بوبشير 36: زيارة موسى فقي لطرفي النزاع في الصحراء الغربية، عودة قوية للدور الأفريقي في آخر مستعمرة أفريقية (بقلم: ماء العينين لكحل)

21 يونيو / حزيران 2018 - آخر تحديث 21 يونيو 2018 / 12:18

   التعليقات 0

بوبشير 36: زيارة موسى فقي لطرفي النزاع في الصحراء الغربية، عودة قوية للدور الأفريقي في آخر مستعمرة أفريقية (بقلم: ماء العينين لكحل)
@ صورة من الأرشيف

البشارة: “نتذكر جميعا الرفض المغربي القاطع والتام لأي دور أفريقي في قضية تصفية الاستعمار من الصحراء الغربية، ونتذكر جميعا كيف كان المسؤولون المغاربة إلى وقت قريب جدا يعبرون عن استحالة قبولهم بتدخل الاتحاد الأفريقي في الموضوع تحت أي مسمى كان، حتى أن السفير المغربي لدى الأمم المتحدة، المشهود له بوقاحته، اعتبر أن التدخل الأفريقي “مسموم”. لهذا ربما نكون قد استغربنا قبول السلطات المغربية لقاء رئيس مفوضية الاتحاد الأفريقي، موسى فقي محمات، في الرباط وعلى أعلى المستويات المتوفرة في المغرب، ثم زيارته بعد ذلك للجمهورية الصحراوية حيث التقى السلطات الصحراوية أيضا للاطلاع على موقفها من القضية. إذا، هل يمكن اعتبار هذه الزيارة بداية للتحول في الموقف المغربي؟ وهل سينجح الأفارقة في ما عجزت عنه الأمم المتحدة؟ على الأقل في الاتحاد الأفريقي لا يملك المغرب ولا حلفائه حق الفيتو كما هو الشأن في الأمم المتحدة حيث تقف فرنسا الحارس الأمين لربيبها، وصنيعتها الشمال أفريقية؟ هذا ما سينكشف أكثر خلال قمة الاتحاد الأفريقي التي ستجري خلال الأسبوعين القادمين بالعاصمة الموريتانية، نواكشوط.”

تطور حتمي من الرفض إلى التعايش

إذا، وبعد تعنت دام أكثر من ثلاثين سنة، رضخت المغرب للأمر الواقع، وسعت صاغرة لتقديم طلب عضوية في الاتحاد الأفريقي منذ سنة 2016 ليقبل طلبها على مضض من قبل الأفارقة سنة 2017 بعد نقاش مستفيض، وبعد طعن في أحقية المغرب في الانضمام بسبب احتلاله لأجزاء من الجمهورية الصحراوية.

وقد اضطر ملك المغرب أن يتعهد في خطابه أمام الأفارقة في يناير 2017 أنه سيعمل على خدمة أهداف الاتحاد وأنه سيعمل على وحدة القارة وتكاملها. لكن، وبمجرد دخول الدبلوماسيين المغاربة في آليات الاتحاد شرعوا في التسبب في المشاكل للجميع، وفي التشويش على الاجتماعات المختلفة للاتحاد أحيانا بأساليب بلطجية غاية في السوقية، ولما أعيتهم الحيل في تنفيذ الخطة التي أرادوها، أي “إبعاد الجمهورية الصحراوية من الاتحاد”، اضطروا للجلوس صاغرين إلى جانب ممثلي الجمهورية ندا لند، ما اعتبره الكثيرون اعترافا مغربيا قسريا بها كحقيقة قائمة ولا مناص من التعامل معها.

وهاهو التعايش بين الدولتين تحت نفس السقف يرتقي خطوة أخرى بقبول المغرب، على مضض بالتأكيد، استقبال رئيس مفوضية الاتحاد الأفريقي، الذي زار البلدين في إطار تنفيذ قرار قمة الاتحاد الأفريقي الأخيرة المنعقدة في يناير بأديس أبابا، والتي طالبت موسى فقي محمات، بإعداد تقرير خاص بقضية الصحراء الغربية، كما طالبت الطرفين، الجمهورية الصحراوية والمملكة المغربي، بصفتهما دولتين عضويين في الاتحاد، بالدخول في مفاوضات مباشرة ودون شروط من أجل وضع حد لمشكل تصفية الاستعمار القائم بينهما.

