بقلم الدكتور غالي الزبير

ملاحظة مبدئية:

من المهم في بداية هذا الجزء الثاني من المقال أن نقدم للقارئ الكريم الملاحظة التالية حول مبدأ الإعتراف بين الدول. فوفقا لنصوص القانون الدولي المتعلق بالاعتراف بالدول والواردة في المادة 6 من اتفاقية مونتيفيديو (1933) المتعلقة بحقوق وواجبات الدول فإن: “الاعتراف هو مجرد إقرار من الدولة المعترِفة بالشخصية الاعتبارية للدولة المعترف بها مع كل الحقوق والواجبات المحددة في القانون الدولي. والاعتراف غير مشروط ولارجعة فيه“.

وبالتالي فإن الدول التي اعترفت بالجمهورية الصحراوية كدولة ذات سيادة في أي مرحلة من مراحل العلاقات بين الدولتين، لايمكنها إلغاء هذا الاعتراف لاحقا، إلا إذا زالت الجمهورية العربية الصحراوية الديمقراطية من الوجود لا قدر الله، أو في حالة ما زالت الدولة التي اعترفت بالجمهورية الصحراوية من الوجود. وعليه فإن الدول التي جمدت اعترافاتها بالجمهورية الصحراوية أو “سحبت”ها تبقى في نظر القانون الدولي دولا تعترف بها بغض النظر عما قد يعتري علاقة الدولتين من برودة أو جمود في العلاقات الدبلوماسية. ومن هنا، أردنا فقط قبل المضي في المقال الإشارة إلى هذه النقطة الهامة للتنبيه.

الحرب الدبلوماسية لم تتوقف يوما

تتكثف غيوم جولة حامية الوطيس من الحرب الديبلوماسية المستعرة  بين المغرب وجبهة البوليساريو وتبدو ملامحها من خلال التحشيد الذي أعلن عنه ملك الرباط عبر تعيين وزير ثالث بالخارجية، وجر كثير من خصوم النظام المغربي السابقين من التيارات اليسارية ومن نشطاء حقوق الانسان الى تغيير ألوانهم السابقة والانخراط في جوقة “خدام القصر الميامين” العاملين على تلميع صورة النظام المغربي في سابقة تبين مدى شراسة الصراع الديبلوماسي حول الصحراء الغربية في مرحلته المقبلة؛ باعتبارها مرحلة مفصلية تتوج مراحل سابقة من هذا الصراع متعدد الأوجه ومتنوع الجبهات في ظل صدام وشيك بين المغرب والمنتظم الدولي.

وفى الجزء الثاني من هذا المقال نستعرض جزء من قائمة الدول التي تعترف بالجمهورية الصحراوية (مرتبة حسب تاريخ اعترافها) مع الإشارة إلى ملامح من تاريخ علاقاتها معها علنا نسلط الضوء على جانب من زيف الصورة التي يحاول الاعلام المغربي فرضها على المتلقي بما يخدم سياسات الرباط الدعائية القائمة على الضجيج والتهويل أكثر منه على الحقائق الموضوعية أو حتى على الحقائق.

