ضرورة تصفية الاستعمار من الأمم المتحدة أولا لكي تتمكن، هي بدورها، من تصفية الاستعمار من البلدان المستعمرة:  حالة الصحراء الغربية، نموذجا 

أمحمد/ البخاري

7 سبتمبر / أيلول 2023 - آخر تحديث 7 سبتمبر 2023 / 22:36

   التعليقات 0

ظهرت خلال العشرين سنة المنصرمة حملة للمطالبة بإصلاح منظمة الأمم المتحدة على المستوى الخطاب الرسمي للحكومات و شملت هذه الحملة هيئات المجتمع المدنى و الجامعات و المعاهد و غيرها من مراكز الدراسات و البحوث في العديد من أنحاء العالم.

و من الملاحظ أن تلك المطالبة بالإصلاحات تحولت إلى شعار يظهر، بقوة وإلحاح، عند كل مناسبة لانتخاب أمين عام جديد. كما حظى هذا الموضوع باهتمام متزايد من طرف الجمعية العامة و اضحي أحد اهتمامات المنظمات الإقليمية و التجمعات السياسية المختلفة.

فهل نحن أمام اعتراف عالمي بعجز الأمم المتحدة عن القيام بمهمتها كما كان الحال بالنسبة لعصبة الأمم ؟

 و هل المطالبة بالإصلاحات ناتجة عن القناعة بامكانية تجاوز هذا العجز أم أن الأمر أكثر من ذلك بما يعني أن المنظمة العالمية لم تقم أصلا بالدور الذى انشئت من اجله و تم عمليا تجاوزها منذ الوهلة الأولى و لذلك السبب اضحى الآن ضروريا بل مستعجلا البحث عن بدائل اخرى قادرة على التكفل بالحفاظ على السلم و الأمن الدوليين المهددين؟  

(للإطلاع على المطالبات بإصلاح الأمم المتحدة يمكن أخذ فكرة عامة من:

1-الأمم المتحدة…عباءة مترهلة تتستر على المظالم في:  aa.com.tr

2- هل تصبح الأمم المتحدة قريبا هيكلا عفا عليه الزمن 
swissinfo.ch.ara

3- السلام المقود من ” العصبة” إلى
” الأمم المتحدة”
independentarabia.com)

سنتطرق إلى هذا الموضوع انطلاقا من زاوية هي الأهم بالنسبة لوجود الدول واستقرارها و المساواة بين حقوق الشعوب واحترام سيادتها على اوطانها. و هذه الزاوية هي التى تتعلق بظاهرة الاستعمار و مسألة تصفيته لارتباطها الوثيق بقضية الحفاظ على السلم والأمن الدوليين التي تشكل سر وجود الأمم المتحدة والهدف الرئيسى من قيامها. 

و لذلك لا بد لنا من المرور سريعا على الظروف التي تم فيها اتخاذ القرار بإنشاء منظمة عالمية و جعل مهمتها الأولى هي تفادي الحروب وبناء العلاقات بين الشعوب و الأمم على أساس حقها في الحرية وتقرير المصير و المساواة بينها جميعا، كبيرها و صغيرها.

أولا: الإعلان عن قيام الأمم المتحدة…ظروف الإعلان و الانفراج العالمي و سيطرة الأمل بعد نهاية الحرب العالمية الثانية.

أنشئت الأمم المتحدة على أنقاض عصبة الأمم سنة 1945 بعد خراب عالمي، لم تشهد له البشرية مثيلا من قبل، بسبب الحرب العالمية الثانية.

كانت النفوس و الأفئدة، في تلك الحقبة الزمنية، جاهزة لبناء عالم خال من الحروب و النزاعات أين يسود الأمن و السلم الدوليين و يعم الإخاء و المساواة والتعاون بين جميع الأمم والشعوب.

بدأت الإرهاصات الأولى لقيام المنظمة العالمية فى محطات أساسية هي: 

1-لقاء سانت جيمس، بلندن، بتاريخ 12 يونيو 1941.
Inter-allied Meeting 
Saint James Agreement, June 12 1941
avalon.yale.edu>imtjames

 كان يهدف الى تجميع أكبر عدد من الدول و حشد أعلى مستوى من التأييد لربح الحرب ضد النازية. حضر هذا المؤتمر إلى جانب بريطانيا ممثلين عن كل من كندا، أستراليا، نيوزيلندا، اتحاد جنوب إفريقيا، و الحكومات فى المنفى لكل من بلجيكا، تشيكوسلوفاكيا، اليونان، لكسمبورغ، هولندا، النرويج، بولندا، يوغةسلافيا و الجنرال ديغول عن فرنسا.

