بقلم: ماء العينين لكحل

بشارة: “قد يكون لموقف الرباط من المكون المدني والسياسي في بعثة الامم المتحدة لتنظيم استفتاء في الصحراء الغربية (المينورسو) تداعيات عديدة، وآثار كثيرة على جبهات مختلفة، كما أن الأزمة التي خلقتها دبلوماسية “كبرها تصغار” المغربية مع الأمم المتحدة وأمينها العام قد تكون حركت ردود فعل ومواقف كثيرة ومتباينة، بما فيها تحريك جميع أصدقاء المغرب للدفاع عنه، وهذا من بين الأهداف التي ربما سعى المغرب لتحقيقها. لكن الأكيد ان الموقف المغربي، وغضبته المبالغ فيها على وصفه بالإحتلال قد جعل العديد من الهيئات الدولية، والمنظمات، والأشخاص باحثين وأناس عاديين، يمعنون في التفكير في الأمر ولو من باب الفضول. فهاهي مديرية السياسات الخارجية بالبرلمان الأوروبي تصدر دراسة تصف فيها وضع المغرب في الصحراء الغربية بكل وضوح كحالة احتلال وضم بالقوة العسكرية، وتؤكد أن على الاتحاد الأوروبي ليس فقط وقف تعاملاته الاقتصادية مع قوة الاحتلال في نهب ثروات البلد، بل والإصرار على عدم الاعتراف بأي تغيير يمكن لقوة الإحتلال أن تفرضه على البلد المحتل. فهل سنرى تنمرا مغربيا جديدا على البرلمان الأوروبي وهيئته هذه؟ وهل ستمس الغضبة الملكية المغربية الحليف الأول للمغرب كما نسمع دائما؟ ام هل أن الغضبة المغربية استهدفت بعثة الأمم المتحدة وحدها لغاية في نفس يعقوب قضاها أو هو على وشك؟

الحدث:

أصدرت المديرية العامة للسياسات الدولية، التابعة لإدارة السياسات بالبرلمان الأوروبي، دراسة حول السياسات الأوروبية الخارجية والمبادئ التي ينبغي أن تراعيها في تعاملاتها مع البلدان المحتلة وقوى الإحتلال، مركزة بالخصوص على المغرب وإسرائيل كقوتي احتلال وضم بالقوة للصحراء الغربية وفلسطين. وعنونت المديرية الدراسة ب: “إحتلال/ضم إقليم: احترام  القانون الدولي الإنساني وحقوق الإنسان وسياسات الاتحاد الأوروبي المتسقة في هذا المجال”.

ولخص معدو الدراسة التي جاءت في نيف وستين صفحة (حسب اللغة) محتواها في موجز نترجمه أسفله كاملا:

“غالبا ما تكون قضايا الاحتلال من بين أصعب النزاعات حلا، لا سيما إذا كانت الأراضي المحتلة قد ضمت بطريقة غير مشروعة. فمن الناحية القانونية، يعتبر أي اقليم مضموم بشكل غير قانوني اقليما محتلا. لذلك يجب على الأطراف الثالثة (مثل الاتحاد الأوروبي) عدم الاعتراف بالضم غير الشرعي وعدم المساهمة في استمرار هذا الاحتلال والضم. من جهة أخرى تتمتع قوة الاحتلال بسلطة محدودة على الأراضي المحتلة وفقا للقانون الدولي الإنساني، لكن عليها مع ذلك احترام ليس فقط القانون الدولي الإنساني بل والقانون الدولي لحقوق الإنسان أيضا.

لم يعتمد الاتحاد الأوروبي حتى الآن سياسة متسقة بشأن هذه المسألة، ولكن يمكن اللجوء إلى بعض عناصر الممارسات الجيدة بهذا الخصوص. حيث ينبغي للسياسة المستقبلية للاتحاد أن تقوم على مبدأ عدم الاعتراف، كما حصل فيما يتعلق بشبه جزيرة القرم. حيث يتعين على الاتحاد الأوروبي والدول الأعضاء فيه رفض الاعتراف بأية تغييرات تشريعية أو غير تشريعية يتم إدخالها على الأراضي المحتلة، والامتناع عن الانخراط في اية أنشطة اقتصادية أو غيرها، قد تساهم في الحفاظ على الاحتلال، وعليها أيضا أن تفكر جديا في فرض عقوبات على الحكومة المسؤولة.”

