بقلم: ماءالعينين لكحل

بوبشير خاص ب 8 مارس اليوم العالمي للمرأة: “لا يمكن أن يمر اليوم العالمي للمرأة دون أن نسجل التأكيد على قناعتنا التامة بأن المرأة الصحراوية كانت وماتزال أهم ركيزة من ركائز الثورة الصحراوية، وقبلها من ركائز مجتمعنا الصحراوي الذي تبوأت فيه أعلى مكانة عند عائلتها، ومجتمعها، وتمتعت بأعلى درجات الإحترام والتقدير والتبجيل والصون. ولعمري أن ذلك من الميزات الفارقة للشعب الصحراوي التي علينا الحفاظ عليها وعدم تركها تضيع بسبب تأثيرات العولمة التي تعطي أمثلة سيئة عن معاملة المرأة وتغزو عقول أبنائنا عبر سموم التلفزيون وغيره من وسائل غسل الدماغ التي يشنها الغرب ضد المجتمعات الأصلية والاصيلة”.

—————————————————-

مقدمة:

لن يستطيع أحد أن ينكر إسهامات المرأة الصحراوية في ثورة شعبها، منذ بدايات هذه الثورة، إلا جاحد. كما لن يستطيع أحد أن ينكر أنهن شاركن في مختلف مراكز الفعل، فمنهن من قاتلت، أو اقتربت من ذلك، والشهيدة سيدمي غنية عن كل تعريف. ومنهن من ناضلت وضحت بشبابها، وعانت الاختفاء والقتل، وشهيدات المخابئ السرية المغربية لا مجال لذكرهن كلهن هنا. ومنهن من خدمن هذا الشعب، مسؤولات، ومديرات، وطبيبات، ومعلمات، ومربيات لأجيال كاملة تعلمت حب الوطن والكرامة والصمود من الاقتداء بأمهات سامقات قاماتهن، ضحين وبرهن عن عزم لم يلن يوما ولم يخضع للقمع ولا للقهر ولا لطغيان الاحتلال.

وماتزال المرأة الصحراوية حاضرة في مقدمة صفوف المقاومة الصحراوية،  تقارع العدو بصرامة، ودون مزايدات ولا حرص على الظهور في أغلب الأحيان. فمن منا لا ينبهر بثبات اللاجئات الصحراويات دون الحاجة لذكر أسماء لكثرتهن، أو لتحدي مناضلات المناطق المحتلة، ومن لا يعرف كم تغنى الشعراء بنضالاتهن.

الجبهة الشعبية والمرأة

وبالطبع، لا ينكر إلا جاحد المجهود العظيم الذي بذله التنظيم السياسي الصحراوي من أجل تمكين المرأة من تبوأ المكانة المنوطة بها في المجتمع، رغم صعوبة الظروف التي عانت منها خصوصا الأمهات خلال مراحل الثورة الأولى. فقد كن الأمهات، والمربيات، ولكن أيضا وجدن أنفسهن ودون أي استعداد مُسيرات للمخيمات، ومعلمات، وطبيبات، بل واضطررن لبناء المؤسسات بأياديهن، كل ذلك في جو من فقدان أبسط شروط العمل وأداوته. لكنهن، كن بقدر التحدي، ولم يتركن للرجال مجالا للمزايدة على نضالهن.

وكانت المكانة التقليدية للمرأة في المجتمع الصحراوي هي ما مكن نفس هذا المجتمع من تقبل المرأة القائدة دون أي تمييز عن نظيرها الرجل. فكانت الوزيرة، والوالية، وكانت عضو البرلمان، والدبلوماسية، والمدافعة عن حقوق الإنسان الرائدة. غير أننا لا بد أن نشير أن الحضور النسائي رغم كل ذلك ما يزال ضعيفا مقارنة بالطاقات الكامنة في بنات الثورة الصحراوية، وما زال على التنظيم السياسي حمل كبير في تمكين المرأة الصحراوية من مناصب أكثر وأهم خاصة في السلك الدبلوماسي، وفي المناصب العليا للدولة. وهنا لن تفوتنا الإشارة إلى أننا شعرنا بأسف كبير عند اكتشافنا أن عدد الوزيرات مثلا قد نقص في الحكومة الحالية عنه في الحكومة التي سبقتها، بعد أن تم تعيين وزيرتين سابقتين في مناصب أخرى دون تعويضهن. وهذا في نظرنا كان من نقاط ضعف الحكومة الحالية.

نفس الشيء نتوقع حصوله في البرلمان بسبب العودة للصيغة القديمة للانتخابات. وكنا نأمل في أن تصر الدولة الصحراوية على المضي قدما في تجربة إعطاء حضور أكبر للنساء في البرلمان حتى عن طريق فرض الكوتا، ولما لا الوصول إلى نسبة 50% التي كانت الدولة الصحراوية تطمح لها في السنوات الماضية.