صدر بيان ختامي، يعرف باسم إعلان قصر سانت جيمس جاء فيه بأن : ” الأساس الوحيد للسلام هو التعاون و استعداد الشعوب الحرة في العالم يعفى من خطر العدوان و الكل يتمتع بالأمن الإقتصادى و الإجتماعى، و نعزم على العمل معا، و مع الشعوب الحرة الأخرى، سواء فى الحرب و السلم لتحقيق هذه الغاية”

2- إعلان ميثاق الأطلسي- بفاوندلاند، بتاريخ 14 أوت 1941
The Atlantic Conference and Charter 1941 Flashcards
quizlet.com>atlantic-charter

يعود التأكيد على ضرورة قيام “منظمة عالمية ”  وإنشاء ” نظام أوسع و دائم للأمن العام ” إلى الإتفاق بين الرئيس الأمريكي فرانكلين روزفيلت و رئيس الوزراء البريطاني ويستون تشيرشل اللذين أعلنا في وثيقة الميثاق الأطلسي على اتفاقهما حول ” مبادئ مشتركة محددة فى السياسات الوطنية لبلديهما التى يبنيان عليها آمالهما في مستقبل أفضل “.

و المادة 3 من الميثاق الأطلسي تقر أن ” جميع الناس لهم الحق فى تقرير المصير”

و فى النقطة 6 من المبادئ المعلن عنها يؤكد الطرفان ” انهم يأملون فى إقامة سلام دائم يوفر لجميع الشعوب حق العيش داخل حدودها وتأمين حياة كل فرد فى أي أرض “

3- إعلان واشنطن يوم 1 يناير 1942 وإعلان “الأمم المتحدة” بتاريخ 1 أكتوبر 1942
The formation of the United Nations, 1945
history.state.gov>milestones 

كانت ال26 دولة، التي تحارب دول المحور، قد اجتمعت في واشنطن بتاريخ 1 يناير 1942 و انضمت إليها بعد ذلك 21 دولة و اصدروا بيانا أطلق عليه الرئيس الامريكى روزفلت عنوان ” إعلان الأمم المتحدة ” 

4- مؤتمر موسكو من 18 اكتوبر -1 نوفمبر 1943
Moscow declaration (October 1943) and Teheran conference (December 1943)
un.org/fr/node/44721

اتفق فيه ممثلو كل من الاتحاد السوفيتي و أمريكا و بريطانيا و الصين( الصين الوطنية) على إنشاء لجان خبراء للاتفاق على الأسس التي يجب أن يتم عليها تأسيس منظمة عالمية شاملة و من تلك الأسس لا بد من الاعتراف بمبدأ المساواة بين جميع الدول”.

5-مؤتمر طهران من 28 نوفمبر إلى 1 دجنبر 1943.
The Tehran Conference
history.state.gov>tehran-conf

بين الولايات المتحدة والاتحاد السوفياتي وبريطانيا اصدروا في ختامه بيانا يؤكد على  :  

” المسؤولية العليا الملقاة على عاتقنا و على الأمم المتحدة بأسرها لإحلال سلام يحظى بحسن نية الغالبية العظمى من شعوب العالم و يقضي على الخوف من الحرب لأجيال
 عديدة”
و يسجل نفس البيان ضرورة ” السعي للتعاون والمشاركة الفعالة من جميع الأمم كبيرها و صغيرها التى تكرس شعوبها للقضاء على الاستبداد والعبودية والتعصب “

6- مؤتمر دومبارتون اوكس بواشنطن- بيان 9 اكتوبر 
Dumbarton Oaks Conference
britannica.com.events

هذا المؤتمر هو عبارة عن مفاوضات منفردة بين كل من الولايات المتحدة الأمريكية وبريطانيا والإتحاد السوفيتي جرت حلقاتها من 27 أوت إلى 7 أكتوبر و تمخضت عن الإتفاق حول ورقة بعنوان” مقترحات إنشاء منظمة دولية عامة” كانت هي التي شكلت الأرضية لمؤتمر سان فرانسيسكو.

تم الإتفاق في هذا المؤتمر على أن المنظمة العالمية لها جمعية عامة تتكون من جميع الدول و أن لكل عضو صوت واحد.

7- مؤتمر يالطا من 4 إلى 11 فبراير 1945
Yalta Conference/Summary.Dates, Consequences & Facts 
britannica.com>events 

يعتبر مؤتمر يالطا ( فى شبه جزيرة القرم) هو أهم حدث مع نهاية الحرب العالمية الثانية و الذي توصل فيه الحلفاء على الإتفاق النهائي حول قيام الأمم المتحدة و اتفقوا فيه على توزيع مناطق النفوذ و إلى المسالة الحساسة المتعلقة بحق الفيتو.

بعد مؤتمر يالطا تم توجيه الدعوة لمؤتمر سان فرانسيسكو الذي عرف الإعلان عن قيام منظمة الأمم المتحدة تحت عنوان “مؤتمر من اجل المنظمة العالمية”.

