ــ بقلم: أحمد المهدي

يعتبر المغرب أحد أهم المُصدرين للعديد من المنتجات إلى أوروبا وأفريقيا نظرا لموقعه الاستراتيجي الرابط بين أفريقيا وأوروبا، وتختلف هذه المنتجات من زراعية وصناعية وبحرية ومنتجات أخرى متنوعة.

فكانت منتجاته تجوب دول أوروبا وتصل إلى العمق الأفريقي، إلا أنه في الفترة الأخيرة تعرض المغرب للعديد من الهزائم الدبلوماسية والسياسية والاقتصادية، جعلته يخسر الكثير من العائدات التجارية، خاصة أن اقتصاده يعتمد بشكل أساس على الفلاحة والسياحة والصيد البحري والفوسفات، وكل هذه المقومات موجودة في المناطق المحتلة من الصحراء الغربية.

وفي ديسمبر من السنة الماضية، أصدرتْ محكمة العدل الأوروبية حكما تمثل في منع تصدير المغرب لمنتجات الصحراء الغربية إلى الاتحاد الأوروبي، باعتبارها منتجات منطقة متنازع عليها، الشيء الذي جعل معه المغرب يتخبط في البحث عن سوق آخر لمنتجاته التي على رأسها المخدرات والمنتجات التي ينهبها من الصحراء الغربية.

ويراهن المغرب بشكل كبير جدا على السوق الأفريقية كسوق بديل واستراتيجي، ولعل خير دليل على ذلك الجولات المكوكية للعاهل المغربي في أغلب دول أفريقيا وخاصة دول الساحل والصحراء وغيرها، حيث أبرم صفقات واتفاقيات تجارية مع العديد من الدول الأفريقية، بل وصل به الأمر إلى الانتحار وتقديم تنازلات كبيرة من أجل طلب الانضمام للاتحاد الأفريقي والذي تعتبر الجمهورية الصحراوية فيه عضوا كامل العضوية وأحد مؤسسيه.

كل هذا وذاك جعل السياسات التجارية المغربية تصب أغلب صادراتها عبر معبر الكركرات الواقع في مناطق النزاع بين المغرب والدولة الصحراوية، ومن بين صادرات المغرب عبر هذا المعبر إلى العمق الأفريقي، بالإضافة إلى المخدرات، مواد البناء، الخضراوات والفواكه، منتجات بحرية ومواد صناعية أخرى.

ــ المنتجات البحرية (الأسماك):

هناك الكثير من أنواع الأسماك يتم تهريبها إلى أفريقيا، خاصة بعد قرار المحكمة الأوروبية القاضي بمنع دخول الاتحاد الأوروبي كل المنتجات المغربية التي مصدرها الصحراء الغربية باعتبارها مواد منهوبة وتصديرها غير قانوني.

كما تتورط جهات دولية تستهدف أنواع نادرة من الأسماك المتواجدة في خليج مدينة الداخلة المحتلة يدعى “خيار البحر”، وهو نوع نادر ومحرم صيده لنذرته وأهميته البيولوجية للبحر، ويتم صيده وتهريبه من الداخلة إلى مدينة نواذيبو الموريتانية عبر معبر الكركرات، ليتم تهريبه فيما بعد إلى الصين واليابان، ويشرف على هذه العملية التي تندرج تحت جريمة التهريب الدولي رجل أعمال من عمان (وللإشارة فإن خيار البحر هو الذي تعد منه العديد من الأدوية ولعل أشهرها حبوب الفياغرا).

ــ المنتجات الفلاحية:

هناك العديد من الخضراوات والفواكه التي مصدرها الصحراء الغربية، التي لم يعد تصديرها للاتحاد الأوروبي ممكنا نظرا لحكم محكمة الاتحاد الأوروبي بمنع دخول منتجات الصحراء الغربية إلى الاتحاد الأوروبي باعتبارها منطقة متنازع عليها، لذا لجأ المغرب مؤخرا إلى تصديرها إلى دول أفريقيا.

