لا للتراشق.. نعم للاستنهاض الشامل

18 أغسطس / آب 2015 - آخر تحديث 18 أغسطس 2015 / 20:26

   التعليقات 0

ـ بقلم: لحسن بُولسان

تشهد الساحة الصحراوية الكثير من النقاشات غير المسبوقة حول واقعنا اليوم وعلاقته بتطورات قضيتنا، ويبدو أن المرحلة الراهنة حركتْ نقاشاً مهماً وأضاءتْ على نقاط تستحق المتابعة، بعد أن برزت للسطحِ عدة مؤشرات تشير إلى الجمود الفعلي في خط المفاوضات وابتعاد فرص الحل العادل الذي تأملنا فيه كثيراً بسبب صلافة وتعنتِ الإحتلال المغربي؛ وساهمَ تهاونُ الأممِ المتحدة في إفراز واقعٍ  صاحبته نقاشات حول وضعنا الراهن وضرورة استغلال الأوراق  المتعددة المتوفرة للجبهة للدفع إلى الأمام بكفاحنا؛ وتبقى الأسئلة الأكثر حضوراً  في الساحة الوطنية: “هل الجبهة اليوم بحاجة إلى إصلاح وترميم أم بحاجة إلى إعادة بناء كلي؟” و”هل صحيحٌ أن ذلك لن يتحقق إلا بدفع ثمنٍ سواءٌ كان في المواقف أو المناصب؟”، “كيف نرفع  كل اللبس عن مفهوم  تقرير المصير و الاستقلال؟” و”هل الوحدة الوطنية تعني  اليوم  وحدة شعب أم وحدة وطن؟”؛ مع العلم أن طرح السؤال بصيغته الإشكالية عن جدلية الدولة والحركة ما زال يجد له مكاناً بين المواضيع المُثارة دون إغفال المطالب المتكررة للنهوض بالمؤسسات وتفعيل ساحات النضال؛ ومع تعددِ الأسئلة والانشغالات ذات الصلة بوضعنا الداخلي، يسيرُ الغضب الشعبي تجاه درجة الغليان ضد سلبية الأمم المتحدة ودورها المحتشم، ونفاذ  صبر شعبنا وخاصة الفئة الشابة منه، في ظل تخاذلٍ أممي يصلُ درجة العجز لم يعد قادراً سوى على إصدار قراراتٍ جافة ليست ملزمة، مما ساهم في تضاعف هذا الغضب بسبب هذا التخاذل الدولي ويجعل الطرح  حتى حول جدوائية التعامل مع الأمم المتحدة بهذه المرونة يكثر تداوله وسط العامة والخاصة.

ورغمَ أن هناك خلافات في وجهات النظر بين الصحراويين وفي تقييم الأوضاع عامة والظروف التي تمر بها القضية الوطنية في دقة تفاصيلها وبكل تعقيداتها، إلا أن هذا أمرٌ طبيعي لا يدعو إلى القلق، بل هو من مظاهر العافية؛ وفي رأينا المتواضع يمكن أن نصف هذا الاستياء من الوضع الحالي بالمفيد للقضية، حيث استفز مشاعر الصحراويين، ونتجتْ  عنه ردّاتُ فعل ولو اختلفت في حدة لغتها وسقف مطالبها من الأكثر تشدداً إلى الأكثر اعتدالاً، ولكنها مجتمعة عكستْ تأهبَ الصحراويين لكل الاحتمالات واستعدادهم لتقديم كل أشكال التضحيات لكسب معركة الاستقلال، من هنا تجد هذه الأصوات المتصاعدة تتعالى وتعتبر الشروع في البحث عن مخارج ملائمة واجباً وطنياً على كل مواطن ومسؤول، وتجعل منه كذلك أمراً له أولوية البحث والنقاش بكليته وليس بجزئياته المنفلتة هنا وهناك.

ولكن الأكثر تأكيداً أن الشعب الصحراوي الذي دشن بدمِ أبنائه أعظم التضحيات، والذي لا يقبل أصلاً بالذل والارتهان والهوان، مجمعٌ أن وضعنا الراهن يفرض علينا مزيداً من الوحدة والتبصر والحكمة، وترفض الأغلبية المطلقة هذا التراشق الاعلامي فيما بيننا لأنه أصلاً لن يُفيد قضيتنا في شيء حتى وإن كانت هناك وجهات نظر مختلفة أو متباعدة، فالمطلوب حلها بالحوار والعمل الهادئ، لأنه من المؤسف والمُخجل أيضاً أن يطبع ساحتنا الوطنية هذا الكم من التراشق وخاصة بين من يحتسب على النخبة، والتي من المفروض أن ترتقي إلى مستوى المسؤوليات، وأن ترتفع عن المصالح الضيقة نحو المصلحة الوطنية العليا، لأنه عندما تبدأ النخبة في تداول قضايا الوطن والمصير يفترض أن يكون لهذا النقاش وزنه وقواعده التي لا يحيد عنها، أما أن يكون كلاماً عاماً ميزته التراشق وتصيد الأخطاء فلن يفي بالمطلوب منه ويُصبح دون وزن أو اعتبار.

