الجزء الأول: المغرب ومركز الصحراء الغربية: إدارة أم إحتلال؟

بقلم: الدكتور محمد علي ندور

خلف القرار المغربي ليوم الثلاثاء 15 مارس 2016 القاضي بتقليص المكون المدني لبعثة المينورسو، وإلغاء المساهمة الإرادية التي تقدمها المملكة لسير عمل المينورسو، وبحث صيغ سحب التجريدات المغربية المنخرطة في عمليات حفظ السلم، عدة ردود فعل محلية وإقليمية ودولية حكومية وسياسية ومدنية، ردا، بناء على وصف الحكومة المغربية، على التصريحات التي أدلى بها الأمين العام للأمم المتحدة، بان كي مون، اثر استخدامه كلمة “احتلال” عند وصفه للوضع القانوني للصحراء الغربية.

والقرار المغربي هذا، إن كان فعلا لا يتجاوز كونه رد على تصريح الأمين العام، ولو أن  الأمر في نظري أعمق من ذلك بكثير، قد تضمن ثلاثة إجراءات رئيسية:

أولا: طرد المكون المدني في بعثة الأمم المتحدة للاستفتاء في الصحراء الغربية (المينورسو)؛

ثانيا: إلغاء المساهمة المالية والمادية التي تقدمها المملكة المغربية لعمل وحدات المينورسو؛

ثالثا: سحب التجريدات المغربية المنخرطة في عمليات حفظ السلام التابعة للأمم المتحدة المنتشرة في العديد من مناطق العالم.

وان كان المغرب تراجع عن إعلانه بحث سبل تنفيذ الإجراء الأخير، ونتيجة لكون الإجراء الثاني لا يتجاوز كونه مساهمة مالية طوعية للمغرب، يمكن لحكومة هذه البلد التراجع عنها في أي وقت، خاصة إذا علمنا أن الأمم المتحدة هي نفسها التي التمست من المغرب هاته المساعدة، فإن الإجراء الأول المتمثل في طرد العنصر المدني في المينورسو هو ما يستدعي المناقشة للنظر في سلامته القانونية من عدمها، وتحليل دواعيه السياسية وتداعياته على السلم والأمن الإقليميين.

وقبل الغوص في هذا أو ذاك لابد بدأً في الجزء الأول من سلسلة هذه المقالات المتلاحقة، إعطاء لمحة موجزة حول السند القانوني لوصف الأمين العام للأمم المتحدة للمغرب كونه قوة احتلال.

وهو السند المبني أساسا على:

أولا: تواجد الصحراء الغربية على قائمة الأقاليم غير المتمتعة بالحكم الذاتي التي تعدها الأمم المتحدة (http://www.un.org/en/decolonization/nonselfgovterritories.shtml).

ثانيا: فتوى محكمة العدل الدولية بتاريخ 16 أكتوبر 1975 والتي لم يثْبِت لديها المغرب أية علاقة سيادة إقليمية على إقليم الصحراء الغربية؛

ثالثا: قرار مجلس الأمن الدولي رقم 379 بتاريخ 2 نوفمبر 1975 والقاضي بدعوة المغرب إلى الانسحاب من الصحراء الغربية بعد اجتياحه لها بتاريخ 31 أكتوبر 1975؛

رابعا: البيان الثلاثي الإسباني-المغربي-الموريتاني بتاريخ 14 نوفمبر 1975 المسمى اتفاقية مدريد، رغم عدم شرعيته الدولية، فهو لم ينقل السيادة على الإقليم، ولم يمنح أيا من الدولتين -المغرب وموريتانيا- مركز الدولة القائمة بالإدارة في مفهوم المادة 73 من ميثاق الأمم المتحدة؛

خامسا: قرار الجمعية العامة للأمم المتحدة رقم 3458 (أ.ب) بتاريخ 10 ديسمبر 1975 والذي اتخذته بعد صدور فتوى محكمة العدل الدولية وعقب توقيع اتفاق مدريد، إذ حث القرار جميع الأطراف (اسبانيا، المغرب، موريتانيا) على ضبط النفس والكف عن أي عمل انفرادي أو أي عمل آخر يتجاوز مقررات الجمعية العامة بشان الإقليم، ودعى إلى تمكين جميع السكان الصحراويين المنتمين إلى الإقليم من ممارسة حقهم، غير القابل للتصرف، في تقرير المصير عن طريق استشارة حرة تنظم بمساعدة ممثل الأمم المتحدة يعينه الأمين العام؛