(تسلسل هذه المؤتمرات واللقاءات توجد باللغة العربية في الكثير من المراجع و منها مكتبة الأمم المتحدة:

1-تاريخ الأمم المتحدة 
un.org/ar/about us/history-of-the-un/preparatiry-years)

2-الأمم المتحدة
ar.m.wikipedia.org>wiki 

3-الأمم المتحدة -المعرفة
m.marefa.org
 
4-الأمم المتحدة
arab-ency.com.sy>details 

و هكذا تم الإعلان عن قيام منظمة الأمم المتحدة على أساس مبادئ إنسانية سامية فرضتها مآسي وويلات الحرب العالمية الثانية المدمرة.  اضحت الأمم المتحدة بذلك تمثل الطموح والأمل لجميع شعوب المعمورة باعتبارها الأداة التي تجسد هذه الإرادة الجماعية للبشرية.

و فى هذا الإطار التزمت القوى الاستعمارية الكبرى التخلص من المستعمرات و السماح للشعوب الواقعة تحت هيمنتها بالتمتع بالحق في تقرير المصير و الإستقلال.

و تجدر الإشارة هنا إلى أن غالبية الدول الإستعمارية رمت بآلاف الجنود من مواطني تلك المستعمرات فى الحرب ضد النازية و كانت مساهماتهم حاسمة في الكثير من المعارك ضد جيوش دول المحور.

ممثلو الدول المجتمعين بمدينة سان فرانسيسكو من 25 أبريل إلى 26 يونيو 1945، اتفقوا، بعد شهرين من المفاوضات الجماعية والثنائية،  على صياغة نهائية لميثاق الأمم المتحدة بعد مفاوضات و نقاشات طويلة على
كل واحدة من المفردات والعبارات الواردة فى ديباجة الميثاق لكي تكون هي المقدمة للميثاق باعتبارها الفلسفة التي بنيت عليها المنظمة العالمية.

و لأهمية هذا الموضوع وارتباطه الوثيق بما سيأتي من بعده على صعيد العلاقات الدولية و دور الأمم المتحدة وما اصابها من وهن سنتعرض له فيما بعد ارتأينا ان ننقل حرفيا الفقرات الهامة الواردة فى هذه الديباجة حتى يتمكن كل قارئ من تقدير الهوة العظيمة بين ما كان يشكل إجماعا سنة 1945 و ما آلت إليه الأوضاع العالمية و حالة العلاقات الدولية اليوم.

 تقول ديباجة الميثاق: 

 « نحن شعوب الأمم المتحدة وقد آلينا على أنفسنا

أن ننقذ الأجيال المقبلة من ويلات الحرب التي في خلال جيل واحد جلبت على الإنسانية مرتين أحزاناً يعجز عنها الوصف،

وأن نؤكد من جديد إيماننا بالحقوق الأساسية للإنسان وبكرامة الفرد وقدره وبما للرجال والنساء والأمم كبيرها وصغيرها من حقوق متساوية،

وأن نبيّن الأحوال التي يمكن في ظلها تحقيق العدالة واحترام الالتزامات الناشئة عن المعاهدات وغيرها من مصادر القانون الدولي،

وأن ندفع بالرقي الاجتماعي قدماً، وأن نرفع مستوى الحياة في جو من الحرية أفسح.

وفي سبيل هذه الغايات اعتزمنا

أن نأخذ أنفسنا بالتسامح، وأن نعيش معاً في سلام وحسن جوار ،

وأن نضم قوانا كي نحتفظ بالسلم والأمن الدولي،

وأن نكفل بقبولنا مبادئ معيّنة ورسم الخطط اللازمة لها ألاّ تستخدم القوة المسلحة في غير المصلحة المشتركة ،

وأن نستخدم الأداة الدولية في ترقية الشؤون الاقتصادية والاجتماعية للشعوب جميعها،

قد قرّرنا أن نوحّد جهودنا لتحقيق هذه الأغراض،

ولهذا فإن حكوماتنا المختلفة على يد مندوبيها المجتمعين في مدينة سان فرانسيسكو الذين قدّموا وثائق التفويض المستوفية للشرائط، قد ارتضت ميثاق الأمم المتحدة هذا، وأنشأت بمقتضاه هيئة دولية تُسمّى:  الأمم المتحدة”. (انتهت الديباجة)

تعتبر هذه الديباجة أنها كما اسلفنا، هي أساس المنطلقات السياسية و الخلفية التي تمخض عنها قيام هيئة الأمم المتحدة و نقلناها برمتها لأن مؤتمر سان فرانسيسكو جعل منها أساسا مبدئيا و فلسفيا للمنظمة العالمية.

عززت هذه الديباجة، كما هو معروف،  بسبعة عشر (17) فصل و مائة و إحدى عشر مادة (111) و التي يفترض أن تكون تجسيدا عمليا لتلك الديباجة و للمبادئ و الأهداف التي تضمنتها.