مستوى مماثل للقاءات الرئيس بالبلدين:

وبطبيعة الحال، لم تكن زيارة رئيس المفوضية للبلدين زيارة دولة، بل كانت زيارة عمل، وزيارة لتنفيذ مهمة محددة كلفته بها قمة الاتحاد الأفريقي الأخيرة التي دعت البلدان العضوان إلى الدخول في مفاوضات مباشرة، كما تأتي أيضا في إطار تكليفه من قبل القمة بإعداد تقرير خاص حول الوضع في الصحراء الغربية.

لكنها ورغم اختلافها في المحطتين، عرفت على وجه الخصوص إجراء رئيس المفوضية لقاءات على أعلى المستويات في البلدين، حيث التقى في المغرب كلا من فؤاد عالي الهمة، صديق الملك الشخصي والمسير الحقيقي للبلد في غياب وأحيانا حتى في حضور الملك، والتقى وزير الخارجية المغربي، ناصر بوريطة، والوزير الأول، العثماني، للحفاظ على المظهر ليس إلا، قبل أن يتناول إفطارا مع ملك المغرب الذي كان معه بالصدفة أو عمدا، رئيس الغابون، عالي بانغو.

أما خلال زيارته للجمهورية الصحراوية، كطرف ثان في الصراع، فقد حظي المسؤول الأفريقي بلقاء كل من وزير الخارجية الصحراوي، محمد سالم ولد السالك، والوزير المكلف بأفريقيا، حمدي الخليل ميارة، كما حظي بلقاء مطول وعلى انفراد دام أكثر من ساعة ونصف مع رئيس الجمهورية، ابراهيم غالي.

إذا، يمكن القول أن المسؤول الأفريقي قد توصل بالتأكيد بموقف البلدين من الصراع الذي يتواجهان فيه منذ عقود، وأصبح الآن على بينة رسميا بما يتعين عليه فعله، ولم يبق سوى انتظار ما ستتمخض عنه الزيارة من نتائج مستقبلا، وربما يأتي ذلك سريعا في تقريره المرتقب خلال القمة القادمة.

الاستنتاجات العامة من الزيارتين:

أهم ما يمكن الخروج به من استنتاجات، هو تغير الموقف المغربي فيما يتصل بالسماح للاتحاد الأفريقي بالتدخل في القضية بعد أن كان جميع المسؤولين المغاربة يهددون ويتوعدون الاتحاد ومسؤوليه بالويل والثبور إن هم تجرؤوا على التدخل.

فما هي أسباب تغيير الموقف المغربي ياترى؟ هل هو ترقب وخشية من سخط الأفارقة إن هم استمروا في مواجهة التعنت المغربي؟ أم أنها مجرد مناورة تكتيكية يريد بها المغرب أن تمر قمة نواكشوط بسلام، في انتظار عودة مجلس الأمن الأممي لمناقشة القضية من جديد في شهر اكتوبر القادم؟

أليس مجرد لقاء أكبر المسؤولين المغاربة لرئيس المفوضية بهذه الطريقة اعتراف من المغرب بفشل سياسة المقاطعة التي كان ينتهجها في وجه المسؤولين الأفارقة. فجميعنا يتذكر أن المغرب ما زال يرفض لقاء الرئيس جواكيم شيصانو، المبعوث السامي للاتحاد للصحراء الغربية، والذي أجرى خلال السنتين الماضيتين لقاءات على أرفع المستويات في عواصم عديدة من العالم في محاولة للبحث عن إعادة فرض الدور الأفريقي في حل النزاع، والبحث مع الأطراف عن طرق لحلحلت الوضع.

اللقاءات ومستواها اعتراف من المغرب بالجمهورية:

يحق لأي مراقب القول بأن مستوى اللقاءات التي أجراها رئيس المفوضية في البلدين دليل على معاملة الاتحاد الأفريقي لهما كندين، وكطرفين في نزاع أفريقي-أفريقي.

وبالتأكيد أن لقاء موسى فقي لعالي الهمة، الرجل الثاني في المغرب بعد الملك هو دليل على أن المؤسسة الملكية في المغرب هي التي ناقشت المسؤول الأفريقي، وهي التي تسعى على ما يبدو لتمرير رؤيتها للاتحاد. وبالطبع، جاء بيان المفوضية الذي أعقب اللقاء خاليا من أي إشارة لمحتوى النقاش حول الصحراء الغربية، بل لم يشر إليها بالإسم، وذلك لا يعدو كونه تفاد أفريقي لإثارة حساسية الرباط في الموضوع في انتظار إصدار التقرير.

