود بالتعاون مع مجلس السلم والأمن الأفريقي، واتخاذ كافة التدابير اللازمة، بما في ذلك إعادة تفعيل لجنة الرؤساء من أجل الصحراء الغربية، المشكلة منذ 1978، من أجل دعم جهود الأمم المتحدة في القضية، ومن أجل تحفيز طرفي النزاع، الجمهورية الصحراوية، والمغرب العضوين في المنظمة، على التعاون بكل تفان من أجل إنجاح المسار.

وفي الختام، وبدلا من الانصياع لمحاولات المغرب فرض تهميش القضية الصحراوية، وتركها للأمم المتحدة كما طالب الوفد المغربي، دعا القرار رئيس المفوضية لإعداد تقرير خاص عن القضية الصحراوية وتقديمه خلال قمة يناير 2018، حول المبادرات والإجراءات التي سيقوم بها لوحده أو مع رئيس الاتحاد بالتشارك مع الامم المتحدة.

مضمون المقرر

يتضح لنا جليا من النص ما يلي:

• أن الاتحاد الافريقي يتناول النزاع في الصحراء الغربية الآن كمشكل بين دولتين عضوين، وبالتالي له كامل الحق في التعاطي مع هذا النزاع عكس ما يريده المغرب، الذي حاول التلويح بأن على الاتحاد ترك الموضوع للأمم المتحدة. لهذا أمر المؤتمر رئيس الاتحاد ورئيس المفوضية ومجلس السلم والأمن الأفريقي بتحمل مسولياتهما في الموضوع.
• أن الاتحاد يرى ضرورة تعميق التدخل الأفريقي عبر إعادة تشكيل لجنة الرؤساء التي شكلت سنة 1978، وكانت الدافع الرئيسي لبلورة الوساطة بين طرفي النزاع، ثم اقتراح المخطط الأفريقي الأممي الذي سيعتمد سنة 1991.
• أن الاتحاد لن يخضع لرغبات ومناورات المغرب الرامية لعرقلة القضية الصحراوية داخل الاتحاد، ولهذا جاء اعتماد هذا القرار بحضور المغرب.

الأهم من ذلك أن المقرر قد اعتمد بناء على تقرير مجلس السلم والأمن، الذي قدم للقمة والذي تضمن فقرات لخصت الوضع في الصحراء الغربية، وآخر تطوراتها. كما أن القضية الصحراوية كانت حاضرة أيضا في تقرير اللجنة الأفريقية لحقوق الإنسان والشعوب خلال مناقشة تقريرها من قبل وزراء الخارجية الأفارقة، والتي ذكرت بمقرر سبق واعتمده الاتحاد سنة 2013 يطالبها بزيارة المناطق المحتلة من الصحراء الغربية، وهو ما عجزت عن فعله حتى الساعة بسبب العرقلة المغربية.

وزير الخارجية المغربي عرض نفسه للإحراج بمحاولته إقناع الاجتماع بحذف فقرتين حول الموضوع، خصوصا أن طلبه هذا جاء في غير محله، حيث أن التقرير سبق ونوقش في اجتماع السفراء، واعتمد من قبلهم، وبالتالي لم يكن من الدبلوماسية في شيء المطالبة بإعادة نقاش فقراته في اجتماع مجلس الوزراء.

الأسوأ من ذلك أن الوزير وفي معرض محاججته حول القضية صرح بأن هناك دولا أخرى تعترض على هذه الفقرات، وأنها حسبه عشرين دولة، ما اضطر رئيس الجلسة لمطالبة هذه الدول بالإعلان عن نفسها وتوقيع هذا الاعتراض إن كان ادعاء المغرب صحيحا، وهو ما لم يتم لأن جميع الدول الصديقة للمغرب لم تسجل اعتراضها ما عدا جزر القمر، وهو ما شكل في حد ذاته فظيحة من العيار الثقيل للمغرب، ما اضطر ممثله الرفيع المستوى للانسحاب من القاعة، وترك موظف صغير في السفارة في مقعد المملكة.

الخلاصة:

كنا ننتظر أداءا مختلفا من المغرب خلال هذه القمة، وكنا نتوقع أن يقوم بمناورات مدروسة، قد تؤثر على سير أشغال القمة الأخيرة، لكن تبين لنا جليا أن جعبة الرباط قد أعيتها الحيل وبات ممثلو المغرب مضطرون للتدخل والدفاع عن اطروحاتهم بأنفسهم، والبقاء لوحدهم أحيانا لأن الجميع قد بدأ في التذمر من صفاقة وعنجهية الدبلوماسية المغربية التي لا تحترم أبسط أدبيات العمل الدبلوماسي. فليس للمغرب أي حجج، أو مبادرات معقولة ومقبولة يمكن تمريرها في قمة الاتحاد الأفريقي. كما أن محاولاته لعرقلة أشغال القمة، ولاجتماعات أفريقية سابقة أخرى، جاءت جميعها بنفس الأسلوب الفج، الخالي من أبسط أدبيات وسلوكيات العمل الدبلوماسي، وبالتالي نتوقع أن تتعرض كل محاولات الرباط القادمة لنفس الفشل الذريع الذي تعرضت له محاولته الفاشلة الحالية، والتي لم يكن لها أي معنى أصلا.

الخلاصة الثانية، كنا قد أشرنا إليها سابقا، تتمثل في ان المغرب قد جلس صاغرا مع الجمهورية الصحراوية تحت نفس السقف، وعلى بعد سنتمرتات قليلة من الوفد الصحراوي، وبالتالي نجدد التأكيد على أن ذلك اعتراف بالجمهورية الصحراوية، كحقيقة سياسية، أراد المغرب الإقرار بذلك أم لم يرد. كما أن حضوره وجها لوجه مع الوفد الصحراوي، جعله هدفا سهلا لممثلي الشعب الصحراوي، الذين أبانوا عن نضج ورزانة الدبلوماسية الصحراوي خلال المواجهة.

وأخيرا، لا ينبغي أن نغفل هنا الإشارة إلى أننا كصحراويين لم ننجح في تسليط الضوء بشكل كاف على تفاصيل وحيثيات هذه المواجهة مع نظام الاحتلال خلال سير أعمال القمة، وهو نقص يمكن تبريره، ولكن لا يجب القبول به، لأن الفراغ الإعلامي غير مقبول، ويترك المجال مفتوحا للتأويلات، وللمعلومات المغلوطة، وهو ما يؤثر في المحصلة على النتيجة، حتى ولو كانت انتصارا جديدا للقضية الصحراوية في الاتحاد الافريقي.

مواضيع من نفس الفئة

تأسيس فيدرالية إعلامية دولية للتضامن مع القضية الصحراوية

4 ماي / أيار 2024

الرئيس إبراهيم غالي: الشعب الصحراوي سيواصل الكفاح حتى نيل الاستقلال واستكمال السيادة

4 ماي / أيار 2024

الجيش الموريتاني يجري مناورات على الحدود مع مالي

4 ماي / أيار 2024

آلاف الإسرائيليين يتظاهرون للمطالبة بصفقة تبادل فورية وإسقاط حكومة نتنياهو

4 ماي / أيار 2024