رأي “الصحراوي”: مناورات سياسية مغربية في قضية الصحراء الغربية

13 مارس / آذار 2016 - آخر تحديث 13 مارس 2016 / 15:15

   التعليقات 0

هيئة تحرير الصحراوي

إن المتتبع لسياسة المغرب داخل أروقة الأمم المتحدة، وبالخصوص في دهاليز مجلس الأمن المظلمة، يكاد يجزم أنها تهدف أولا وأخيرا إلى ربح الوقت لتكريس الأمر الواقع وتجسيد مقولة “المغرب في صحراءه والصحراء في مغربها” (أكرمكم الله).

لقد تجلى هذا بوضوح من خلال الموقف المغربي الجديد/القديم الذي عبر عنه السيد كريستوفر روس من خلال تقريره المقدم إلى مجلس الأمن يوم 08 ديسمبر 2015 والذي تناولت الصحف نسخته الانجليزية، وكذا التهديد والوعيد بالتصعيد الذي أرعد به المغرب بمختلف أجهزته عقب الزيارة الأخيرة لبان كي مون الى المنطقة.

وعلى العموم، هذا “لعياط” ليس بشيء جديد، فمناورات المغرب لا تخفى على القاصي والداني، بما في ذلك الدول الحليفة للرباط والمتواطئة معه في هذا المجال.

بصفة عامة، العامل المشترك بين هذه المناورات هو اختلاق مشاكل لا وجود لها بغية صرف نظر المجتمع الدولي عن لب المشكل وبيت القصيد الذي يتمثل في ضرورة تمكين الشعب الصحراوي من تقرير مصيره وفقا لمقتضيات القانون الدولي.

المناورات السياسية منذ وقف إطلاق النار إلى غاية 2007: بعد رضوخ الملك الراحل، الحسن الثاني، للأمر الواقع مرغما وقبوله بإجراء استفتاء لتقرير المصير، تحت ضربات أشاوس جيش التحرير الشعبي الصحراوي والانتصارات الدبلوماسية التي رافقتها، لم يتوقف المغرب عن عرقلة هذا المسار واختلاق الأسباب والذرائع الكفيلة بذلك، من حيث إحصاء السكان تارة، وتحديد الوعاء الانتخابي تارة، والاختيارات الواجب طرحها في ورقة الاستفتاء تارة أخرى.

وفي آخر المطاف، نجح المغرب، بفضل أصدقائه المتنفذين، في إقناع المجتمع الدولي بالعدول عن فكرة فرض الاستفتاء، لوجود أسباب تقنية تحول دون إمكانية تطبيقه في أرض الواقع حسب رأيه. كلمة “استفتاء” غابت أو غُيبت عن لوائح مجلس الأمن منذ سنة 2007، وتم تعويضها بلغة أكثر مرونة تتمثل في “ضرورة الوصول إلى حل سياسي مقبول من الطرفين يمكن الشعب الصحراوي من تقرير مصيره”، وهي بالمناسبة جملة موجودة في جل قرارات مجلس الأمن والجمعية العامة منذ عقود.

وبالطبع كان هدف المناورات السياسية المغربية في هذه المرحلة هو التخلص من الحرب بقبول إجراء الاستفتاء نظريا، ثم الدخول في مسلسل من المماطلات للوصول إلى عدم تطبيقه في أرض الواقع.

مشروع الحكم الذاتي كمناورة سياسية: لقد نجحت هذه المناورة إلى حد ما في تليين موقف الأمم المتحدة التي لم تعد تطالب عبر لوائح مجلس الأمن بإجراء استفتاء تقرير المصير في الصحراء الغربية منذ سنة 2007.

نظريا، الهدف الرئيسي من هذه المناورة هو إبراز فكرة الاستفتاء كممارسة قديمة تجاوزها الزمن، وتعويضها بموضة الحكم الذاتي، الأكثر جاذبية وواقعية، طبعا حسب المغرب وبعض أصحابه فقط.

لكن عمليا، الهدف من هذه المناورة هو التخلص من جملة “…يمكن الشعب الصحراوي من تقرير مصيره”، بالرجوع إلى اللغة المعتمدة من طرف الأمم المتحدة، وذلك بعد النجاح في التخلص من الإشارة إلى استفتاء تقرير المصير.