سادسا: قرار الجمعية العامة للأمم المتحدة رقم 37/34 بتاريخ 21 نوفمبر 1979 والذي وصف المغرب بالاحتلال بالقول:

1. في البند الخامس: تعرب –أي الجمعية العامة- عن الأسف العميق لتفاقم الحالة نتيجة استمرار احتلال المغرب للصحراء الغربية ومد نطاق هذا الاحتلال إلى الإقليم الذي انسحبت منه موريتانيا مؤخرا؛
2. وفي البند السادس: تحث المغرب على أن تشترك في عملية السلم وتنهي احتلال إقليم الصحراء الغربية؛

سابعا: قرار الجمعية العامة للأمم المتحدة رقم 45/21 بتاريخ 20 نوفمبر 1990، والذي تؤكد فيه، بالحرف، من جديد أن مسألة الصحراء الغربية هي مسألة إنهاء استعمار ينبغي أن يتم على أساس ممارسة شعب الصحراء الغربية لحقه غير القابل للتصرف في تقرير المصير والاستقلال؛

ثامنا: تناول اللجنة الرابعة للجمعية العامة للأمم المتحدة المعنية بإنهاء الاستعمار بشكل دوري لمسالة الصحراء الغربية؛

تاسعا: الإعلان السياسي بشأن الصحراء الغربية الذي اعتمده المؤتمر السادس لرؤساء دول أو حكومات بلدان عدم الانحياز المنعقد في هافانا ما بين 3 و9 سبتمبر 1979؛

عاشرا: مقررات مؤتمر رؤساء دول وحكومات منظمة الوحدة الإفريقية/الاتحاد الإفريقي، خاصة الإعلان الرسمي بمناسبة الذكرى السنوية الخمسين لتأسيس منظمة الوحدة الإفريقية/الاتحاد الإفريقي الذي اعتمده مؤتمر القمة الحادي والعشرين للاتحاد الإفريقي المعقود في اديس ابابا يومي 26 و27 ماي 2013.

حادي عشر: عدم اعتراف أي شخص من أشخاص القانون الدولي العام (دول، منظمات، حركات..) بسيادة المغرب على الصحراء الغربية؛

في المقابل وان كانت الصحراء الغربية مسجلة لدى الأمم المتحدة ضمن قائمة الأقاليم غير المتمتعة بالحكم الذاتي، ويسري عليها الفصل 11 من ميثاق الأمم المتحدة، فانه بعد خروج اسبانيا التي كان المنتظم الدولي يعترف لها بسلطة إدارة الإقليم، ونتيجة لعدم امتثال المغرب للفصل المذكور خاصة المادة 73 منه، لم يُعترف له بصفة تحمل مسؤولية إدارة هذا الإقليم غير المتمتع بالحكم الذاتي.

لأنه بناء على المادة المذكورة يتوجب على الدول الأعضاء في الأمم المتحدة الذين يضطلعون في الحال أو في المستقبل بتبعات عن إدارة أقاليم لم تنل شعوبها قسطاً كاملاً من الحكم الذاتي الإقرار بالمبدأ القاضي بأن مصالح أهل هذه الأقاليم لها المقام الأول، ويقبلون أمانة مقدسة في عنقهم، الالتزام بالعمل على تنمية رفاهية أهل هذه الأقاليم إلى أقصى حد مستطاع في نطاق السلم والأمن الدولي. ولهذا الغرض ترسل دولة الإدارة إلى الأمين العام بانتظام تحيطه علما بالبيانات الإحصائية وغيرها من البيانات الفنية المتعلقة بأمور الاقتصادية والاجتماعية والتعليمية في الإقليم الذي تكون مسؤولة عنه، وهم الأمر الذي لم يقدم عليه المغرب ولو مرة واحدة منذ تاريخ سيطرته على الصحراء الغربية سنة 1975.

03 ابريل 2016

العيون/ الصحراء الغربية

مواضيع من نفس الفئة

لقاء قرطاج: الاتحاد المغاربي من تكتل الشعارات إلى الأفعال حب من أحب ...

30 أبريل / نيسان 2024

الجمهورية الصحراوية وفنزويلا توقعان اتفاقية تعاون في مجال التدريب التربوي

30 أبريل / نيسان 2024

كتائب القسام تبعث رسالة مقتضبة للجمهور الإسرائيلي

30 أبريل / نيسان 2024

واشنطن تحث حماس على قبول صفقة التبادل وتحذر نتنياهو من اجتياح رفح

30 أبريل / نيسان 2024