ــ بقلم: أحمد السالك

بعد منشوره المعنون بـ”لكويرة أرض موريتانية شاء من شاء وأبى من أبى”، وما أثاره ذلك من ردود فعل وجدل على جدار صفحته الخاصة في الفيسبوك، قام الكاتب الموريتاني حبيب الله ولد أحمد بذر الرماد في العيون بمحاولته القفز على الحقيقة معتبراَ في منشور آخر نشره هذا الصباح (14 يناير) أنه اعتذر للصحراويين عما ورد على لسانه قبلاَ حين يقول: “… فاشهدوا أننا احتراما للحياد الموريتاني وابتعادا عن نكئ الجراح نرى <<لكويرة>> أرضا متنازعا عليها ثلاثية الملكية مالم يتم البت فيها بشكل نهائي فهي إذن وفق كل ما رأيته أثناء بحثي عن حقيقتها مازالت عالقة عليها عين للمغرب وفيها قدم لموريتانيا ويد للبوليزاريو”.

ورداَ على ما ورد في هذه التدوينة (الأولى) التي نشرت بعد ذلك على موقع الساحة الموريتاني، كنت قد كتبت مقالا نُشر في نفس الموقع يوم الأربعاء 13 تحت عنوان “عن موضوع لكويرة (حق الرد)”، وفي هذا الاطار تحدثت بكل احترام وحرص على عدم التجريح ــ مثل الكثيرين والكثيرات من أبناء الصحراء ــ عن لما نأخذ على الكاتب حبيب الله ولد أحمد مثل هذه الخرجات الغير موفقة أو “كبوة الحصان” مثل ما وصفها صحفي صحراوي لا أود ذكر اسمه دون استشارة، في تجلي آخر لحفاظ الصحراويين على بقية الود الراكدة تحت غضبنا لما نعتبره مساساَ بسيادتنا، مؤكدا بأنه و طبقاَ لاتفاق السلام الموقع بين جبهة البوليساريو وموريتانيا بالجزائر 10 أوت 1979 فإن موريتانيا تنسحب من حرب الصحراء وبذلك تنسحب من كامل المناطق الصحراوية المسلمة لها بموجب اتفاقية مدريد ومن ضمن هذه المناطق منطقة لكويرة طبعاَ، لذلك لن أعيد ذكر المصادر وسأكتفي بتبرير لما أرى بأن حبيب الله لا يزال مطالب باعتذار.

فعلى الرغم من أن الكثير من الصحراويين عبروا على مواقع التواصل الاجتماعي عن سبب استيائهم لما كتب، وعلى الرغم من أن الكيرين والكثيرات أوضحوا وبإسهاب كيف أن لكويرة منطقة صحراوية وبإقرار من موريتانيا نفسها، إلا أنه يبدو أن الاستاذ المحترم والقامة الأدبية السامقة والشخصية الاعلامية الفذة عاد مرة أخرى ليرتكب نفس الخطأ في المضمون والأسلوب ضارباَ عرض الحائط كل من حياد الدولة الموريتانية الرسمية من نزاع الصحراء الغربية الذي برر به موقفه، تماماَ مثل ما فعل بأخوة وروابط الدم والتاريخ التي تربط الشعبين الشقيقين والتي ــ وللأمانة ــ كان قد أظهر قدر كبير من الحرص عليها (مع العلم أنني لا أدري أي علاقة لحياد الدولة الموريتانية بموقف حبيب الله ولد أحمد الذي لا هو التزم الحياد ولا هو أسس موقفه على موقف بلاده التي تنازلت عن لكويرة لصالح البوليساريو فيكون بذلك تجنب إقحام المغرب في الموضوع الذي لم تعد له به أي علاقة منذ 1979)، بل وعبر عن تضارب كبير في موقفه من موضوع السيادة على لكويرة فمرة يعتبرها “منطقة متنازع عليها ثلاثية الملكية” ومرة أخرى يناقض هذا الموقف باعتباره أن هنالك جزء موريتاني من المنطقة حين يقول “لا غضاضة في أن يرفع العلم الموريتاني من طرف دورية موريتانية في الجانب الموريتاني من البلدة” مع العلم أنها كانت في نظره ــ إلى غاية صبيحة يوم 12 ــ “موريتانية شاء من شاء وأبى من أبى”.

