البشارة: “خصت خمس من أهم دول الجنوب الأفريقي رئيس الجمهورية الأمين العام لجبهة البوليساريو، السيد ابراهيم غالي، ووفده الرئاسي، باستقبالات دولة رسمية، حظي خلالها بلقاء رؤساء وقيادات هذه البلدان اللذين عبروا بصوت واحد عن دعمهم المبدئي والثابت وغير القابل للمساومة “لحق الشعب الصحراوي في تقرير المصير والاستقلال”. واعتبروا دون استثناء، أن المغرب لا يستطيع الاستمرار في التنكر لهذا الحق، كما لا يستطيع الإتحاد الأفريقي التساهل مع المملكة إلى الأبد بشأن احتلالها أجزاء من الجمهورية الصحراوية. كما اعترفوا جميعا أن الجمهورية الصحراوية دولة مؤسسة للاتحاد الأفريقي، وهي التي تمثل الشعب الصحراوي وتمثل سيادة هذا الشعب على أرضه، وثرواته، ومصيره، وهي موجود لتبقى في حين أن الإحتلال إلى زوال لا محالة قصر الزمن أم طال”.

تمهيد:

زار الوفد الرئاسي الذي ضم إلى جانب رئيس الجمهورية كلا من الإخوة محمد سالم ولد السالك، وزير الخارجية، وبلاهي السيد، وزير التعاون، وابراهيم أحمد محمود، كاتب الدولة للتوثيق والأمن، والمستشارين لدى الرئاسة، الأخ عبداتي ابريكة، والأخت سكينة الجماني، والأخت مينتو لارباس، والمستشار لدى وزارة الخارجية، ماءالعينين لكحل، بالإضافة إلى طقم شاب وديناميكي عن وزارة الإعلام مثل الوكالة والتلفزة الوطنيتين.

وقد شملت الجولة على التوالي كلا من ناميبيا، وليسوتو، وبوتسوانا، وجنوب أفريقيا ثم انتهت في زمبابوي، حيث كانت في كل هذه المحطات “زيارة دولة” بكل ما في الكلمة من معنى، استقبل فيها الوفد الصحراوي بالتشريفات الرسمية، وحظي بمقابلة رؤساء هذه الدول وأعضاء من حكوماتهم، وممثلي البرلمانات، وحتى المواطنين كما في ناميبيا.

استنتاجات من الزيارة:

كثر النقاش الدائر حول هذه الجولة، حيث رأى فيها الكثيرون ضربة جديدة لمحاولات نظام الاحتلال المغربي تشويه الموقف الأفريقي والإصطياد في مياه الفساد العكرة التي يعرف الجميع مستوى حرفية السلطات المغربية فيها، في حين ذهب البعض إلى أنها جولة غير ذات قيمة، لأنها زيارة لأصدقاء! أو لأنها حسبهم لم تأت بشيء! إلى آخر ذلك من الآراء، التي قد نحترمها، لكننا قطعا لا نتفق معها جملة وتفصيلا.

ففي البداية، ينبغي على الجميع أن يعلم أنه ليس من السهل بتاتا تنظيم زيارات دولة وزيارات عمل لدول هكذا دون طائل. فالدول لا تقبل تنظيم أي لقاء من هذا المستوى ما لم يكن هناك موقف واضح تريد التعبير عنه من وراء القبول باستقبال رئيس أو مسؤول أجنبي. حيث عادة ما تكون المناسبة فرصة لتوضيح موقف، أو التعبير عنه، أو حتى لإبرام اتفاقيات ورسم استراتيجيات تعاون. فكيف بالنجاح في تنظيم زيارة لخمس دول على التوالي، وفي فترة لم تتجاوز 12 يوما!

في اعتقادي أن أي تبخيس بهذا الإنجاز هو إجحاف في حق دبلوماسيتنا التي أثبتت مرة أخرى أنها قادرة على إنجاز المستحيل، مثلما فعل الجيش الصحراوي في زمن الكفاح المسلح بوسائل وأدوات تكاد تكون معدومة، ومثلما هو قادر على فعله لو استمر المغرب وحلفاؤه في التمادي في رفض صوت العقل والمنطق والحق والقانون.

ولنا في ما يقوم به المغاربة خير دليل على أهمية الاحتفال بانتصاراتنا بدل التبخيس بها! فلو كان ملك المغرب قد نجح في تنظيم ولو زيارتين متتاليتين لأي بلدين صغيرين مثل جزر القمر وسوازيلاند مثلا، لكان الإعلام المغربي قد اقام الدنيا ولم يقعدها. فكيف بنا وقد زار وفدنا، وحظي بهذه الدرجة الرفيعة من التعامل من مضيفيه في دول تعتبر الأغنى، والأقوى، والأكثر تأثيرا ليس فقط في القارة بل وعلى المستوى العالمي. دول مثل جنوب أفريقيا، العضو في مجموعة القوى العالمية الناشئة، البريكس، ودول غنية بتجربتها الاقتصادية والسياسية مثل بوتسوانا وناميبيا، اللتان تتقدمان في ديمقراطيتهما على عدد كبير من دول العالم، حتى الغربية منها وتتشابهان معنا من حيث غناهما وقلة عدد سكانهما.

