تحليل “إيكيب ميديا”

ما الذي تحمله زيارة روس إلى المنطقة؟ أهو الحل الذي اتفقت عليه أبواق المخزن ومعارضيه؟ أم جولات مكوكية تحضيرا للجولة الخامسة من المفاوضات؟ وما الذي تعنيه المفاوضات بالنسبة للمغرب وكذلك بالنسبة للصحراوي البسيط الذي مسه الضر منذ أزيد من أربعين عاما وبات الأفق ملبدا بغيوم قد لا تنقشع لكنها ستضمحل لآخرين استجوبهم “إيكيب ميديا” انطلاقا من مواقعهم وتجاربهم الأكاديمية.

لم يكن تعيين كريستوفر روس مبعوثا شخصيا للأمين العام لقضية الصحراء الغربية بالقرار المريح للرباط فسعت منذ الوهلة الأولى لمعارضته بعيدا عن أي ضجيج سياسي أو إعلامي، لكن قرارها هذا سرعان ما انقشع بعد ستة أشهر وبعد أن سلمت وأقرت أن الحل أميركي وفقط.

مثلما يعلم الكثيرون أن الاهتمام الأميركي بالنزاع حول الصحراء الغربية ليس بالأمر الجديد، فقد تم تعيين جيمس بيكر مبعوثا شخصيا لكوفي عنان وظل في منصبة مدة سبع سنوات انتهت بوضعه تصورا نهائيا للحل غير قابل للتجزئة ولا للتفاوض، لكن وبسبب المتغيرات الدولية التي طرأت بعد أحداث الحادي عشر من سبتمبر وتداعياتها على السياسة والاقتصاد “لوبيات النفط والغاز، المعادن، الاستراتيجية الأميركية في العالم وبداية تشكل نظام دولي جديد” تأجل التدخل الأميركي إلى أن عين روس في منصبه.

للأميركان تاريخ طويل في ديبلوماسية التفاوض وهم ينطلقون من مبدأ أو قاعدة What is in it for me? أي ماذا في المسألة لي؟  وبها يخالفون حلفاءهم الفرنسيين.

ينطلق الوسيط وفق القاعدة أعلاه في أول خطواته بنقاش الأمر ووضع التفاهمات الأولية قبل الانتقال إلى المرحلة الموالية.

ينتمي روس إلى مدرسة سياسية تنهج التفاوض أسلوبا معقدا يتطلب صبرا وجلدا لا يدفع صاحبه إلى فقدانه الثقة في النفس ولا النرفزة وفقدان الثقة في العملية التفاوضية وهو أسلوب سيكولوجي ينهجه الوسيط كي ينتقل إلى اللحظة التي يبدأ فيها هو بممارسة الضغوط وفيها يأخذ مقترحات الطرفين لنقاشها بهدف وضع تحسينات عليها.

لقد وصلنا المرحلة الثانية التي فقد فيها محمد السادس السيطرة على غيظه، وعناده ومهاجمته المنتظم الدولي وهي المرحلة التي ينتظرها الأميركان بحسب من قابلناهم لننتقل إلى مرحلة عمل الوسيط بأريحية وهامش للمناورة أكبر وفي هذه المرحلة سيتم اللجوء إلى دعم ومساندة المؤسسات الأميركية ومجموعات الضغط لبلورة الأفكار بشكل عملي وتنفيذها ميدانيا.

إن تجارب التفاوض معقدة وتختلف باختلاف القضايا والنزعات، لكن المنهج التفاوضي يبقى ثابتا واضح الاتجاه وهنا ناخذ تجربة المفاوضات الفلسطينية الإسرائيلية التي أدت بالفلسطينيين إلى تقديم الكثير من التنازلات لعدة اعتبارات “حالة الانقسام، صراعات إيديولوجية، تدخل أطراف عربية تعمل وفق الأجندة الأميركية” استغلت لهفة قيادات فلسطينية ورغبتها في الحل بعد أن فقدت صبرها.

اتفاقات دايتون بشان يوغوسلافيا التي أدت إلى تفكيكيها وتمزقها “نؤكد انتماء روس إلى نفس مدرسة ريتشارد هولبروك”.

المفاوضات الإيرانية مع دول الغرب والتي كان الأميركيون متزعميها من الطرف الغربي، انتهت بتحقيق الإيرانيين نقاط مهمة بسبب صبرهم وجلدهم، وباتوا قوة في إقليمهم تزعج خصومهم.

يقول أحد من التقيناهم أن المغرب يفقد صوابه، وهو بذلك في وضع ارتباك يلزمه تقديم الكثير من التنازلات في مقابل تمسك الصحراويين بالصبر وعدم انزلاقهم إلى ما هو مخطط له وهو وضع مثالي برأيه لكن لا يجب أن ننخدع بالواقع ويجب أن نكون مستمعين جيدين وأن نكون الأقرب إلى الأميركان لأنهم مرتبطين بقانون العرض والطلب في السياسة الدولية وهم رأسماليون حقيقيون فادم سميث وميلتون فريدمان من منظريهم القدماء لكن المعاصرين ومنظري سياساتهم اليوم هم بريجنسكي/ كيسنجر وصاحب مستقبل القوة جوزيف ناي.

مواضيع من نفس الفئة

لقاء قرطاج: الاتحاد المغاربي من تكتل الشعارات إلى الأفعال حب من أحب ...

30 أبريل / نيسان 2024

الجمهورية الصحراوية وفنزويلا توقعان اتفاقية تعاون في مجال التدريب التربوي

30 أبريل / نيسان 2024

كتائب القسام تبعث رسالة مقتضبة للجمهور الإسرائيلي

30 أبريل / نيسان 2024

واشنطن تحث حماس على قبول صفقة التبادل وتحذر نتنياهو من اجتياح رفح

30 أبريل / نيسان 2024