العيون المحتلة (الجمهورية الصحراوية)– أكدت رئيسة الهيئة الصحراوية لمناهضة الاحتلال المغربي، أمينتو حيدار، في حوار مع الإذاعة الجزائرية الدولية أمس، أن حل النزاع في الصحراء الغربية “بسيط جدا وفقا للقانون الدولي طبعا، ويتمثل في فرض تصفية الاستعمار، وانسحاب القوات والإدارة المغربية إلى بلدها، وتحرير الصحراء الغربية”.

وفي ما يلي النص الكامل للحوار:

حملات إعلامية وعسكرة لأزقة ومنازل وشوارع المقاومة وحصار بوليسي يطوق ويلاحق المناضلين الصحراويين أنى كانت الوجهة، مشهد يكاد يكون مألوفا بالأراضي الصحراوية المحتلة يعززه أمر قضائي جائر بملاحقة أعضاء الهيئة الصحراوية لمناهضة الاحتلال المغربي حديثة النشئة، إذ نستضيف رئيستها عبر إذاعة الجزائر الدولية الناشطة والمعتقلة السياسية السابقة أمينتو حيدار، فأهلا وسهلا بك وبمستمعينا الكرام.

بداية السيدة أمينتو حيدار ماذا يحدث الآن بالعاصمة العيون المحتلة على المناضلين ما ذا يحدث الان بالعاصمة المحتلة، وماتداعياته الإعلامية والسياسية في ظل تسجيل سيل من مواقف داعمة اقليميا ودوليا لحراككم؟

الجواب: أشكرك في البداية وأشكر الإذاعة الدولية الجزائرية على مواكبة ما يجري في المناطق المحتلة. ما يحدث في العيون المحتلة حاليا، وفي غيرها من المدن الصحراوية الأخرى، هو تخبط مغربي حقيقي، وممارسة مفظوحة للعقلية والسياسة التي مارستها جميع القوى الاستعمارية ضد الشعوب المستعمرة، من شوفينية، وقمع، وترهيب، وممارسات خارج القانون.

هناك حصار بوليسي مخابراتي شامل على منازل أعضاء الهيئة الصحراوية لمناهضة الاحتلال المغربي، وخاصة أعضاء المكتب التنفيذي للهيئة، ونحن شبه معتقلون داخل منازلنا، ومحاصرون، وممنوعون من جميع حقوقنا المدنية والسياسية دون أي مبرر قانوني، ومهددون ليل نهار بالاعتقال، والتعذيب، وسوء المعاملة في عقر بيوتنا.

ما يحدث أيضا، هو أن الحصار المضروب على منازلنا كمناضلين في الهيئة يؤثر أيضا على العائلات الصحراوية التي تجاورنا، والتي يتعرض أفرادها، ومن يحاول زيارتهم للتعنيف، وللمضايقات البوليسية، ولا يسلم من ذلك أحد حتى الأطفال والشيوخ لا يسلمون من هكذا تصرفات.
ولكن، وكما تفضلتم، لم يمر هذا الفصل الجديد من ممارسات الاحتلال المغربي مرور الكرام، ولم نستسلم له، ولن نستسلم له.

نفعي: نعم السيدة أمينتو، شكل المعطى الحقوقي خلال السنوات الأخيرة واحدة من واجهات وجبهات النزاع وعلى الرغم من المكاسب المحققة ميدانيا إلا أنه السيدة أمينتو لم تتمكن الجهود والمرافعات في هذا الشأن للتوصل إلى تضمين بعثة المينورسو الملف الحقوقي مراقبة وتقريرا ومتابعة لتظل في نظر الكثيرين شاهدا كفيفا كبعثة أممية وحيدة غير مضطلعة بالمسألة استثناء طبعا في الصحراء الغربية فلماذا في رأيكم؟

الجواب: هذا الموضوع هو مجرد مظهر من مظاهر فشل الأمم المتحدة، ومجلس الأمن، في تحمل مسؤوليتهم القانونية عن الصحراء الغربية، التي ينبغي تذكير الجميع أنها بلد محتل احتلالا عسكريا عنيفا وغير شرعي، وبالتالي كان وما يزال من واجب هيئات الامم المتحدة تحمل مسؤولياتها في حماية المواطنين الصحراويين باعتبارهم مواطنو شعب محتل. للأسف الشديد، تبقى بعثة المينورسو الاستثناء الوحيد من بين بعثات الأمم المتحدة من حيث عدم توفرها على مكون لمراقبة وحماية حقوق الانسان، مثلما هي الآن أيضا مشلولة تماما وتفتقد أيضا مكونا سياسيا كما أن ممثلي الاتحاد الأفريقي الذين ينبغي أن يعودوا للبعثة مرفوضين حتى الساعة من قبل المغرب الذي تحميه طبعا فرنسا وتدعمه وتشجعه من داخل مجلس الأمن في كل هذه الانتهاكات التي يمارسها ضد شعبنا.