ثانيا: شلل الأمم المتحدة وأزمة النظام العالمي

لم تمر سنوات قليلة على قيام منظمة الأمم المتحدة حتى استفحلت الحرب الباردة و تم التراجع التدريجي من لدن القوى الاستعمارية عن الالتزام بمنح الاستقلال للبلدان والشعوب المستعمرة واندلعت حروب التحرير في قرات الجنوب الثلاثة و بدأت الأوضاع في العالم تتجه نحو التأزم المتصاعد و من أهم مظاهر الأزمة العالمية نذكر خاصة:

أ- الحرب الباردة وبروز الأحلاف العسكرية بدلا من الاتفاقيات والآليات الجهوية لحفظ السلام 

الاتفاقيات السرية بين الحلفاء فى الحرب العالمية الثانية حول مناطق النفوذ قبيل الإعلان عن قيام منظمة الأمم المتحدة فسح المجال أمام سجال قوي ادي إلى اصطفافات اوروبية أولا و عالمية ثانيا مع أحد المعسكرين.

هذا الوضع يتناقض بصفة مطلقة مع أهداف و مقاصد ميثاق الأمم المتحدة الذى يخول للمنظمات الإقليمية المساهمة في حفظ السلم و الأمن في نطاقها الجغرافي و يشترط فى ذلك أن تكون الإجراءات التي يمكن اتخاذها تتطابق مع مقتضيات الميثاق و أن تحوز كذلك على مباركة مجلس الأمن ومصادقته.

(انظر 
1-Accords régionaux (chapitre VIII)/Conseil de Sécurité
un.org>répertoire

2- Chapitre VIII: accords régionaux ( articles 52-54) Nations Unies.
un.org>chapitre-8

3-la guerre froide
geo.fr>histoire

4-Guerre froide/Définition -Perspective monde
perspective.usherbrooke.ca

لكن ما حصل منذ البداية، و بصفة عامة، هو أن الأحلاف العسكرية دخلت في سباق و مواجهات فيما بينها فى إطار صراعها على النفوذ و لم يكن اهتمامها منصب على إيجاد حلول للنزاعات فيما بين أعضاء الحلف الواحد و إنما فى مواجهة الحلف النقيض.

ب- الشطط في استعمال حق الفيتو و إخضاعه للأجندات الخاصة بدل فرض العدالة و مساواة و الشرعية الدولية 

كان ينظر أثناء قيام منظمة الأمم على أن تملك حق الفيتو من لدن الحلفاء، الذين هزموا النازية يدخل ضمن التعاقد الذى حصل فهمه بحسن نية لدى جميع المشاركين فى مؤتمر سان فرانسيسكو على أنه يرمز إلى ذلك الحق المستحق لتلك الدول المؤهلة، نتيجة لحجمها و مكانتها، للمساهمة فى فرض العدالة و المساواة و التصدي للعدوان.

هذه النظرة المثالية تم تجاوزها عندما اتضحت نوايا بعض القوى العظمى و تصرفاتها العدوانية و خاصة تأييدها للاستعمار و الأبارتايد و شنها لحروب مختلفة و تدخلها في الشؤون الداخلية للدول و تغييرها للأنظمة التى لا تخضع لنفوذها او لا تشاطرها سياستها وتوجهاتها.

لقد اضحى حق الفيتو، مع الزمن، بالنسبة لغالبية الدول الأعضاء في الأمم المتحدة يمثل هيمنة الاقلية على الأغلبية و يشرع، ضد مبادئ الديمقراطية و العدالة و المساواة، ديكتاتورية مجلس الأمن على الجمعية العامة للأمم المتحدة، الهيئة التي تمثل شعوب العالم.

الحروب المدمرة التي قامت بها دول دائمة العضوية في مجلس الأمن، بقرار أحادي الجانب، لفرض مصالحها وهيمنتها، بإسم ما تدعى أنه عمل يهدف إلى الدفاع عن احترام الشرعية الدولية، ينسف مصداقية قرارات مجلس الأمن بصفة خاصة و منظومة الأمم المتحدة بصفة عامة. 

و يضاف إلى ما سبق ذكره النقص الحاصل في تشكيلة مجلس الأمن في حد ذاته بالنسبة لاختلال التوازن في عدده من الأعضاء الدائمين وغير الدائمين و غياب التمثيل لبعض القارات و الحضارات و عدم شموليته لكل الأنظمة القانونية.

ج- سياسة المعايير المختلفة او الكيل بمكيالين 

تعد سياسة المعايير المختلفة التي دأبت الأمم المتحدة على تطبيقها و انتهاجها فى الكثير من النزاعات و المسائل المتعلقة بالحروب و قضايا حقوق الإنسان و الديمقراطية و التنمية و بظاهرة الإرهاب و المتاجرة بالمخدرات من أهم مظاهر الأزمة الحالية التي يعرفها النظام العالمي.