1. مدغشقر: أول دولة اعترفت بالجمهورية الصحراوية في اليوم الموالي لاعلانها، أي في 28 فبراير 1976، وظلت تقيم معها علاقات ديبلوماسية على مستوى السفراء حتى يوم 6 أبريل 2005 حيث جمدت اعترافها أثناء زيارة رئيس مدغشقر “مارك رافالو مانانا” للمغرب على رأس وفد رفيع المستوى يضم رجال الصناعة والاقتصاد مما يفسر الدوافع الاقتصادية وراء هذه الخطوة التي أعقبها إنشاء لجنة مشتركة للتعاون الشامل بين البلدين وتوقيع  ثلاث اتفاقيات بين المغرب ومدغشقر.
2. بوروندي: اعترفت بالجمهورية الصحراوية يوم 01 مارس 1976 ثم جمدت هذا الاعتراف يوم 25 أكتوبر 2010 عقب زيارة وزير الخارجية والتعاون الدولي البوروندي للمغرب وهي الزيارة التي أثمرت عن توقيع اتفاقية للتعاون شملت مجالات متعددة كالتجارة والصناعة والاستثمار والتمويل بالإضافة إلى قطاعات السياحة والصيد البحري والطاقات المتجددة والفلاحة والتقنيات المتطورة، ولعل في هذه الاتفاقيات تفسير جلي لدوافع تجميد بوروندي اعترافها بالجمهورية الصحراوية.
3. الجزائر: اعترفت الجزائر بالجمهورية الصحراوية يوم 3 مارس 1976 وأقامت معها علاقات ديبلوماسية على مستوى السفراء حيث اشرف الشهيد الولي مصطفى السيد بنفسه على افتتاح أول سفارة للجمهورية الصحراوية بالجزائر ولازالت هذه العلاقات الدبلوماسية قائمة.
4. بنين: اعلنت بينين عن اعترافها رسميا بالجمهورية الصحراوية يوم 11 مارس 1976 وقد ““سحبت”” هذا اعترافها يوم 21 مارس 1997، بعد التحولات السياسية في البلاد والتي تشير مصادر كثيرة الى دور الرباط وباريس في تمويل ودعم المعارضة في أحداثها بعد فشل المرتزقة الذين قادهم الفرنسي بوب دينار في اسقاط النظام في بنين.
5. أنغولا: اعترفت أنغولا بالجمهورية الصحراوية في 11 مارس 1976 وأقامت معها علاقات ديبلوماسية على مستوى السفراء وتستمر هذه العلاقات المتميزة إلى الآن.
6. موزمبيق: اعلنت موزمبيق اعترافها الرسمي بالجمهورية الصحراوية في 13 مارس 1976 واقامت علاقات ديبلوماسية على مستوى السفراء معها ولازالت تلك العلاقات قائمة.
7. غينيا بيساو: اعترفت غينيا بيساو بالجمهورية الصحراوية في 15 مارس 1976 وأقامت معها علاقات ديبلوماسية على مستوى السفراء، وجمدت اعترافها في 20 مارس 1997، ثم استأنفت علاقاتها الديبلوماسية بالجمهورية الصحراوية مرة ثانية وأعادت فتح سفارتها في 26 ماي 2009 لتعود إلى “سحب” هذا الاعترافها مجددا في 30 مارس 2010. وللتذكير جاء سحب الإعتراف على لسان الحاج دهابا وزير الدولة المستشار الخاص لرئيس الدولة أثناء زيارته للرباط التي أعرب في ختامها عن عزم بلاده على تطوير التعاون الاقتصادي مع المغرب “من أجل تمكين غينيا بيساو من الخروج من الوضعية الاقتصادية الصعبة التي تجتازها حاليا”. وقد وقعت غينيا بيساو لاحقا مع المغرب على حوالى عشرين اتفاق تعاون في مجالات الصحة والتعليم والزراعة والنقل وغيرها.
8. كوريا الشمالية: اعترفت كوريا الشمالية بالجمهورية الصحراوية في 16 مارس 1976 ولازال اعترافها قائما.
9. توغو: اعترفت جمهورية التوغو بالجمهورية الصحراوية في 17 مارس 1976 و”سحبت” اعترافها في 17 يونيو 1997. وزير خارجية المغرب صلاح الدين مزوار قال أن «التوغو تضطلع بدور هام على الصعيد الإقليمي والدولي للدفاع عن مشروعية الوحدة الترابية للمملكة ودعم المسلسل الأممي بخصوص هذا النزاع “! فهل يا ترى أن توغو دولة عظمى لديها حق الفيتو في مجلس الأمن؟!
10. رواندا: اعترفت رواندا رسميا بالجمهورية الصحراوية في 01 أبريل 1976 و”سحبت” اعترافها في نوفمبر 2015 أثر زيارة قام بها الرئيس الرواندي “بول كاغام” إلى المغرب منح خلالها جائزة “ميدايز”.