بالنسبة للعمل الحقوقي في المنطقة بالتأكيد أنه كان أحد أهم مراحل النضال السلمي ضد الاحتلال المغربي في المناطق المحتلة، ولعب دورا كبيرا في تسليط الضوء على القضية الصحراوية، وعلى معاناة الشعب الصحراوي خلال العقود الثلاثة الأخيرة، لكنه كما قلتم، وفي اعتقادنا وصل إلى حدود ما يستطيع انجازه، وبات من الضروري التفكير الجدي في تطوير أساليبه، وفي رفع تحديات المرحلة التي تستوجب إدراك وتذكير الجميع أن جميع الانتهاكات المرتكبة والمسجلة في الصحراء الغربية هي نتيجة مباشرة وحتمية لواقع الاحتلال العسكري المغربي.

ونحن نجري هذا الحوار وفي اعقاب مواقف الجمعية العامة لعدة بلدان داعمة لمسار التسوية ومرافعات الهيئات والمنظمات غير الحكومية بجنيف في دورة حقوق الانسان 45 أياما فقط قبل مداولات مجلس الأمن الدولي أي رهانات منتظرة من قبل المجتمع الدولي الآن؟

الجواب: والله هذا سؤال كبير جدا، ويحتاج لنقاش طويل ومعمق لوحده. المنتظر من مجلس الأمن كثير وعاجل وضروري، ولكن السؤال الحقيقي هو هل يمتلك مجلس الأمن الحياد والمنطق واحترام القانون الكافي لرفع هذا التحدي؟

للأسف الشديد مجلس الأمن، على الأقل في قضية الصحراء الغربية، وربما في قضايا عديدة أخرى، واقع تحت تأثير مواقف ومصالح ونزوات أعضائه الدائمين الذين يؤثرون على سلامة وصحة الشرعية الدولية، ويتقاعسون مرارا وتكرارا عن فرض احترام وتطبيق القانون الدولي، ولذلك نرى انفلاتا خطيرا وغير مطمئن للأمور في عدة بلدان من العالم حيث توجد نزاعات، بل ولدت نزاعات وتحديات أمنية جديدة بسبب تلاعب الأعضاء الدائمين بالقانون الدولي. وفي حالتنا، نحمل فرنسا حصريا مسؤولية تقاعس مجلس الأمن عن حل النزاع في الصحراء الغربية.

وحتى يفهم المستمعون جيدا، ينبغي أن نجدد تكرار الحقائق مرارا وتكرارا لهم، فقضية الصحراء الغربية هي قضية واضحة لتصفية الاستعمار، وما دامت تعالج في هذا الإطار داخل الأمم المتحدة، فهذا يعني أن الصحراء الغربية مستعمرة وأن المملكة المغربية دولة احتلال. وبالتالي فالحل بسيط جدا وفقا للقانون الدولي طبعا، ويتمثل في فرض تصفية الاستعمار، وانسحاب القوات والإدارة المغربية إلى بلدها، وتحرير الصحراء الغربية.

ننتقل الآن إلى موضوع آخر السيدة أمينتو حيدار ما وضعية عشرات المعتقلين السياسيين الصحراويين حاليا بمختلف السجون المغربية وكيف ترون خطوة الاحتلال الأخيرة إزاء هيئتكم، علما أن فعل الاعتقال كحال الفظاعات والخروقات الأخرى لن تعدم أسباب نضال الصحراويين حسب ما أثبته التجربة؟

الجواب: وضعية المعتقلين السياسيين الصحراويين، وحتى المعتقلين المدنيين الصحراويين بالسجون المغربية وضعية كارثية مزرية، وغير شرعية، لأنهم معتقلون من قبل دولة احتلال، وفي معظم الحالات معتقلون خارج حدود وطنهم وفي سجون مغربية بمدن مغربية، وهذا يناقض مقتضيات اتفاقية جنيف الرابعة المتعلقة بحماية الأشخاص المدنيين وقت الحرب. حيث ينبغي على المغرب، كدولة احتلال عسكرية أن تحترم مواد هذه الاتفاقية. ولمن لا يعرف مالذي يعنيه ذلك، ينبغي أن نذكر أنه وفقا لهذه الاتفاقية الدولية التي وقع عليها المغرب، فعلى دولة الاحتلال العسكري وفقا للمادة 3 أن تتجنب “الاعتداء على الحياة والسلامة البدنية، وبخاصة القتل بجميع أشكاله، والتشويه، والمعاملة القاسية، والتعذيب، أخذ الرهائن، الاعتداء على الكرامة الشخصية، وعلى الأخص المعاملة المهينة والحاطة بالكرامة، إصدار الأحكام وتنفيذ العقوبات دون إجراء محاكمة سابقة أمام محكمة مشكلة تشكيلاً قانونياً، وتكفل جميع الضمانات القضائية اللازمة في نظر الشعوب المتمدنة.” الخ.