نفس الشيء حصل لدى الطرف الصحراوي، لم يصرح المسؤول الأفريقي للإعلام، وهذا أمر عادي تماما، ولكن مجرد القيام بالزيارة هو تنفيذ جزئي لقرار الاتحاد السابق، وهو خطوة ضرورية في اتجاه إعادة إحياء الدول الأفريقي في القضية.

خاتمة:

لقد أثبت التاريخ صواب اصرار الدولة الصحراوية على الاهتمام بعمقها الأفريقي، وسعيها الدائم لإعطاء دور أكبر للاتحاد الأفريقي في البحث عن إنهاء آخر مظاهر الاستعمار من القارة.

كما أثبت التاريخ الخطأ الكبير الذي ارتكبه المغرب بمغادرة منظمة الوحدة الأفريقية في 1984، حيث لم ينجح منذ ذلك التاريخ لا في فرض منطقه الاستعمار في الصحراء الغربية، ولا التوصل إلى حل مشرف يحفظ له ماء وجهه الذي أراقه خدمة لأجندات استعمارية أجنبية.

إذا، قد يكون المغرب أدرك أخير أن الاعتراف بالجمهورية الصحراوية هو مسألة وقت فقط بالنسبة للرباط التي لا يمكنها الاستمرار في دفن رأسها في الرمال إلى ما لا نهاية. فالجمهورية الصحراوية قائمة، ورؤيتها للحل عادلة ومنصفة وواقعية، وكل ما يحتاجه الطرفان الآن هو القليل من الشجاعة السياسية للجلوس على طاولة مفاوضات حقيقية، تناقش الوضع الحالي غير القابل للاستمرار، وتطرح أفكارا للخروج بحل مشرف للجميع يمكن الشعب الصحراوي من حقه في تقرير المصير والاستقلال، ويحفظ للمغرب ماء الوجه عبر تقديم ضمانات أمنية، واقتصادية تبني علاقة جديدة بين البلدين على أساس حسن الجوار، والاحترام المتبادل، والتعاون في إطار الاتحاد الأفريقي.

أما الاتحاد الأفريقي، فقد بات مطالبا بفرض احترام قانونه التأسيسي على المغرب، وفرض احترام قراراته على هذا البلد الذي جاء للاتحاد على ما يبدو ليفسد كل ما بناه الأفارقة في عقود غياب الرباط عن الساحة، وهو ما نستبعد أن تسمح به غالبية الدول الأفريقية، حتى الصديقة منها للمغرب، التي ستخسر الكثير لو سمحت للمغرب بفرض منطقه الاستعماري في الصحراء الغربية، حيث سيكون ذلك إيذانا بفتح كل نزاعات الحدود وكل الصراعات التي نجح الأفارقة حتى الساعة في إخمادها بفضل التزام الدول الأعضاء بمبادئ القانون التأسيسي التي تعترف بحرمة الحدود الموروثة غداة الاستقلال، وترفض حل النزاعات بالقوة.

أحدث الإضافات

أخبار الصحراء الغربية

2 ماي / أيار 2024

ولاية الشهيد الحافظ (الجمهورية الصحراوية)– إنتقل الى رحمة الله سفير الجمهورية الصحراوية بكولومبيا، أماه يحظيه، حسب ما أعلن بيان لوزارة الخارجية.  وجاء في البيان “ببالغ الأسى والأسف وعميق الحزن والتأثر، وبقلوب خاشعة مؤمنة بقضاء الله وقدره، علمنا في وزارة الشؤون الخارجية بنبأ وفاة الأخ والصديق، المناضل، المثالي، الوفي، الطيب المرحوم بإذن الله تعالى، أماه يحظيه […]

أبرز الأخبار

2 ماي / أيار 2024

ولاية الشهيد الحافظ (الجمهورية الصحراوية)– شارك رئيس المجلس الدستوري الصحراوي، محمد بوزيد، اليوم الخميس،  في إفتتاح الدورة التدريبية القضائية الأفريقية المخصصة لرؤساء المجالس والمحاكم الدستورية.  الدورة المنظمة من طرف المحكمة الدستورية الأوغندية، عرفت مشاركة عدة رؤساء محاكم ومجالس دستورية إفريقية وأساتذة جامعيين متخصصين في مجال الفقه الدستوري والقانون الدولي. وتناولت جلسة الإفتتاح التي تمت عبر […]

