ــ بقلم: البشير محمد لحسن (باحث من الصحراء الغربية/ متخصص في الدعاية الجهادية)

سيكون من الصعب جداً على تنظيم ”الدولة الإسلامية“ إيجاد معقلٍ جديدٍ له في أفريقيا بعد توالي هزائمه العسكرية في العراق وسوريا، وذلك للأسباب التالية:

1- رغم تحرير مدينة الموصل العراقية، والتراجع الكبير لنفوذ التنظيم في العراق، غير أنه لا زال له وجود معتبر في كل من تلعفر، الشرقاط والحويجة وهو ما يتيح له التحرك بحرية على الشريط الحدودي العراقي السوري الممتد على مسافة 600 كلم؛ هذا فضلاً عن وجوده في الرقة، الميادين، دير الزور، الشدادي وغيرها في سوريا.

وتُقٙدِّرُ آخر الإحصائيات التي قدمتها وزارة الدفاع الأمريكية عدد مقاتلي التنظيم في كل من سوريا والعراق بعد هزيمة الموصل، بـ20 ألف عنصر، وهو ما يجعل شبه مستحيل انتقال كل هذا العدد الكبير من المقاتلين إلى دول الساحل الإفريقي.

2- إن الأسباب التي أدت إلى ظهور التنظيم وازدهاره في العراق أو سوريا قبل تراجعه، لازالت موجودة ولم يتم التغلب عليها، رغم هزيمة التنظيم عسكرياً في أغلب المناطق الخاضعة لسيطرته. ومن ذلك؛ ضعف التعليم والخدمات الإجتماعية والصحية المقدمة للمواطنين وانعدام فرص العمل وسيطرة الأحزاب الطائفية والمليشيات على مفاصل الدولة وهو ما حولها إلى دول طائفية بامتياز، فضلاً عن التدخلات الخارجية وصراع النفوذ الذي تخوضه الدول الإقليمية على أرض العراق وسوريا. كلها أسباب تؤدي، مجتمعة أو متفرقة، إلى إستمرار وجود الظاهرة.

3- أكبر وجود للتنظيم في إفريقيا تمثله جماعة ”بوكو كرام“ في نيجيريا بقرابة 6 آلاف عنصر، ثم ”ولاية سيناء“ بحوالي 2000 مقاتل، ومنذ إعلان ولاء تلك الجماعات للتنظيم ودوّٙلها تخوض حرباً ضروساً ضدها، وهو ما جعل نفوذها ينحصر ويتراجع منذ حوالي سنتين.

4- تُعد ليبيا حالياً دولة فاشلة بكل المقاييس، وقد سمحت الفوضى الأمنية والسياسية للتنظيم بالسيطرة على مدينة سرت منتصف سنة 2015، لكن سرعان ما تم طرده منها، وبعدما كان عدد مقاتليه في عموم ليبيا سنة 2016 بقدر بـ6500 مقاتل، لم يعد العدد اليوم يتجاوز الـ500 عنصر. وهو ما يُظهر الصعوبة البالغة التي يجدها التنظيم في تعزيز حضوره بالبلد.

5- أعلن التنظيم إعلامياً عن وجوده في الجزائر عن طريق جماعة ”جند الخلافة“ التي كان أعلنت عن نفسها بعد اختطاف الرعية الفرنسي، هارفي غوردال، ثم إعدامه شهر سبتمبر 2014. ولم تمر سوى ثلاثة أشهر حتى تمكن الجيش الجزائري من القضاء على كل عناصر المجموعة بمن فيهم أميرها المدعو، عبد المالك قوري، الذي تمت تصفيته في 22 ديسمبر 2014 في ولاية بومرداس التي ينحدر منها.

6- أما في الصومال فلا يتجاوز عدد مقاتلي التنظيم الـ150 عنصراً، ويجد التنظيم صعوبة بالغة في منافسة حركة ”الشباب المجاهدين“ صاحبة الحضور والنفوذ القوي.

7- منذ 13 ماي 2015 تاريخ أول ظهور للتنظيم في منطقة ازواد بزعامة، عدنان أبو الوليد الصحراوي، والتنظيم يسعى جاهداً لاستغلال التواجد الكبير للحركات الجهادية في تلك المنطقة الرخوة من أجل تعزيز إثبات الوجود، غير أن الخلاف سرعان ما دبّ بين زعامات حركة ”المرابطون“ ليتم عزل أبو الوليد، وتعيين مختار بلمختار على رأس الكتيبة وإبطال البيعة لتنظيم ”الدولة الإسلامية“. وعاود أبو الوليد الصحراوي الظهور في شهر نوفمبر 2016 في شريط قصير بثته وكالة أعماق التابعة للتنظيم ليعلن عن مبايعة البغدادي زعيم التنظيم. لكن عدد أتباع التنظيم في المنطقة لا يجاوز العشرات في أحسن الأحوال.

8- نجح تنظيم ”القاعدة“ في تعزيز وجوده مبكراً في منطقة ازواد منذ سنة 2003، وقد أتاح له ذلك نسج علاقات وثيقة سواءً مع الزعامات القبلية بالمنطقة وتمكُّنِهِ من التغلغل داخل النسيج الإجتماعي المحلي، أو مع مختلف الجماعات العرقية والجهادية وهو ما يجعل عملية منافسته من طرف تنظيم ”الدولة الإسلامية“ غير ممكنة.

9- جاء تأسيس ”جماعة نصرة الإسلام والمسلمين“ في مارس 2017 كمحاولة من الحركات الجهادية الأربع الرئيسة في منطقة ازواد لقطع الطريق أمام أي وجود للتنظيم. وهو ما سيساهم دون شك في التضييق عليه وحرمانه من الاختباء في المناطق الآمنة في جبال افوغاس الحصينة، وبالتالي جعله مكشوفاً أمام رصد القوات الفرنسية المتواجدة في المنطقة منذ 2013.

كل تلك الأسباب تُصٙعِّبُ مهمة تنظيم ”الدولة الإسلامية“ وتجعل وجود موطئ قدم له في المنطقة أمر شبه مستحيل.

مواضيع من نفس الفئة

رئيس المجلس الدستوري الصحراوي يشارك في دورة لرؤساء المحاكم الدستورية الأفريقية

2 ماي / أيار 2024

إفتتاح أشغال الندوة الإعلامية الأولى للتضامن مع الشعب الصحراوي

2 ماي / أيار 2024

بريطانيا تجدد تأكيد دعمها لحق الشعب الصحراوي في تقرير المصير

2 ماي / أيار 2024

مديرة المخابرات الوطنية الأميركية: الحرب في غزة ستحدد مستقبل المنطقة

2 ماي / أيار 2024