بقلم: المحفوظ عبد العزيز

أطل علينا مؤخرا القائم بالأعمال المغربي بجنيف بخرجة غريبة الأطوار تدل على تخبط المخزن في المنتديات الأممية وضعف حججه وحتى استعداده للاستخفاف بعقول الملاحظين جهارا نهارا، في محاولة للدفاع عن “مغربية” مزعومة للصحراء الغربية وضرب اصدقاء قضية هذه المستعمرة الأخيرة في أفريقيا.

فهل يعقل أن نسمع دبلوماسيا مغربيا، مثل الذي أشرنا إليه أعلاه، وهو يدافع من منبر مجلس حقوق الإنسان، عن حق الشعوب في تقرير المصير والاستقلال وعن تطبيق مقتضيات اللائحة 1514 الصادرة عن الجمعية العامة للأمم المتحدة في ديسمبر 1960 والمتضمنة اعلان منح استقلال للبلدان والشعوب المستعمرة؟ قد يستغرب أكثر القراء العارفين بحساسية المغرب من كلمة تقرير المصير، فما بالك بذكر اللائحة 1514، ولكن لا يوجد خطأ في الجملة السابقة. فبالفعل يطالب المغرب أحيانا باحترام الحق في تقرير المصير والاستقلال وتطبيق اللائحة الأممية السالفة الذكر، طالما لم يتعلق الأمر بالصحراء الغربية (فيديو 1).

وفي الواقع، جاء هذا التصريح من طرف الدبلوماسي المغربي كمحاولة لضرب الجزائر وناميبيا، ردا على دعم هاتين الدولتين غير المشروط للقضية الصحراوية في مجلس حقوق الانسان. اذ قال بالحرف الواحد (ترجمة من الفرنسية الى العربية):

“في ما يتعلق بناميبيا، وبالنزاع القائم بينها و بين شعب كابريفيا (Caprivi)، فإن قادة جبهة تحرير شعب كابريفيا يودعون في السجون تلقائيا من طرف ناميبيا، بمجرد نضالهم من أجل تطبيق اللائحة 1514 بغرض تقرير مصيرهم والاستقلال (…)”.    

وقبل التعليق على هذا التصريح، نشير الى أن قضية الصحراء الغربية تعتبر حالة تصفية استعمار مسجلة في قائمة اللجنة الرابعة للأمم المتحدة، في حين لا يعدو النزاع الذي أشار اليه المغرب أن يكون مشكلا داخليا، كغيره من المشاكل الأخرى الناتجة عن تعدد الاثنيات والأعراق في افريقيا، ولا يمكن بأي حال من الأحوال أن يبطل مبدأ المحافظة على الحدود الموروثة عن الاستعمار، الذي يعتبر من ركائز القانون الدولي الافريقي.

ولتقريب الصورة أكثر، يشبه هذا النزاع الداخلي في ناميبيا مع الفوارق طبعا، أي مشكل داخلي يتعرض له المغرب في الريف، أو في غيره من مناطقه التي تحتج أو تصارع من أجل حقوق ما.

كما دعا نفس المتحدث “مجلس حقوق الانسان وآلياته وكذا المنظمات الدولية غير الحكومية للتنسيق مع اللجنة الافريقية لحقوق الانسان والشعوب وكذا الاليات الدولية لحقوق الانسان لمساءلة الجزائر حول حالة حقوق الانسان بمخيمات اللاجئين الصحراويين وناميبيا حول انتهاك حق شعب كابريفيا في تقرير المصير” (فيديو 2).

وقد نظمت البعثة الدائمة للمغرب بجنيف قبل أيام اجتماعا على هامش الدورة 35 للمجلس، يدعم تقرير المصير للأقلية المذكورة أعلاه في ناميبيا. ومن الواضح طبعا أن كل هذه الزوبعة ليست حبا في شعب كابريفيا لكنها لا تعدو أن تكون مجرد نكاية في ناميبيا ممارسة خرقاء للضغط عليها في محاولة لثنيها عن مساندة حق الشعب الصحراوي في تقرير المصير.

وفي نظرنا المتواضع فهذا هو الافلاس الدبلوماسي بعينه. ففي حين تبني الدول التي تحترم نفسها سياساتها الخارجية على المبادئ والرزانة، هاهي الدبلوماسية المغربية تطلق رصاصة في رجلها. فهي تعترف، بل وتدعم، حقوق الأقليات (غير المسجلة في القائمة الأممية للأقاليم الخاضعة للاستعمار) في تقرير مصيرها، وتطالب من الاليات الدولية والافريقية أن تهتم بهذه القضايا، أما بالنسبة للصحراء الغربية، الاقليم المسجل في لائحة تصفية الاستعمار منذ 1963، فانها مغربية، حسب دبلوماسية المملكة، الى أن يرث الله الأرض ومن عليها.

يقول الرسول الكريم عليه الصلاة و السلام: “اذا لم تستح، فاصنع ما شئت”.

مواضيع من نفس الفئة

تقديم النسخة الـ18 من المهرجان الدولي للسينما بالصحراء الغربية بالعاصمة الإسبانية (+ ...

27 أبريل / نيسان 2024

“دور وسائل الاعلام في دعم قضايا التحرر الوطني”.. محور ندوة نظمتها السفارة ...

27 أبريل / نيسان 2024

زوجان سويديان يجوبان العالم بالدراجة دعما للقضية الصحراوية والتعريف بها

27 أبريل / نيسان 2024

النص الكامل للبيان الصادر عن الدورة الرابعة للأمانة الوطنية لجبهة البوليساريو

27 أبريل / نيسان 2024