ـ بقلم: لعروصي عبد الله.

بعدَ يهودِ أمريكا (6 ملايين) وأوروبا الوسطى والغربية، قبل الحرب العالمية الثانية (3 ملايين من الأشكناز أو يهود الغرب)، يأتي بعدها المغرب (900 ألف) ومعظمهم من السافرديم، وهم يهود الشرق.

هذه مؤشراتٌ من شأنها تأكيد دور اليهود المغاربة بإسرائيل مند نشأتها إلى الآن؛ فالمتتبع لتاريخ اليهود المغاربة يعرف حق المعرفة مواقع تأثيرهم في إسرائيل، مجتمعاً ودولة وحكومة، حيث أن لهم هناك حزبٌ سياسي يُعتبر من أهم الأحزاب ذات الثأتير رغم عدم بروزها بالشكل الواضح والجلي (حزب الشاس)، علاوة على أنهم يشكلون عموداً أساسياً في البناء السياسي الإسرائيلي؛ ولا يخفَ على أحد أن الساسة الإسرائيليين يحسبون ألف حساب لعلاقة المغرب بيهوده، ولدورهم في قلب المجتمع العبري.

والتطبيعُ في المغرب ليس وليد اليوم؛ ويفضح الكاتب اليهودي، جاكوب كوهين، في كتابه “ربيع السايانيم” العلاقة الوطيدة بين إسرائيل والمغرب الملكي، من خلال خدمات آنْدْرِي آزُولاَيْ، الذي يُعد أحد أعضاء شبكة “السايانيم الصهيونية” النشيطين حسب المفكر اليهودي ذي الأصول المغربية.

في نفس الإتجاه تسير الكاتبة اليهودية أنْيَاسْ بَنْسِيمُونْ، في كتابها “الحسن الثاني واليهود” وهو الكتاب الذي يرصد العلاقة الوطيدة بين إسرائيل والمغرب، التي بدأتْ بالتواطؤ في تهجير اليهود المغاربة إلى إسرائيل.

كما أن مُحمد حَسنينْ هيكل، أكد في كتابه “كلامٌ في السياسة” تلك العلاقة المُشينة بين المغرب وإسرائيل، حيث أكد أن الحسن الثاني، سمح لـ”المُوساد” بزرع أجهزة تنصتٍ في قاعات الإجتماعت المُعدة للقاءات العربية، بل وأصرَّ على حقيقة دور الحسن الثاني، في نقل مُداولات القمة العربية في الدار البيضاء باعتباره عميلا للمُوساد، وذلك على فضائية الجزيرة في حلقات “شاهد على العصر”، وهو ما أثار زوبعة في المغرب انتهت بإغلاق مكتب الجزيرة في المغرب.

علاقة المغرب المريبة بجاليته أتت أكلها، حيث أصبحتْ إسرائيل أكبر حليف للمغرب، ووظفت في الدفاع عنه كل طاقات المُوساد وخبراته الأمنية، وكذلك خبراتها العسكرية، إضافة إلى اللوبي اليهودي في أمريكا “آيباك”، الذي يلعبُ دوراً محورياً في الضغط على دوائر القرار الأمريكي لدعم المغرب في حربه الظالمة على الصحراء الغربية؛ فقد أرسلتْ خبراءها العسكريين إلى المغرب، وهم الذين وضعوا خطط بناء “جدار الذل والعار المغربي” بطول 2700 كلم، الجدار الذي يُقسم الصحراء الغربية أرضاً وشعباً إلى نصفين، وهو بذلك أطول جدار في العالم بعد سور الصين العظيم.

إسرائيل لم تكتفِ بدور استشاري للمملكة المغربية في بناء الجدار، بل زودته بترسانة من أسلحتها، وقد تمكن جيش التحرير الشعبي الصحراوي من الإستيلاء على نماذج منها تؤكد تورط الكيان الصهيوني في الحرب ضد الصحراويين.

أكبرُ زعماء اليَمين المُتطرف في إسرائيل مغاربة، وبقوا مغاربة حتى وهم في إسرائيل، بعد أن منحهم الملك الراحل الحسن الثاني ـ كما أسلفنا ـ حق التمسك بجنسيتهم المغربية، ومنهم دِيفِيدْ لِيفِي، وزير الخارجية الصيوني من “الليكود”، إِيلِي بْشَايْ، زعيم حزب “شاس” المتطرف، عَميرْ بيرِيتسْ، وزير الدفاع الأسبق، شلومُو بَنْ عَامِي، شغل منصب وزير خارجية وسفير إسرائيل في إسبانيا، الحَاخام الأكبر نَتَانْيَا شْلُومُو عمار، وأخيراً وليس آخراً، الجنرال سامي (سُليمان) الترجمان، قائد المنطقة الجنوبية في الجيش الإسرائيلي، الذي يُشرف على حملة الحقد الهوجاء على غزة، المُسماة “الجرف الصامد”.