أبرز الأخبار

2 ماي / أيار 2024

ولاية بوجدور (الجمهورية الصحراوية)– إنطلقت صباح اليوم الخميس بولاية بوجدور أشغال الندوة الإعلامية الأولى للتضامن مع الشعب الصحراوي، وسط حضور رسمي وإعلامي كبير وطني ودولي. الندوة افتتحت بكلمة ترحيب من الأمينة العامة لاتحاد المرأة الصحراوية السيدة الشابة سيني، تطرقت فيها إلى أهمية الندوة في التعريف بقضية الشعب الصحراوي العادلة من خلال التواجد الدولي الكبير في […]

أبرز الأخبار

2 ماي / أيار 2024

لندن (المملكة المتحدة)– أكدت المملكة المتحدة على انسجام موقفها مع موقف الأمم المتحدة الذي يؤكد حق الشعب الصحراوي الغير قابل للتصرف في تقرير المصير. جاء ذالك من خلال جواب مكتوب في الموقع الرسمي للبرلمان البريطاني، على لسان ديفيد روتلي، بإسم وزارة الخارجية والتعاون والكومنويلث. كما أكد روتلي على أن الأمم المتحدة لا تعتبر المملكة المغربية […]

أبرز الأخبار

2 ماي / أيار 2024

واشنطن (الولايات المتحدة الأمريكية)– قالت مديرة المخابرات الوطنية الأميركية، أفريل هينز، إن الصراع في قطاع غزة هز الشرق الأوسط وإن مستقبل المنطقة سيتحدد نتيجة لهذا الصراع، وتطرقت في شهادة لها أمام لجنة القوات المسلحة في الكونغرس إلى دور إيران بالمنطقة والحرب الروسية الأوكرانية. وأشارت هينز في شهادتها إلى أن الحرب الإسرائيلية على قطاع غزة هزت المنطقة، وتسببت فيما أسمته “تحديات أمنية […]

أبرز الأخبار

2 ماي / أيار 2024

غزة (فلسطين)– أجرى رئيس المكتب السياسي لحركة المقاومة الإسلامية (حماس) إسماعيل هنية اتصالين هاتفيين مع رئيس الوزراء وزير الخارجية القطري الشيخ محمد عبد الرحمن آل ثاني ومدير المخابرات المصرية عباس كامل لبحث تطورات المفاوضات بشأن وقف إطلاق النار في غزة، مشيرا إلى أن وفد الحركة سيتوجه إلى مصر قريبا. وثمّن هنية الدور الذي تقوم به دولة قطر في الوساطة، مؤكدا […]

أبرز الأخبار

2 ماي / أيار 2024

أنقرة (تركيا)– أوقفت تركيا جميع الصادرات والواردات من وإلى إسرائيل اعتبارا من اليوم الخميس، حسبما نقلت وكالة بلومبيرغ عن مسؤولين مطلعين، ولم تعلن أنقرة الخطوة رسميا. وقيّدت تركيا خلال الشهر الماضي تصدير 54 سلعة إلى إسرائيل، واشترطت الوقف الفوري لعدوانها على قطاع غزة لرفع القيود. وشمل حظر التصدير وقود الطائرات وحديد الإنشاءات والفولاذ المسطح والرخام والسيراميك، وغيرها. رد إسرائيلي وفي أول […]

الاتحاد المغاربي

30 أبريل / نيسان 2024

الجزائر– كرس عقد تأسيس المبادرة الثلاثية، الجزائرية-التونسية-الليبية، دبلوماسية البراغماتية، إذ شكل ظهور هذا التكتل الإقليمي الجديد دليلا على أن الحركة في السياسة مثلما هو الشأن في الحياة دائما ما تكون أفضل من الجمود. وقد إختلف الملاحظون حول تسمية القمة التي جمعت الرؤساء الثلاثة، الجزائري والتونسي والليبي، بين “اتفاق قرطاج” و”اتحاد المغرب العربي مكرر” و”ثلاثي تونس”. […]