وبخصوص مضمون تدوينته التي يفترض أنه يعتذر فيها فقد بدأها بقوله “أبدي كامل أسفي للمستوى المنحط لبعض التعليقات التي كتبها بعض إخوتنا الصحراويين والمغاربة والموريتانيين أيضا على منشوري حول بلدة لكويرة”، ليعود فيسأل: “فأنا لا أخجل من الاعتذار فقط لمن أعتذر؟، وبذلك يكون أصر على إقحام المغرب كطرف في موضوع لكويرة على الرغم من أن المغرب أقر في اتفاق ترسيم الحدود مع موريتانيا فبراير 1976 بأن ليس لديه أي مطالب ترابية في المنطقة الجنوبية من الصحراء الغربية (الداخلة وآوسرد ولكويرة) وإن كان ذلك لصالح موريتانيا والتي تنازلت بدورها كما قلت سابقاَ عن هذه المناطق لصالح جبهة البوليساريو في اتفاق السلام الصحراوي الموريتاني 1979، فلا أدري لما يصر صديقنا حبيب الله على إقحام المغرب في هذا الموضوع، أما عن أسلوبه فتكفي الإشارة إلى بعض الأوصاف التي وصف بها من عبروا عن أسفهم لوقوعه في هذا الخطأ بأوصاف مثل “الأقلام الساقطة” و”مجاهدي البالوط” (مع العلم أنني بحثت في كل المعاجم العربية عن معنى كلمة “البالوط” ولم أجد لها من أثر لها في لسان العرب).

كما قلت سابقاَ، لن أعيد الخوض في ما كتبت في الرد السابق حول موضوع السيادة على لكويرة، ولكن فقط أريد الإشارة لحبيب الله ولد أحمد وغيره إلى أن ما أثار حفيظة الصحراويين في قوله أن “لكويرة موريتانية” ليس إحالتها على موريتانيا فقط وإنما هو التنكر لصحراويتها وإن التنكر لصحراويتها قد يكون باعتبارها أرضا متنازعا عليها مثلما هو باعتبارها موريتانية أو مغربية أو هولندية أو تركية أو غيره، لذلك وجبت الإشارة إلى أن اعتباره لكويرة “ارضاَ متنازع عليها” هو “كومة من النار وطيحة فالرماد” إذ يصر على التنكر لسيادة الدولة الصحراوية على منطقة تقر حكومة بلاده نفسها بصحراويتها.

ومنه فإن الأستاذ المحترم حبيب الله ولد أحمد لا يزال مطالباَ بالاعتذار من الصحراويين ومن ضمنهم من وصفهم بـ”الأقلام الساقطة” إذ عبروا عن استيائهم لما كتب… وأؤكد لحبيب الله بأنني فخور جداَ بأن كان لي شرف أن كنت أحد هذه “الأقلام الساقطة”، وكي أجيب سؤاله “لمن أعتذر؟” بأن أقول: لأهل الصحراء حكومة وشعباَ وكي أسأل أهل الصحراء عن إلى متى سيتركون لكويرة بين تطاول حبيب الله جنوبا وبين جشع عدو الله ورسوله شمالاَ؟

مواضيع من نفس الفئة

سذاجة لقجع أم سخرية القدر؟

21 أبريل / نيسان 2024

العلاقات الجزائرية-الروسية تتجاوز التعاون العسكري

20 يناير / كانون الثاني 2024

ندوة الإعلام.. إستفاقة أم تكريس للفشل؟

31 ديسمبر / كانون الأول 2023

تاريخ حافل بالمتاجرة والمقايضة السياسية المشبهوة.. ماذا تخفي زيارة محمد السادس إلى ...

17 ديسمبر / كانون الأول 2023