بقلم: لعروسي عبد الله

تذكير لا بد منه:

توقع صندوق النقد الدولي في تقريره لسنة 1974 ان تكون الصحراء الغربية بالنظر الى ثرواتها الطبيعية المتنوعة والمعتبرة وقلة عدد سكانها واحدة من أغنى بلدان العالم. ووصفها وزير الخارجية الإسباني الأسبق “ألبرتو مارتين أرتاخو” (1945) بسوق المستقبل، وأنها هبة العناية الإلهية لإسبانيا. وأضاف الناطق الرسمي للحكومة المغربية، الناصري، سنة 2010  أن “المغرب بلا صحراء ما يساوي حتى بصلة”، مكذبا بذلك ملكه الذي سيدعي بعد ذلك أنه ينفق عليها 07 مرات ما يأخذه منها.

لكن وقبل الحديث عن العائدات سواء التي يجنيها الاحتلال المغربي مدعوما من فرنسا واسبانيا، أو التي يمكن ان تدرمستقبلا على خزينة الدولة الصحراوية مداخيل بملايين الدولارات، وجب علينا التذكير بأن الاحتلال المغربي وكعادته لازال يخفي الأرقام الحقيقية للنهب، كما يخفي الدراسات التي يجريها هو وأعوانه في الجزء المحتل من الصحراء الغربية. غير أن المؤكد أن المداخيل التي تشي بها عدة مصادر من بينها المغربية نفسها تتحدث عن غنم الاحتلال المغربي ما يناهز 3 مليار دولار سنويا من عائدات نهب الثروات السمكية والمعدنية والزراعية في المناطق المحتلة من الصحراء الغربية.

الثروة السمكية:

يوفر الصيد البحري في الصحراء الغربية للمغرب وعملائه من الشركات الأجنبية المتورطة في هذه السرقة والقرصنة الدولية، ما يناهز مليونين طن من مختلف أنواع السمك سنويا، بما تصل عائداته تقريبا ملياري دولار سنويا، منها:

• 368 مليون أورو هي قيمة التراخيص في هذا المجال وحدها، وذلك حسب ما أعده مكتب للدراسات بكوريا الجنوبية،
• ومليار دولار، حسب الباحث الصحراوي علي سالم محمد فاضل، من الأخطبوط بمدينة الداخلة المحتلة لوحدها.
• و30 مليون دولار من مركب اوميغا 03 المستخرج من زيت السمك خاصة السردين.

وحسب تقرير الفاو لسنة 2017 فإن المغرب يحتل الترتيب الأول أفريقيا وعربيا في تصدير الأسماك والمنتجات البحرية، ويحتل الترتيب 17 عالميا.

ويحتل أيضا حسب نفس التقرير الترتيب الأول عالميا في تصدير الاخطبوط متقدما على موريتانيا والصين.

وحسب دراسة مغربية في إطار مناقشة ميزانية وزارة الفلاحة والصيد البحري فإن المغرب يحتل الترتيب الأول عالميا في تصدير السردين بعائدات قدرت ب 800 مليون دولار سنويا حيث يغذي 40% من حاجيات السوق العالمية من الأسماك المعلبة، أي حوالي 700 مليون علبة سنويا.  ناهيك عن توفير هذا القطاع لمليون منصب شغل منها 300 الف منصب شغل مباشر موزعة بين المغاربة والأوربيين، وبخاصة من اسبانيا.

الفوسفات:

أما بخصوص الفوسفات فيقدر المرصد الدولي للثروات الطبيعية بالصحراء الغربية أن مداخيل المغرب تصل سنويا قرابة 400 مليون دولار على الأقل. لكنني أشك شخصيا في هذا الرقم لأن التقارير الأمريكية،  وخاصة التقرير الأخير المنشور في صحيفة “نورثيرن مينر” الأمريكية المتخصصة في المعادن، الذي كذب كل الأرقام التي يتم الإعلان عنها بشكل دوري حول مداخيل المغرب من الفوسفات، وكذب ما يعلن عن نسبة الأرباح التي يجنيها المغرب، باعتباره أول مصدر للفوسفات في العالم، وثاني منتج له بعد الصين، حيث أشارت الصحيفة أن مداخيل المغرب في 6 أشهر فقط تفوق 2,5 مليار دولار، وأن ما يقدمه المكتب الشريف للفوسفات من معلومات للمغاربة عن أرباحه قد يكون غير صحيح بسبب تهرب المسؤولين المغاربة من إدراج الشركة بالبورصة لتبقى أرقام مداخيلها طي الكتمان.

ومن خلال هذا التقرير نستنتج أن المغرب يجني سنويا ما قد يصل إلى 05 مليار دولار من الفوسفات المغربي والصحراوي، معا وبالتالي فمداخيل الفوسفات الصحراوي تتخطى المليار دولار سنويا على الأقل خاصة أن حجم استخراج الفوسفات من منجم بوكراع في الصحراء الغربية قد تضاعف 800 بالمئة. وفي سنة 2007 مثلا، ونتيجة لارتفاع ثمن الفوسفاط نتيجة لأهميته لإنتاج الأسمدة وللفلاحة، حصل المغرب على مليار و 800 مليون دولار من استغلال الفوسفات الصحراوي الذي يعتبر من أجود أنواع الفوسفات في العالم نتيجة لأنه غني بالفوسفور في حين تقل به العناصر الكيماوية المضرة بالبيئة.

نهب معادن أخرى

أما بخصوص المعادن والثروات الأخرى وخاصة منها الملح، فمعلوم أن بالصحراء الغربية حوالي 42 سبخة تستغل منها 09 سباخ حتى الآن تنتج 4,5 مليون طن من الملح سنويا، وتدر على خزينة الدولة المغربية حوالي 03 مليون دولار سنويا.