في المبدأ نستطيع جميعنا أن نجزم أن الشعب الصحراوي الذي أثبتَ على مدار السنين أنه شعبٌ يستطيعُ أن يمتص الصدمات، وقادر أن يُبدعَ بإيجاد مقومات البقاء والصمود وصناعة الأمل رغم قسوة الظروف، يبقَ يُراهن دوماً على الجبهة لاستنهاض المشروع الوطني، وهي التي تمتلك على الأرض قوة شعبية وعسكرية وجاهزية لا يُستهان بها، وباستطاعتها أن تضع حداً لحالة الجمود إن أحسنت توظيف عديد الأوراق المتوفرة لها، مُدركة أنه لم يشهد التاريخ أن الشعوب المحتلة استكانتْ لعدوها.

لهذه الأسباب وغيرها تتعالى الأصوات المُشددة على أنه آن الأوان لرجة عنيفة لإحداث إفاقة لحالة الركود، وحان وقتُ  المراجعة النقدية الجريئة لرسم استراتيجياتٍ نضالية متجددة، ويعلم شعبنا علم اليقين أن الجبهة اليوم ليستْ هي الجبهة أمس، ولا يُخطئ إن اعتقد أن نظامها السياسي شهدَ تغييرات في سياساته الداخلية أو في القواعد التي قامتْ عليها تلك السياسات، ونتوقع بل من الواجب أن لا تكون الجبهة هي نفسها بعد المؤتمر القادم في الشق المتصل بآفاق العمل النضالي.

علمتنا الجبهة التي رفعتْ شعار النقد الذاتي ممارسة أن لا نتهرب من الاعتراف بأخطائنا، وأن الإقرار بالإخفاق في مجالات ونقاط عدة متصلة بكفاحنا هو في حقيقة الأمر مسلك للأقوياء، وانسجاماً مع هذا المبدأ تبرز حتمية الدراسة المتأنية لواقعنا قبل السعي للاستشراف، ودراسة التجربة بكاملها لاستخلاص الدروس والعبر ورسم استراتيجيات نضالية واضحة المعالم حتى نتفاعل جميعنا مع واقع جديد مأمول.

ويبدأ الاستنهاض بالالتفاتة إلى الذات وتقوية سياسة الاعتماد عليه في تغيير الواقع وعدم انتظار مستجدات نوعية في العوامل الخارجية، لأن هكذا انتظار سيكون طويلاً ومؤلماً؛ وبالرغم من أهمية القيم والأخلاق ومبادئ الشرعية الدولية، إلا أن السياسة لا تقوم بالضرورة على الشعارات، بل على موازين القوى والقدرة في التأثير على مُجريات الأمور انطلاقاً من الداخل الذي بالأكيد سيكون الاهتمام به مفيداً ومؤثراً على علاقتنا بالعالم، وخاصة بالأمم المتحدة.

وأخيراً من البديهي أن تستعيد الأولويات وضوحها حين يدور النقاش حول المؤتمر القادم للجبهة، وصحيحٌ أنه لا يُمكن النظر إلى المؤتمر كمجرد استحقاقٍ زماني شكلي، ولكن لاعتبارات موضوعية تتجاوز النواحي الشكلية والدورية، يجب أن يكون غير ما سبقه من المؤتمرات، دون أن نعلق كل الآمال عليه، بل يجب النظر إليه كإضافة مهمة تساهم في تفعيل الجسم وفق خارطة طريق شاملة وواضحة المعالم والأهداف يكون عنوانها الكبير الاستنهاض الشامل للجسم للتعجيل باستقلالنا الوطني، تبدأ من مرحلة التحضير للمؤتمر وتتواصل بعد اختتام جلساته لنرسم برنامج عملنا اليوم وغداً وبعده وبعد بعده.