كما أن هناك تقارير عدة من دول وهيئات ومنظمات من بينها الأمم المتحدة تشير إلى أن المغرب يحتل الرقم واحد عالميا في تصدير مادة الحشيش المصنع من نبات القنب الهندي، وليس هناك للمغرب أي ممر أو معبر نحو أفريقيا ودول الخليج العربي خاصة بعد غلق الحدود البرية بين المغرب والجزائر، إلا معبر الكركرات المتواجد في الصحراء الغربية، باعتباره المنفذ الوحيد للمغرب على أفريقيا ككل (معبر الكركرات متواجد في المناطق المحتلة من الصحراء الغربية).

ومن جهة أخرى فإن القوات الصحراوية والموريتانية والجزائرية قد حجزت عشرات المرات  كميات بالأطنان من الحشيش قادمة من المغرب في اتجاه دول أفريقيا والخليج العربي.

وللإشارة فإن الوكلاء الرسميين في المغرب لتوزيع الحشيش في أفريقيا، وخاصة شمال أفريقيا ومنطقة الخليج العربي مرورا بجمهورية مصر، هم الجماعات الإرهابية التي تنشط في شمال أفريقيا وعلى رأسها “التوحيد والجهاد”، التي تبنت عملية الاختطاف التي تعرض لها متعاونون أجانب في مخيمات اللاجئين الصحراويين في 2010.

كما تستهدف الدولة المغربية لزعزعت الاستقرار في بعض بلدان أفريقيا بإغراقها بالمخدرات، فضلا عن كون الحشيش المغربي يعتبر مصدر تمويل أساسي للجماعات الإرهابية الناشطة في شمال أفريقيا.

ناهيك عن تهريب السجائر وتهريب البشر من أفريقيا إلى المغرب مرورا بمعبر الكركرات استعدادا للهجرة غير الشرعية إلى أوروبا، كما أن المغرب يستخدم ورقة الهجرة السرية للضغط على الاتحاد الأوروبي وعلى إسبانيا بالخصوص، خاصة من أجل الدعم السياسي في موضوع الصحراء الغربية وحقوق الإنسان، وللأسف هذا الشيء الذي دائما ما ترضخ له الحكومة الإسبانية ومن خلالها الاتحاد الأوروبي.

إذا في نهاية المطاف نتوصل إلى أن المغرب بدون معبر الكركرات الذي يوفر له متنفسا اقتصاديا وسياسيا سيدخل أزمة ركود في مختلف جوانب الحياة للدولة المغربية، خاصة الاقتصادية منها، وهنا يمكننا القول أن الاقتصاد المغربي متجه نحو الإفلاس، وأن الروابط والاتفاقيات والصفقات الملزمة سوف تلزم المغرب على تعويضها رغم الخسائر في المنتج بصفة عامة.

وبالتالي تصبح هناك ورقة ضغط مباشرة في يد الدولة الصحراوية ضد المغرب لإرغامه على الالتزام بتعهداته في إعادة المكون المدني للمنورسو وخلق آلية لحماية ومراقبة حقوق الإنسان والتقرير عنها والانصياع لقرارات الشرعية الدولية القاضية بإجراء استفتاء حر ونزيه لتقرير مصير الشعب الصحراوي.

مواضيع من نفس الفئة

رئيس المجلس الدستوري الصحراوي يشارك في دورة لرؤساء المحاكم الدستورية الأفريقية

2 ماي / أيار 2024

إفتتاح أشغال الندوة الإعلامية الأولى للتضامن مع الشعب الصحراوي

2 ماي / أيار 2024

بريطانيا تجدد تأكيد دعمها لحق الشعب الصحراوي في تقرير المصير

2 ماي / أيار 2024

مديرة المخابرات الوطنية الأميركية: الحرب في غزة ستحدد مستقبل المنطقة

2 ماي / أيار 2024