وعكس هذا أن المغرب لديه رهائن مدنيين من الأطفال والعجزة معتقلين ومجبرين على البقاء قيد الإقامة الجبرية في بيوتهم. وبالنسبة للمعتقلين السياسيين الصحراويين، فجميع منظمات حقوق الإنسان الدولية اعترفت بأن محاكماتهم لم تكن عادلة، ناهيك عن أنها ليست شرعية لأن الاحتلال المغربي لا يملك أي مصداقية ولا شرعية لمحاكمتهم، وأستغل هذا الظرف لمناشدة المنتظم الدولي والضمائر الحية للتسريع في اطلاق سراح كافة المعتقلين السياسيين الصحراويين وفي مقدمتهم معتقلو اكديم ايزيك والطلبة الصحراويون والمعتقل السياسي الصحراوي الحافظ إعزة.

شكلتم رفقة مجموعة من المناضلين الصحراويين والناشطين في مجال حقوق الإنسان مؤخرا هيئة تحت مسمى الهيئة الصحراوية لمناهضة الاحتلال المغربي. هل هي إعلان لمرحلة كفاح جديدة تنتقل من باب الحقوق والتي أساسها وبابها الأول حق تقرير المصير إلى محطات أكثر تصعيدا وتحد؟

الجواب: تشكيلنا للهيئة الصحراوية لمناهضة الاحتلال المغربي شرحنا أسبابه بوضوح في البيان التأسيسي، ونهدف من خلالها إلى النضال من أجل حرية واستقلال الشعب الصحراوي، والدفاع عن كرامة الانسان الصحراوي بالوسائل السلمية والمشروعة على اعتبار أن هذا الحق يشكل أساس وروح جميع الحقوق المدنية والسياسية والاقتصادية والاجتماعية والثقافية التي تعترف بها الشرعية الدولية والأفريقية لجميع الشعوب.
كما نريد من خلالها التعبير عن رفضنا جميع الحلول المشبوهة التي يروج لها المغرب وبعض الأطراف الدولية أو المحلية والتي لا تضمن تمتيع الشعب الصحراوي من ممارسة حقه غير القابل للتصرف، ولا التقادم ولا التجاوز في تقرير المصير والاستقلال.

في سؤال أخير السيدة أمينتو حيدار إلى أين تتجه القضية الصحراوية مستقبلا وأي سيناريوهات منتظرة على الأرض في ظل ما تشهده منطقة الكركرات المحررة والأراضي المحتلة من حراك ميداني؟

الجواب: الوضع الآن متأزم، ومشتعل داخل جميع أماكن تواجد الشعب الصحراوي، وأعتقد شخصيا أن التعنت المغربي والفرنسي سيدفع المنطقة إلى ما لا تحمد عقباه، والخاسر الكبير في الموضوع سيكون بالتأكيد نظام الاحتلال المغربي الذي يعاني أصلا من هشاشة حقيقية في أوصاله المخزنية. النظام المغربي في المنطقة قد بات الرجل المريض الذي لا بد إما من معالجته من المرض وتحرير المغاربة قبل الصحراويين من ويلاته، وإما القضاء عليه نهائيا حتى يفسح المجال لشعوب المنطقة لتحقيق وحدة مغاربية حقيقية. النظام المخزني المغربي يلعب بالنار حاليا، ويعتقد أنه يستطيع إنجاز ما عجزت عنه أقوى الدول الاستعمارية، ويظن أن الشعب الصحراوي غير قادر على إرغامه على الجلاء التام من بلادنا، لكنها حسابات خاطئة لمجموعة فاسدة وفاشلة حتى في تسيير الشأن الداخلي المغربي، مجموعة تعتقد أن الحفلات الفولكلورية، والبهلوانيات الدبلوماسية، والأكاذيب والتضليل الإعلامي سيربح المعركة.

بالنسبة للسيناريوهات، لا أعتقد أن التعنت المغربي يترك امام الشعب الصحراوي الكثير من السيناريوهات، بل أن المغرب يدفع أبناءنا وحتى بناتنا إلى السيناريو الوحيد الذي يبدو أنه يفهمه، وهو الحرب والعنف للأسف الشديد، وهو ما لا أتمناه شخصيا، وأصر وأكرر، أنني شخصيا مقتنعة بأن الحل الأفضل لهذا النزاع هو تحكيم العقل، والجنوح إلى السلام، وبشكل عقلاني على المغرب أن يفهم بأننا لم نكن يوما مغاربة، ولسنا مغاربة ولن نكون مغاربة، بيس كرها في أقائنا المغاربة ولكن بكل بساطة لسنا مغاربة نحن شعب لديه هويته ولا نريد أن يفرض علينا أحد مهما كان أن ننسلخ من جلودنا ومن هويتنا، ونريد العيش بسلام مع أشقائنا في المغرب وفي بقية البلدان المغاربية الأخرى بسلام وتعاون ووئام.