11. سيشل: اعترفت جزر السيشل بالجمهورية الصحراوية في 25 اكتوبر 1977 و”“سحبت”” اعترافها في 17 مارس 2008. ويمكن تفسير التحول في الموقف السياسي للسيشل من قضية الاعتراف بالجمهورية الصحراوية من خلال تصريحات “جون بول آدم” وزير خارجية السيشل متحدثا عن أهمية التعاون مع المغربي قائلا “أن البلدين عرفا كيف يطوران علاقاتهما على قاعدة تعاون ملموس وحقيقي في قطاعي التعليم والأمن، معربا عن أمله في تعزيز هذا التعاون حتى يشمل قطاعات البيئة والطاقات المتجددة. وأبرز أهمية الدور الذي يمكن أن يلعبه المغرب في النهوض بالتعاون جنوب-جنوب والذي يمكن أن يقدم إجابات على الأزمة المالية العالمية.”! وطبعا هذا التأكيد الأخير لا يعدو أن يكون فرقعة حماسة إعلامية وأضغاث أحلام، فالمغرب لا يمكنه حتى أن يقدم إجابات عن وضعه الاقتصادي المتردي فكيف بالوضع العالمي.
12. الكونغو: اعترفت جمهورية الكونغو بالجمهورية الصحراوية في 30 يونيو 1978 ثم عادت و”سحبت”  اعترافها في 13 سبتمبر 1996.
13. ساوتومي وبرينتسيبي: اعترفت ساوتومي وبرينسيبي بالجمهورية الصحراوية في 2 يونيو 1978 و”سحبت” اعترافها في 23 أكتوبر 1996.
14. باناما: تعتبر باناما أول بلد في أمريكا اللاتينية يعترف بالجمهورية الصحراوية يوم 23 يوليو 1978 وأقامت معها علاقات ديبلوماسية على مستوى السفراء. وفي 20 نوفمبر 2013 “سحبت” باناما اعترافها بالجمهورية الصحراوية فجأة، وهو ما سيربطه البعض لاحقا بتسريبات أشار إليها القرصان المغربي المشهور “كريس كولمان” في إحدى تسريباته حين كشف عن صفقة مشبوهة من الفوسفاط ارسله مكتب الفوسفاط المغربي لبنما في نفس فترة سحب الإعتراف هذا وهو ما فسر على أنه كان رشوة لأحد المسؤولين ربما. ثم أعادت بنما الاعتراف بالجمهورية الصحراوية مجددا في 8 يناير 2016، لتعيد فتح السفارة الصحراوية أسبوعا قبل فتح الرباط سفارتها جنبا إلى جنب مع سفارة الجمهورية الصحراوية في باناما، مما يشكل اعترافا مغربيا ضمنيا بالجمهورية الصحراوية.
15. غينيا الإستوائية: اعترفت غينيا الإستوائية بالجمهورية الصحراوية في 03 نوفمبر 1978 و”سحبت” اعترافها بها في 02 ماي 1980 لتشكل بذلك أول بلد يسحب اعترافه بالجمهورية الصحراوية عقب تبدل النظام السياسي في البلاد ووصول اوبيانج إلى السلطة. وتكفي الإشارة إلى أن هذا الأخير قد سمى ابنه باسم “الحسن الثاني” وشكل حرسه الرئاسي من الأمنيين المغاربة. كما بلغت العلاقات الإقتصادية بين المغرب وغينيا الاستوائية أوجها من خلال سيطرة الشركات المغربية بشكل يكاد يكون كاملا على مشاريع البنية التحتية في غينيا الاستوائية بما في ذلك المؤاني البحرية. وتمثل الجالية المغربية في هذا البلد واحدة من أكبر الجاليات المغربية في أفريقيا، كما ترتبط مالابو بالدار البيضاء بخط جوي يوفر رحلات يومية.
16. تنزانيا: اعترفت جمهورية تنزانيا الاتحادية بالجمهورية الصحراوية في 9 نوفمبر 1978 وأقام البلدان علاقات ديبلوماسية على مستوى السفراء ولازالت تلك العلاقات قائمة.
17. اثيوبيا: اعلنت جمهورية إثيوبيا اعترافها رسميا بالجمهورية الصحراوية يوم 24 فبراير 1979 وأقامت معها علاقات ديبلوماسية على مستوى السفراء ولازالت العلاقات المتميزة بين البلدين تزداد صلابة بحكم وجود مقر الاتحاد الافريقي في العاصمة أديس أبابا حيث يشغل السفير الصحراوي لدى إثيوبيا منصب المندوب الدائم للجمهورية الصحراوية لدى الاتحاد الافريقي.
18. فيتنام: تعترف فيتنام بالجمهورية الصحراوية منذ 02 مارس 1979 ولازالت العلاقات التاريخية التي جمعت البلدين قائمة منذ استقبال الشهيد الولي مصطفى السيد لبطل تحرير فيتنام العقيد جياب.
19. كمبوديا: اعترفت كمبوديا رسميا بالجمهورية الصحراوية في 10 أبريل 1979 و”سحبت” اعترافها بها في 14 أوت 2006.
20. لاووس: تعترف جمهورية لاووس رسميا بالجمهورية الصحراوية منذ 09 ماي 1979 ولازال اعتراف هذا البلد الآسيوي بالدولة الصحراوية قائما.

يتبع الجزء الثاني بحول الله بجزء آخر

مواضيع من نفس الفئة

سذاجة لقجع أم سخرية القدر؟

21 أبريل / نيسان 2024

العلاقات الجزائرية-الروسية تتجاوز التعاون العسكري

20 يناير / كانون الثاني 2024

ندوة الإعلام.. إستفاقة أم تكريس للفشل؟

31 ديسمبر / كانون الأول 2023

تاريخ حافل بالمتاجرة والمقايضة السياسية المشبهوة.. ماذا تخفي زيارة محمد السادس إلى ...

17 ديسمبر / كانون الأول 2023