وبخصوص الرمال، يصدر منها الاحتلال حوالي مليون طن سنويا، وتدر على خزينته حوالي 100 الف دولار على الأقل.

أما بخصوص الطاقة النظيفة فالاحتلال المغربي ينتج 300 ميغواط بعين تسكراد و85 ميغاواط بفم الواد و20 ميغاواط ببجدور.

ناهيك عن احتمال نهب الذهب واليورانيوم خاصة في ظل توقيف شحنات في عدة موانئ ومطارات من هاذين المعدينين النفيسين، لكن قوات الاحتلال تضرب حصارا وتكتما شديدا على استغلال هذه المعادن بالخصوص.

الزراعة في المناطق المحتلة

قد يجهل الكثيرون أن مداخيل الاستثمار الزراعي من قبل الاحتلال المغربي تدر عليه من 11 مزرعة مغطاة في ضواحي مدينة الداخلة المحتلة مداخيل هائلة، رغم عدم توفرنا على معلومات دقيقة عن مداخيلها حتى الآن. إلا أنها تنتج حسب الأرقام المغربية حوالي 100 الف طن من المنتجات الزراعية ذات الجودة العالمية سنويا ومن الممكن أن تصل إلى 160 الف طن السنة القادمة ويتم تخصيصها كلها للتصدير إلى الخارج.

الثروات الطبيعية ومستقبل الدولة الصحراوية

من الأكيد أن نجاح الشعب الصحراوي في تحرير باقي التراب الصحراوي من قبضة الاحتلال المغربي، وقيام الدولة الصحراوية على كامل ترابها في المستقبل سيوفر للسلطة الصحراوية دخلا معتبرا سيؤكد دون شك توقعات تقرير البنك الدولي لسنة 1974، خاصة أن الوكالة الدولية للطاقة الذرية في تقريرها لسنة 2009 قد قدرت هي الأخرى حجم الإحتياطي من اليورانيوم في المنطقة الواقعة شرق الداخلة وحدها بما يتراوح بين 25 ألف إلى 50 ألف طن من هذا المعدن الحيوي للطاقة.

ومن المعروف أن الفوسفات في منجم بوكراع يحتوي هو أيضا على نسب معتبرة من اليورانيوم تصل الى 200 غرام في الطن. غير أن الدراسات التي أجريت في السنوات الأخيرة أظهرت وجود احتياطيات مهمة من خام اليورانيوم في كل من لعشاريات، وواد لحوار، والطيحة، واواراك، وايمليلي. كما أن هناك مؤشرات واعدة من هذا الخام في منطقتي  تشلة واوسرد.

وعلى الرغم من عدم اكتشافه بمنطقة زمور حتى الآن إلا أن المؤشرات الجيولوجية ونتائج التنقيب المشجعة في الجزء الموريتاني المقابل لهذه المنطقة تجعل العثور على خامات اليورانيوم واعدة جدا.

من جهة أخرى، هناك مؤشرات هامة على وجود الذهب خاصة في قطاع “تشلة”، دفعت مجلة “أفريكا أنتيليجنس” إلأى نشر خبر اكتشاف توئم تازيات الموريتاني بعد درسات معمقة للشركة الكندية ميتاليكس واكتشاف مكامن الذهب في 38 موقعا. بالإضافة أيضا إلى اكتشاف خامات الحديد باحتياطي يتراوح ما بين 4 الى 6 مليار طن، واكتشاف معادن مهمة أخرى كالكروم والنحاس والنيكل وغيرها كثير سينضاف إلى ملكية جبال التروبيكال المتواجدة قبالة الصحراء الغربية وما تحتويه من معادن وخاصة منها العناصر الأرضية النادرة ذات الأهمية الخاصة في الصناعات الاليكترونية الحديثة، إضافة الى الدراسات التي اكدت ان قطاع المحروقات يمكن ان يساهم لخزينة الدولة ب 600 مليون دولار وعائدات المنتجات المعدنية ب300 مليون دولار وعائدات المنتجات الزراعية بشكلها العام ب 50 مليون دولار.

وعليه، نعتقد بأن قابلية الدولة الصحراوية للحياة مستقبلا، كدولة ذات دخل مرتفع، هي حقيقة واقعة لا مراء فيها، ليس فقط بالاعتماد على المعادن والثروات الممكنة، بل أيضا على الإمكانيات الهائلة للصحراء الغربية فيما يخص السياحة بأنواعها البحرية والصحراوية، والمواقع الأثرية الكثيرة وغير المكتشفة التي ستجعل من البلد قبلة للمهتمين. وبالتالي، فكل ما علينا القيام به هو تركيز الجهد والتفكير في طرد الاحتلال المغربي من الصحراء الغربية، وتحريرها، حتى نتمكن من بناء المجتمع المستقل الذي نتوخاه مبنيا على دولة القانون، والحريات، والتنمية المستدامة المسؤولة المبنية على سيادة الشعب الصحراوي على أرضه وثرواته.

مواضيع من نفس الفئة

رئيس المجلس الدستوري الصحراوي يشارك في دورة لرؤساء المحاكم الدستورية الأفريقية

2 ماي / أيار 2024

إفتتاح أشغال الندوة الإعلامية الأولى للتضامن مع الشعب الصحراوي

2 ماي / أيار 2024

بريطانيا تجدد تأكيد دعمها لحق الشعب الصحراوي في تقرير المصير

2 ماي / أيار 2024

مديرة المخابرات الوطنية الأميركية: الحرب في غزة ستحدد مستقبل المنطقة

2 ماي / أيار 2024