مواقف مشتركة وموحدة ضد الاحتلال

وأهم نتيجة على الإطلاق من هذه الجولة هو ما ورد بوضوح في البيانات المشتركة التي خرجت بها الزيارات الخمس. جميعها، دون استثناء اتفقت على التعبير عن موقف هذه الدول الأفريقية عن دعم ثابت، وغير قابل للتأويل لحق الشعب الصحراوي في الحرية والاستقلال. هذا في حد ذاته يشكل ضربة موجعة للمغرب الذي حاول مرارا إمالة موقف عدد كبير من الدول الأفريقية، ليواجهه بالرفض التام والاستنكار لمحاولاته هذه.

طبعا، قد ينجح نظام الإفساد المغربي في استمالة بعض أصحاب النفوس المريضة، من فاقدي الكرامة والنخوة في أفريقيا، كما نجح في الأمر نفسه من قبل ليس مع الأوروبيين والغربيين فقط بل ومع عدد من الصحراويين أنفسهم، غير أن مواقف غالبية الدول الأفريقية ولو تباينت، تلتقي جلها في التذمر والتقزز من محاولات عملاء المغرب شراء الذمم بالأساليب القذرة التي بات الجميع على علم بها، والتي بات الجميع أيضا يتندر بها، والمتمثلة في إغراء ضعاف النفوس بأصناف الفساد الأخلاقي، والمخدرات، والمال.

رؤية للمستقبل:

الجمهورية الصحراوية لم تناقش مع حلفاءها فقط القضية السياسية، بل ناقشت معهم مستقبل القارة، وطرحت رؤيتها للمستقبل، وعبرت عن استعدادها لتبادل التجارب والاستفادة من جميع الأصدقاء في أهم المجالات السياسية، والاقتصادية التي نجحوا فيها، خاصة منها ما يتعلق باستغلال الثروات الطبيعية، وحمايتها، وإدارتها بشكل عادل ومنصف ومفيد للشعب الصحراوي وللشعوب الصديقة، وفيما يخص تجاربهم الديمقراطية الخ.

التجربة الصحراوية لديها أيضا الكثير لتفيد به أصدقائها، وهو ما أكدوه انطلاقا مما لمسوه من حرفية العمل الدبلوماسي الصحراوي مثلا، ومن الدور الذي تلعبه المرأة في السياسة وفي المجتمع، وايضا من نجاح ممثلي الشعب الصحراوي في الانتشار عبر العالم للدفاع عن قضيتنا الوطنية، وغير ذلك كثير. إذا هي علاقة أنداد، وعلاقة حلفاء استراتيجيين، وعلاقة أفارقة يريدون تحقيق تكامل، ووحدة وازدهار قارتهم لفائدة جميع شعوبها، كبيرها وصغيرها.

غير أن أهم ما أنجزته الجولة على الإطلاق هو نجاحها في التأكيد على وضوح الرؤية الصحراوية في أن الحل الوحيد الممكن، والعادل، والشرعي للقضية الصحراوية يكمن في تمكين الشعب الصحراوي من كافة حقوقه المشروعة، وعلى رأسها حقه في تقرير المصير، وحقه في استكمال سيادته على بقية الأراضي التي لا تزال محتلة من قبل المغرب.

إذا، كانت الرسالة واضحة وهي أن الدولة الصحراوية حقيقة قائمة، حقيقة قررها الشعب الصحراوي منذ السبعينات، وهو غير مستعد للتراجع عنها بتاتا مهما كلفه ذلك من تضحيات، وما على المغرب إلا أن يستخلص الدروس من جميع تجارب الاستعمار والاحتلال السابقة، ويجنح للسلم ليحافظ على ما تبقى من ماء الوجه، وإلا فإن إرادة الشعوب لا تقهر، والشعب الصحراوي لن يكون وحده في الخندق كما عبرت عن ذلك جميع قيادات الدول الخمس. وحق الشعب الصحراوي في الحرية غير قابل للمساومة، وغير قابل للخضوع لأي قوة دولية أو قارية تحاول فرض منطقها الاستعماري تحت أي مسمى. هذه كانت هي رسالة الزيارة الجوهرية، وهي رسالة تعبر عن مكنون وهدف جميع أبناء وبنات الشعب الصحراوي المكافح.

مواضيع من نفس الفئة

رئيس المجلس الدستوري الصحراوي يشارك في دورة لرؤساء المحاكم الدستورية الأفريقية

2 ماي / أيار 2024

إفتتاح أشغال الندوة الإعلامية الأولى للتضامن مع الشعب الصحراوي

2 ماي / أيار 2024

بريطانيا تجدد تأكيد دعمها لحق الشعب الصحراوي في تقرير المصير

2 ماي / أيار 2024

مديرة المخابرات الوطنية الأميركية: الحرب في غزة ستحدد مستقبل المنطقة

2 ماي / أيار 2024