و من تجليات سياسة المعايير المختلفة انحياز قوى عظمى تمتلك حق الفيتو لدول بعينها تنتهك القانون و الشرعية الدوليين عبر قيامها بحروب توسعية و عدوانية و اخرى تمرغ أنف الديمقراطية و حقوق الإنسان على الأرض أو انظمة متورطة في الإرهاب و إنتاج و تصدير المخدرات و ذلك لاعتبارات سياسية بحتة تتمثل في تبعيتها لها.

هذا التصرف اللا مشروع يقابله عمل عدواني ضد صنف من الدول التى لا تربطها بها علاقة تبعية او ولاء حيث تقوم بمهاجمتها و فرض الحصار عليها و تشديد العقوبات ضدها بطريقة ظالمة، تعسفية و عدوانية تتعارض مع أبسط المبادئ الديمقراطية والقيم المشتركة للإنسانية.

(للمزيد من تفاصيل موضوع مشكل إستعمال حق الفيتو لأغراض تخالف مقاصد ميثاق الأمم المتحدة إطلع علي:
1-الجمعية العامة تبحث مسألة استخدام الفيتو فى مجلس الأمن/أخبار الأمم المتحدة
un.org>story>2023/07

2-إصلاح مجلس أمن الأمم المتحدة 
ar.m.wikipedia.org>wiki

3-faut-il supprimer le droit de veto au Conseil de Sécurité de l’ONU
ledrenche.fr>actualités

4-Conseil de Sécurité et droit de veto
cairn.info>revue

د- أزمة النظام العالمي الإقتصادي و المالي و البيئي.

أدت الإختلالات العميقة الموجودة في بنية الاقتصاد العالمي إلى هوة كبيرة بين الشمال الغني والجنوب الفقير و إلى عدم توازن فى شروط التبادل التجاري العالمي و ظهر تباعا لذلك مطالبة حركة بلدان عدم الانحياز و مجموعة ال77 بمراجعة قواعد التعامل المالي وإعادة النظر في طريقة عمل مؤسسات بريتون وود المالية و قضية الديون التى قضت على امكانية النهوض الاقتصادي و المالي لعدد لا يستهان به من أعضاء الأمم المتحدة الذين باتوا يعانون من الفقر وعدم الاستقرار كنتيجة حتمية لذلك.

امتناع الدول المصنعة من تحويل التكنولوجيا إلى دول الجنوب و عرقلتها لامتلاك ما يسمى بالدول السائرة في طريق النمو لقدرات على التصنيع جعل هذه الأخيرة تبقى كما يراد لها أن تكون أسواقا لكل انواع السلع و التجهيزات و الخدمات التي توفرها الدول المصنعة انطلاقا من المواد الأولية التي تستحوذ عليها الشركات المتعددة الجنسيات التابعة للشمال الغني و المصنع و التى تسيطر في النهاية على التجارة العالمية.

تدخل صندوق النقد والبنك الدوليين في اقتصاد دول الجنوب و سياساتها الاجتماعية، عبر ما يعرف بالإصلاحات الهيكلية، مقابل جدولة الديون و دعم بعض البرامج الوطنية، زاد من حدة الأزمات و أدى إلى إفلاس العديد من الدول و جعلها فى صنف الدول الفاشلة.

لم تزد العولمة الأوضاع العالمية السالفة الذكر بعد سقوط حائط برلين و اختفاء المعسكر الشرقي إلا تدهورا مما أدى في نهاية المطاف إلى انفجار الأوضاع الإجتماعية و السياسية في الكثير من الدول و خلق أزمة اقتصادية عالمية أظهرت العجز الكبير والمتعدد الأوجه للمنظومة العالمية.

و يعتبر التغير الكبير للمناخ على الصعيد العالمي و خروج الأوضاع عن السيطرة أحد مظاهر إفلاس المنظومة الأممية الشيء الذي أدى إلى نزوح الملايين من البشر عن مواطنهم و أوطانهم و ساهم فى تفاقم الهجرة سواء منها الوطنية أو تلك العبارة للحدود.

و تجدر الإشارة إلى الخطر العالمي الذي تمثله ظاهرة الإرهاب على الوجود المستقل للشعوب والدول و استقرارها و المؤشرات الخطيرة التي تشير إلى تورط اجهزة بعض القوى مع الارهاب و توجيهه لمصالحها و إستعمال دول تابعة لها لخلق شبكات إجرامية عابرة للحدود لخدمة اجنداتها السياسية بما فيها استعمال إرهاب الدولة و الإتجار بالبشر و المخدرات.