يبقَ أن نشير إلى أن التطبيع بين إسرائيل والمغرب والاعتراف بالخدمات المتبادلة قد تكلل بتقليد ملك المغرب، محمد السادس “رئيس لجنة القدس”، زعيم اللوبي الصهيوني “آيباك” النافذ ونائب رئيسها، مَالْكُومْ هُونْلاَيْنْ، “الوسام العلوي” بدرجة ضابط كبير، وتوشيح الحاخام الإسرائيلي ـ المغربي رَافْ شْلُومُو عمار “الحمالة الكبرى”، و ذلك سنة 2013.

وأكدتْ ڤيش سكثيفيل، وهي كاتبة وباحثة في معهد واشنطن لسياسات الشرق الأوسط، أن المغرب يرغب في أن “تنظر إليه واشنطن كصديق سري لإسرائيل، وأن ينظر إليه الشارع المغربي كمناصر للقومية العربية”، مُشيرة إلى أن عدم تمرير مشروع تجريم التطبيع مع إسرائيل، الذي قُدم أخيراً للبرلمان المغربي، “قد يكون وسيلة لتحقيق الهدفين معاً”.

في الفترة الأخيرة، كشفتْ وسائل إعلام دولية أن جهاز “الموساد” يستعين بخدمة مغربية من نوع آخر، قوامها الفتيات المغربيات المُنتشرات في بلاد المهجر، وخصوصاً في أوروبا ودول الخليج.

ففي دراسة نشرتها مؤسسة “الحسن الثاني” للمغاربة المقيمين بالخارج، والتي كشفتْ أن 70 في المائة من المغربيات اللواتي هاجرن إلى بلدان عربية خليجية فعلن ذلك عن طريق شبكات الدعارة، التي تديرها المُوساد.

ففي دول الخليج مثلاً، البحرين 500، الإمارات العربية 800، وفي الأردن 35 ألف مغربية، الآلاف منهن مُقيمات تحتَ مُسمى “فنانات” يقمن بالغناء والرقص في الملاهي الليلية، التي أخذتْ بالانتشار بشكلٍ مُذهل في الأردن خلال السنوات الأربع الماضية؛ وتلعبُ الشركات الإسرائلية الدور الكبير في تسهيل مَهماتهم بعقود متفاوتة، ومن بين تلك الشركات: شركة “فِيفْ كونترول”، شركة “كرُومَاجينْ”  وشركة “زِيمْ”.

ومثال آخر، عندما سردت الشابة المغربية كوثر (24 سنة) سيرتها الجنسية، أو كما سمّاها البعض “فتوحاتها الجنسية” على قناة “المستقبل”، التي تبثّ من بيروت، وكشفت عن أسرار حياتها الجنسية في برنامج “سيرة وانفتحتْ”، حيث سردتِ الفتاة قصتها بجرأة كبيرة، استحيى المشاركون في البرنامج والمشاهدون على السواء من سماع تفاصيلها.. كانت تحكي  كيف سهلت لها شركة “زيمْ” كافة التسهيلات بما فيها مصاريف الإقامة والرعاية، وذكر مقدّم البرنامج الذي استضاف الفتاة المغربية، أن 80 في المائة من المُومسات في إسبانيا مغربيات.

كل هذا وغيره من الخدمات في مقابل حصول النظام المغربي على دعم إسرائيل المطلق في المحافل الدولية، من خلال مساندة مرشحي المغرب لرئاسة بعض المنظمات الدولية ودعم أطروحاتها في المنابر الدولية، في إشارة إلى قضية الصحراء الغربية.

مواضيع من نفس الفئة

سذاجة لقجع أم سخرية القدر؟

21 أبريل / نيسان 2024

كيف تبدأ مشروعا تجاريا من دون مال في عام 2024؟

29 فبراير / شباط 2024

العلاقات الجزائرية-الروسية تتجاوز التعاون العسكري

20 يناير / كانون الثاني 2024

ندوة الإعلام.. إستفاقة أم تكريس للفشل؟

31 ديسمبر / كانون الأول 2023