بقلم: ماء العينين لكحل

البشارة: “أفسد المغرب كل ما قد يكون زرعه في الدول الأفريقية التي زار خلال الفترة الأخيرة، بسبب رعونته، وعجرفته المعهودة، خلال أشغال القمة العربية الأفريقية التي انعقدت ما بين 18 و 23 نوفمبر الجاري. واختتمت هذه القمة التي لم يحضرها أي وفد صحراوي (عكس ما تداولته بعض المواقع المتسرعة لنقل أكاذيب المغرب) بهزيمة نكراء لنظام الاحتلال المغربي، وفشل ذريع في فرض إرادته إقصاء الجمهورية الصحراوية. وبالتالي، يكون المغرب بكل أعضاء وفده ووفود أصدقائه قد هزم شر هزيمة أمام علم الجمهورية ومقعدها الشاغر الذي تناوب ممثلو الوفود الأفريقية على حراسته أثناء وبين الجلسات، حتى لا تدنسه أيادي بعض أزلام المغرب الذين حاولا جاهدين سرقة يافطة الجمهورية”.

بعض تفاصيل الجلسات

كانت الجمهورية الصحراوية وممثلو الدول الأفريقية في الاتحاد الأفريقي، حتى قبل انعقاد القمة، قد حصلوا على وعود من الدولة المضيفة بإرسال دعوة لحضور القمة للسلطات الصحراوية، على أن يبقى للقيادة الصحراوية السلطة السيادية في تقدير المشاركة من عدمها. وطبعا، يعرف الأفارقة جيدا أن الجمهورية الصحراوية قد حرصت دائما على تفادي أي اجتماعات قد يخلق حضورها فيها مشكلة للمنظمة، وذلك حرصا من القيادة الصحراوية على إنجاح كل اللقاءات التي تنظمها القارة مع أطراف ثالثة. وبالفعل، لم يذهب أي وفد صحراوي للمشاركة في القمة، ولكن جميع الدول الأفريقية كانت قد اتفقت على أن يحضر علم واسم الجمهورية في القاعة، وأن لا تقبل المساومة في ذلك. بل هناك دول كانت ترى ضرورة مشاركة الصحراويين فعليا حتى ولو فشلت القمة.

وعند افتتاح اجتماعات الخبراء انبرى المغرب وبعض الدول العربية القليلة للدفاع عن وجهة النظر المغربية، مطالبين بحذف اسم وعلم الجمهورية الصحراوية، إضافة إلى حذف فقرة في الإعلان النهائي يؤكد فيها المؤتمر على الالتزام بما جاء في إعلان الذكرى الخمسين لتأسيس منظمة الوحدة الأفريقية/الاتحاد الأفريقي الصادر عام 2013، علما أن هذا الإعلان الأخير يؤكد على دعم الاتحاد الأفريقي لحق الشعب الصحراوي في تقرير المصير.

إذا، كان هاذين الأمرين هما سبب السعار الذي أصاب ممثلي الوفد المغربي منذ اللحظة الأولى.

غير أن الدول الأفريقية، ولأول مرة في تاريخ المنظمة بإجماع عدد من متتبعي اجتماعاتها منذ السبعينات، كانت متحدة وثابتة في موقفها المبدئي والراسخ من دعم القضية الصحراوية، ورفضت بثبات القبول بالإملاءات المغربية.

بل أن بعض السفراء الأفريقيين، ثاروا ضد ما أسموه بالعجرفة المغربية، والعربية، التي تريد أن تملي على القارة السمراء أوامرا تتنافى مع مبادئها، وقيمها المدافعة عن الحرية وعن حق الشعوب في الاستقلال وتقرير المصير والكرامة. وذكر بعض السفراء بعدد من التصرفات غير المسؤولة للمغرب ولغيره من الدول العربية، خاصة السعودية، أثناء جلسات التحضير لهذه القمة، مشيرين إلى أن الطرف الأفريقي كان متساهلا جدا مع مطالب العرب خلال التحضير في الوقت الذي أبدى فيه الطرف العربي تعنتا غريبا في عدة قضايا، خاصة القضية الصحراوية.

المغرب يسعى لإفشال القمة ولا يريد لها نجاحا

أدرك جميع المشاركين في القمة العربية الأفريقية أن إصرار المغرب على موقفه، بل وجره للسعودية، وقطر، والإمارات، والأردن، واليمن، لمغادرة الاجتماع هو دليل كاف على أن نظام الرباط غير مهتم بتاتا بأية مشاريع أو برامج أفريقية، كل ما يهمه هو تركيع المنظمة الأفريقية، وفرض إرادته الاستعماري عليها لترضخ لاغتصابه أراضي الصحراء الغربية.

ولكن، نرى أن الموقف المغربي، الذي جاء مباشرة قبل القمة القادمة، كان مفيدا جدا للدول التي كانت مترددة بين قبول أو رفض طلب الرباط الانضمام للاتحاد الأفريقي. الآن، جميع الدول الأفريقية تدرك أن المغرب، لو حصل على العضوية، سيعمل على تخريب المنظمة من الداخل دون شك، ولن يثنيه عن ذلك أي شيء، ولا أية مصلحة مشتركة، ولا أية أخلاق أو مبادئ.

خاتمة

تحمل الكثير من تفاصيل مداخلات ممثلي الوفود الأفريقية معاني تضامن لم تعبر عنها الدول الأفريقية سابقا مع القضية الصحراوية منذ عقود. وطبعا، برز للعيان موقف كل من اثيوبيا، ورواندا، وهما البلدان اللذان استقبلا زيارات لملك المغرب مؤخرا، كما برز موقف ممثل ليبيريا التي لا تعتبر صديقة للقضية الصحراوية عادة، لكن ذلك يدل على أن الدول الأفريقية، حتى الصديقة للمغرب، قد فوجئت بمستوى الغباء السياسي، والرعونة، وقلة الأدب التي اتصف بها ممثلو المغرب في أغلب مداخلاتهم. أما الجزائر، وجنوب أفريقيا، وأنغولا، وناميبيا، وزمبابوي، وتشاد وغيرها فكانت مواقفها منسجمة مع موقف الاتحاد الأفريقي، ولم تقبل المساومة عليها بتاتا، وقد حظيت مداخلاتها بالتصفيق والتهليل من مختلف ممثلي الوفود التي لم تتدخل، لكنها دعمت الموقف الأفريقي.

وفي الختام، أعتقد أن الهزيمة المغربية في مالابو، وتعنتها البين هما دليلان قويان على القيادة الصحراوية استغلالهما جيدا خلال الفترة الفاصلة عن القمة الأفريقية القادمة، من أجل إقناع كل الدول الأفريقية برفض انضمام المغرب للاتحاد الأفريقي، ليس دفاعا عن القضية الصحراوية، بل دفاعا عن بقاء المنظمة الأفريقية.

مواضيع من نفس الفئة

تقديم النسخة الـ18 من المهرجان الدولي للسينما بالصحراء الغربية بالعاصمة الإسبانية (+ ...

27 أبريل / نيسان 2024

“دور وسائل الاعلام في دعم قضايا التحرر الوطني”.. محور ندوة نظمتها السفارة ...

27 أبريل / نيسان 2024

زوجان سويديان يجوبان العالم بالدراجة دعما للقضية الصحراوية والتعريف بها

27 أبريل / نيسان 2024

النص الكامل للبيان الصادر عن الدورة الرابعة للأمانة الوطنية لجبهة البوليساريو

27 أبريل / نيسان 2024