( انظر مظاهر من هذه الأزمة فى:
1-La crise économique mondiale. Enjeux et réformes
cairn.info>revue politique 

2-La crise économique mondiale
info.org>publications

3-Une économie mondiale fragilisée dans un contexte de taux d’intérêt élevés
banquemondiale.org)

ثالثا: مظاهر تقاعس الأمم المتحدة في إتمام عملية تصفية الاستعمار من الصحراء الغربية بالنظر إلى مسؤولياتها المنبثقة من مقتضيات الميثاق والقانون الدولي وقرارات الشرعية الدولية 

لا بد من التذكير في البداية أن مسالة الصحراء الغربية بالنسبة للأمم المتحدة وجميع المنظمات و المحاكم الإقليمية و الدولية هي مسألة تصفية استعمار و أن لشعبها الحق في تقرير المصير و الإستقلال.

كما أنه لا بد من التذكير كذلك بأن  النزاع الصحراوي المغربي، حسب احكام القانون الدولى، يدور بين الجمهورية الصحراوية المعتدى عليها و المملكة المغربية الغازية التي لم تحترم الحدود الدولية المعترف بها والتي تنتهك الوحدة الترابية لجارتها من الجنوب، الجمهورية الصحراوية، و تدوس على حقوق شعبها في السيادة على وطنه و تنتهج ضده حرب ابادة و سياسة احتلال استيطاني و ضم بالقوة العسكرية و هي كلها خروقات جسيمة يصنفها القانون الدولي بجرائم حرب وجرائم ضد الإنسانية.

(للإطلاع على مهمة بعثة الأمم المتحدة للإستفتاء في الصحراء الغربية 
MINURSO/Nations Unies. Maintien de la paix
peacekeeping.un.org )

فما هي أهم أسباب تقاعس الأمم المتحدة في الملف الصحراوي و ما هي مظاهره و تأثيره على وضعية السلم والأمن في المنطقة وفي العالم ؟

 يمكن أن نؤكد بدون تردد أن السبب الرئيسي لتقاعس الأمم المتحدة يكمن في أزمتها السياسية الداخلية لأنها تجمع في صفوفها قوى كبرى تتنافس على الهيمنة و مناطق النفوذ في العالم و لا تقبل عدم الإصطفاف مع سياساتها فى العالم بل تعتبر ذلك انحيازا للعدو تطبيقا لمقولة ” إن لم تكن معي فانك ضدي”.

و فى هذا الإطار ما دامت الجبهة الشعبية لتحرير الساقية الحمراء و وادي الذهب قد أعلنت الكفاح المسلح كوسيلة لنيل الإستقلال كنتيجة لرفض إسبانيا، القوة المديرة ، منح الإستقلال لمستعمرتها طبقا لقرارات الأمم المتحدة و القانون الدولى، فإن إسبانيا و فرنسا و الولايات المتحدة الأمريكية، و كلهم من حلف الناتو،  قاموا بدفع المغرب لغزو الصحراء الغربية وتقسيمها مع موريتانيا و هذا فى الوقت الذى لم تتلق فيه جبهة البوليساريو أي دعم من طرف حلف وارسو و لم تعلن أي اصطفاف ورائه، لا سياسيا ولا أيديولوجيا، بل على العكس من ذلك فقد اعلنت انها حركة تحرير مستقلة تهدف إلى الاستقلال الوطني كما أعلنت، في نفس الوقت، حكومة الجمهورية الصحراوية، منذ تشكيلها عن التزامها بالشرعية و المواثيق و المعاهدات الدولية.

تصنيف حركات التحرر و كفاح الشعوب المستعمرة من أجل نيل حريتها، من طرف بعض القوى الرئيسية فى حلف الناتو، بأنها حركات معادية لها يتناقض تماما مع مقتضيات ميثاق الأمم المتحدة و قراراتها فيما يتعلق بشرعية الكفاح المسلح و التزامات الدول الأعضاء بمساندة كفاح الشعوب بكل الوسائل ضد الإستعمار والإحتلال الأجنبي و حيازة الأراضي بالقوة.

 فلولا التدخل الفرنسي الى جانب المغرب و دفعه لاحتلال الصحراء الغربية فى إطار السياسة الاستعمارية الفرنسية في أفريقيا بالإضافة إلى تخلي إسبانيا، من جانب واحد، عن مسؤولياتها كقوة مديرة للإقليم و خيانتها لالتزامتها أمام الأمم المتحدة و الشعب الصحراوي و تشجيع أمريكا، من جانب آخر، لمشروع تقسيم الإقليم إنطلاقا من مصلحتها في ذلك الوقت و فى إطار تصنيفها لحركات التحرر في صف الأعداء، في أجواء الحرب الباردة، لولا كل ما سبق كانت عملية تصفية الاستعمار من الصحراء الغربية قد انتهت بممارسة الشعب الصحراوي لحقه الثابث و غير القابل للتصرف او التقادم فى تقرير المصير و الإستقلال و ذلك فى منتصف سبعينيات القرن الماضي و لكانت منطقة شمال غرب افريقيا قد عاشت في أمن واستقرار بعيدا عن ويلات الحرب و الدمار.