 

 

 

 

 

 

 

أحدث الإضافات

أبرز الأخبار

15 ماي / أيار 2024

بانجول (غامبيا)– رافعت اللجنة الوطنية الصحراوية لحقوق الانسان، اليوم الأربعاء، أمام اللجنة الأفريقية لحقوق الانسان والشعوب في دورتها الـ79 المنعقدة ببانجول بغامبيا، أين تطرق رئيس اللجنة، أبا الحيسن، عن حالة المعتقلين السياسيين الصحراويين بالسجون المغربية الرهيبة، حيث يتعرضون لممارسات حاطة من الكرامة الانسانية من طرف سلطات الاحتلال المغربي. وأكدت اللجنة الصحراوية إن حالة حقوق الإنسان […]

أبرز الأخبار

15 ماي / أيار 2024

الجزائر– دعا رئيس مجلس الأمة الجزائري، صالح قوجيل، في كلمة له في افتتاح الجمعية الـ18 لبرلمان البحر الأبيض المتوسط بمدينة براغا البرتغالية، إلى إرساء “شراكة توازن” بين ضفتي المتوسط، موكدا على أن تكريس السلم والأمن الدوليين لا يستقيم دون حل القضيتين الفلسطينية والصحراوية، حسب ما أورده اليوم الاربعاء بيان للمجلس. وفي كلمة خلال الجمعية الـ8 […]

أبرز الأخبار

15 ماي / أيار 2024

برلين (ألمانيا)– قال بروفيسور القانون العام بجامعة بريمن الألمانية، الدكتور مانفريد هينز، أن رئاسة المغرب لمجلس حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة، أشبه ما تكون بمن “يؤمن ذئبا على رعي أغنامه”، مبرزا أن المغرب يبقى البلد الإفريقي الوحيد الذي لم يوقع بعد على الميثاق الإفريقي لحقوق الإنسان والشعوب. جاء ذلك في مقال نشرته صحيفة “فيزا كورييه” […]

أخبار الصحراء الغربية

15 ماي / أيار 2024

ولاية العيون (الجمهورية الصحراوية)– إنطلقت اليوم الأربعاء بولاية العيون مباريات بين فرق النواحي العسكرية، وذلك بمناسبة الإحتفال بالذكرى الـ51 لتأسيس جبهة البوليساريو، واليوم الوطني للجيش.  وحضر انطلاق الدوري كل من الوزير المنتدب للشؤون الدينية سيد أحمد أعليات، والي ولاية العيون الغوث ماموني، المدير المركزي للمحافظة السياسية للجيش محمد أوليدة، والمدير المركزي للرياضة بوزارة الشباب والرياضة.  […]

أبرز الأخبار

15 ماي / أيار 2024

الجزائر– أكد مدير مركز الدراسات الاستراتيجية الصحراوي، إبراهيم محمد محمود، أن بناء مغرب الشعوب يشكل خيارا ضروريا للتعاون والتكامل لشعوب المنطقة، وخيارا نحو مستقبل أفضل.  جاء ذلك في محاضرة قدمها خلال اليوم الدراسي الذي نظمه المركز بالتعاون مع مركز الدراسات الاستراتيجية الشامل الجزائري، أوضح فيها أن إقامة تكتل جامع لدول منطقة المغرب العربي يظل خيارا ضرورَيا لكونه […]

أبرز الأخبار

15 ماي / أيار 2024

كاراكاس (فنزويلا)– انطلقت يوم أمس الثلاثاء بالعاصمة الفنزويلية كاراكاس أشغال الحلقة الدراسية الإقليمية لمنطقة الكاريبي التي تنظمها اللجنة الخاصة المعنية بحالة تنفيذ إعلان منح الاستقلال للبلدان والشعوب المستعمَرة (لجنة الأربعة والعشرين) التابعة للجمعية العامة للأمم المتحدة في إطار العقد الدولي الرابع للقضاء على الاستعمار (2021-2030).  وستنظر اللجنة الخاصة في استنتاجات الحلقة الدراسية وتوصياتها في دورتها […]

أبرز الأخبار

15 ماي / أيار 2024

لندن (المملكة المتحدة)– أيدت مجموعة من البرلمانيين  البريطانيين يمثلون عدة أحزاب بالمملكة المتحدة، أمثال باتريك كريدي وجيري كوربين الصديق الوفي للشعب الصحراوي والمعروف على مستوى دولته والعالم بدفاعه عن القضايا العادلة وحقوق الإنسان والعمال، ايدو حق الشعب الصحراوي غير القابل للتصرف في تقرير المصير ودفاعه المشروع عن قضيته العادلة اثناء نقاش حول القضية الوطنية في […]

أبرز الأخبار

15 ماي / أيار 2024

دبلن (إيرلندا)– أكد نواب من البرلمان الايرلندي دعمهم الكامل للقضية الصحراوية وحق الشعب الصحراوي في تقرير المصير، وذلك خلال اجتماع جمعهم، أمس الثلاثاء، بمقر البرلمان بممثل جبهة البوليساريو بإيرلندا، نفعي الرايس. وخلال اللقاء، أجمع النواب الذين ينتمون لحزب “فينا فيل” المشكل الرئيسي للائتلاف الحاكم وحزب الخضر المشارك في الحكومة وحزب “الشين فين” المعارض، بالإضافة إلى […]