في الواقع، تصب المناورات المغربية بعد 2007 إلى خلط المفاهيم وإبراز الحكم الذاتي كوسيلة مبتدعة لتطبيق الحق في تقرير المصير، علما أن فكرة الحكم الذاتي في حد ذاتها ليست جديدة، فقد سبق لإسبانيا أن اقترحتها على الصحراويين قبل خروجها من الاقليم، كما أنها كخيار واردة في فكرة الاستفتاء الذي يطرحها ضمن ثلاث خيارات.

المناورات السياسية المغربية الحالية: يمكن أن نشير إلى بعض منها كما يلي :

عرقلة جهود الأمم المتحدة ومخططات السلام بصفة عامة

* ممارسة سياسة شد الحبل مع الأمم المتحدة وخاصة المبعوث الشخصي للأمين العام وحتى الأمين العام نفسه مؤخرا،

* محاولة إقحام الجزائر أو استعمال هذا السبب أو الذريعة لرفض الرجوع إلى طاولة المفاوضات،

* فرض سياسة الأمر الواقع وكسب الوقت بشتى الطرق، خصوصا أننا أمام سنة ستنتهي فيها عهدة الأمين العام الحالي، كما أن المغرب ينتظر بفارغ الصبر نجاح هيلاري كلينتون بالفوز برئاسة الولايات المتحدة للرجوع من جديد وبقوة في أروقة الأمم المتحدة.

* تقوية العلاقات، إلى حد تقديم تنازلات مع الدول الأعضاء، خاصة الدائمة، في مجلس الأمن لضمان دفاعها عن موقف المغرب، وهنا مثلا يمكن الإشارة إلى الزيارات المتكررة لفرنسا، ثم الزيارة الحالية لروسيا.

* انتهاج “نظرية الأسوأ”، أي القيام بتصعيد منقطع النظير تجاه كل ما من شأنه الدفاع عن حقوق الشعب الصحراوي المشروعة، وخلق مشاكل أكبر من المشاكل الموجودة، وفقا للنظرية المغربية الأصيلة في الفكر السياسي المغربي: نظرية “كبرها تصغر”.

في مجال حقوق الإنسان

الهدف الرئيسي هنا هو مواجهة والاعتراض على توسيع صلاحيات المينورسو للتقرير حول حقوق الإنسان ومراقبتها، وذلك بـ:

ا * لتضييق على الانتفاضة في المناطق المحتلة بشكل ممنهج، حتى يُبرز المغرب للرأي العام الدولي أن الأوضاع هادئة في الجزء الذي يسيطر عليه من الصحراء الغربية. للأسف، لا يسعنا إلا أن نقول أن المغرب قد نجح إلى حد بعيد في ذلك، بدليل أن التقارير الأممية الأخيرة صارت تقلل من شأن المظاهرات والأنشطة المطالبة بتقرير المصير، حتى لا نقول تتجاهلها،

* إبراز المجلس الوطني المغربي لحقوق الإنسان كبديل عن توسيع صلاحيات المينورسو، خاصة عبر فروعه في الصحراء الغربية، وذلك عبر تمثيلية محكمة نسجت تفاصيلها في مراكز اتخاذ القرار بالرباط، تعطي للمجلس هامشا من المناورة بخصوص القضايا المختلفة المتعلقة بحقوق الإنسان، بالطبع، دون المساس “بالقضية المقدسة”، لإعطائه صفة الهيئة الحقوقية المستقلة والفعالة،

* المغرب يلعب كذلك ورقة الانفتاح على الآليات الأممية الخاصة بحقوق الإنسان، وذلك مثلا بدعوة الإجراءات الخاصة لمجلس حقوق الإنسان إلى زيارة الصحراء الغربية خلال زياراتها للمغرب، لثني المنتظم الدولي عن الإلحاح في المطالبة بتوسيع صلاحيات المينورسو، كون المنطقة مفتوحة أمام أجهزة الأمم المتحدة ذات الصلة بموضوع حقوق الإنسان.

