ــ بقلم: السيد حمدي يحظيه

المينورسو يتم تهديدها حتى قبل أن تعود

بدأ المغرب مباشرة وعلى الهواء يُهدد البعثة الأممية في الصحراء الغربية بالإرهاب؛ فعودة المينورسو التي طرد المغرب ستكون مفروضة عليه، ونظام المخزن الذي بدأ يتبجح أن القرار “سيادي” ولا “رجعة فيه”، وأنه صادر عن الملك، وأنه سيكون نهائيا، سنراه في الأيام القادمة، وحتى قبل مرور الثلاثة أشهر التي حدد مجلس الامن، يقبل رغم أنفه وأذنه بعودة تلك العناصر المطرودة أو بعناصر محلها لتتحمل مسئولياتها. فكل أعضاء مجلس الأمن بما فيهم فرنسا طلبوا بعودة البعثة، وبالتالي ستعود، ولن يكون القرار سيادي وستكون فيه الرجعة والردة والركوع حتى لو تلاه الملك نفسه غاضبا.

لكن المشكلة التي يمكن أن تواجهها المينورسو ليست في عودتها الأكيدة، إنما في المرحلة التي ستلي العودة. فالمخزن سيشن عليها حملة شعواء وسيجعل تواجدها مستحيلا. المخزن متمرس في الخبث، ومتمرس في الإزعاج، ويعرف كيف يجعل حياة أولئك الموظفين الأمميين جحيما. فقبل أن تعود البعثة يبدو أن المخزن حرك قواعده الإرهابية النائمة في شمال غرب أفريقيا. فتهديد القاعدة التابعة لـ”داعش”، والتي تُجمع كل التحليلات أنها هي ذراع المخزن في الصحراء الكبرى، هددت المينورسو إن هي عادت بالانتقام. هذه أول مرة يتم تهديد البعثة الأممية في الصحراء الغربية، وهذه أول مرة تذكرها “القاعدة التابعة لداعش” ــ في الحقيقة القاعدة التابعة للمخزن ــ في بيان لها.

لماذا التهديد الآن؟ التهديد جاء في وقت حدثت مشاكل كبيرة وعميقة بين المغرب والمينورسو، وهي مشاكل يبدو أنها يمكن أن تصل إلى العظم في المستقبل. فحين كانت المينورسو تحمي الاحتلال، وكانت تغمض عينيها عن انتهاك حقوق الإنسان في الصحراء الغربية المحتلة، وحين كانت تترك المغرب يسرق الثروات بأريحية، كانت محمية، وكان يتم صرف الملايير من الدولارات عليها كي يتم شراء ودها وسكوتها، أما حين تم تحويلها إلى بعثة بكل الصلاحيات، حسب قرار مجلس الأمن، فسيهجم عليها العدو المغربي، وسيجعل حياتها جحيما. وحتى لا يتم كشف أمره نرى أنه في بيان داعش ضد المينورسو تم ذِكر استهداف السياح في المغرب. هذا كله للتغطية على الهدف الحقيقي للعملية وحتى لا يتم اتهام المغرب أنه هو الذي يهدد المينورسو.

المينورسو، الصلاحيات، وتعامل الصحراويين معها مستقبلا

في قرارا مجلس الأمن الأخير الصادر في نهاية أبريل 2016، يمكن أن يثير انتباهنا نقطة مهمة وهي: “عودة المينورسو بكامل صلاحياتها وتمارس مهامها بحرية بعيدا عن أي ضغط (..) يجب الحفاظ على الوحدات العسكرية للمينورسو”.

هذه النقطة يمكن أن تخضع للكثير من التأويلات، وتجعل مهمة المينورسو صعبة في الصحراء الغربية كلها؛ فإذا كان مجلس الأمن قد غض الطرف في السنوات الماضية عن مهمة المينورسو الحقيقية ــ تنظيم الاستفتاء ومراقبة وقف إطلاق النار ــ وتركها تسبح وتمرح و”تردح” فإنه هذه المرة، بهذا القرار الواضح، قد يجعل البعثة تتعرض للكثير من الصعوبات والانتقادات، ليس من طرف المغرب فقط، لكن، أيضا، من طرفنا نحن الصحراويين.

في القرار  يتم ذِكر “صلاحيات المينورسو” وهي الصلاحيات التي لا يمكن تأويلها ولا اللعب بها مثل الماضي، وهي المذكورة في قرار مجلس الأمن سنة 1991، والتي تنحصر على: تنظيم الاستفتاء ومراقبة وقف إطلاق النار.

الآن عادت المينورسو بتوصية جديدة تحصن نفسها بها، وتقي بها من وجودها وهي “الصلاحيات كاملة”، وهذا يعني أنها ستعود أقوى لمواجهة المغرب لسببين:

• إن مجلس الأمن فوَّض لها الحركة بحرية ومزاولة المهام بحرية، أيضا، وعدم التعرض للضغط، وهذا دعم معنوي قوي كانت المينورسو تحتاج تأكيده من جديد.
• أنها ستدخل في معركة مفتوحة مع العدو المغربي الذي لم تعد المينورسو تعجبه ولا هو أصبح يعجبها، وبالتالي سنكون أمام معركة بين طرفين كل منهما يجاهر بالعداوة مع الآخر.

وإذا كانت العلاقة بين المغرب والمينورسو ستسوء، ويمكن أن تعرف الكثير من التصعيد، فإننا نحن الصحراويين، من جهتنا، يمكن أن نعتمد، أيضا، على قرار مجلس الأمن الأخير لنشعل النار في رأس المينورسو وتحت أرجلها. فإذا كُنا في الماضي نقول أنه يجب طرد المينورسو بسبب أنها تحولت فقط إلى حامي للاحتلال، وأنها خرجت عن مهمتها، وطردها المغرب بدل أن نطردها نحن، فإننا الآن وجدنا في قرار مجلس الأمن ما يجعلنا نُصعد في التوتر مع المينورسو أيضا: سنطالبها بالعودة إلى الاستفتاء، ونطالبها بحماية حقوق شعبنا وثرواتنا التي كانت هي تحرس الاحتلال ليبالغ في التنكيل بها وسرقتها.

إذن، قرار مجلس الأمن، له وجهين مثل أية عملة في السوق ومثل مجلس الأمن نفسه، ويمكن أن يكون أراد أن يقوي من سلطة المينورسو ضد المغرب، لكنه تناسى أنه بذلك وضعها على صفيح ساخن، ويمكن أن يجعلها تدخل في صراع ليس مع المغرب وحده، لكن أيضا معنا نحن الصحراويين.

مواضيع من نفس الفئة

تأسيس فيدرالية إعلامية دولية للتضامن مع القضية الصحراوية

4 ماي / أيار 2024

الرئيس إبراهيم غالي: الشعب الصحراوي سيواصل الكفاح حتى نيل الاستقلال واستكمال السيادة

4 ماي / أيار 2024

الجيش الموريتاني يجري مناورات على الحدود مع مالي

4 ماي / أيار 2024

آلاف الإسرائيليين يتظاهرون للمطالبة بصفقة تبادل فورية وإسقاط حكومة نتنياهو

4 ماي / أيار 2024