هذه الوضعية الجيوسياسية هي التي تفسر تقاعس الأمم المتحدة في القيام بمسؤولياتها في الصحراء الغربية إلى حد اليوم و عرقلة مجهوداتها و عمل بعثتها في الصحراء الغربية.

 و تتجلى مظاهر هذا التقاعس فيما يلي: 

1-عدم فرض تطبيق مخطط التسوية لسنة 1991 باعتباره الإتفاق الموقع تحت اشرافها و لكونها الضامن لتطبيقه من جهة ولأنه يدخل في صميم مسؤولياتها من جهة اخرى. 

2- عرقلة قيام بعثة المينورسو بتنفيذ المهمة الوحيدة و الحصرية التى أنشئت من أجلها والمتمثلة في تنظيم الإستفتاء و منعها من التكفل بحماية حقوق الإنسان والتقرير عنها كباقى البعثات الأممية وعدم فرض تطبيق مقتضيات القانون الدولي الإنساني، و كل ذلك بارادة صريحة من أعضاء دائمين بمجلس الأمن مما سهل على المحتل المغربي تطبيق سياسة الإحتلال الإستيطاني و تنفيذ سياسة الضم و المغربة في تناقض صارخ مع الشرعية الدولية.

3- استغلال أعضاء دائمين في مجلس الأمن لمسؤولياتهم و امتلاكهم للفيتو لعرقلة ممارسة الشعب الصحراوي لحقه فى الإستقلال و استكمال سيادته على وطنه و محاولاتهم المتكررة الرامية إلى مصادرة تلك الحقوق و بحثهم المكشوف عن فرض الحلول التي تشرع الإحتلال اللاشرعي و تبرر العدوان و تغيير الحدود الدولية من طرف القوة المحتلة.

و مما سبق نستنتج أن مجلس الأمن الذي يعتبر هو المسؤول الأول عن الحفاظ على السلام وتطبيق قرارات الشرعية الدولية و مقتضياتها أصبح في القضية الصحراوية جزءا من المشكل و معرقلا للحل السلمى.

و يتضح إذن مما تقدم أن تطبيق مبادئ القانون الدولي مرهون بخضوع جميع أفراد المجتمع الدولى، بدون استثناء، وخاصة اولئك الذين منهم يتولون سلطة إنفاذ احكام الشرعية الدولية.

إن ازمة النظام العالمي تتجلى في السباق على النفوذ وعدم الإلتزام بإحترام حقوق الأمم و الشعوب فى الحرية و السيادة و حقها في المساواة و التزامها جميعا بالقيم الإنسانية المشتركة و خضوعها للإرادة الجماعية. 

لا يمكن للأمم المتحدة أن تلعب دورها كاملا ضد إرادة اعضائها و خاصة عندما يتعلق الأمر بالقوى العظمى التى تجعل مصلحتها الخاصة فوق مصلحة المجتمع الدولي قاطبة. 

إن إصلاح منظومة الأمم المتحدة تتطلب التخلص من الهيمنة و النظرة الأحادية و إستعمال القوة والعدوان في العلاقات الدولية و القبول بمساهمة جميع الشعوب والأمم في صياغة سياسة كونية تحدث الأمل فى قيام عالم متعدد الأطراف يسود السلام و الأمن و يحترم مصالح و حقوق الجميع.

و تبقى تصفية الإستعمار من الصحراء الغربية بالإضافة إلى ارتباطها بتشبث شعبها بحقوقه الثابتة وغير القابلة للتصرف او التقادم فى تقرير المصير و الإستقلال فإن لها علاقة وثيقة  بتخلص الأمم المتحدة من هيمنة القوى التي لها أجندات تتعارض مع مبادئها و أهدافها و التي منها اعتبار الإستعمار والإحتلال الأجنبي جريمة في حق الإنسانية.

