تاريخ حافل بالمتاجرة والمقايضة السياسية المشبهوة.. ماذا تخفي زيارة محمد السادس إلى الإمارات؟!

محمد مغاديلو

17 ديسمبر / كانون الأول 2023 - آخر تحديث 17 ديسمبر 2023 / 22:33

   التعليقات 0

قام العاهل المغربي بزيارة رسمية إلى الامارات العربية المتحدة، يوم 4 ديسمبر 2023، بدعوة من الشيخ محمد بن زايد آل نهيان، في إطار “تعزيز العلاقات ورسم شراكة سياسية، إقتصادية وتنموية”، كأهداف ظاهرة ومعلنة من هذه الزيارة التي تعتبر أول خرجة سياسية ورسمية للملك المغربي خارج المغرب بعد سبات سنوات من السيبة والتيه السياسي الذي يقوده وزير خارجيته بوريطة.

وتتقاسم الامارات العربية والمملكة المغربية مبدأ المتاجرة بالسياسة أو المقايضة السياسية فيما يتعلق بالإعترافات المتبادلة بالسيادة المزعومة على حساب أراضي الغير وممتلكات الجيران، إذ يؤكد المغرب على دعمه الثابت والدائم لسيادة الإمارات العربية المتحدة على جزر طنب الكبرى وطنب الصغرى وأبو موسى، وفي المقابل عبرت الإمارات العربية المتحدة عن دعمها للسيادة المغربية المزعومة على أراضي الصحراء الغربية المحتلة عبر فتح دولة الإمارات لقنصلية عامة لها بمدينة العيون المحتلة في 4 نوفمبر 2020.

ومن المرجح أن يعمل الطرفان على تسهيل عمليات التوريد الاقتصادي والغذائي والتزويد بالغاز والنفط، إضافة إلى كل المهام الخبيثة للإحتلال الصهيوني الذي يعيش أزمة خانقة بسبب الحرب، خاصة أن هذين البلدين يعتبران من الأطراف العربية الموقعة على اتفاقيات أبراهام مع الجانب الإسرائيلي، والتي تلزمهما حملا ثقيلا يتعدى مستواهما الطبيعي في التحمل الأمني، السياسي والاقتصادي بما يجعلهما ذليلين تحت الجناح الصهيوني كطرف رئيسي والأمريكي كوسيط في عملية التطبيع العربي المشين.

وفي إطار التموقعات الجديدة التي تنسج خيوطها في حدود خارطة دول العالم على خلفية الصراعات القطبية بين الشرق والغرب للظفر بالزعامة، فمن المؤكد أن تتقارب وجهات النظر بين الدولتين في رسم استراتيجيات كل شر سيلحق بالدول العربية التي تخلفت عن ركب المطبعين مع الاحتلال الصهيوني في إطار نسق المؤامرات السرية التي تحاك في الغرف المظلمة بزعامة الولايات المتحدة الأمريكية وحلفائها في المنطقة، كالدول العربية المطبعة و”إسرائيل” نموذجا.

وكانت ترى المملكة المغربية أن لها الأولوية في زعامة دول شمال إفريقيا بلعب دور الشرطي المتسلط حين كانت فرنسا تهيمن على السياسة الافريقية في الشمال والساحل والصحراء، ولكن بعد انسحابها (فرنسا) من اللعبة السياسية مع بداية عشرينيات هذا القرن بقوة ضغط الزعماء الافارقة الجدد الرافضين للتواجد الأجنبي في شمال القارة الأفريقية، صار من الملح جدا للمغرب البحث عن مفترس جديد، وجده في الإمارات العربية، يحتمي بظله لفك العزلة السياسية التي تقسم ظهره على مستوى أروقة الاتحاد الافريقي خاصة، والتكتلات الافريقية الأمنية، السياسية والاقتصادية.

المغرب الذي أنهكته ثلاث سنوات من الحرب المتواصلة مع جبهة البوليساريو، يلهث خلف الدول المستثمرة في الحروب كـ”بعض دول الخليج” لضمان تمويل حرب جائرة في الصحراء الغربية مقابل مناطق نفوذ وطرق تجارية ومناجم وثروات برية، جوية وبحرية عذراء في الأراضي الصحراوية المحتلة. والامارات التي تسيطر على مجمل الموانئ والطرق البحرية في العالم، تبحث عن مسارات وممرات بحرية آمنة لحماية وارداتها وصادرتها من وإلى دول الشمال كـ”المحيط الاطلسي ومضيق جبل طارق” في ظل عدم توفر الآمان في طرق الملاحة البحرية المعتادة، والتي أصبح يسيطر عليها اليمنيون وإيران، بحيث تم تهديد كل البواخر التي تحمل الاسناد أو الدعم للإحتلال الصهيوني منذ بداية العدوان الاسرائيلي على قطاع غزة. وقد دلت المغرب كل اطرافها اللينة لدولة الامارات من أجل توفير السيولة المالية لتنفيذ المشاريع “التنموية” خارج الحدود المغربية رغم عدم جدواها لمزاحمة الجزائر في إنجاز أنبوب الغاز العابر للقارات (نيجيريا-الجزائر)، في الوقت الذي يبحث فيه الأروبيون عن البديل للغاز الروسي على خلفية حرب روسيا وأوكرانيا، بالمقابل ستستثمر الإمارات بأسهم في إستغلال منجم فوسبوكراع للفوسفات الصحراوي.