محاولة ضرب الجبهة الداخلية الصحراوية:

* زرع التفرقة بين الأطر الصحراوية التي تنشط في المناطق المحتلة من الصحراء الغربية، واعتماد سياسة التشهير بالمناضلين ومحاولة النيل من كرامتهم وسمعتهم، تطبيقا لسياسة “فرق تسد” القديمة، وللأسف الشديد وقع العديد من المناضلين الصحراويين فريسة سهلة لهذه التفرقة بشكل أو آخر،

* تشويه صورة الشعب الصحراوي ونضاله العادل، من خلال ربطه بالإرهاب والمتاجرة بالمخدرات وما إلى ذلك من الممارسات السلبية،

* تشويه صورة القيادة الصحراوية من خلال اتهامها بانتهاك حقوق الإنسان والضلوع في تهريب المخدرات والمتاجرة بالمساعدات الغذائية الدولية.

محاولة عزل الجمهورية العربية الصحراوية الديمقراطية دوليا

* تقليص دائرة الاعتراف بالجمهورية العربية الصحراوية الديمقراطية، خاصة على مستوى القارة الإفريقية وأمريكا اللاتينية،

*التهجم على كل من يرافع عن حقوق الشعب الصحراوي، وممارسة كافة أشكال الضغط حتى القذرة منها، مثلما حصل مع السويد مثلا عبر استعمال المال الخليجي والتأثير الفرنسي المباشر.

* منع الجمهورية العربية الصحراوية الديمقراطية وكافة المؤسسات الصحراوية من ولوج المنظمات والأندية الدولية والانضمام لها،

* تقوية العلاقات في شتى المجالات مع الدول الداعمة للقضية الصحراوية، رغبة في التأثير على مواقفها تجاه القضية.

على مستوى نشاطات المجتمع المدني

* انتهاج سياسة الفعل المضاد، أي الحضور في أي نشاط موالي للقضية الصحراوية ومحاولة القيام بنشاط مضاد له بغية احتواءه، أو على الأقل إثارة البلبلة والحيرة في عقول المشاركين فيه، وهنا وجب على المناضلين الصحراويين التركيز دائما على اتقان إيصال الرسالة الصحراوية واضحة، ومدججة بالأدلة لدحض أكاذيب ودعايات المخزن.

* محاولة ضرب الصحراويين بالصحراويين، أي العمل على إظهار أن الصحراويين أنفسهم منقسمون وليس كلهم من أنصار تقرير المصير، ويوجد منهم من هو راض عن الوضع القائم،

* إبراز أن المطالبة بتقرير المصير لا تتمتع بإجماع عند الصحراويين نفسهم، ولا يمكنها من هذا المنطلق أن تحظى بإجماع دولي أو أممي.

خاتمة

إن هذه النقاط المذكورة أعلاه لا تكاد تخفى على أي متتبع للشأن الصحراوي، لكننا أوردناها من باب وذكر فإن الذكرى تنفع المؤمنين. وأردنا هنا فقط الإشارة إلى هذه النقاط بصورة موجزة، لأن مجابهة المناورات المغربية تتطلب الإحاطة بها اولا، وفهمها بوضوح قبل محاولة نسج صورة كلية للمشهد الذي يدور حولها.، وأهم من كل ذلك التفكير الجدي في الطرق الكفيلة بمواجهتها بالحجة، وبفعالية.

أحدث الإضافات

أخبار الصحراء الغربية

2 ماي / أيار 2024

ولاية الشهيد الحافظ (الجمهورية الصحراوية)– إنتقل الى رحمة الله سفير الجمهورية الصحراوية بكولومبيا، أماه يحظيه، حسب ما أعلن بيان لوزارة الخارجية.  وجاء في البيان “ببالغ الأسى والأسف وعميق الحزن والتأثر، وبقلوب خاشعة مؤمنة بقضاء الله وقدره، علمنا في وزارة الشؤون الخارجية بنبأ وفاة الأخ والصديق، المناضل، المثالي، الوفي، الطيب المرحوم بإذن الله تعالى، أماه يحظيه […]

أبرز الأخبار

2 ماي / أيار 2024

ولاية الشهيد الحافظ (الجمهورية الصحراوية)– شارك رئيس المجلس الدستوري الصحراوي، محمد بوزيد، اليوم الخميس،  في إفتتاح الدورة التدريبية القضائية الأفريقية المخصصة لرؤساء المجالس والمحاكم الدستورية.  الدورة المنظمة من طرف المحكمة الدستورية الأوغندية، عرفت مشاركة عدة رؤساء محاكم ومجالس دستورية إفريقية وأساتذة جامعيين متخصصين في مجال الفقه الدستوري والقانون الدولي. وتناولت جلسة الإفتتاح التي تمت عبر […]