أكثر من ذلك، وضعت الدراسة قضية ووضع الصحراء الغربية وعلاقتها بالمغرب بكل وضوح في خانة الاحتلال غير القانوني. حيث تقول:

“إن الإعتداء ثم الإحتلال والضم المغرب للبلد يشكل انتهاكا خطيرا للقانون الدولي. فالصحراء الغربية ليست جزءا من المغرب، وليس لهذا الأخير أي صفة قانونية أو حق عليها. كما أن لشعب الصحراء الغربية حق في تقرير المصير، والذي يمكن في هذه الحالة ممارسته عن طريق إقامة دولة كاملة السيادة، لو اختاروا ذلك. وعليه، لا يتوجب على المغرب فقط احترام الحق في تقرير المصير في الصحراء الغربية، بل عليه التراجع عن الضم غير القانوني للصحراء الغربية واحتلالها. وبالتالي فوضعية الصحراء الغربية هي وضعية اقليم محتل، كما هو محدد في قرار الجمعية العامة للأمم المتحدة، الذي حث المغرب سنة 1979 بإنهاء احتلاله للاقليم”.

خلاصات:

بطبيعة الحال تشكل الدراسة الحالية صفعة جديدة للمغرب، من داخل هيئة من الهيئات الأوروبية، وهو الأمر الذي يزيد من الضغط الأخلاقي، وحتى السياسي على الدول الأوروبية التي تصر على التعامل مع المغرب في نهب ثروات الصحراء الغربية.

ويمكن القول أن أهم ما جاء في الدراسة على الإطلاق هو تشديدهان وتركيزها بشكل لم يسبق له مثيل في أي وثيقة أوروبية على الوضع القانوني للمغرب في الصحراء الغربية، وهذا مكسب جديد ينبغي العمل على تعميقه واستغلاله في كافة الاتصالات الأوروبية وحتى الدولية. فنحن امام وثيقة تصف المغرب دون مواربة بالإحتلال، وترى أن على الاتحاد الاوروبي ليس فقط وقف التعاطي الاقتصادي معه في ثروات الصحراء الغربية، بل والتنديد بهذا الاحتلال والضغط من أجل إنهائه.

لكن، علينا أيضا أن ندرك أن لغة المصالح وضغوطاتها هي ما تحرك القوى الأوروبية فعليا، ولهذا يتعين على الصحراويين العمل بشكل أوسع، واكبر داخل هيئات صنع القرار الأوروبي، وكذا مجتمعاته المدنية لاستثمار مثل هذه المواقف المتقدمة والنادرة.

أمر آخر مثير للإهتمام هو وضع الصحراء الغربية إلى جانب فلسطين في نفس خانة الاراضي المحتلة بالقوة العسكرية. ولن يروق هذا قطعا لنظام الإحتلال، ولكن لكي يعالج الأمر ويخرج نفسه من هذه المقارنة المخزية، عليه ان يضع حدا لاحتلاله واستعماره للصحراء الغربية. فليس هناك سبيل آخر سوى ذلك.

ويبقى الأمر الأهم على الإطلاق هو أن الدراسة تعري بجلاء كل ادعاءات الدول والشخصيات الأوروبية التي تدافع باستماتة عن الاتفاقات التجارية والاقتصادية المختلفة بين المغرب والاتحاد الأوروبي. فببساطة، يمكن القول أن أي اتفاق اوروبي مع المغرب ويتضمن نهبا لثروات الصحراء الغربية هو اعتداء اوروبي على حقوق الشعب الصحراوي، وتعامل ببضائع وسلع مسروقة ومنهوبة بقوة السلاح والدم من قبل نظام محتل. وسيكون على أوروبا أن تتوقف نهائيا عن التشدق بمبادئ الديمقراطية وحقوق الإنسان التي تضعها مساحيقا على وجهها القبيح، الذي يخفي خلفه تاريخا من نهب ثروات الشعوب الأفريقية والأسيوية، بل وحتى الأوروبية نفسها.

للراغبين في الإطلاع على الدراسة كاملة باللغتين الانجليزية والفرنسية اضغط على العنوان المرغوب أصفله:

Occupation/annexation of a territory: Respect for international humanitarian law and human rights and consistent EU policy

Occupation/annexion d’un territoire: Respect du droit human international et des droits de l’homme et politique coherente de l’UE dans ce domaine

مواضيع من نفس الفئة

لقاء قرطاج: الاتحاد المغاربي من تكتل الشعارات إلى الأفعال حب من أحب ...

30 أبريل / نيسان 2024

الجمهورية الصحراوية وفنزويلا توقعان اتفاقية تعاون في مجال التدريب التربوي

30 أبريل / نيسان 2024

كتائب القسام تبعث رسالة مقتضبة للجمهور الإسرائيلي

30 أبريل / نيسان 2024

واشنطن تحث حماس على قبول صفقة التبادل وتحذر نتنياهو من اجتياح رفح

30 أبريل / نيسان 2024