فبعدما نجحت الجزائر في تهيئة وتأثيث المعبر البري “مصطفى بن بولعيد” في الحدود الجنوبية الغربية للجزائر، ووضع حجر الأساس لاستغلال منجم غار أجبيلات ووضع الطريق المعبد الرابط بين تندوف ومدينة أزويرات الموريتانية حيز الإنجاز، بما سيضمن انتعاشاً إقتصادياً وتبادلاً تجارياً حراً وولوجٍ سلس للسلع الجزائرية إلى معظم الدول الافريقية، سارع النظام المغربي إلى توقيع جملة من مذكرات التفاهم مع الجانب الاماراتي بخصوص تسيير المطارات، الموانئ والطرق البرية، بحيث أن ميناء الداخلة المحتلة يعتبر من بين اهتمامات الاستراتيجية الاستثمارية الإماراتية الغير معلن عنها ضمن التفكير المستقبلي للسيطرة على كل الموانئ ذات الموقع الاستراتيجي في مختلف دول العالم، خاصة أنه يتعلق بمنفذ الحلم إلى القارة الافريقية وبتسهيلات وفاتورة صفرية من لدن المغرب.

وبذريعة توفير الحماية لكل هذه المصالح، شرعت المملكة المغربية لنظيرتها الاماراتية بناء قاعدة عسكرية (طائرات مسيرة، آليات عسكرية ثقيلة وجنود مرتزقة من كل العالم) على التخوم الجزائرية لردع الهجمات الشرسة لبواسل جيش التحرير الشعبي الصحراوي من جهة، ولزعزعة الأمن والاستقرار الداخلي للدولة الجزائرية. رغم ذلك، أثبتت الجزائر علو كعبها في التقدم الملحوظ على أكثر من صعيد عسكريا، دبلوماسيا واقتصاديا، كقوة ذات وزن في شمال أفريقيا بشهادة كل الخبراء من خلال المبادرات الاقتصادية الناجحة ومسودات الحلول للأزمات التي تعيشها المنطقة وقدرتها الباهرة على إنجاح وتنظيم الملتقيات الدولية في السياسة، الاقتصاد والرياضة، إضافة إلى وقوفها المستميت مع الحق في كل الظروف و الأحوال. فتمسك الجزائر بمبادئ الشرعية الدولية في القضايا العالمية، كالوقوف السرمدي مع الحقوق المشروعة للبلدان التي تقبع تحت نير الاحتلال في الحرية والاستقلال كحق قيام الدولة الفلسيطية وعاصمتها القدس المحتلة، وحق تقرير مصير الشعب الصحراوي، ورفضها كل أشكال التطبيع مع الاحتلال الاسرائيلي، ونأيها عن الدخول في التحالفات المشبوهة القائمة على أساس “الغاب” على حساب المستضعفين.. كل هذا جعل الجزائر مستهدفة بشكل مباشر من قبل هواة الاستعمار بالوكالة للشعوب العربية المغلوب على أمرها.

تعي الجزائر جيدا كنه كل مؤامرة، فتسارع إلى إفشالها في مهدها وتتعامل مع كل دسيسة بحنكة سياسية عبر “رد الصاع صاعين” من خلال دبلوماسية رزينة، عتيدة ومحترمة، على مستوى الساحة العربية، الافريقية والدولية. فالجزائر التي تطبق في معاملاتها الخارجية معنى المثل العربي القديم “ما حك جلدك مثل ظفرك” في الإعتماد على الذات، تثير حفيظة وغيرة بعض الدول العربية، وخاصة الجارة المغربية التي دأبت التنفس بهواء الآخرين والتعويل عليهم في أبسط الشؤون.