أبرز الأخبار

2 ماي / أيار 2024

ولاية بوجدور (الجمهورية الصحراوية)– إنطلقت صباح اليوم الخميس بولاية بوجدور أشغال الندوة الإعلامية الأولى للتضامن مع الشعب الصحراوي، وسط حضور رسمي وإعلامي كبير وطني ودولي. الندوة افتتحت بكلمة ترحيب من الأمينة العامة لاتحاد المرأة الصحراوية السيدة الشابة سيني، تطرقت فيها إلى أهمية الندوة في التعريف بقضية الشعب الصحراوي العادلة من خلال التواجد الدولي الكبير في […]

أبرز الأخبار

2 ماي / أيار 2024

لندن (المملكة المتحدة)– أكدت المملكة المتحدة على انسجام موقفها مع موقف الأمم المتحدة الذي يؤكد حق الشعب الصحراوي الغير قابل للتصرف في تقرير المصير. جاء ذالك من خلال جواب مكتوب في الموقع الرسمي للبرلمان البريطاني، على لسان ديفيد روتلي، بإسم وزارة الخارجية والتعاون والكومنويلث. كما أكد روتلي على أن الأمم المتحدة لا تعتبر المملكة المغربية […]

أبرز الأخبار

2 ماي / أيار 2024

واشنطن (الولايات المتحدة الأمريكية)– قالت مديرة المخابرات الوطنية الأميركية، أفريل هينز، إن الصراع في قطاع غزة هز الشرق الأوسط وإن مستقبل المنطقة سيتحدد نتيجة لهذا الصراع، وتطرقت في شهادة لها أمام لجنة القوات المسلحة في الكونغرس إلى دور إيران بالمنطقة والحرب الروسية الأوكرانية. وأشارت هينز في شهادتها إلى أن الحرب الإسرائيلية على قطاع غزة هزت المنطقة، وتسببت فيما أسمته “تحديات أمنية […]

أبرز الأخبار

2 ماي / أيار 2024

غزة (فلسطين)– أجرى رئيس المكتب السياسي لحركة المقاومة الإسلامية (حماس) إسماعيل هنية اتصالين هاتفيين مع رئيس الوزراء وزير الخارجية القطري الشيخ محمد عبد الرحمن آل ثاني ومدير المخابرات المصرية عباس كامل لبحث تطورات المفاوضات بشأن وقف إطلاق النار في غزة، مشيرا إلى أن وفد الحركة سيتوجه إلى مصر قريبا. وثمّن هنية الدور الذي تقوم به دولة قطر في الوساطة، مؤكدا […]

أبرز الأخبار

2 ماي / أيار 2024

أنقرة (تركيا)– أوقفت تركيا جميع الصادرات والواردات من وإلى إسرائيل اعتبارا من اليوم الخميس، حسبما نقلت وكالة بلومبيرغ عن مسؤولين مطلعين، ولم تعلن أنقرة الخطوة رسميا. وقيّدت تركيا خلال الشهر الماضي تصدير 54 سلعة إلى إسرائيل، واشترطت الوقف الفوري لعدوانها على قطاع غزة لرفع القيود. وشمل حظر التصدير وقود الطائرات وحديد الإنشاءات والفولاذ المسطح والرخام والسيراميك، وغيرها. رد إسرائيلي وفي أول […]

الاتحاد المغاربي

30 أبريل / نيسان 2024

الجزائر– كرس عقد تأسيس المبادرة الثلاثية، الجزائرية-التونسية-الليبية، دبلوماسية البراغماتية، إذ شكل ظهور هذا التكتل الإقليمي الجديد دليلا على أن الحركة في السياسة مثلما هو الشأن في الحياة دائما ما تكون أفضل من الجمود. وقد إختلف الملاحظون حول تسمية القمة التي جمعت الرؤساء الثلاثة، الجزائري والتونسي والليبي، بين “اتفاق قرطاج” و”اتحاد المغرب العربي مكرر” و”ثلاثي تونس”. […]