أحدث الإضافات

أبرز الأخبار

12 ماي / أيار 2024

بئر لحلو (الجمهورية الصحراوية)– نفذت وحدات جيش التحرير الشعبي الصحراوي هجمات جديدة، استهدفت فيها تخندقات جنود الإحتلال المغربي بقطاع المحبس، حسب البلاغ العسكري الصادر عن المديرية المركزية للمحافظة السياسية للجيش. وأبرز البلاغ أن مفارز متقدمة من الجيش الصحراوي نفذت قصفا استهدف مقر قيادة لجيش الاحتلال بقطاع المحبس، وقاعدة أخرى على الساعة 15:45 بمنطقة أكْوَيْرَةْ وَلْدْ […]

أخبار الصحراء الغربية

12 ماي / أيار 2024

بروكسل (بلجيكا)– أشرفت جمعية “الصحراء ماتنباع” ببروكسل، أمس السبت، على تنظيم وقفة أمام مقر البرلمان الأوروبي تضامناً مع معتقلي “أگديم إزيك” وجميع الأسرى المدنيين الصحراويين في سجون الاحتلال المغربي. وندد المشاركون في الوقفة بواقع الانتهاكات الجسيمة التي يتعرض لها الأسرى المدنيين الصحراويين، مطالبين بالإفراج الفوري عنهم. لللإشارة، فقد شارك في الوقفة إلى جانب الجالية الصحراوية […]

أبرز الأخبار

12 ماي / أيار 2024

ولاية الشهيد الحافظ (الجمهورية الصحراوية)– عقد المجلس الوطني (البرلمان) الصحراوي، أمس السبت، جلسة مداولات علنية، خصصت لمناقشة مشروع القانون المتضمن التصديق على الميثاق الأفريقي لحقوق الطفل ورفاهيته، وذلك ضمن أشغال الدورة الربيعية. وتأتي مناقشة المجلس الوطني لمضامين مشروع القانون انطلاقا من المبادئ والمنطلقات المعبر عنها في ديباجة دستور الجمهورية الصحراوية في مجال احترام حقوق الانسان وتجسيدا […]

أبرز الأخبار

12 ماي / أيار 2024

تينيريفي  (كناريا)– نظمت الجالية الصحراوية بجزيرة تنريفي، أمس السبت، وقفة تضامنية مع الشعب الصحراوي وقضيته العادلة، وذلك بمناسبة الذكرى الـ51 لتأسيس جبهة البوليساريو.  وخلال الوقفة التي نظمت أمام مقر الحكومة الإسبانية بالجزيرة، طالب المشاركون الدولة الإسبانية بتحمل مسؤولياتها التاريخية والأخلاقية تجاه القضية الصحراوية، كما رفعوا الأعلام الوطنية وشعارات تنادي بحياة الجبهة الشعبية لتحرير الساقية الحمراء […]

أبرز الأخبار

12 ماي / أيار 2024

القاهرة (مصر)– أعلنت مصر، اليوم الأحد، اعتزامها التدخل رسميا لدعم دعوى جنوب أفريقيا في قضية الإبادة الجماعية المرفوعة ضد إسرائيل في محكمة العدل الدولية بسبب حربها المستمرة على قطاع غزة، في حين ثمّنت حركة حماس موقف القاهرة. وفي بيان صادر عن وزارة الخارجية المصرية نشر على صفحتها في فيسبوك، أعلنت القاهرة التدخل رسميا لدعم الدعوى الجنوب أفريقية للنظر في انتهاكات إسرائيل لالتزاماتها باتفاقية منع […]

أبرز الأخبار

12 ماي / أيار 2024

غزة (فلسطين)– قال رئيس الوزراء الإسرائيلي السابق إيهود أولمرت -اليوم الأحد- إن الحرب على غزة انتهت فعليا قبل 3 أشهر، ولا يوجد سبب للادعاء باستمرارها، مؤكدا ضرورة التوصل إلى صفقة لاستعادة المحتجزين وانسحاب الجيش من القطاع. وأوضح ألمرت -في مقال نشرته صحيفة هآرتس- أن الجيش يقول إنه قضى على نحو 26 لواء لحركة المقاومة الإسلامية (حماس) مما […]

أبرز الأخبار

12 ماي / أيار 2024

غزة (فلسطين)– أعلنت كتائب القسام الجناح العسكري لحركة المقاومة الإسلامية (حماس) أنها قصفت مدينة عسقلان بدفعة من الصواريخ انطلاقا من منطقة توغل جيش الاحتلال، شرق جباليا شمالي قطاع غزة حيث تدور معارك ضارية تزامنا مع القتال في حي الزيتون بمدينة غزة وفي رفح جنوبا. ورصد فلسطينيون في جباليا تقدم آليات الاحتلال في المخيم، بينما سمع دوي إطلاق نار كثيف، كما استمرت الغارات الجوية […]

أبرز الأخبار

12 ماي / أيار 2024

تل أبيب (إسرائيل)– قالت تقارير إعلامية إسرائيلية، اليوم الأحد، إن قادة في الجيش والأجهزة الأمنية زادوا من انتقاداتهم وضغوطهم على رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو، وسط مخاوف من “تآكل الإنجازات العسكرية” في قطاع غزة بسبب تأخير القرار السياسي في عدة مسائل. وأوردت صحيفة يديعوت أحرونوت الإسرائيلية أن المؤسسة العسكرية الأمنية تطالب نتنياهو بحسم الموقف سريعا واتخاذ قرار في قضيتين […]