أحدث الإضافات

أبرز الأخبار

11 ماي / أيار 2024

ولاية بوجدور (الجمهورية الصحراوية)– نظمت ولاية بوجدور، أمس الجمعة، ندوة فكرية بمناسبة الذكرى الـ51 لتأسيس جبهة البوليساريو، بحضور أعضاء من مؤسسي الجبهة وإطارات من ولاية بوجدور والوفد القادم من الأرض المحتلة المشارك في احتفالات تخليد الذكرى. واستهلت الندوة بكلمة افتتاح لوالي الولاية، السيدة الديه محمد شداد، أكدت من خلالها على أهمية تدوين الذاكرة الثورية للشعب الصحراوي وتبليغها للأجيال […]

أبرز الأخبار

11 ماي / أيار 2024

المطلة (جنوب لبنان)– أعلن حزب الله اللبناني شن هجمات على مواقع إسرائيلية انطلاقا من جنوب لبنان، واعترفت إسرائيل بخسائر واندلاع حرائق بسبب تلك الهجمات، كما انقطعت الكهرباء عن عدد من الأحياء بسبب استهداف خط رئيسي للإمداد. وأوضح حزب الله أن هجماته استهدفت -اليوم السبت- منطقة المطلة وموقع راميا العسكري وجل العلام، كما طالت الهجمات مزارع شبعا وتلال […]

أبرز الأخبار

11 ماي / أيار 2024

باريس (فرنسا)– شهدت العديد من العواصم والمدن حول العالم مظاهرات منددة باستمرار العدوان على غزة، ومطالبة بالوقف الفوري فيها. وتوزعت خريطة مظاهرات اليوم على عدد من القارات، وحازت المدن الأوروبية نصيب الأسد منها، في وقت يستمر فيه الحراك الطلابي في كبريات الجامعات في العالم. معاقبة إسرائيل ففي أوروبا، خرجت اليوم في العاصمة الفرنسية باريس مظاهرة مؤيدة للشعب الفلسطيني وللتنديد بالعدوان […]

أبرز الأخبار

11 ماي / أيار 2024

غزة (فلسطين)– بثت كتائب الشهيد عز الدين القسام -الجناح العسكري لحركة المقاومة الإسلامية (حماس)- اليوم السبت، فيديو جديد بعنوان “ماذا حدث؟” ظهر فيه أحد الأسرى الإسرائيليين المحتجزين لدى المقاومة الفلسطينية في غزة. وظهر في الفيديو، الذي عرضته قناة الجزيرة بشكل حصري، الأسير ويدعى نداف بوبلابيل (51 عاما) من نيريم. وأرفق الفيديو بنص باللغة العربية جاء فيه: “توفي […]

أبرز الأخبار

9 ماي / أيار 2024

بئر لحلو (الجمهورية الصحراوية)– نفذت وحدات جيش التحرير الشعبي الصحراوي هجمات جديدة، استهدفت من خلالها مخابئ وجحور جنود الإحتلال المغربي بقطاع حوزة، حسب البلاغ العسكري الصادر عن المديرية المركزية للمحافظة السياسية للجيش. وأبرز البلاغ أن مفارز متقدمة من الجيش الصحراوي نفذت أقصافاً مركزة استهدفت مواقع جيش الاحتلال المغربي في عمق جدار الذل والعار، بمناطق لَكْطَيْطِرَة وتَارْكَانْتْ بقطاع […]

أبرز الأخبار

9 ماي / أيار 2024

الرباط (المغرب)– في سبيل دعم أطروحته الاستعمارية للصحراء الغربية، يستمر نظام المخزن المغربي -منذ عقود– في ممارسة سياسة شيطانية على مواطنيه الذين أصبحوا ضحايا أخطر برنامج غسيل دماغ حوّلهم إلى مجرد “زومبي” غير قادرين على التفكير وتحليل الحقائق. وأعرب عبد الإله عيسو (ضابط سابق ضمن الجيش المغربي) في تصريح لصحيفة صحراوية، عن أسفه للسياسة التي […]

أبرز الأخبار

9 ماي / أيار 2024

الرباط (المغرب)– أبرق القصر العلوي خبر رفع مساحات الأراضي المسموح فيها بزراعة القنب الهندي هذا العام، لتبلغ 2078هكتار، بزيادة تصل إلى 8 أضعاف عن الرقعة التي تم تخصيصها لحشيش المخزن السنة الماضية، ومهما حاول الجار تلميع الواجهة بتبني قانون منذ ثلاث سنوات ينظم زراعة هذا النوع من السموم “لأغراض طبية وصناعية” إلا أن التقارير لا […]

أبرز الأخبار

9 ماي / أيار 2024

الجزائر– جدد الرئيس الجزائري، عبد المجيد تبون، موقف بلاده الثابت تجاه القضية الصحراوية العادلة، وذلك في كلمة له خلال زيارته لمقر وزارة الدفاع الوطني الجزائرية بمناسبة اليوم الوطني للذاكرة المصادف لـ08 ماي. وبالمناسبة، جدد عبد المجيد تبون إلتزام الجزائر الثابت واللامشروط تجاه القضايا العادلة، وعلى رأسها القضية الفلسطينية وحق الشعب الصحراوي في تقرير مصيره. وأضاف […]