ولا يكون تمكين المرأة فقط عبر حضورها في مناصب القيادة السياسية، بل أهم منه في نظرنا حضورها في مناصب الفعل النضالي، والجمعوي، الذي أصبح أهم بكثير على المستوى العالمي وأكثر تأثيرا من فعلها انطلاقا من القطاعات الرسمية. ونعتقد أن الشابات الصحراويات حاضرات فعلا وبقوة في كافة المنظمات الصحراوية، سواء بالمناطق المحتلة أو بمخيمات اللاجئين الصحراويين. ولكن، هذا لا يمنع من الحث على مزيد من تمكين المرأة الشابة من المشاركة وبقوة في أنشطة منظمات المجتمع المدني، واكتساب الخبرات في مجال الدفاع عن القضية الوطنية للتمكن من صقل مواهبهن، وقدراتهن. وهنا، نحث كافة المنظمات على تحفيز الشابات عبر إشراكهن، وتمكينهن ودفعهن لتمثيلنا في الأنشطة والملتقيات المختلفة وعدم الركون إلى الاعتماد الكامل على الوجوه النسائية الفاعلة وذات الخبرة، بل ضخ دماء جديدة دائما في منظماتنا. وهي نصيحة تنطبق أيضا على الوجوه الرجالية المعروفة في مختلف المجالات التي ينبغي تطعيمها بوجوه شابة من أجل تحقيق التواصل بين الأجيال وتجسيد هذا الشعار فعليا.

رؤية للمستقبل

من الضروري أيضا التفكير في السبل الكفيلة بالحفاظ على تراثنا وتقاليدنا العتيدة في احترام المرأة، وتربية النشأ على احترام مكانتها، وحقوقها مثلما تربى آباءنا على ذلك، وربونا نحن. فالعولمة ليست خيرا كلها، وتأثيرات المسلسلات المكسيكية والهندية وغيرها من المسلسلات والبرامج والظواهر العالمية التي تنقل لأبناءنا وبناتنا صورا عنيفة وأحيانا شاذة وغير سوية عن العلاقة بين الرجل والمرأة، ستأثر حتما على مجتمعنا في المستقبل. لهذا وجب التنبيه لضرورة محاربة ظاهرة العولمة السلبية التي تتسرب لعقول شبابنا عبر التلفزيون، وأفضل طريقة لذلك هي العمل على زرع قيمنا في عقول الأطفال ابتداءا من التربية، ومرورا من المدرسة. كما ينبغي توعية العائلات بضرورة مراقبة، بل وحتى منع الأطفال من مشاهدة البرامج التي لا تعلمهم إلا الانحلال، والفساد، والعنف، واحتقار الجنس الآخر وغيرها من الأخلاق السيئة.

من جهة ثانية، يجب علينا كمجتمع تمكين المرأة المقتدرة من المسؤولية، وتشجيع النساء العاملات بالحفاظ على حقوقهن، واحترام خصوصيتهن، لا سيما حين تواجههن ظروف الحمل، وغيره من الظروف الصحية المعروفة للمرأة. وهنا لا بد من دعوة كافة المؤسسات الصحراويات لإعطاء أولوية خاصة للمرأة العاملة أثناء حملها، ففي النهاية نحن مجتمع يدعو ويحث المرأة على الإنجاب، فأقله أن نوفر لها الجو النفسي والمهني لكي لا تقع في حيرة بين رغبتها في العمل المهني ورغبتها في الإنجاب. فهي حسب علمنا من يدفع الثمن الآن بسبب قلة احترام المؤسسات أحيانا لوضعها الخاص.

ويبقى تمكين المرأة من فرص التعلم، والتكوين، وتمثيل منظماتها، أهم حافز ومعلم للمرأة الصحراوية، لهذا وجب الانتباه إليه لكي نُعد شعبا قال أحمد شوقي صادقا في كيفية إعداده:

مــن لــي بـتربية الـنساء فـإنها … فـي الـشرق عـلة ذلـك الإخفاق

الأم مـــدرســـة إذا أعــددتــهــا… أعـددت شـعباً طـيب الأعـراق

مواضيع من نفس الفئة

رئيس المجلس الدستوري الصحراوي يشارك في دورة لرؤساء المحاكم الدستورية الأفريقية

2 ماي / أيار 2024

إفتتاح أشغال الندوة الإعلامية الأولى للتضامن مع الشعب الصحراوي

2 ماي / أيار 2024

بريطانيا تجدد تأكيد دعمها لحق الشعب الصحراوي في تقرير المصير

2 ماي / أيار 2024

مديرة المخابرات الوطنية الأميركية: الحرب في غزة ستحدد مستقبل المنطقة

2 ماي / أيار 2024